دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 5090 - 2016 / 3 / 1 - 19:11
المحور:
الادب والفن
ثلاثة غزلان، اجتمعوا حولَ جذعِ شجرةٍ كان يتوسّطُ المرعى.
جذعُ الشجرة، المقطوعُ، كان بعلوّ رأس أصغر أولئك الأخوة. هذا الأخير، كان هوَ من نبّه شقيقيه إلى أنّ ثمّة ما يُشبه النبع، ينبثقُ من فجوة قمّة الجذع. كلاهما، تركَ الحشائشَ في رعاية الشمس الساطعة وأقبلَ كي يرى جليّة الأمر. بالفعل، كانت نثراتُ رذاذٍ هيّنة تندفع بين فينة وأخرى من تلك الفجوة.
" إنها لَمُعجزة طبيعية "، قال الأكبرُ سناً. فردّ الأوسط: " بل قل أنها هِبَة ربانية!. فبَدَلاً عن سعينا إلى النهر، أينَ خطرُ الوحوشِ والتماسيح، فإننا سننهلُ الماءَ ونحنُ نرعى ". تدخلَ الأصغرُ، قائلاً بنبرةٍ مُفَخَّمة: " مهلاً يا عزيزيّ! علينا أولاً أن نرى ما لو كان الماءُ وفيراً بما يكفي حاجتنا. وبما أنني من اكتشفَ هذا النبع، فاسمحا لي بإلقاء نظرةٍ عن قرب ". قبل أن يفتحَ أيّ من الأخوين فاه، كان المكتشفُ قد خطا نحوَ جذع الشجرة ثمّ ما عتمَ أن مدّ رأسه. ولكنه بدنه الأملسَ، الغضّ، من انتفضَ على الأثر وما لبثت أطرافه أن ارتختْ رويداً. أما مقدمة الرأس، فبقيَتْ متدلّية داخل فجوة الجذع.
" عجباً..! أيّ مُعينٍ عذبٍ هذا، الذي جعلكَ تسترخي كالسكران؟ "، خاطبَ الأوسطُ أخاه الأصغر وهوَ يُحاول إزاحتَهُ جانباً. ولكن عبثاً. عندئذٍ، تقدّم الأكبرُ وجرّبَ قرنيه في المحاولة. وإذا بالأخ الأصغر ينهمدُ ببطءٍ إلى أسفل الجذع، لاوياً عنقه على صدره. عيناه المائلتان، الجميلتان، كان يَشعّ منهما ابتسامةُ استسلامٍ وديع. تطلّع الأوسطُ إلى الأكبر في حيرة، قبل أن يقول بشيءٍ من الرهبة: " لألقينّ بدَوري نظرةً ". مُجدداً، كان على الأخ الأكبر عناءُ إزاحة الآخر عن جذع الشجرة. بعد ذلك، طفقَ يتأمّلُ شقيقيه: " كأني بهما في غيبوبة حُلم عذب! "، قالها على الرغم من خفقان قلبه المُتسارع. ثمّ عادَ ليُخاطبَ داخله هذه المرة: " من الخطورة بمكان، أن يبقيا هكذا لفترةٍ أطول بينما الوحوشُ تُحيط بالمرعى. فما العمل؟ لا بدّ أن أستعينَ بنثرات ماء هذا النبع كي أجعلهما يستعيدا الرشدَ ".
الثعبانُ الأكبر، انحدرَ أولاً من فجوة الجذع إلى أسفل كي يُقيسَ حجمَ فريسته.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟