|
إغراءُ أغادير 4
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 5056 - 2016 / 1 / 26 - 16:54
المحور:
الادب والفن
رحلتي الثانية إلى عروس الجنوب المغربيّ، جدَّت في فصل الصقيع هذا. حينما غادرنا مدينتنا السويدية، كانت الثلوجُ تغمر كل شيء ودرجة الحرارة قد انخفضت إلى حوالي عشرين تحت الصفر. خمسُ ساعاتٍ من السفر، كانت كافية كي تنقلنا إلى عالم الشمس، الرؤوم. لما خرجتُ من مطار " المنارة " المراكشيّ، اتجه بَصَري فوراً إلى أشتال الصبّار المتنوّعة والرائعة، المزيّنة طوارَ الرصيف. قيل لنا هنا، أنّ المدينة تشهدُ منذ بداية الخريف جفافاً غيرَ مسبوقٍ. قرصُ الشمس فوقنا، المُستعرّ، كان شاهداً على ذلك القول. في ظهيرة اليوم التالي، عليّ كان أن أسافرَ إلى " أغادير " لحضور عرس خال ابني الأصغر. حافلتنا الكبيرة ( البولمان )، انطلقت بعد ساعة واحدة تقريباً من سفر العائلة والأهل في ثلاث سيارات. حتى لحظة وصولنا إلى محطة الإستراحة، الواقعة تقريباً في منتصف المسافة بين مراكش وأغادير، كانت حافلتنا تسيرُ على طريقٍ يشقُّ تارةً السهولَ الخصيبة وتارةً أخرى البوادي الجرداء. فلما غادرنا تلك المحطة، أصبحَ الحالُ على منقلبٍ آخر. الحافلة، بدأت عندئذٍ في ارتقاء منحدرات الجبال لتتناهى إلى أعلاها. الجبالُ القليلة الصخور، كانت ذات تربةٍ حمراء مثالية لنموّ الأشجار المثمرة والحرجية سواءً بسواء. وهيَ ذي أشجارُ الأرغانة، تتألقُ بثمارها الصفراء تحت أشعة الشمس، متناثرةً هنا وهناك على الوهاد والقمم. أشجار الأرغانة، لم تلبث مع تقدّم حافلتنا أن بدت على شكل غاباتٍ كثيفة تمتدّ بطول عشرات الكيلومترات. ولكن، حيثما تظهرُ القرى فإنّ غابات الأرغانة تُخلي المكانَ لكروم الزيتون والصبّار واللوز. هذه الأخيرة، أدهشتني بمشهَدَ حلّتها الزهرية، الزاهية، ونحن بعدُ في بداية الشتاء. اللوز، من ناحية أخرى، هوَ المادة الأساسية للحلوى في المغرب ويستعمل بمثابة الفستق الحلبي ببلادنا. رفيقُ الرحلة، كان قد وضعَ في قسم الحقائب بالحافلة خمسَ مجاميعٍ من الحلوى مخصّصة لحفل زفافه. كلّ من هذه المجاميع ( وهوَ بحجم عجلة الحافلة )، يعلوه هرمٌ زجاجيّ جميل ومن المفترض أن يتمّ وضع شمع الإنارة داخله خلال العرس. عندما وصلنا إلى محطة أغادير، كان عديلي الفرنسيّ في انتظارنا بسيارته. الجوّ الحارّ، جعلني أشعرُ بأنني كنتُ قد غادرتُ المدينة بالأمس وليسَ في صيف عام 2014. حينما وصلنا إلى حيّ " المسيرة " الشعبيّ، رأيتُ بأنّ أفراد مجموعتنا ( 15 فرداً ) كانوا قد توزعوا في شقتين بعمارتين متقاربتين. شقتنا الأنيقة، كانت مزخرفة الجدران والأسقف بفن الجصّ المحليّ، البديع. بعد العشاء، ركبتُ مع رفيق السفر في سيارة أجرة ميممين شطرنا إلى جهة الكورنيش. ثمّة، بدا المكان مُبهراً كالعادة بأنواره وموجودته. البحر، كان قد انحسرَ بعيداً عن الشطّ في جزره الليليّ، المعتاد. ومع أنه مساءُ يومٍ عاديّ، فإنّ الكورنيش كان مكتظاً بروّاده وأكثرهم من المواطنين. فالسياحة، شهدت انحساراً كبيراً خلال الأشهر الأخيرة بسبب خشية الأجانب من أعمال الإرهاب. وإذاً، كنا نتسكّعُ على طوار الشطّ لما هاتفنا الأهلُ. كانوا قد وصلوا إلى الكورنيش مذ بعض الوقت، وطلبوا منا أن نوافيهم إلى أحد المقاهي. لدى اقترابنا من المكان المقصود، كانت أصوات الموسيقى ترتفع رويداً. ثمّة في المقهى، رأينا فرقة " كَناوة " الشهيرة وهيَ تشعلُ الأجواءَ وتبثّ الحركة في الحضور غناءً ورقصاً. بعدئذٍ، ظهرَ مطربٌ شابّ مع فرقته كي يقدّم فاصلاً من الأغاني الأمازيغية. هذا المطرب، سنلتقي معه مساءَ الغد في صالة الأفراح المنذورة للعرس.
( للرحلة صلة.. )
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إغراءُ أغادير 3
-
إغراءُ أغادير 2
-
إغراءُ أغادير
-
سيرَة أُخرى 12
-
الجيفة
-
قصتان
-
سيرَة أُخرى 11
-
سيرَة أُخرى 10
-
ثلاث قصص
-
أثينا
-
سيرَة أُخرى 9
-
المُخلّص
-
سيرَة أُخرى 8
-
مجنون الكنز
-
الحكايات الثلاث
-
سيرَة أُخرى 7
-
أمثولتان
-
مجنونة الجبل
-
سيرَة أُخرى 6
-
الحكايتان
المزيد.....
-
أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
-
السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي
...
-
فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
-
-تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط
...
-
-لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
-
فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون
...
-
لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
-
مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
-
جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا
...
-
من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل
...
المزيد.....
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
المزيد.....
|