|
إغراءُ أغادير 2
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 5052 - 2016 / 1 / 22 - 08:23
المحور:
الادب والفن
صيف عام 2014، المراكشيّ، كان بعدُ في طور لهيبه حينما قررنا قضاءَ بضعة أيام في مدينة " أغادير ". حافلة البولمان، عليها كان أن تأخذ أولاً طريقَ " الصويرة "؛ وهو الطريق المألوف لي بفضل زياراتي المتعددة لهذه الحاضرة الساحرة، الكائنة أيضاً على شاطئ الأطلسي. وإذاً، بدأت الحافلة الكبيرة شقَّ طريقها صباحاً عبْرَ أرباض مراكش، المخضوضرة والمزدهرة، إلى أن توقفت هنيهةً في نقطة الجباية المالية، الخاصة بالأوتستراد المؤدي إلى جهة أغادير. في مقصف إستراحة الطريق، تعرّفتُ على رجلٍ موريتانيّ مقيم في باريس. الغريب، أنّ اللهجة الموريتانية يُمكن فهمها أكثر من الدارجة المغربية. هذا الرجل، المتوسط السنّ والنحاسيّ البشرة، كانت لديه ميول سياسية ناصرية. قال لي، أنه يعرف هيثم المناع بحكم عملهما المشترك في قضايا حقوق الإنسان. كذلك، سألني عن رأيي بموقف حزب حسن عبد العظيم من الثورة السورية. حال وصول البولمان إلى محطة أغادير، رحتُ أبحث هنا وهناك عن سيارة أجرة. وإذا بالأخ الموريتانيّ يشير إليّ عن بعد، فيما كان يتحدث مع سائق تاكسي. بعدئذٍ، مدّ لي الأخ بطاقته الشخصية متمنياً عليّ أن أهاتفه كي نواصل حديثنا في يوم آخر. كان من اللطف أيضاً، أنه تنازل لنا عن مكانه في سيارة الأجرة. مع الأسف، لم يتسنّ لي اللقاء ثانيةً مع ذلك الرجل المثقف واللطيف. الفندق، المحجوز لنا سلفاً، يقع في قلب أغادير ويطلّ على " ساحة الأمل ". هذه الساحة الكبرى، كانت إذاك تتحضّر لحفل افتتاح " مهرجان تيميتار " السنوي، الذي صادفَ يوم وصولنا للمدينة. كان الفندق حديثاً، ذا واجهة جميلة ومدخلٍ من الأقواس المغربية، التقليدية الطراز. عندما توجهنا إلى الشقة المخصصة لإقامتنا، مررنا بمسبح صغير، محاطٍ بحديقة كبيرة وملاعب تنس وغولف. رأيتُ شقتنا أنيقة وفارهة، تتكوّن من غرفة نوم وصالة ومطبخ وحمّام، علاوة على بلكون مشرفٍ من جهة على الملاعب ومن الجهة الأخرى على ساحة الأمل. بعد استراحة قصيرة، تخللها دوشٌ منعش، قمنا إلى لقاء " عروس الجنوب "، الفاتنة. الجوّ، كان معتدلاً بل وأقرب إلى الربيعيّ. وعلى عكس مراكش، الصاخبة بدراجاتها النارية ومركباتها الأخرى، فإنّ مدينة أغادير بدتْ لنا منذ الوهلة الأولى هادئة ووادعة ونقيّة الهواء. كذلك الأمر بالنسبة لنظام الطرقات، والذي يحترم فيه السائقون ممرَ المشاة. الشوارع والدروب، بديعة ونظيفة. في طريقنا إلى الكورنيش، مررنا بحديقة الحيوان الشهيرة، " وادي الطيور "، فقررنا زيارتها في اليوم التالي. الماعز الجبليّ، المعروف عند الكرد باسم pezkovi وبحكاية الحب الشعبية " سيامند وخجي "، كان يمدّ رأسه خلل سور الحديقة كي يتلقى الخبزَ من الأطفال. وها نحن ذا في مدخل الكورنيش، المحفوف بشلالات من عرائش المجنونة والمسوّر بخمائل البوكسيا، فيما أرضيته مبلّطة بالحجارة المنحوتة والملوّنة تظللها أشجارُ النخيل، النضرة. من هذا المكان، المرتفع نوعاً، كان بالإمكان تأمّل الشاطئ ذي الرمال المذهّبة والمتداخل مع الأمواج المزبدة، وقد بدتْ نقاط بيضٌ ليخوتٍ وموتورات رياضية مشكوكة فوق صفحة المياه اللازوردية أو مخترقتها. في نهاية الكورنيش، المشكّل شبه قوس، يقع حيّ " المارينا " الراقي. ومن ثمّ ترتفع من خلفية المشهد بعضُ الأبنية حتى سفح الجبل، الشبيه جداً بـ " قاسيون " الدمشقيّ. المقاهي والمطاعم والملاهي والبارات، تتراصف عند الجهة اليمنى للكورنيش، وجميعها ذات عمارة أوروبية معاصرة متماهية مع ديكوراتٍ محلية تراثية. لكي لا نهدر الوقتَ بالبحث عن مطعمٍ مناسب، ارتأينا تناول الغداء في مطعم ماكدونالدز.
( للرحلة صلة.. )
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إغراءُ أغادير
-
سيرَة أُخرى 12
-
الجيفة
-
قصتان
-
سيرَة أُخرى 11
-
سيرَة أُخرى 10
-
ثلاث قصص
-
أثينا
-
سيرَة أُخرى 9
-
المُخلّص
-
سيرَة أُخرى 8
-
مجنون الكنز
-
الحكايات الثلاث
-
سيرَة أُخرى 7
-
أمثولتان
-
مجنونة الجبل
-
سيرَة أُخرى 6
-
الحكايتان
-
من أمستردام إلى مالمو
-
سيرَة أُخرى 5
المزيد.....
-
كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا
...
-
إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
-
سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال
...
-
الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
-
من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام
...
-
دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-.
...
-
-سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر
...
-
البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة)
...
-
تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
-
المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز
...
المزيد.....
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
المزيد.....
|