أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - إحياء الوعي أم تفعيل العقل ح1














المزيد.....

إحياء الوعي أم تفعيل العقل ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5280 - 2016 / 9 / 9 - 09:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حياء الوعي أم تفعيل العقل ح1

في شأن قضية ما يدور اليوم من جدال وجدل جدي حول إحياء الدين كفكرة عقلانية بعيدا عن التوظيفات والتوصيفات يدور سؤال مهم وأساسي، هو ملخص إشكالية الوعي هل هو بحاجة قبلا إلى إحياء وإعادة أعتبار لوجوده، أو أن العقل كمدرك أساسي ورئيس وتقريبا أوحد يجب تفعيله لمعالجة القضية في أطارها المنطقي؟، من المؤكد أن هناك من يقول بأن الأمر واحد ولا فرق في المعنى والدلالة والقصد بينهما، وأن النقاش يدور على مفهوم واحد في أطار مترابط غير قابل للانفكاك، أنا من جانبي أرى أن العقل كان حاضرا في كل تاريخ القضية وإن الوعي هو الذي كان يسير ببطء تحت ضغط عوامل كثيرة أهمها أسر العقل بالمحرم والمقدس وأسر النص بالولاية التأويلية والولاية التفسيرية.
صحيح أن الوعي مرتبط بجانب منه في الحس والمحسوس والحاجة والظرف والواقع كبيئة يمكنها أن تستدرج الوعي للخدر أو للتفاعل وأحيانا للموت، لكن يبقى العقل هو الذي يبعث فيه روح الحياة وينشر فيه قوة الفعل، لذا فمصير الوعي مصير مرتبط بقدرة العقل على فرض شروطه على المستوعب الواعي في الحس، أي بمعنى قدرة العقل على جعل الحواس أكثر فاعلية في التعامل مع الخارج الموضوعي والداخل الذاتي كي يتم تحريك الوعي في المسارات التي تقوده للعمل بقوة في إدارك الوجود وفهم ما يجب أو فهم ما هو واجب عقلا.
نعود إذا لأصل المسألة هل نحتاج الآن أن نبدأ بتحرير العقل من دائرة ما كان ليكون في دائرة ما هو كائن وسيكون، بمعنى إخراج العقل من منطقه التاريخي الروائي الفقهي المسنود بإعتباطية ذاتية وخاصة في قضية الدين، ليكون متناسقا مع واقعه المؤكد في أن الزمن يتجاوز اللحظة المدركة بمجرد أن يمر بها، ليترك لنا دلالة على أن البقاء في الثابت الفكري يعني التخلف عن الموائمة الطبيعية للوجود مع الفكر وبالعكس، وعلى العقل أن لا ينتظر أن يمر به الزمن في كل لحظة ليسجل له بصمة خاصة، بل من واجب العقل أن يرسم للزمن مسار من خلال تقدمه عليه بالأفتراض والخيال التأملي المبني على التجربة.
في قضية الدين هناك أليات مسرودة في النص العام وفي الدلائل القصدية ومن هذا القبيل كثيرة، لكنها أنحدرت أيضا كما النص إلى منطقة المقدس الغير مسموح المساس به أو التحرش في ممارسة النقد العقلي لما هو سائد وليس لما هو حقيقي، وإلا سيكون عليك مواجهة مصير التكفير والإقصاء، لقد ميز الفكر الحداثي اليوم وهو من الحقائق التي لا ينكرها العقل الطبيعي أننا نحن أمام واقع ديني مستشري بروائيته وسلفيته التاريخية، وبين دين واقعي كفكر يؤمن أن الواقع متغير والنص يتبع الواقع ويحكمه، وكلاهما منفصل عن بعض أي عن التكامل الطبيعي بسبب عدم قدرة العقل لأسباب عديدة أن يحرك الوعي بذلك.
مثلا عندما نتصفح ما يكتب في الفكر الروائي التاريخي الديني نجد أن الدين يطرح كظاهرة منفعلة بالحس ومستجيبة له وللواقع كما هو، بينما عندما نقرأ الدين كفكرة نجد أن الدين ليس ظاهرة حسية بل وظيفة وجودية تعتمد المنطق وتنحاز للعقل كي يدير الواقع ويخضعه للحتمية التاريخية بمعناها المستمر والجدلي، هذا الفرق بين القراءتين هو واحدا من أوجه قصور الوعي وتكاسل العقل مجبرا أن لا يقود عمليات التحول وأن لا يختار ما هو الأكثر قدرة على أن نحدد مسار الخطوة التالية، الفكر الروائي التاريخي صَنَمَ النص وصنم العقل وجعل الواقع هو الذي ينسج العلاقة بينهما بالشكل الذي يناسبه، فتحول العقل والدين إلى أحجار في رقعة الشطرنج الواقعية فقط.
لقد حاول الكهنوتي التاريخي أن يفصل بين الإنسان ووعيه وأن يفصل بين العقل والواقع ونجح كثيرا وطويلا في إيقاع العقل في شرك الخوف والرهبة، وهنا سيطر الروائي على الإنسان المتدين عندما حوله إلى كائن مرعوب ومأزوم وخائف من قوة أصلها جميل، فأخرجها من النص طبيعيا وشوهها لتتحول كقوة قاهرة ومدمرة وشيطانية، هنا تم الدمج بين الله والشيطان كقوتين متوازيتين بالفعل وخالقتين للواقع ومتحكمتين به، خلافا للنص حين جعل الله الإنسان والشيطان قوتين متوازيتين في تحريك الواقع بأفتراض ان الإنسان سيختار العقل لينتصر.
هذا التحول أخرج العقل من دائرة الفعل ووضعه في دائرة الانحياز والتبعية، فأما مؤمن تابع ليس له حرية في مناقشة ما عند الكهنوتي من تفويض من الله كوكيل، أو الخروج عن طاعته للأنحياز للشيطان وبالتالي فالغضب والعذاب والموت نتيجة حتمية لهذا لخيار، هذه الثنائية التغييبية هي سبب إنحسار الفعل العقلي وغربته عن الواقع وتغييبه عن المسئولية الوجودية، وبالتالي ظن الإنسان أ الدين هو عبارة عن ثنائية مجردة متناقضة بين الله والشيطان وبذلك دخل دائرة الشرك والعبودية معا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقية والرأي ومديات مفهوم التجربة بينهما
- لماذا ننحاز للعقل ونتهمه دوما بالتقصير
- الأقتصاد الريعي والمدنية الأجتماعية.
- الدين الإنساني اليوم بين اتقليد والتجديد
- مذكرات رجل ... كان ح4
- مذكرات رجل ... كان ح3
- مذكرات رجل ... كان ح2
- مذكرات رجل ... كان ح1
- مديح الحروف المسافرة .... لك أنت وحدك يكون المديح فرضا
- جرائم السلطة وجرائم السياسيين
- الياسمين ينزع لونه ليوزعه عشقا للناس _ دراسة نقدية لشعر السي ...
- وهم المرجعيات وسقوط نظرية الطاعة الولائية لرجل الدين
- الفيس بووك وحياتنا الأجتماعية ... أزمة أم حل؟
- مفهوم الدين وحقيقة الديانة
- قصص شعريه
- حوار حاد في خرم الرأس _ قصة قصيرة
- قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال ...
- قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال ...
- الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح2
- الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح1


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - إحياء الوعي أم تفعيل العقل ح1