منال شوقي
الحوار المتمدن-العدد: 5093 - 2016 / 3 / 4 - 08:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إستيقظت نهي صباحاً علي صوت جرس الباب في السادسة ة و النصف تماما كالمعتاد ، نهضت مسرعة و ارتدت الإسدال في ثانية كالمعتاد ثم تناولت إحدي الطُرح السوداء ذات الثقبين و التي ثقبتهن بنفسها في موضع العينين ، ثقب مقابل كل عين .
.
كانت تعلم أنه سعيد البواب جاء بالجرائد و الخبز كعادته كل يوم منذ خمسة أشهرو بالتحديد منذ أصيبت زوجته شادية بالفشل الكلوي و لم تعد قادرة علي أن تقاسم زوجها أعباء العمارة مما إضطر نهي لشراء الطرح السوداء و ثقبها كحل- قبِل به زوجها الحاج ناجي علي مضض - لعود البواب في عدم وجوده ..
.
فتحت نهي الباب بما يسمح ليد سعيد بالمرور و وقفت هي خلفه و مدت يدها لتلتقط الجرائد و كيس الخبز و متمتمة بينها و بين نفسها : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.
.
في طريقها إلي المطبخ تذكرت اليوم الذي أعلم فيه سعيد زوجها أن شادية لن تستطيع بعد الأن أن تصعد بطلبات للسكان نظراً لتدهور حالتها و تذكرت ثورة زوجها عليه و تهديده له باستبداله ببواب أخر يقوم علي شؤون عمارته و لا تعاني زوجته المرض و كيف أنها ذكرته بقول الله عزوجل : و احسنوا إن الله يحب المحسنين .
ثم تذكرت أختها مريم و هي تقول لها ضاحكة : بسيطة ، أرضعيه .
نهي : مين ده إللي أرضعه ؟
مريم: ( مقهقهه ) سعيد البواب ، ماشوفتيش حلقة هالة سرحان مع الشيخ الأزهري
نهي : ( مُحَاوِلة مداراة إبتسامتها ) إحتشمي يا بنت ، أخزي الله شيطانك ؟
.
أنتهت نهي من تجهيز الإفطار و في طريقها لغرف بناتها إنتبهت إلي أن الطرحة السوداء ذات الثقبين مازالت علي وجهها فزفرت ثم إستغفرت و أكملت طريقها في اتجاه غرف البنات لتوقظهن ،
- فاطمة ، زينب ، رقية ، إستيقظن أنها السابعة ، إستيقظن كي لا تتأخرن علي مدارسكن .
ثم توجهت لغرفتها لتخلع الإسدال و تبدأ في إعداد البيت و الاستعداد لمبيت الحاج ناجي معها لمدة خمسة أيام متتالية إذ يصادف أن إثنتين من ضراتها الثلاث حائضتين معاً بينما الثالثة حامل في شهرها التاسع !
.
الواحدة ظهراً ، موعد برنامج الطائعات الذي تقدمه الأخت أم مُعاذ علي قناة المؤمنون و المؤمنات و هو البرنامج المفضل لدي نهي التي تنتظره كل أسبوع علي أحر من الجمر إذ إنه هو النافذة الوحيدة التي تستطيع أن تعبر فيها بحرية عن نفسها و تطرح تساؤلاتها دون حرج علي أم معاذ و أحيانا فضيلة الشيخ الضيف متخذة من إسم مستعار ستراً لها .
.
بدأت الحلقة و كانت أم معاذ وحدها هذه المرة و هذا أفضل بالنسبة لنهي فالمرأة تفهم المرأة و بعض الشيوخ ليسوا منصفين و يغالون في شأن أحكام فقه المرأة .
تحدثت أم معاذ عن أهمية تعوديد الفتيات علي إرتدأء الحجاب في سن صغيرة و لو من سن ست سنوات علي أن تبدأ الأم مع بنتها بالتدريج فتُلبسه لها كل يوم ساعة ثم ساعتين و هكذا ، حتي إذا بلغت البنت صار الحجاب فريضة عليها و عليها بالتالي أن تظهر به دائما حتي في البيت في حالة وجود ضيوف رجال ليسوا من المحارم .
.
ثم جاء الإتصال الأول للبرنامج ، سيدة تُدعي أم مصطفي .
أم معاذ : ألو ، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
.
أم مصطفي : و عليكم السلام و رحمة االه و بركاته ، إزيك يا أختنا أم معاذ ، أنا بحب البرنامج بتاعك أوي و بصراحة أنا و بناتي و إخواتي البنات و مراة أخويا كلنا بنحبك في الله و بنستفيد منك ، جزاك الله عنا خير و عن كل مسلمة كنتي سبب في تعريفها بدينها و هدايتها .
.
أم معاذ : الله يكرمك يارب ، و أنتن جميعا أخوتي في الله و في الإسلام / قال رسول الله صلي الله عليه و سلم : مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى ، و نحن المسلمات أخوات في الله ، لا نرجو سوي رضوانه و الدال علي الخير كفاعله كما قال رسولنا الكربم صلوات الله عليه و علي اله أجمعين. تفضلي يا أختي أم مصطفي .
.
أم مصطفي : أنا عندي بنت مكتوب كتابها ودوخلتها بعد أسبوعين و هي ماشاء الله منتقبة و مواظبة علي الصلاه و خطيبها شاب سني في منتهي الأخلاق ما شاء الله عليه و أنا بنتي بتشتغل ممرضة ، لكن خطيبها عاوزها تسيب الشغل بعد الجواز و بيقولها استقيلي أنا مش موافق علي الشغل لكن بنتي صعبان عليها تسيب الوظيفة و بتقوللي إتكلمي معاه و قوليله محدش لاقي شغل وخسارة و أهو نتعاون سوا علي البيت و مصاريفه و أنا لما كلمته قال أنا الراجل و انا المسؤول و هي ليها عندي بيتها سترها و لقمتها و هدمتها و لما ابقي اقصر و اجَوعَها ابقوا حاسبوني .
.
أم معاذ : طيب هل سألتيه لماذا يعترض علي عمل إبنتك ؟ و خصوصاًً أن الممرضات هن ملائكة الرحمة و عملهن فيه ثواب و أجر إن شاء الله .
.
أم مصطفي : أيوه بيقول أن الممرضة بتسهر أوقات في المستشفي و إنها من الوارد تختلي بالمريض و الدكتور و إن الرسول عليه الصلاة و السلام قال : ما اجتمع رجل و امرأة إلا و الشيطان راكبهما
.
أم معاذ : ( ضاحكة من تحت النقاب ) جزاك الله خيراً يا أختي الحديث يقول : ما اجتمع رجل و إمرأة إلا و الشيطان ثالثهما .
.
أم مصطفي : تمام , بارك الله فيكي , إحنا بنتعلم منك يا أم معاذ
.
أم معاذ : الله يكرمك يا أختي ، بصراحة يا أم مصطفي كلام زوج ابنتك فيه وجاهة و هذا من حقه ، فطالما هو لا يوافق علي عمل زوجته فلا نستطيع ان نلومه فقد أمرنا الله نحن النساء بطاعة أزواجنا و كتب لنا بطاعتهم أجراً إن شاء الله ، فما هو الأولي بالحرص عليه ؟ طاعة الله و إرضاء الزوج أم وظيفة ؟
قولي لإبنتك ان تتذكر أن الدنيا بما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة و إنها مجرد دار اختبار و لا تستحق أن نشتري بها ثمنا قليلا و ما عند الله خير و أبقي .
.
أم مصطفي : صدقتي يا أختي أم معاذ ، لكن مفيش طريقة يعني بنتي تفضل في شغلها و تكون في أمان و بعيد عن الشيطان في شغلها ، دي ما شاء الله بتقبض 2400 جنية في الشهر و عاملينها مشرفة علي زمايلها و المعايش غالية و اللي زيها مش لاقي شغل ، ده حتي خطيبها بيشتغل اخصائي إجتماعي في معهد ديني و مرتبه ما يعديش 800 جنية .
.
أم معاذ : يا أختي زوج ابنتك عنده حق إلا في حالة إن إبنتك تعمل مع مريضات و طبيبات أي يكن كلهن نساء فنبتعد بذلك عن مواطن الشبهات .
.
أم مصطفي : طيب لو كل واحدة قالت ماشتغلش غير مع مريضات و طبيبات أومال مين اللي هيشتغل مع المرضي و الدكاترة الرجالة يا أختي أم معاذ ؟
.
أم معاذ : هذا ليس شأننا فالمرأة المسلمة الصالحة الطائعة القانتة مسؤولة عن نفسها فقط و لن ينفعها سوي إمتثالها لأمر الله عز وجل و أمر زوجها من بعده و هناك من الفتيات و النساء الغير ملتزمات - وقانا الله و إياكن - و من الكتابيات أيضاً من ترحبن بالإختلاط بالرجال و لا تجدن في ذلك حرجا ، فهل ترضي المرأة المسلمة أن تقتدي بهؤلاء و تكون الكتابية أو التي لا تستحي قدوة لها ؟
أمرنا الله يا أختي بغض البصر و ابنتك مُعرضة أن تري عورات الرجال فهل تقبله علي نفسها ؟ فلندع هذا لمن أحبت هذا و العياذُ بالله أما نحن الطاهرات العفيفات الطائعات نسمع من الله و من الزوج و نقول سمعنا و أطعنا .
.
إنتهت الحلقة ، فقامت نهي لتتوضأ كي تصلي لله ركعتين شكر لأنه أنعم عليها بالزوج الصالح الذي أصر علي أن تترك عملها كمهندسة في وزارة البيئة ، فلولاه و لولا تهديده لها بالطلاق لكانت الأن تترتكب في كل لحظة ذنباً .
#منال_شوقي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.