أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حافظةُ الحظ














المزيد.....

حافظةُ الحظ


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5113 - 2016 / 3 / 25 - 03:50
المحور: الادب والفن
    


للّيلة الثالثة، على التوالي، بقيَ مُلازماً قبرَ قرينته.
عقبَ مرضٍ عُضال، لم يُتِحْ لها سوى مُهلة مُبتسَرَة، رحلتْ من كانت حبيبته ورفيقته الوحيدة في هذه الحياة. شاءَ أن يدفنها هنا، تحتَ ظلال شجرة توت عتيقة. التوتة، كانت أيضاً تُرخي أفياءَ الشفقة على جانبٍ من مقبرة اليهود، المُجاورة. كان الرجلُ الأرملُ يتسلّق كلّ مرةٍ فرعَ الشجرة، الأقرب إلى السور، وصولاً إلى الأرض. كان يفعل ذلك بعيداً عن عينيّ الحارس، القابع في كوخٍ صغير قائمٍ بإزاء بوابة المدافن.
كانت ليلة ربيعٍ، مُضيئة ولطيفة النسيم. ولكنّ سحنةَ القمر، الناصعة كالفضّة، بدَتْ ليلتئذٍ حزينةً نوعاً وكأنما تُشارك في عزاء الرجل الأرمل. صاحبنا هذا، كان يهدرُ دموعَهُ فوق قبرٍ ما يفتأ كومةً من ترابٍ وحجارة. كان على تلك الحال، إذاً، حينما جَفِلَ فجأةً على أثر سماعِهِ لصوتٍ مُريب. نهضَ من مكانه مُتأهباً للخطر، طالما أنه شكّ بوجود حيّة تسعى تحت جنح الظلام. على غرّة، انبثقَ جرذٌ جَسيمٌ من ثغرةٍ في القبر. يَدُ الرجل، القابضةُ على حجرٍ كبير، بقيتْ مُعلّقة في الهواء: لقد كانَ فمُ هذا الحيوان، القذر والكريه، يقبضُ بدَوره على ما بدا أنها حليَة ذهبيّة.
" من النافل التأكيد، أنّ الحلية ليست لإمرأتي الراحلة. على ذلك، فإنّ الأمرَ يتعلّق بكنز..! "، فكّر الرجلُ وهوَ يقلّب قطعةَ المعدن الثمين بين أصابعه المُرتعشة. بحثَ أولاً عن عودٍ مُناسب، كي يستعين به أثناء الحفر. لحُسن حظه، أنّ قبرَ الراحلة كان ما يزالُ طرياً. وهوَ ذا جثمانها، المُكفّن بقماشٍ أخضر، يَظهرُ بعد قَدَرٍ ميسورٍ من الجهد. بَيْدَ أنّ من المُحال ـ فكّرَ الرجلُ ـ مواصلة الحفر ما بقيتْ الجثة بمكانها. هكذا كان يتعيّن على عضلاته أن تحلّ المُشكلة مُجدداً، ودونما أيّ تدخّلٍ من قلبه. بقيَ يحفرُ لساعةٍ أخرى، وكانت الأرضُ عندئذٍ صُلبة للغاية.
عندما أخرجَ الصندوقَ، ظلّ هنيهة وهوَ واجمٌ ومذهول. أخيراً، فتحَ حافظةَ الحظّ هذه، فهاله ما اكتنزَ فيها من لآلئ ومجوهرات وعملات ذهبية. ما عَتَمَ أن خرجَ بصعوبة من القبر، وكان مُحمّلاً بالصندوق. وَضَعَ الكنزَ بالقرب من جثّة زوجته، التي كانت أطرافها السفلية ظاهرة بسبب سحبها من قاع الحفرة. فكرةٌ أكثر جدّة، ما لبثَ أن تفتّقَ عنها رأسُهُ: " ظهوري مع صندوقٍ في آخر الليل، سيُثير الشكوكَ ولا غرو ". إذاك، عَمَدَ إلى الجثة فعرّاها من الكفن. ثمّ جعلَ القماشَ على شكل الصرّة رابطأ إياه بالعود، الذي استعمله منذ حينٍ بالحفر. كان قد همَّ بالمسير، وإذا بالجرذ يمرقُ بين قدميه تماماً. فاختلّ توازنُ الرجل بفعل البغتة وثقل الصرّة، فأطلق صرخةَ رُعْبٍ.
حينما حضرَ حارسُ المقبرة على الأثر، مَدفوعاً بنداء تلك الصرخة، طالَعَهُ مشهدٌ عجيب: جثة امرأة عارية، ملقاة أمام مدفنٍ مفتوح، وقد انبعثَ من داخله أنينُ رجلٍ بدا من هيئته أنه يحتضر.
أهالَ الحارسُ الترابَ على الجثتين، ثمّ مضى بعدئذٍ إلى كوخه وهوَ يحملُ الصرّة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معلّم
- أعمى
- فنانة
- قصة صداقة
- في المتحف
- سيرَة أُخرى 21
- أمثولة وحكاية
- أقوال غير مأثورة 3
- سيرَة أُخرى 20
- غرائب اللغات
- قلب أبيض
- نبع
- سيرَة أُخرى 19
- الإنسجامُ المعدوم
- سيرَة أُخرى 18
- ( اسمُ الوردة )؛ الرواية كفيلمٍ فذ
- لقطة قديمة
- سيرَة أُخرى 17
- امرأة سمراء
- سيرَة أُخرى 16


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حافظةُ الحظ