أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - الروليت الصينية 1976(راينر فاينر فاسبندر):انكشاف الاقنعة















المزيد.....

الروليت الصينية 1976(راينر فاينر فاسبندر):انكشاف الاقنعة


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 5076 - 2016 / 2 / 16 - 22:52
المحور: الادب والفن
    


الروليت الصينية 1976(راينر فاينر فاسبندر):انكشاف الاقنعة
الفيلم هو من كتابة فاسبندر،وهو ايضا احد الأفلام الشاذة عن المسار الميلودرامي التعبيري المألوف من قبل هذا المخرج،فنحن نلاحظ بين فترة واخرى انقلابات في الاسلوب من فيلم يعتمد على تكثيف الحوار بين الشخصيات (دموع بيترا فون المريرة) قريب جدا الى الأدب،وسيرة ذاتية عصابية الى درجة كبيرة تدعى (احذر من العاهرة المقدسة) الى كوميديا سوداء شاذة وغريبة وقبيحة ايضا في شواء الشيطان.
ولكن،نحن هنا أمام دراما شخصية نفسية حادة،لانلاحظ فيها أي عنصر،أو على الأقل، تبدو الميلودراما فيها ضئيلة الى ابعد الحدود في عالم مغلق تماما على الفعل الشخصي غير المتنبأ به على الاطلاق،وبالتالي كان الروليت الصينية فيلما مختلفا بدون حياد في مسيرة فاسبندر التي حتى الآن،من غير الممكن ان نؤطرها بالميلودراما.
الفيلم فيه شيء من نظرة بيرغمان وانتونيوني الى الشخصية والمحيط المغلق على عالم ادبي لمحيط بشري يعاني من بؤس واضح معقد النظرة الى الحياة...
الفيلم لايخلوا ابدا من تحليل وجودي وينطق باللهجة الأدبية قبل نطقه بأي لهجة أخرى...
فمع المقدمة التي يفتتحها فاسبندر على خلفية موسيقية اوبرالية نستطيع ان ندرك ان عالم فاسبندر هنا عالم مختلف تماما...
امرأة تجلس على حافة النافذة(مارجريت) تسحب سيجارة ببطء وتشعلها بهدوء شديد ومركز،في مشهد اقرب الى كيسلوفسكي من اي مخرج آخر...تنظر الى ابنتها المقعدة(أنجلينا) ذات الاربعة عشر عاما،وتنقطع الموسيقى فجاة مع فتح باب الغرفة وظهور جيرهارد وسكرتيره الخاص كولبا.
مقدمة ملفتة للنظر،ومشهد غير مألوف عند فاسبندر الذي يمهد للحبكة بهذه الطريقة،وليس من لسابق لأوانه القول عن الفيلم بانه يعتمد على الشخصية ومشاعرها وردود افعالها اكثر من اعتماده على الحبكة،بل ان الحبكة كانت طريقه للوصول الى زاوية ضيقة في الشخصية لاتستطيع فيها التنصل ابدا من الحقيقة...أي حقيقية سواء كانت تخصها أو تخص غيرها.
مبدأيا الفيلم عن الخيانة المتبادلة والمشتركة التي تطرح في موقف تزول فيها كل المبررات والحجج لهذه الخيانة،وهذا الموقف سيقود اصلا الى انكشاف مكنون حقيقي للشخصية التي تعتبر ايضا نموذج مجرد لأي شخصية بشرية.
من الممكن القول وبكل سهولة ان الفيلم هو الطبيعة البشرية،والنقطة المحسوبة للفيلم وبقوة هي انه الفيلم يقود الى سلسلة من المواضيع المتشعبة عن موقف واحد،وكلها سوف تكون عبارة عن قضايا ملفتة للنظر وتصلح كفكرة قائمة للتحليل...ولكن الموضوع الأول هو انكشاف الأقنعة بين الزوجين.
الزوج جيرهارد مع عشيقته(ايرين -آنا كرينا) على وشك الدخول الى غرفة في القصر الصيني الخاص بالعائلة ليجد زوجته في وضع غرامي مع سكرتيره الشخصي،وهذا الانكشاف المفاجئ المرتب اصلا من قبل (أنجيلا) تزول معه كل مقومات المشهد التقليدي،لأن الشيء الوحيد المنطقي وهو السلام على بعضهم البعض مع ابتسامة مجاملة وقبول والتعامل مع الموقف بشيء من الصراحة (الارغامية) التي لابد منها،وكأن لسان هذا الحال يقول:
لايوجد عتاب بين مخطء وخطاء
قلنا ان الموضوع الأول التقديمي للمتسلسلات هو انكشاف الاقنعة بالنسبة للزوجين،وليس بالنسبة لأنجيلا أو للسيدة كاست (مديرة القصر) أو ابنها غابرييل،فالقناع مكشوف بالنسبة للجميع،باستثناء من كان يرتدي هذه الاقنعة (الزوج والزوجة).
القناع هنا هو قناع فردي ولايتخذ معنا جمعيا تقليديا،فإذا كان المحيط يعرف الخطيئة فالقناع هنا أصبح مزدوجا،فهو قناع خداع الآخر أولا،وهذا شيء معلوم لمن يلبسه،وهو قناع لخداع الذات ثانيا،وهو الشيء الذي لم يكن معلوما بالنسبة لمن يرتديه.
لنتوقف عند أنجيلا...
أنجيلا تملك من العمر اربعة عشر عاما فقط،ولكنها تمتلك من الثقافة مايفوق عمرها كثيرا،فمعاناتها من شلل الأطفال اتاح لها الثقافة والاطلاع لقراءة رامبو على سبيل المثال،وفي نفس الوقت هي تعاني من عقدة اضطهاد نتيجة لهذه العلة الجسدية،وهي تجنح نحو كمية كبيرة من الدمى للتعويض الاجتماعي،وحتى مربيتها الأقرب اليها(Traunitz)
من الجميع تعاني من الخرس،وهذا نابع بالتأكيد من عقدة الاضطهاد،لأن اتصالها الشخصي مع الآخرين يجب ان يكون متعادل،أي مع نظير مساوي لها بالعلة،فمن الطبيعي ان تسأل جابرييل لاحقا:
هل تقبل النوم مع فتاة مقعدة...بالتأكيد لا
اذا كانت أنجيلا مؤمنة بعزلتها الاجتماعية،فالموقف الطبيعي هي ان ترغب بالانتقام ممن سبب لها هذه العزلة،وهي تربط ربطا غير محايد بين علتها الجسدية والعلاقة الغرامية بين والدها وايرين،لأن علتها بدأت منذ 11 عاما،وهو نفس الزمن الذي بدأ فيه والدها يخون أمها...بالتأكيد بالنسبة لأنجيلا الوشاية تعني الانتقام وليس انكشاف الأقنعة،ولكن السؤال الذي يطرح نفسه:
هل الانتقام موجه الى الاب فقط،وهل تجد أنجيلا مبررات لوالدتها لأن يبدو موقفها-اي الام-مبررا؟
هناك لغز في الفيلم لايكشف فاسبدر النقاب عنه ابدا...عندما يتحدث جيرهارد مخاطبا كاست:
(علي بن باسط) قتل الاسبوع الماضي في باريس،فنحن الأخيران المتبقيان الآن؟
الموقف هنا بالتأكيد فيه احالة الى انتونيوني،ونلاحظ ايضا ان شخصيات فاسبندر تعبر عن نفسها وعن احباطها وعن يأسها بصمت مطبق،ونلاحظ ايضا أن Traunitz شخصية صامتة ايضا،والصمت قضية بحد ذاتها وله دور كبير سواء عند بيرغمان أو عند أنتونيوني أو تاركوفسكي أو كيسلوفسكي،وهذا الأخير نعرف بالتأكيد أن ابداعاته الفنية كانت بعد فاسبندر وليس قبله مع احالتنا اليه المشهد الأول لشدة ابداعه في موضوع التكثيف اللحظي للأشياء.
لاريب ان فاسبندر يتحدث بلغة الكبار...
الاشارات الوحيدة عن ايرين بأنها امرأة مصابة بالشبق الجنسي وهو الأمر الذي يجعلها هامشية في هذا المحيط..
التوتر يحيط بكل شيء...حتى الأشياء تبدو متوترة،ولكن على مائدة العشاء هناك تلقائية في التعامل بين الزوج والزوجة،بل هناك حديث عن ذكريات من الآخرين(مثنى وليس جمع) ايرين وكولبا.
جابرييل كاتب وهو يرغب بالقراءة لهم لأنه يرغب في الحصول على ناشر،وقراءة جابرييل اللاحقة لها علاقة قوية بالمحيط المتوتر...
شيء من شعر قوطي...شيء له علاقة بتأمل شخصي ديني عن العلاقة بين الرجل والمرأة،ومن ثم ايضا هذا النص:
حتى الآن الانسان ليس الها،واذا كان المسيح الها اصبح انسان هو لم يموت ابدا كانسان وليس كاله،لماذا اذا لا يجب ان اعتبر نفسي كاله اصبح رجلا؟!
لماذا لايجب ان اعتبر نفسي كاله اصبح رجلا؟!
ما الذي يمنعني...اضافة وزن زائد الى العناصر الإلهية اكثر من العناصر البشرية؟
سحق الانسان تحت الاله
الموضوع الذي ينطق به جابرييل الآن له احتماليتين:
الانسان الاله وافكار نيتشه الشهيرة
الانسان الذي من الممكن ان يكون على هيئة الاله،وهو موضوع ديني ليس تجديفي ولا الحادي...
احد النتائج لهذا النص الذي يقرأه غابرييل،بحب الانسان الى الفوضوية يعلن النتيجة:
انقسام الكائن المفرد الى قسمين(رجل وامرأة)-افلاطون
قلنا ان الفيلم متشعب المواضيع،كل موضوع من الممكن مناقشته كقضية خاصة،على اننا نؤيد ان العلاقة بين الرجل والمرأة حتى ضمن نطاق الزواج في احيان كثيرة تحال الى الفوضوية...
الانسان الذي اعلن حبه-وفقا للنص السابق-للفوضوية
لعبة الروليت الصينية:
اسئلة يطرحها فريقين على بعضهما البعض،في ظاهرها تبدو بريئة ولكنها تكشف وجهة نظر شخصية اتجاه الحياة،وتكشف الكره الداخلي اتجاه الآخرين...
والبطلة هنا هي الطفلة انجلينا...
نلاحظ في مشهد سابق ان الأم تكره ابنتها وترغب قتلها،واذا كان الوالد يتعامل بحنان منطقي تقليدي اتجاه ابنته يحمله على التغاضي عن اي تصرفات مهما كانت قاسية لأبنته،ففكرة الانتقام بدت فاشلة جدا اتجاه الأب وناجحة جدا اتجاه الأم التي ترفض القبول والأذعان حتى لأبنتها،ونحن لانعرف ايضا ان كانت علة ابنتها قد سبب لها هاجسا اكتئابيا ايضا.
السؤال الذي يشعل الفتيل من حيز الكبت الى حيز الفعل:
من ستكون في الرايخ الثالث قائدا لمعسكرات الاعتقال؟
أنجيلا: لا تتحفظ على القول بأن هذا الشخص سوف يكون امها
الأم في لحظة غضب توجه مسدسا نحو ابنتها ولكنها بدلا من قتلها توجه مسدسها نحو Traunzit لتصيبها اصابة سطحية...هل الفعل هنا دافعه الغضب أم هو موجه للنظير؟
النهاية كانت ملغزة:
غابرييل:انت كنت تعرفين بأن امك سوف تغضب وانت كنت تريدين منها قتلك؟
انجيلا:انا اعرف منذ عامين ان كتاباتك مسروقة؟!
ومن ثم نسمع دوي طلقة اخرى في مشهد خارج القصر...
ان كانت الطلقة ملغزة،فمن الممكن ان يكون غابرييل قد قتل نفسه،أو ربما قتل أنجيلا،أو حتى الأم ربما قد تكون قد قتلت نفسها...ولكن ان كان غابرييل يعتقد بأنه يعيش في الجحيم،فعن اي جحيم يتحدث؟
وما هو الكبرياء الذي سيواجه في مجتمع اكتشف ان سبب كبريائه مسروق ومزيف...
اذا الروليت الصينية هو فيلم حواري واشكالي من الدرجة الأولى،الشخصية تلعب فيه دورا كبيرا،والحبكة التي قادت الى تكثيف انفعالي (متعمد) كانت ماهرة وجميلة...انها حبكة قادت الى شيء ولم تقد الى لاشيء.
بلال سمير الصدّر
12/4/2015



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شواء الشيطان 1976(راينر فاينر فاسبندر):عودة الهمجيون
- الأم كيسرز تذهب الى الجنة 1975(راينر فاينر فاسبندر):فاسبندر ...
- كل الآخرين اسمهم علي(راينر فاينر فاسبندر):الخوف يقتل الروح
- دموع بيترا فون المريرة 1972 راينر فاينر اسبندر):فيلم عن الشي ...
- تاجر الفصول الأربعة 1972(راينر فاينر فاسبندر ):الحشرة الاجتم ...
- احذر من العاهرة المقدسة1971(راينر فاينر فاسبندر):أنا دائما خ ...
- Kalzelmacher1969(ليس من اجل لاشيء) راينر فاينر فاسبندر :فضح ...
- الحب ابرد من الموت 1969(فاسبندر):شخصيات تعاني من برود شديد ا ...
- عن راينر فاينر فاسبندر 1945-1982 وصعلوك المدينة وتشويش بسيط
- تابوو 1999(ناغيسا اوشيما):عندما تخضع التابوهات للظروف
- امبراطورية الحواس 1976(ناغيسا أوشيما):غلطة اوشيما الكبرى
- امبراطورية المشاعر(ناغيسا أوشيما):الانطوائية الحاصلة في كل ا ...
- امبراطورية الحواس 1976(ناغيسا أوشيما):غلطة أوشيما الكبرى...
- أخت صغيرة للصيف 1972(ناغيسا أوشيما):فيلم متوسط المستوى الفني ...
- الطقوس (المراسم) ناغيسا أوشيما:خصوصية ناغيسا اوشيما
- الطقوس (المراسم) ناغيسا أوشيما:الفرد حالة اجتماعية وحالة اكث ...
- الرجل الذي وضع وصيته في فيلم 1970(ناغيسا أوشيما):الاحتجاج ال ...
- ليل وضباب فوق اليابان 1960 (ناغيسا اوشيما):النموذج الاحتجاجي
- الموت شنقا 1968(ناغيسا أوشيما):R في مرحلة التكوين المعرفي ال ...
- عن ناغيسا اوشيما وpleasure of flesh 1965


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - الروليت الصينية 1976(راينر فاينر فاسبندر):انكشاف الاقنعة