أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - في المتحف














المزيد.....

في المتحف


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5104 - 2016 / 3 / 15 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


مَرأى المرأة الأوروبية، المُثيرة الجسم، هوَ ما دفعَهُ إلى الخروج من المكتب.
هذا المكتب، المنذور لتذاكر الدخول، كان يقوم على يسار بوابة المتحف. على الرغم من أنها أعوام أربعة، قضاها الرجلُ في عمله، إلا أنّ منظرَ سائحة أجنبية ما فتأ يستثيره. في المقابل، كان مجرد رؤية مساعده الفتيّ دافعاً دائماً للضيق والنفور. المساعد، كان وجوده ضرورياً طالما أنه خريجُ أدب انكليزيّ.
" طز به وبشهاداته. بندوق..! "، أعتاد أن يردد هكذا كلام بسرّه فيما كان يمحضُ الشابَّ نظرة ازدراء. حقَّ له احتقارَ الآخر، بما أنه شخصياً لم يكن يحمل أيّ شهادة؛ اللهم إلا شهادة قريبٍ له. سببٌ ضافٍ، كان يُضافر ضغينة الرجل. إذ كان مساعده الشابّ مكلّفاً أيضاً بمرافقة الأجانب، سواء أكانوا جماعة أو أفراداً، خلال جولاتهم عبْرَ المتحف. " إنّ هذا البندوق، لهوَ من الوسامة والفتوّة ما يُغري النساء الأوروبيات كي يمنحنه موعداً غرامياً "ـ كان المعلّمُ يفكّر عندئذٍ وقد بلغ به الحنقُ مَبلغاً جَمّاً. أحياناً، كان يقول للشابّ بلهجةٍ تجمعُ بين النصح والوعيد: " احذرْ هاته النسوة؛ فالواحدة منهن إما مريضة بالإيدز أو جاسوسة! ".
وهيَ ذي المرأة الأوروبية، التي تخطرُ على طرقات حديقة المتحف المزيَّنة بالتماثيل، تُأجج أوارَ رغبته. كانت حسناءَ حقاً؛ بشعرها المُشتعل أرجواناً، كما بملامحها المتناسقة والناصعة كزهرة زنبق. ردفاها الفاتنان، المكتَنَزان ببنطالٍ أسوَد اللون، جازَ لهما أن يجذبا صاحبنا إلى خارج مكتبه. ويبدو أنه لم يكن وحده، من أضحى ضحيّة الأفرنجية ذات العَجْز المُعَجّز. وإذاً، حلّ الحنقُ بمحلّ الشبق فيما كان المعلّمُ يُتابع صبيين مراهقين وهما يتأثران خطى الفتنة. لا بدّ أنهما من أولئك الطلبة المتبطلين ـ فكّرَ الرجلُ ـ الذين يجدون وقتاً متسعاً للتسكّع في الحدائق. بدون مهلة تفكير أخرى، اندفعَ الرجلُ نحوَ المراهقَيْن: " لماذا تتحرش بالسائحة، أنتَ وهوَ..؟ "، قالها ثمّ انهال على كليهما صفعاً. المرأة، تسمّرت بمكانها وكما لو أنها بمُقابل وحشٍ بشريّ قد انبعث فجأة من ناووسه في المتحف. فلم تلبث بدَورها أن اندفعت نحوَ الوحش، صارخةً به بلغتها الغريبة. هذا الأخير، ازدادَ سُعاراً. " بليز، بليز! "، صارَ يقول للأجنبية وهوَ يُحملق بمفاتنها. إذاك كانت قد انحنت نحوَ أحد الولدين المراهقين، كي تساعده في النهوض. وإذا بالمعلّم يلتصق بها من وراء، مُردداً: " نُوْ، نو! ". إلتفاتة من الفتاة، ثمّ صفعة كالصاعقة. بقيَ الرجلُ مذهولاً لبرهة، إلى أن أيقظه صوتُ المساعد. حينما تطلّع حوله، لم يكن ثمّة أثرٌ للمرأة أو المراهقَيْن. فما عتمَ أن هَدَرَ بوجه مساعده: " وأنت، أنت..! لِمَ لم تهاتف ضابط أمن المتحف في الحال؟ ". بعد قليل، هدأ المعلّم. كان قد عادَ للجلوس خلف طاولة مكتبه. استعادَ وقائعَ ذلك الإشكال بشيء من الرضى، وخصوصاً وْهْلَةَ ضمّه للفتاة من خلف.
" ولكن، ماذا لو كانت تلك الجاسوسة الأجنبية مصابة بمرض الإيدز؟ ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة أُخرى 21
- أمثولة وحكاية
- أقوال غير مأثورة 3
- سيرَة أُخرى 20
- غرائب اللغات
- قلب أبيض
- نبع
- سيرَة أُخرى 19
- الإنسجامُ المعدوم
- سيرَة أُخرى 18
- ( اسمُ الوردة )؛ الرواية كفيلمٍ فذ
- لقطة قديمة
- سيرَة أُخرى 17
- امرأة سمراء
- سيرَة أُخرى 16
- المتسوّلة
- سيرَة أُخرى 15
- درهم
- سيرَة أُخرى 14
- خفيفاً كعصفور


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - في المتحف