أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - أرحيم والقهر العراقي














المزيد.....

أرحيم والقهر العراقي


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 5006 - 2015 / 12 / 6 - 01:02
المحور: الادب والفن
    


أرحيم والقهر العراقي

بقلم اسعد عبد الله عبد علي

أرحيم, رجل في منتصف الخمسينات من عمره, يحن كثيرا لثمانينات القرن الماضي, حيث عاش شبابه فيها, مع أنها سنوات تحت ضغط رهيب, بسبب رعب الطاغية "صديم", لكن أرحيم لم يكن يهتم بالسياسة, كاهتمامه بشراء قميص جديد, أو الحصول على رواية عالمية, حتى لو وصل ثمنها خمس دنانير, فكان سخيا في سبيل متعته.

إلى إن جاءت السنوات العجاف في التسعينات, الكل تحت آلة التجويع الجماعي, فصدام يحارب الشعب من جهة, والأمم المتحدة تقرر فرض حصار اقتصادي, والمحنة تقع على رأس أرحيم.

بعدها ب 13عام, حصلت انفراجة تاريخية, بسقوط طاغية بغداد, سارع أرحيم للاحتفال على طريقته, بإحراق صور القائد الضرورة أين ما وجدها, في احتفال مهيب, مازلنا نتذكره, حيث كان أرحيم يصفق بشكل حماسي, مع ارتفاع النار, وتحول صدام إلى مجرد دخان.

ومرت الأيام الديمقراطية متقلبة, كان أرحيم بين الفرح والحزن, إلى إن ثبتت الأيام بحالة واحدة لا تتغير, وهي الحزن!

هذا الشهر كانت مصاريف أرحيم كثيرة, بسبب موسم الشتاء, وما يحمله من كم أضافي, من الاحتياجات البيتية, حتى انه لم يستطع شراء صبغ لشعره الأبيض, ولم يتمكن من شراء (قمصلة) جلدية, لمقاومة برد الشتاء, فالراتب لا يكفي, مع ارتفاع أسعار السوق, وتوسع الطلبات, ومن جهة أخرى جهود الحكومة الغريبة, الساعية لتقليل الرواتب, وهذا ما استفز رحيم كثيرا.

ماذا يريد مني ألعبادي وجماعته, من مستشارين السوء, فمع أنهم يستلمون رواتب بعشرات الملايين, قرروا إن يستقطعوا من راتب أرحيم, كأني إنا سبب الأزمة الاقتصادية, وعليهم إن يبدوا مسيرة التقشف, من راتب أرحيم, وراتبي هزيل بالكاد أعيش به حياتي البائسة, الله ينتقم من الساسة المتمنطقين, ( جملة سمعها أرحيم في مسلسل تاريخي, واخذ يشتم بها كل من لا يعجبه).

تذكر أرحيم انه لم يدفع لحد ألان اشتراكه, في مولدة الكهرباء الأهلية, خمسون إلف دينار, وإلا سيقوم صاحب المولدة, بقطع الكهرباء عن بيت أرحيم, محنة الكهرباء التي لا تزول, فوقف متضرعا رافعا يديه, الهي العن الوزير "أوحيد", الذي سرق الأموال العراقية, وأقام بها عرس ابنه المدلل, في الأندلس العجيبة, الهي والعن معه كل من ساعده, من مدراء ووكلاء وحاشية.

صمت قليلا أرحيم, يفكر في كيفية تسديد الخمسون إلف, لصاحب المولدة ولا يهتدي لحل, فموعد الراتب بعيد, ولا يستطيع إن يستدين, لان ديونه كبيرة, فلا مفر من العيش بظلمة ليل لا ينتهي, ضحك بقهقه عالية, وصاح: وبرج حظي اليوم يقول لي "ابتسم فأنت تعيش حياة سعيدة" , يمكن إنه برج لأرحيم أخر وليس إنا؟

قبل الخروج, أراد تلميع حذائه, ثم رمى فرشة التلميع نحو الأرض, بقهر شديد, فقط تذكران شارع الحي, عبارة عن بركة من الطين , كم أنت سعيدة أيتها الفرشاة, فلن تتعبي بتلميع أعجوبة الأحذية القديمة, فالشارع كفيل بإزالة جهودك, شارع الحي يرفض إن يكون طبيعيا, فلقد جن بسبب الحفر المتكرر, من قبل المقاولين, وتحول لمسخ مخيف, يسعى لجعل ملابسنا متسخة دوما.

خرج أرحيم من بيته, فغرقت ساقه في مستنقع الماء والطين, قرب دكان الحاج أبو رياض, وقال له: يا حاج سجل شكري لأمانة العاصمة, على جهودها معنا, في مشاركتنا إزعاج زوجاتنا, حيث ستجبر زوجتي على غسل "البنطرون" مرة أخرى, فضحك أبو رياض وأرحيم, ضحكات مدوية, وقال أبو رياض: الحكومة وأمانة العاصمة في خدمة أرحيم.

أكمل أرحيم رحلته نحو وظيفته بملابسه المتسخة, لقد صدق برج الحظ , فانا اليوم اضحك كثيرا, لكن كما قال الشاعر, وبعض الضحك أمٌر من البكاء.



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأهداف الستة للتهور التركي
- قصة بائس في زمن الديمقراطية
- هل سننتخبهم مرة أخرى ؟!
- ما بين باريس وحي العامل
- الصهاينة يستعبدون الأردنيين !
- ما بين فضيحة شركة تويوتا, ووزير الخارجية الغائب!
- أسرار تردد ألعبادي بالموافقة على الطلب الروسي
- فضيحة سعودية بنكهة كندية
- يوميات كاتب : رؤية حجي عذاب للصواريخ, وحرب داعش
- يوميات كاتب: رحلة نحو عالم منسي
- مصر ستتعرض لإبادة جماعية
- يوميات كاتب : بين الفلافل الحارة, وترشيد الأنفاق الحكومي
- يوميات كاتب: ما بين همام طارق ورئيس الوزراء
- قراءة في الاتفاق, بين العم سام والأتراك
- يوميات كاتب : جبل منطقة المعامل, وصحراء المنطقة الخضراء
- العراق يتجه نحو انهيار الدينار
- يوميات كاتب : بين مريدي ومول المنصور
- يوميات كاتب: سياسة عراقية بطعم شوربة العدس
- المتهم رقم واحد في قضية الموصل, بين المحاسبة والحصانة
- العراق, وخطر الانزلاق نحو أزمة اقتصادية حادة


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - أرحيم والقهر العراقي