أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسعد عبدالله عبدعلي - الطريق إلى الباب المعظم














المزيد.....

الطريق إلى الباب المعظم


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 5104 - 2016 / 3 / 15 - 17:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الطريق إلى الباب المعظم

بقلم اسعد عبد الله عبد علي

صبا, فتاة من بغداد, عاصمة الدنيا, كما يقال في كتب التاريخ, تحس بان الأحزان تلاحقها, فأبيها توفي الصيف الماضي, وكان اقرب الناس أليها, فترك حزنا لا يغادر قلبها الصغير, كانت تحلم أن تجد وظيفة, تناسب شهادتها, لكنه حلم لا يتحقق, تعيش هي وأمها, معتمدين على راتب أبيها التقاعدي, الذي بالكاد يحفظ كرامتهم, أتعبها الزمن الصعب, فالحياة تملك من القسوة, ما لا يتحمله الرجال, فكيف وهي فتاة ضعيفة, أحست بضجر وهي تقلب صحيفة, وفيها تقرير عن ضياع أموال موازنة عام 2009, فالظلم لا يموت, والظالم لا يحاسب, عندها قررت أن تخرج للتسوق, لتستنشق بعض أوكسجين الأمل, من شوارع بغداد الأثيرة لقلبها.
-;- أماه سوف اخرج للتسوق, هل تحتاجين شيء ما, اجلبه لكي في طريقي؟
-;- لا أريد شيئا, فقط أتمنى أن تنتبهي لنفسك فالشارع خطر.
-;- سوف اعمل بنصيحتك أماه.
خرجت وهي تتأمل الناس, شاهدت رجل مقبل, يبدو متعب بثياب رثة, يحمل كيسا كبيرا, يبدو انه كيس ثقيل, لكنه عمل فرضته الحياة القاسية على الفقراء, فيكون احدهم حمالا للآخرين, أنها حياة مخزية, لبلد بدد أمواله حاكم الجور, فصورها بائسة وحزينة, وتدعونا لنسيان كل تفاؤل.
جلست صبا في موقف الباص, تنتظر أن يأتي الباص, لينقلها إلى الباب المعظم, شاهدت طفل بالثامنة من العمر, وهو متسخ حتى الرأس, كأنه لم يرى الماء منذ دهر, يجمع قناني المشروبات في كيس كبير, أحست بعاطفة كبيرة نحو الطفل, وأدمعت عينيها وهي تشاهد الطفل, وكيف تغتصب طفولته, في أعمال لن تخلق منه, ألا هامش في كتاب الحياة, سألت صبا الطفل, عن أسباب عمله في الشارع:
-;- لماذا تعمل؟ انك صغير على العمل, أين أبوك وأمك, وكيف تركوك للشارع؟
الطفل نظر أليها بحزن, وعيناه يتلألأن بالدموع, وقال لها:
-;- ست, أبي مات في انفجار, وأمي مريضة في الفراش, ولا احد يساعدنا, فاجمع القناني الفارغة, وأبيعها لجارنا أبو هيثم, فان أنا لم اعمل, تموت أمي من الجوع.
جاء الباص أخيرا, حاولت أن تخرج من صور البؤس, صعدت مسرعة لتجلس بجانب الشباك, كي تنظر على شيء ما يعيد لها الأمل, فالتعاسة ترتسم على وجوه من تقابلهم, وغير الناس, فقط مجرد شوارع مليئة بالوحل, وازدحام كبير خانق, وسيطرة أمنية لا تفعل شيئا, ألا عرقلة السيارات, توقف الباص ليصعد شاب بالثلاثين من العمر, وجلس لجانبها , كان مرهقا, عينيه توحي بالتعب والسهر, جلس صامتا هادئاً, ولم يدفع الأجرة, بعد عشر دقائق من الانتظار, صاح سائق الباص:
-;- من لم يدفع الأجرة, بقي نفر واحد لم يدفع؟
بقي الشاب صامت, حاول التخفي في قبعته, وبدا ينظر للأرض كي لا تلاحقه العيون, وصياح السائق يتلاحق, عندها أخرجت صبا محفظتها, وتكلمت بصوت مرتفع نحو السائق:
-;- هذه أجرة من لم يدفع, خذها واسكت.
أخذها السائق وسكت, نظر أليها الشاب في خجل كبير, أما هي فسكتت, ولم تنطق بكلمة, وعندما وصلت نزلت على عجل, كي لا تحرج الشاب الفقير.
أنها حياة غريبة في عاصمة العراق, البلد الذي وصفت موازناته بالانفجارية, لكن ضيعتها حكومة المحاصصة, على ملذاتها, مما جعل صور البؤس تتكاثر, ومن يرى مصائب الناس تهون عليه مصيبته, عادت صبا للبيت وهي أكثر حزنا, ولا تجد مكان للتفاؤل, في بلد يتحطم, نتيجة غياب العدل.



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوضى عراقية ستنتج مصيبة
- السعودية, الخطر الحقيقي على المنطقة
- أين الأصلاحيون من قافلة وكلاء الوزارات ؟
- أحداث خان ضاري الأخيرة, مؤشرات خطيرة
- الأمينة النائمة, وشارع حي البتول
- متى يحاكم لص العصر؟
- دكتاتورية كيم يونج هي الحل
- وهل يصلح اللص ما أفسده الدهر ؟
- أين ذهب فائض موازنات السنوات السابقة ؟
- ما بين سارق الحمار والوزير أبو الشاي
- هل سمعت بالفساد الشرعي
- الدعوة إلى فرض ضرائب أضافية, على السياسيين والأثرياء
- مشكلة السكن, بين صحوة الزعيم, وسبات الأحزاب
- الحكومة والبرلمان, تقرران العمل بالمجان
- الفرق بين البقال عبود والرئيس ألعبادي
- مشكلة السكن وحلف الأحزاب
- اغتيال حازم وشركات الاتصال
- الجيش العراقي في خطر
- الإرهاب التركي والنفاق المحلي
- أرحيم والقهر العراقي


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسعد عبدالله عبدعلي - الطريق إلى الباب المعظم