أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وردة بية - بين الهوية والعصبية خيط رفيع














المزيد.....

بين الهوية والعصبية خيط رفيع


وردة بية

الحوار المتمدن-العدد: 5121 - 2016 / 4 / 2 - 15:01
المحور: المجتمع المدني
    


عندما كنت طالبة في جامعة الجزائر المركزية بقلب العاصمة ، كنت أسكن بحي دالي ابراهيم للبنات، أقضي فيه أوقاتا طيبة (ضحك ولعب وجد وحب) مع زميلات الاقامة في ليالي الشتاء القارس ، وكنا في كل مرة نفتح نقاشا جادا وأحيانا حادا في موضوع يستقطب الرأي العام آنذاك ، وكانت أكثر ما تستهوينا - أنا والشلة- في تلك الفترة مواضيع الأدب والثقافة والفن والتاريخ والجغرافيا ، ولم نكن نعرف من السياسة سوى الاسم.. واذكر أن النقاشات أحيانا تخرج عن المألوف وتتحول الى انفعالات لطيفة ، خصوصا اذا ما تعلق الأمر بمواضيع الهوية والدين والأعراق والنسب ..فتجد الرأي ونقيضه ، وغالبا ما تنتهي حواراتنا البيزنطية الى طريق مسدود ، وننهيها على أنغام كوكب الشرق وعبد الحليم حافظ مع نكهة الكوكاو والشاي السوفي ..
أذكر أننا في تلك الليالي الخوالي الجميلة التي أخذت جزءا من أحلامي وأيامي ، فتحنا نقاشا في موضوع الانتماء والوطنية واللغة ، الى أن وصلنا الى الأمازيغية، وتساءلت إحداهن: هل هي لغة أم لهجة ؟..زميلة من الغرب الجزائري بادرت بالإجابة عن السؤال لتقول أن الأمازيغية - بحسبها- هي لهجة وليست لغة ، كونها هجين بين اللغتين الفرنسية والعربية ، وأضافت : لو كانت الأمازيغية لغة، لكانت لها حروف كاملة معتمدة مثل باقي اللغات ، ولكان لها رصيد كاف من الكلمات ولا تستعين بالعربية والفرنسية ..! هذا الرد لم يعجب زميلتنا التبسية ، وهي من أصول شاوية ، ردت بانفعال وقالت:" أن الأمازيغية لغة وليست تابعة لأي لغة أخرى" ، رغم عشقها للعربية ، فهي التي تركت تبسة لتدرس الأدب العربي بالعاصمة.. النقاش وقتها لم يكن علميا يستند الى المعلومة والدليل ، بل كان بسيطا ، سطحيا ومتواضعا..
استمعت الى جميع الآراء ، وشاركت برأيي وقلت: لو كانت الأمازيغية لهجة فأين هي لغتها الأم ، واذا افترضنا أنها تابعة للغة العربية ، فلماذا لا يفهمها العرب؟؟ ..كلامي البسيط دغدغ مشاعر الصديقة التبسية وظنت بأنني أجاملها في الموضوع ، ولكنني أكدت لها بأنها قاناعاتي ، فلا يمكن لنا أن نتجاهل أو نستصغر الموروث الثقافي والمجتمعي الذي تزخر به بلادنا ..بل نحترمه ونُجله..
اليوم وبعد مرور سنين من تلك الحادثة ، هاهي الأمازيغية ترسم في الدستور الجديد على أنها لغة مستقلة بذاتها وكيانها وهويتها تماما مثل اللغة العربية...
ما أريد الاشارة اليه بعد كل ما أسلفت ، هو أن هناك مشكلة عويصة نواجهها اليوم ، ولا أجد لها تفسيرا ، وهي أن أرى الكثير من الجزائريين وهم بعض الأخوة الأعزاء على قلوبنا أمازيغ القبائل تحديدا ، يتحدثون بنبرة عصبية كلما جيء على ذكر الهوية واللغة ، ليذكروننا في كل مرة بأنهم هم أبناء البلد الأصليين ، وغيرهم غزاة ، والكثير من الكلام الشيفوني والعنصري الذي لا يرقى الى مستوى النقاش ولا يليق الا بشذاذ الآفاق ، بينما نجد غالبية أمازيغ الشرق الجزائري يعتزون بانتمائهم للحضارة والقومية العربية ، كما اعتزازهم بالانتماء للوطن ،حتى أن أحدهم قال لي يوما: اذا أردت أن تُغضبي "شاوي" قولي له : أنت لست عربيا..!
من هذا المنطلق أقول ، أن ما بين الهوية المتأصلة فينا والعصبية المقيتة المزروعة في بعض النفوس خيط رفيع، فالهوية تجمع ، بينما العصبية تفرق.. الهوية تعزز الانتماء للذات والوطن بينما العصبية تسيطر على الذات وتزرع فكر القبيلة بطريقة متشنجة ، عاطفية إلغائية .. فعلينا اذا أن ننتبه ، وأن نرتقي بأنفسنا عن ترهات التعصب التي تغيب فيها لغة العقل، وأن ندرك جيدا أن جل أزماتنا مولودة من رحم هذه المفاهيم المغلوطة الماكرة ، التي يجد فيها العدو ضالته فينا.. مثلما وجدها عند الاسلامويين حينما تعصبوا ، حرقوا النسل والحرث.. فلننظر مثلا الى المشارقة العرب وغير العرب ، المسلمين منهم والمسيحيين ، وبقية أهل الديانات والأعراق الأخرى ، كيف يعتزون بانتمائهم لهذه الأمة وهذه الحضارة العريقة.. واستدل هنا بفيلم وثائقي عرض على إحدى الفضائيات للجالية اليهودية العربية بفلسطين المحتلة ، وكان من بينها يهود مصريون وآخرون عراقيون، كيف التقطتهم عدسة الكاميرا وهم يتحدثون باللهجات العربية في قلب اسرائيل وبكل ثقة وحب ، قلوبهم مشدودة الى بلادهم الأصلية ، رغم مرور عشرات السنين عن هجرتهم منها ، وشاهدت الكثير منهم كيف كان يذرف الدموع بحرقة وهو يتحدث عن العراق ومصر..
لنقول في الأخير ، هؤلاء اليهود .. فماذا عنا نحن..!!؟؟



#وردة_بية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزائر .. والتحديات الكبرى
- كرامة المرأة أولا
- عكاشة شو
- حرب باراغماتية بنكهة صهيونية .. !!
- هيكل .. -صار لازم أمشي-
- دستورنا لا يُقرأ ولا يُطبق الا...
- ليس بالفايسبوك يُقًيمُ الانسان
- قطاع الثقافة .. والحلقة المفقودة
- فكروا في البديل قبل أن تنقرضوا
- ثورية الوفاء للوطن ..!
- يوم كنا .. كلنا عرب؟!
- تكلم حتى أراك
- جمهورية -الميادين- العربية
- قوم لا يقتنعون الا بما يريدون..!
- أولاد العتاهية يُديرون اللعبة السياسة
- مثقف السلطة
- فوز أردوغان .. وحيرة من العقل الاسلاموي.!
- خطة حسم المعركة
- أهلا بالقضاء
- العالم ينتظر ضربة جزاء روسية


المزيد.....




- روبيو ينتقد دعوة صحيفة إيرانية لإعدام المدير العام للوكالة ا ...
- اعتقال أكثر من 60 شخصا.. الشاباك يزعم إحباط خلية لحماس في ال ...
- جيش الاحتلال يعلن اعتقال عدة أشخاص من جنوب سوريا واقتيادهم ل ...
- السعودية تعلن إعدام مواطنين انتحلا صفة أمنية وتكشف ما فعلاه ...
- رحلة الحصول على المساعدات انتهت بإصابتنا واستشهاد ابني
- تصاعد معاناة الأسرى: السماح لعائلاتهم بحضور جلسات محكمة عوفر ...
- -أقراص المخدرات في طحين الإغاثة-.. مغردون يفضحون المساعدات ا ...
- تظاهرة حاشدة في -تل أبيب- تطالب بإعادة الأسرى وإنهاء الحرب ف ...
- الداخلية السورية تعلن القبض على متورط في جرائم حرب عمل مع دا ...
- الآلاف يتظاهرون في إسرائيل مطالبين بإنهاء حرب غزة


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وردة بية - بين الهوية والعصبية خيط رفيع