أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 24














المزيد.....

سيرَة أُخرى 24


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5126 - 2016 / 4 / 7 - 02:20
المحور: الادب والفن
    


1
زهرة الهرجاية، تشبه الفراشة؛ بحجمها الدقيق ورقّة بتلاتها وألوانهم المنوّعة.
إنها تتحمّل البرد نوعاً، ولذلك تسبق بقيّة الأزهار في ارتيادها لمركبة الربيع. إلا أنّ قامتها الرهيفة، الدقيقة، سرعان ما تختفي في أوان تفتّح الأقاح والنرجس.
على ذلك، فإنها تشبه أيضاً الفراشة لناحية حياتها القصيرة.

2
زهرة الرمان، أعتبرها الأكثر فتنة، مع أنها ليست فوّاحة كأزهار البرتقال.
هيَ تنمو في بداية الربيع، وخصوصاً تحت شمس مراكش. بعضُ أبنية المدينة، عماراتٍ وفيلات، تسوّرت بأشتال الرمان. مقهى Dino، الراقي، جلستُ فيه مع العائلة لمرة وحيدة حَسْب. بيْدَ أنّ أزهار الرمان، المنوّرة سورَ المقهى، جعلتني أدمنُ على المرور من أمامه في كلّ مرةٍ أتجوّل فيها عبْرَ شارع محمد الخامس.

3
في حديقة منزلنا الشاميّ، ثمّة ثلاث أشجار رمان. قبل سفري، كانت إحدى هاته الأشجار مجرّدَ عودٍ مورّق. بعد عقدين من الأعوام، لاحظتُ من خلال فيديو لعرس جرى بمنزلنا كيفَ نما ذلك الفرع وغدا أطولَ من والدَيْه. هذا الفرع، البهيّ والمثمر، كم يُشبه ابني الكبير؛ الذي أسعدني الحظُ بمتابعة نموّه إلى أن صارَ شجرةً أستظلّ اليومَ بفيئها.

4
قبل خروجي من البلد، كان من النادر أن أصادف سائحاً في أسواق الشام. غير أنّ الباعة هناك، بحَسَب قراءاتي لتذكرات الرحّالة وأضرابهم، كانوا شديدي الكياسة والتهذيب مع زبائنهم الأجانب. على ذلك، ربما يفهمُ المرء علّة دهشتي لما رأيتني مرةً في أحد أهم أسواق القاهرة؛ " خان الخليلي ". ثمّة، كان كلّ بائعٍ باشا. أجيرُ هذا الأخير، يقفُ أمام باب المحل مُتربّصاً، فما أن يراك ماراً حتى يقبض على تلابيبك ويبدأ بشدّك إلى الداخل. ولو أذعنتَ للتابع، لا يعتمُ معلّمه أن يستلمك بأرقّ الألفاظ عارضاً عليك ما تيسّرَ من بضائع. فلو أنك هممتَ بالخروج من المحل، دونما أن تشتري شيئاً، فإذا بالباشا ينقلبُ فجأةً إلى شوارعيّ ويكاد أن يضربك.

5
سفري القريب، كان فرصة سانحة لكي أغشى عدّة مرات " سوقَ السمّارين "، المراكشي. الباعة، يقف الكثيرُ منهم أمام مدخل محلّه مُرحباً بالزبائن أو داعياً إياهم لمُعاينة البضاعة. إنهم يفعلون ذلك بوجهٍ باسم، وبلغاتٍ عدّة، دونما إلحاح أو لجاجة. في زياراتٍ سابقة، كانوا يستقبلونني ككاتب، أو صحفي، حينما كنتُ أمسك قلماً ودفتراً لسؤالهم عن تاريخ السوق وما يُحيطه من معالم أثرية. إلا في مرة وحيدة، تصدّى فيها لطريقي بائعٌ بمقتبل العمر وملامح مشرقية: " لا فرانسيه؟ سبانيول؟ ايطاليانو..؟ ". عندما عرفَ أنني سوريّ، رحّبَ بي وهوَ يدفعني بيده في لطف إلى داخل المحل: " أنا فلسطينيّ، مقيم هنا منذ أعوام طويلة ومتزوّج من مغربية ". عَرَضَ عليّ الرجلُ ما يحتويه المحل بكلّ رويّة وصبر، طالما أنني زبونه الوحيد. ثمّ ما لبثتُ أن استودعته، قائلاً أنني سأمرّ عليه في مرة أخرى. وإذا به يُجيبني منفعلاً: " يا أخي، ساعة وأنا أقلّبُ المعروضات بين يديك معتقداً أنك زبون!! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة أُخرى 23
- سيرَة أُخرى 22
- القيدُ الحديديّ
- خنجرٌ نحاسيّ
- طبيب
- حافظةُ الحظ
- معلّم
- أعمى
- فنانة
- قصة صداقة
- في المتحف
- سيرَة أُخرى 21
- أمثولة وحكاية
- أقوال غير مأثورة 3
- سيرَة أُخرى 20
- غرائب اللغات
- قلب أبيض
- نبع
- سيرَة أُخرى 19
- الإنسجامُ المعدوم


المزيد.....




- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...
- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...
- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 24