في عام الثلاثة عشر قمرا 1978 راينر فاينر فاسبندر:آخر خمسة ايام غير سعيدة في حياة متحول جنسي

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 5093 - 2016 / 3 / 4 - 17:39
المحور: الادب والفن
    

في عام الثلاثة عشر قمرا 1978 راينر فاينر فاسبندر:آخر خمسة ايام غير سعيدة في حياة متحول جنسي
في كل سبع سنوات يصدف عام القمر،والناس الذين لازالو على قيد الحياة تتأثر مشاعرهم وعواطفهم بشكل ملفت في هذا العام،وفي القرن العشرين سيتكرر عام القمر ستة مرات واحدة منهن عام 1978،وقبل ذلك عام 1908 وعام 1929 و1943 و1957،وفي عام 1992 سيكون ايضا عاما فيه الكثير من الناس مهددين بالخطر.
مع هذا الاستهلال،يبدأ فاسبندرهذه الميلودراما الخالصة التي تهدف حرفيا في كثير من الأحيان الى استدرار العواطف نحو البطل أو البطلة،والأمر لايخلو من اصطناع وانقلابات غير مصدقة في الحبكة.
الفيلم هو عن آخر خمسة ايام لحياة غير سعيدة للمتحول الجنسي(الفيرا أو ايروين)-الممثل فولكر سبينجلر،وهي الشخصية المركزية التي سيضفى عليها فاسبندر الكثير من التعاطف.
الحيز الميلودرامي العالي لهذا الفيلم جعل من الفيلم برمته يفشل في ان ينظر اليه سوى على انه قصة ميلودرامية خائبة في تقديم عبرة سوى بعض اللقطات القليلة والتي فيها انعكاس شخصي لهموم المخرج.
يتلقى الفيرا ضربا مبرحا من عدد من الشباب الذي حاول الفيرا اغوائهم على اساس انها رجل،ولكنهم عندما يكتشفون حقيقتها الأنثوية يشبعونها ضربا ليكمل هذا المسار المتعثر كريستوفر الذي يهجر الفيرا،وتعاني هذه الأخيرة من عاطفية عالية وشعور بالشفقة بالذات مختلطا بشيء من الحماقة،ولكن المتعاطف الوحيد معها هي دورا العاهرة.
ان كانت الميلودراما في اغلبها-وان احتوت على نكسات-إلا أن المشاهد متوقع ان تكون الشخصيات لاحقا في قمة السعادة،ولكن وكالعادة فاسبندر في كل افلامه يعمل على تصوير شخصيات متأزمة تعاني من قرف ونزاع مع الحياة يودي بها الى رغبة شديدة في الموت حتى من دون ان تستند على اي وضع شاذ-مثل استناده هنا على شخصية متحول جنسي-فالحالة العامة عند فاسبندر اكثر منها خاصة.
الفيرا كانت تعمل جزارا في السابق،وفي مشهد قاسي في معمل لذبح البقر مقصود فاسبندر منه اصباغ بعض الواقعية والتعاطف مع هذه الشخصية،فهناك متحول جنسي كان في السابق يعمل جزارا وكأنه شيء طبيعي...عليك القبول فقط
والأهم من ذلك أن فاسبندر يصور تعامل المجتمع مع الفيرا التي لم تجد الحب ولا الحنان الكافي وفي كلتا الحالتين-التحولات-بالرفض والذبح على عتبة الرفض غير المطبق فعليا على اشياء كثيرة...مثل قبولنا لديكتاتور مثل (بينوشيه ان يحكم تشيلي).
اذا فاسبندر وكأنه يجمع بين الضدين،فهناك ميلودراما مكثفة على مشاهد قاسية لذبح البقر،ولكن الأمر ليس جمع اضداد على الاطلاق،بل هو فاسبندر وطريقته في استخدام الميلودراما.
الفيرا تلقي بتصريح سيء عن شخص قوي ونافذ يدعى(أنطون) الأمر الذي يثير حفيظة ايرين زوجة الفيرا بعد قصة حب قاسية تجعلها خائفة على ابنتها(ماري-آن) من انتقام هذا الشخص وقبل ان يقرر الذهاب الى انطون يقرر الفيرا النكوص الى الماضي،والماضي لايحمل في جعبته سوى طفولة بائسة بدأت في دار للراهبات لرعاية الايتام وانتهت الى متحول جنسي على وشك الانتحار،والاسترجاع يحمل الصيغة السردية المكثفة مع معطيات ميلودرامية خالصة من دون مشهد فلاش باك واحد.
اليفيرا تذهب الى شركة انطوان الكبيرة الذي قبل ن يتحول الى اكبر سمسار في فرانكفورت استثمر امواله في بيوت الدعارة،وهو قد طرد شخصا من شركته لأنه مريض بالسرطان فقط.
تصادف الفيرا شخصا على وشك الانتحار،وقبل ان يشنق نفسه يسرد عدد من النظريات والمبررات لتدمير الحياة تبدو في ظاهرها مقنعة وايجابية...من النادر أن نجد شخصا يؤمن بنظريات فلسفية قبل انتحاره...انه انتحار بنيوي ثقافي وليس انتحار ثقافي،وهنا علينا ان نخبر عن الاسقاط..
(Armie Meier)-عشيق فاسبندر- الذي عمل كممثل في العديد من افلام فاسبندر يتعاطى جرعة حبوب منومة زائدة وينتحر في عيد ميلاد المخرج قبل التصوير مباشرة وبعد انفصالهما.
ربما يستخدم فاسبندر الفيلم برمته كاجابة لأنتحار المذكور أدناه
أذا،مجرد رغبة من أنطون كانت السبب في سفر (ايروين) الى كازابلانكا ويقوم بتغيير جنسه،والرغبة اصلا كانت وغير جادة...بالتأكيد هذا التحقيق غير مقنع على الأطلاق
في النهاية يبدو ان ايروين لن يجد طريقة اجدى للتصالح مع مجتمعه سوى العودة الى ذكوريته ولكنها عودة كاذبة كان مقصودها وداع اصدقائه وعائلته بشكل مقبول اكثر بالنسبة لهم وليس بالنسبة له لأنه سينتحر بعد قليل واضعا مبررات انتحاره العاطفية على شريط تسجيل.
الفكرة برمتها جيدة،ولكن كان على فاسبندر صياغتها بشكل افضل ومقبول اكثر من هذه التحولات الميلودرامية والانقلابات غير المقبولة وغير المصدقة،ونحن لاننكر ابدا على فاسبندر استخدامه الميلودراما ولكن كان عليه الصياغة بطريقة تقدمية وليس بهذه الطريقة الميلودرامية المتأخرة.
الذي يشفع لفاسبندر بالتأكيد هو فيلمه (زواج ماريا براون)،الذي يعتبر درسا حقيقيا عن حسن استخدام الميلودراما...فاسبندر مخرج كبير يقدم الدروس لنفسه،ونحن نستغرب عن الهوة التي تفصل بين مستوى ميلودراما عام ال13 قمرا وميلودراما وميلودراما زواج ماريا براون.
بلال سمير الصدّر
18/4/2015

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات