عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 5298 - 2016 / 9 / 28 - 15:44
المحور:
الادب والفن
مزادات فكرية
في زمن سوق عكاظ كان الشعر يوزن بالذهب ويحمل على ظهر الأبل، اليوم الشعر يوزن بمقدار ما ينزف دم أو ينضح عرق ليخلد في ضمير الأمة هو وفارسه والباقي يكافئ بدرع من تنك، لقد باع الشعروريين دينهم وصاروا تجار جملة في سوق البغايا، ليس من الشعراء من يقتل كلماته برصاص من ذهب بل من يفعلها هم أصحاب المهنة الشعرية الرائجة.
أمة لا تملك رصيدا من الشعر المناضل لا يمكنها أن تصنع غدها بشكل مستقل.
الشعراء ملائكة الجمال في زمن القباحة.
_من يبيع
_ من يشتري
_من يشتري ما أبيع
_ من يبيع لمن يشتري
الكل تبيع والكل تشتري والمزاد في قمة المنافسة لكن المصيبة أن الجميع نائم والجميع يستمتع بقيلولته، لعل الجن أو ملائكة الشيطان هم من يسيروا حركة السوق، من يفسر لنا هذا الذي لا يفسر ولا يبرر كلما كثر البضاعة كسدت وتكدست أوراق الكتب فقط تتسلل من بينها الأوراق الصفر بثمن الأوراق الخضر.... يا لعجبي.
شارع الثقافة في مدن تكتب حاضرها بالعربية هو أخطر الشوارع أطلاقا، حيث الحوار يكون ناريا وبالرصاص الحي وفوريا دون تأجيل، ودون أن يتدخل القانون أو تحضر الشرطة بزيها الرسمي لتعيد نبض الحياة في طريق الموتى المؤجلين بمرسوم سلطاني صدر من عهد عاد وثمود وقارون الثالثة الأخرى.
عندما كتب علي الوردي أولى أفكاره عن الإنسان والمجتمع كان واقعه وواقعنا يعاني من لوثة أجتماعية تسربت للناس من ماض أسود وحاضر مليء بالغبار والدخان والبارود، وتجذرت قريبا منه وفي الأفق القريب والبعيد غيوم من الكراهية والحقد بين أبناء المجتمع، أبطالها تجار دهاقنة وأحبار ورهبان ومشايخ وسماحات ومؤسسات ربحية تدير إمبراطورية رهيبة تروج لثقافة الغباء، وتتاجر بالوهم وتسوق لمسميات لا تشبع جائع ولا تطمئن خائف ولا ترفع حجر من مكانه، فذهبت نداءاته عبر فضاء خالي إلا من صدى ما زالت تردده بعض الجدران.
أن تكتب وفقا لما تعتقد أنك تمارس دورك كباني ومتبني لفكرة ما، يأتيك السياف وأنت في غمرة التفاعل ليقول لك لقد مسست بقيمي ومعتقداتي التي شرعن لي حق القصاص منك، هنا عليك أن تكون قربان لحريتك أو تشتري حياتك بقلة على جزمة السياف.
صراع الإنسان منذ ان عقل وأدرك أنه يحمل وعيا ما بأفكار ذاتية يجب أن يدافع عنها أو يحميها لأنها تمثل هويته الخاصة، لم يعد بعدها الصراع البيني صراعا طبقيا أو تنازعا أجتماعيا كاملا بل تحول لصراعات ثقافة أنانية ضد المنافس المقلق والمنافس الأخر الذي يشكل تحد لها، كل الصراعات الراهنة اليوم هي صراعات ثقافية بمعنى صراعات أفكار ورؤى لا أكثر من هذا.
الذين يحملون القلم بشرف هم أصحاب النبوءة في عالم اليوم والأمس وغدا، وما عداهم ليس أكثر من ترهات وزوابع تولد لتنتهي.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟