مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 5229 - 2016 / 7 / 20 - 14:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما قلته يا أختاه ليس بدعة , للأسف , فما قلته يذكر بخطاب نصر اللات الأخير عن أخيه الشهيد مصطفى بدر الدين , و سأكتفي بحزب اللات هنا و لن أنتقل إلى أمثلة أخرى صالحة أيضا لنفس التشبيه كعصائب أهل الحق و فاطميون الخ , لكنه طبعا الله الحقيقي و الحق الحقيقي في حالتك و حالة ابنك و إردوغان ... أن يأتي شبيح ما , عفوا شخص ما , إلى بلد ما , ليقاتل , فيقتل و يموت دفاعا عن سيدها , أو كيلا يهان الدين , كما قلت , أو كيلا تسبى زينب مرة أخرى , فهو نفس الفعل أيا كان ذلك السيد و ذلك الشعب و ذلك الشبيح .. أما إذا كنت تتحدثين عن غضبتك من الأحكام بلا محاكم و الاعتقالات بلا مذكرات و الأرواح التي تزهق و قد تزهق ظلما فلا شك أنك مشغولة جدا , و ابنك المحروس الله يخليك ياه , بالدفاع عمن يعتقلون الآن بلا محاكمات و يطردون من وظائفهم بشكل يسمى تعسفيا في البلاد التي تعيشين فيها , و أكاد أجزم أنك تحضين و تدفعين و تشجعين ابنك المحروس الآن لينزل إلى الشارع دفاعا عن هؤلاء ضد من يعتقلهم و يلاحقهم و يهدد بقتلهم ... الحقيقة أن ما قلته و فعلته , و فعله ابنك و كثيرون من السوريين في تركيا هو بالحرف و النقطة و الفاصلة ما فعله حزب اللات و عصائب أهل الحق في سوريا , و لك أن تحزري كيف يرانا الأتراك اليوم , و ما هي مشاعرهم اليوم تجاه حزب اللات السوري , ما عدا منحبكجية النظام طبعا , و لك أن تحزري أيضا و أيضا و أيضا .. أخيرا سؤال أخير أختي المجاهدة , عندما قرأت "قصتك القصيرة" المنشورة على موقعك الأدبي الأنيق : "حفاظا على العرش" , و أنت تخبرينا كيف تلقت تلك الزوجة الجميلة المحافظة المؤدبة التي يعاني زوجها من ضائقة مالية "في أوجها" دعوة لحضور حفل زفاف , خاصة و أن "هذه الحفلات و ما يتبعها من ملابس باهظة الثمن و إكسسوارات و حلي غالية تحتاج ما لا تملكه في هذه المحنة التي تعصف بها" ( الجمل بين مزدوجين منقولة حرفيا عن قصة الكاتبة ) و هي التي كانت أناقتها و جمالها "تحظى باهتمام كبير منها رغم أنها لم تكن تسعى إلى لفت الأنظار إليها" , "و لكن اهتمامها بالجميل و الجديد كان كفيلا بجذب أنظارهن نحوها و دفعها مضطرة للاشتراكية في تلك المنافسات المستعرة التي تدور حولها , فكانت أن توجت ملكة عليهن دون منازع" ... و لأنه "لم يكن من السهل عليها التنازل عن عرشها الجميل عندما تذهب إلى الحفل بفستان يعرفه الجميع هناك , و لم يكن الاعتذار عن الحضور بالفكرة الصائبة في هذا الوقت فهو بمثابة إعلان صامت عن أزمة تمر بها" , و لأنها إذا اعتذرت "ستكون حتما في مرمى ألسنتهن" .... ف"وقفت حائرة أمام خزانتها المكتظة بما لم يرضها و راحت تتمعن في ملابسها" ... "كان فستانها الأسود الكلاسيكي الهادئ و الموقع باسم مصمم معروف مستعدا لنجدتها كما في كل مرة تضيق بها السبل" , هذا "الصديق الوفي" , "السهل الممتنع" , "الموضة السنوية الراسخة في عالم الأزياء الذي لا يكف عن ..." , "رمزا للأناقة النسائية منذ أن قامت "كوكو شانيل" بتصميمه في عام 1926 ...." ... أعترف لك جدا أختاه , جدا , أني كنت أعتقد أنك في أية لحظة ستبدأين بالضحك أو البكاء ربما على هذه الإنسانة , طوال قراءتي لقصتك لم يخطر على بالي أنك كنت تتحدثين بجدية , أن هذا الأحداث كانت بالفعل هي حبكة القصة , و أن هذه الإنسانية هي بطلتك الحقيقية , و أن تلك كانت هي مأساتها التراجيدية و أننا وصلنا إلى قمة العقدة في القصة عندما ذهبت بطلتك إلى السوق و قضت يوما كاملا بحثا "عما تتحايل به على فستانها الناعم لتضفي عليه شكلا جديدا و متميزا" , و أنها بعد صراع يوم كامل حصلت على ما كانت تبحث عنه أخيرا : "حزام جلدي عريض أسود لامع و متقن جدا من محل راق تعرفه" , "و عقد ضخم من اللآلئ الكبيرة الحجم و التي لا يمكن أن تعطي انطباعا بأنها أصلية , و كانت قد تعمدت شراءها بهذا الحجم الكبير بعدما رأت مثلها معلقة على رقبة "ميشيل أوباما" .. و في فترة الانتخابات بالتحديد" ... عملا بنصيحة للمصممة "شانيل" .... ثم "برنامج العناية المنزلية" بالبشرة منذ الصباح فقامت بوضع البيض و العسل و خليط من زيت الزيتون ..... على وجهها لساعة كاملة ... و بعد غسله راحت ترشه بماء الزهر ..... و من ثم وضعت مستحضرا من خلاصة .... و قبل الموعد بساعة .... و اختارت حذاء أسود بكعب عال رفيع و وشاحا من الساتان الطويل , و حملت حقيبتها السوداء الصغيرة المرصعة بماسات رقيقة و المغلفة بالدانتيل الأسود , و قرأت على نفسها آيات الحفظ و أذكار الحماية قبل أن ...." .... و تأتي لحظة الذروة أخيرا : "دخلت الحفل بثبات و ثقة , أحاطتها نيران العيون الكحيلة" ... و أخيرا يأتي الانتصار : "ابتسمت و قد أدركت أنها أشعلت المنافسة بقوة .. و أنها حصلت على العرش مرة أخرى و بجدارة" .... الحقيقة يا أختاه , حتى اللحظة التي أعلنت فيها عن الانتصار الساحق لبطلة قصتك لم أكن اصدق أن كل تلك هي القصة و انتظرت بلا جدوى أن تبدأي ما اعتقدت أنه القصة الحقيقية .. أختاه , أريدك أن تعلمي أولا أني شخصيا من أكبر أنصار الحرية الشخصية يا أختاه , و أحترم تماما كيف ترين الأمور , أحترم جدا تجربتك الخاصة و اختلافها , الهائل و الجذري , عن تجربتي الشخصية , و أعتقد أن هذا الاختلاف لا يعني أن أحدنا على حق أو أن الآخر على خطأ , قد لا تصدقين ذلك لكني أعتقد بالفعل أنك مصيبة و أني مصيب أيضا ... لكني كسوري , ينتمي إلى الطبقة الوسطى , اضطر ليغادر وطنه ليعمل في الخارج في البداية لكي يشتري بيتا في مدينته الأم ثم لأنه بدأ ينتقد النظام و يصفه بأنها رأسمالية دولة بيروقراطية و انتقدت اعتقال سوريين و سجنهم و تعذيبهم و طردهم من وظائفهم لأنهم إسلاميون كما كان النظام يتهمهم , إي و الله يا أختاه , لقد حدث هذا معي , لقد طلبتني المخابرات لأني وصفت نظام الأسد برأسمالية الدولة البيروقراطية , هل تتخيلين هذا ؟ ... بالنسبة لشخص مثلي , كانت قصتك أقرب للكوميديا السوداء جدا منها لحدث يومي في حياة أنثى عادية من طبقة طالما عالجت أبناءها دون أن أحبها أو أفهمها يوما ... أتساءل فعلا : أفترض أن بطلتك سورية , و أنها كانت تعيش في سوريا الأسد حيث كان معظم السوريين يعيشون قبل الثورة , نفس سوريا الأسد التي أجبرتني أنا شخصيا على الابتعاد عنها لأني أردت حياة أفضل و أن أكتب و اقول ما أعتقد به فعلا .. أسألك يا أختاه , فقط لأني أريد أن أفهم لا لأي شيء آخر : هل ثارت بطلتك على الأسد , على هذا الواقع الذي ذكرته في قصتك , و إذا كانت قد ثارت بالفعل فلماذا , بحق الآلهة , هل فعلت ذلك طمعا في فستان آخر أغلى ثمنا مثلا أم لماذا , و هل كانت بطلة قصتك مستعدة لتفدي إردوغان بابنها الثاني , إذا كان هذا صحيحا أيضا , فبربك , و باللات و العزى , قولي لي لماذا ؟؟؟ ألا تدركين يا سيدتي , ألا ترين معي , أن تلك البطلة و كل من حضروا ذلك العرس و زوجها و أولادها الخ الخ كانوا مجرد فستان اسود لماع و باهظ الثمن أو سوار أو حقيبة أو حذاء أو شال ساتان يتزين بهما البطل الحقيقي للقصة , سواء في سوريا الأسد أو تركيا إردوغان ؟؟؟ و لا أدري إن كان من الممكن أن تصدقي ما هو أكثر : أن هناك بشر على هذه الأرض ألحدوا و كفروا و تزندقوا و هرطقوا لأنهم لم يفهموا هذا الواقع الذي تتحدثين عنه في قصتك بكل تلك البساطة , لأن هناك من قال لهم طوال 1400 عاما أن هذا الواقع هو قضاء و قدر لا راد له من كائن عاقل رحيم رؤوف منتقم جبار قادر مهيمن عالم الخ الخ .. أخيرا , لم تكن لفظة اشتراكية في ما نقلته من قصتك , و لا إنسانية , خطأ إملائيا ... أختاه , هناك ملايين , مليارات ربما , أملها الوحيد في حياة كريمة , أقل بكثير مما تعيشه بطلة قصتك من ترف و بذخ و عسل و لبن لتحافظ على نضارة وجهها , هو في شيء واحد اسمه الاشتراكية
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟