أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - القيدُ الحديديّ














المزيد.....

القيدُ الحديديّ


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5120 - 2016 / 4 / 1 - 02:11
المحور: الادب والفن
    


بعد قرابة العقدين من الأعوام، وَجَدَ الشابّ نفسه فجأةً في مسقط رأسه.
كان مع طاقم العمل في سيارة ميني باص، في الطريق من " بني ملال " إلى " آزيلال "، وكان يوماً بهياً من أيام أبريل. انهيارات التربة، الناجمة عن ذوبان الثلوج، كانت قد أجبرتهم على تغيير مسار المركبة. الطريق الجبلية، كان عرضها يتضاءلُ بين حينٍ وآخر. وكان الشاب ينشغل بمرأى الشلالات، التي يُشكّلُ كلّ منها لوحة فنية، ساحرة وفريدة. بَعد قليل، لاحت عن بُعد قريةٌ في قلب الجبل. على غرّة، شَعَرَ هوَ بشيءٍ غامض يجذبه إلى ذاك المكان.
كانت تُشبه غيرها من قرى الأمازيغ، المستلقية على سفوح " الأطلس ". إلا أنّ هزّةً في باطنه، عنيفة وجارفة، أوحَتْ بحقيقة أنه الآن في قريته الأولى. كونه مخرجاً سينمائياً، فقد فكّرَ الشاب قبل كلّ شيءٍ بمسألة الفنتازيا والواقع: " أكثر القصص خياليّةً، هيَ تلك الأقرب للحقيقة ". أمَرَ السائقَ بالتوقّف على جانب الطريق. وما لبثَ أن طلبَ أيضاً من الآخرين الإنتظارَ. تناول حقيبته الصغيرة، ثمّ ولّى وجهَهُ إلى ناحية القرية. جَدَعاتُ الصبّار، المبثوثة بين الصخور، صارت رفيقة لخطواته الحثيثة. ذاكرته، كانت تتفتحُ عندئذٍ كما أزهار الصبّار، الصفراء والفاتنة.
عامان بالتمام، بقيَ الطفلُ في قعر الكهف مربوطاً بسلسلة حديدية. الكهف، كان يقعُ فوق المنزل ويبدو كما لو أنه دورُهُ العلويّ. في عام الأسر، كانت أمه المطلّقة قد اقترنت برجل آخر. امرأة الأب، هيَ في الواقع من عَمَدَ إلى تقييد الطفل ورميه بالكهف. لقد كانت قد شكتْ طويلاً من عدم قدرتها على ضبط مسلك هذا الطفل، شبه المختل عقلياً. وإذاً، كان الأسيرُ في السادسة من عمره لما قَدِمَتْ تلك المرأة الكَاوري ( الأوروبية ) إلى منزل الأسرة. كانت متوطّنة في مدينة " مراكش " البعيدة، وتمتلك هناك شركة لعقاقير التجميل. ولأنها لم تكن تعرف اللغة المحلية، فقد استعانت بمترجم من سكان المنطقة يُجيد الفرنسية. قالت لهم، أنّ هذا الولد المسكين يُعاني من مرضٍ يُدعى " التَوَحُّد " وأنه بحاجة للعلاج لا العزل. لم يُبدِ أولو الأمر اهتماماً بمعرفة مرض ابنهم، بل بما عَرَضَتْهُ المرأة الأجنبية من مال: " أرغبُ في رعاية الولد بما أنني محرومة من الإنجاب ".
هوَ ذا الكهفُ، الذي سبَقَ وتجلّى لعينيّ مخرجنا من نافذة السيارة. البيت، القابع تحت الكهف، كانت له بوابة كبيرة مفتوحة على مصراعيها. قبل أن يدلفَ من المدخل، تريّث لبرهةٍ. عندئذٍ طارَ بصرُهُ عبْرَ سور الدار، الطينيّ والواطئ، ليحلّق فوق مشهد امرأة تقف أمام البئر: " إنها هيَ..! ". بعد بضع خطوات، أضحى بمواجهة المرأة. كأغلب نساء الريف، كان مظهرُها الرثّ لا يوحي حقاً بسنّها. وبطبيعة الحال، فإنّ المرأة لم تتعرّف من فورها على القادم. نظرت إليه بدهشة، أولاً. ثمّ راحتْ تتابع حركة يده، الممتدة إلى حقيبةٍ جلديّة كان يحملها. لما وقعتْ السلسلة الحديدية بين قدميها، أطلقتْ المرأة آهةً مقتضبة.
رداً على سؤال رفاقه، أجابَ عابساً: " أجل، عثرتُ على مكانٍ يصلح لتصوير فيلم ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خنجرٌ نحاسيّ
- طبيب
- حافظةُ الحظ
- معلّم
- أعمى
- فنانة
- قصة صداقة
- في المتحف
- سيرَة أُخرى 21
- أمثولة وحكاية
- أقوال غير مأثورة 3
- سيرَة أُخرى 20
- غرائب اللغات
- قلب أبيض
- نبع
- سيرَة أُخرى 19
- الإنسجامُ المعدوم
- سيرَة أُخرى 18
- ( اسمُ الوردة )؛ الرواية كفيلمٍ فذ
- لقطة قديمة


المزيد.....




- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...
- كيف حوّل زهران ممداني التعدد اللغوي إلى فعل سياسي فاز بنيويو ...
- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - القيدُ الحديديّ