دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 5106 - 2016 / 3 / 17 - 03:31
المحور:
الادب والفن
يُقال، أنّ الأسدَ أحسَّ بالعجز ولم يعُدْ بمقدوره ملاحقة الطرائد فاستنجدَ بالضباع.
ثمّ مضت الأيام على ملك الغابة وهوَ من حالٍ إلى حال. كان يتأمل بحسرة تجوّلَ الضباع في حَوْزِهِ، وهم يطلقون صيحاتهم المزعجة أثناء مطاردة الوعول والثيران. بل وبلغ من استهتارهم بهيبته، أن بعضهم كان يحوم حوله ويعضّ أطرافه. عندئذٍ، بدأ الأسدُ بالتهيؤ للرحيل عن الحوز. ما أن انتشرَ الخبرُ، إلا والقلق استبدَّ بآكلي اللحم: " لا يمكن القبول بالفوضى!.. لا يجوز الإستسلام للأغراب!.. ستكون أحوازنا كلها في خطر..! "، كان يقولون لبعضهم البعض.
الدبّ الأكبر، كان يُراقب المشهدَ بغير قليلٍ من الرضى. وإذاً، لم يكن إظهاره اللامبالاة أمام آكلي اللحم الآخرين سوى ضرباً من الحماقة لا الذكاء. هوَ ذا يحوم بدَوره حول الأسد العاجز، وكأنما تأكيداً لتعاطفه مع أزمته. هذا الأخير، شعَرَ بالإطمئنان نوعاً طالما أنّ الضباعَ الضارية قد تفرّقت في الحال. قال للدبّ الأكبر: " كنتُ أعلم أنني سأجدُ فيك الصديقَ الحقَّ ". أجابه الآخرُ بنبرَة المجاملة ذاتها: " أنا لا أترك ظهرَ أصدقائي مكشوفاً ".
شهرٌ على الأثر، وإذا الحوز يكاد يخلو من آكلي العشب. في الأثناء، كان الأسدُ يرافب بقلق جُرْمَ صديقه وهوَ يزداد ضخامة. الدبّ الأكبر، من ناحيته، كان قد بدأ يشعر بالضجر: " يا لهُ من مخلوقٍ أشبهَ بكلبٍ منه لأسد! "، قالها في سرّه ساخراً. كأنما ملكُ الغاب كان يقرأ ما يدور بذهن صديقه. قال له بشيءٍ من الحذر: " ألا تتفق معي في الرأي، بأنّ قلة الطرائد مؤخراً كان سببها جرأة الضباع وتقليلها من شأن مقامك..؟ ". هنا، أجابَ الدبُّ الأكبرُ بلهجة صارمة: " الأزمة طالت وأضحت تهدد مصالحنا جميعاً. علينا تدبّر الحلولَ بعيداً عن الأنانية والغطرسة! ". قال ذلك، وأخذ يتحرك للرحيل. أُسْقِطَ بيد الأسد، ولم يكن ليستطيع شيئاً إلا تشييع صديقه بعينين ذابلتين. من بعيد، أبصرَ الدبُّ الأكبرُ جماعةَ الضباع وهيَ تقتربُ من الأسد مُزمجرةً.
الأصوات، كانت ما تفتأ تحلّق في أجواء الحوز جنباً لجنب مع الجوارح.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟