|
عبيد العَصَا تاقت إليها جلودهم !
منال شوقي
الحوار المتمدن-العدد: 5087 - 2016 / 2 / 27 - 03:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يتوق المسلمون الأصوليون لعودة الخلافة الإسلامية و زمن الفتوحات و المجد الإسلامي المزعوم و لا يختلف عنهم المسلمون المعتدلون سوي في أن الفريق الأول يعمل علي ذلك و يدعوا إليه بينما يكتفي الفريق الثاني بالتمني أو علي الأقل عدم الرفض . و هذا الفريق الثاني هو ما يعنيني لسببين : أولهما : أنهم يمثلون السواد الأعظم من المسلمين و ثانيهما : أنه مازال بهم بقية أمل من صحوة ضمير و انتفاضة عقل ، أما المسلمون الراديكاليون فقد أتي فيروس الإسلام علي خلايا أمخاخهم فأصبح الأمل فيهم شبه معدوم و هؤلاء تحديداً هم الوقود و المحرك لكل أمراض الشرق الأوسط . . و لأن الإسلام ليس مطبقاُ بحذافيره سوي في المناطق التي تسيطر عليها داعش و نصف مُطبق في السعودية و يتظاهر أنه مُطبق في باقي البلدان الإسلامية فإن الوسطيين أو المعتدلين مازالوا يتغنون بسماحة الإسلام إذ أنهم لم يعيشوه كواقع يومي م إنما عرفوه فقط كحبر علي ورق و لم يكتووا بناره ، فإن هم إصطدموا بالنصوص سارعوا إلي شيوخهم جزعين متسائلين . و يدرك رجال الدين جيداً خطر اللتصريح بالحقائق و انتشارها بين العامة و التي من المؤكد ستُزعزع إيمان معظم هؤلاء فيعمدون للتجميل تارة و الترقيع تارة و الكذب الصريح تارة أخري مستخدمين في ذلك لي عنق الكلمات و الإستعانة بالمغالطات المنطقية و يساعدهم في إتمام مهمتهم فريق الإعجازيين الجدد بين متخصصين دجالين يحتالون عامدين و جهلاء يحاولون المساعدة قدر إستطاعتهم و لهم أيضا جمهورهم من أنصاف المتعلمين و معدومي الثقافة العامة من عامة الناس . . لا يُدرك المسلم المتسامح المعتدل في العالم الإسلامي أن فُتات الأدمية التي يتمتع بها لم يمنحها له الإسلام و إنما منحه إياها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و اضطرت بلده - بحسب درجة تحضرها - لقبوله و العمل به . لا يُدرك المسلم البسيط أن الحكم بالسجن علي المذنب ليس حكما إسلاميا و لا يعرفه الإسلام بالمرة أو لعله يُدرك و يخادع نفسه بالخلط بين سماحة إسلامه المزعومة و شبه الإدمية التي لم يُحرم منها . فعقاب السارق في الإسلام هو قطع اليد ، يستوي في ذلك سارق الإبرة مع سارق الصاروخ ! و لا يُدرك حجم الكارثة التي تسببها أية مثل : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) [ آل عمران : 104 ] إلا حين تطبيقها حيث الكل رقيب علي الكل و التفتيش في الضمائر مباح و الأخذ بالمظاهر هو حجر الزاوية و عماد المباينة بين الأخيار الصالحين و الأشرار الطالحين . . لا يُدرك المسلم المعتدل البسيط أنه بقبوله الضمني بالشريعة الإسلامية كمنهج حياة صالح للتطبيق قد وضع بنفسه الكرباج في يد جلاده و أن ما يكف يد جلاده عنه هو ظلال بلهتة لدولة مدنية يقر دستورها بالشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع و بين كلمتي رئيسي و وحيد تتذبذب الإنسانية و تتأرجح درجة إحترام الأدمية . فبينما تستطيع المرأة في دول كمصر و المغرب العربي و الأردن الخروج سافرات دون خوف من عقاب ، تخضع ملابس المرأة و أبسط سلوكياتها في السعودية لتقييم هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، حتي أنهم قد يستوقفوها في المولات التجارية إن كانت تضع طلاء أظافر أو تتحدث في هاتفها الخلوي دون مصاحبة محرم لها ، و من حقهم أن يعنفوها و يطردوها من المجمع التجاري بل و التحفظ عليها و استدعاء ولي أمرها . يحق لهؤلاء أيضا دخول البيوت و التفتيش عن الكحوليات إن اشتبهوا في وجودها و تخول لهم سلطاتهم جلد الخارج عن السلوك القويم و من أهم مهامهم التفتيش علي المحال التجارية في أوقات الصلاة ليتأكدوا من إغلاقها و يُجلد من لم يفعل و من يتواجد في الشارع مترجلا في أوقات إقامة الصلاة . و لست في حاجة إلي ذكر وسائل تحايل السعوديين علي تلك الأوضاع المهينة و التي لا ينقصها سوي الدخول تحت جلودهم و التفتيش في نواياهم ! . لا يُدرك المسلم البسيط المعتدل أنه إذا أكل في الشارع في نهار رمضان لدواعي مرضه مثلاً فإن سدنة الإسلام يحق لهم إستجوابه فإن لم يُثبت لهم عذره الشرعي جلدوه . و النصوص من القرأن و السنة واضحة جلية في هذا و إنكارها إنما هو هروب من الحقيقة و خداع للنفس . يقول القرأن : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون و يقول أيضا : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون . و ألفت النظر هنا إلي إستخدام الفعل ( تأمرون ) في الأية الأولي و ( يأمرون ) في الثانية و كان في استطاعته أن يستخدم عوضاًَ عنه ( تنصحون ) ، فالمسألة ليست نصيحة يمكن الأخذ بها أو إهماله و إنما سلطة ممنوحة و بل ضوابط . فإذا كانت القوانين الوضعية تحدد شروطا للإدانة و يلتزم بها القاضي فإن الأمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر يحتكمون لتقديراتهم الشخصية و درجة أصوليتهم أو مرونتهم . فهل تطبيق الشريعة هي الحل لإرساء قواعد الفضيلة في المجتمع ؟ لإجابة سؤال كهذا علي كل مسلم أن يستعرض بينه و بين نفسه مدي مهارته في استغفال حاملي الكرابيج و العصي ليتصوروا ما هو عليه المجتمع السعودي من فضيلة ظاهرية يقبع تحتها مستنقع بالمعني الحرفي للكلمة . و لست أدري علي أي أساس يعتقد الأصوليون و القطعان الغفيرة التي تردد ورائهم أن في تطبيق الشريعة الإسلامية علاجا لكل أمراض المجتمعات الإسلامية الإقتصادية منها و الإجتماعية و السياسية و الثقافية و الحضارية ، فقوانين الشريعة الواردة في القرأن لا تزيد علي العشرة علي أحسن الأحوال و معظمها يخص المعاملات الأسرية ، و لعلهم يعمدون إلي استلهام القوانين التي تنظم علاقاتهم بالدول الأخري من أيات لا تسمن و لا تغني من جوع و بالكاد تصلح لتكون قانوناً لقبيلة كمثل أية : وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين . و لعلهم بعد تطبيق الإسلام بحذافيره تحدث لهم طفرة رضا ربانية فنجدهم يهزمون الدول العظمي ذات الجيوش القوية و الأسلحة المتطورة بمعاونة الملائكة أو طير الأبابيل !
#منال_شوقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قال إنه واحد فعلمتُ أن له ثانٍ !
-
و اضربوهن و اضربوهن .. تعقيباً علي مقال الأستاذ نبيل هلال
-
حوار مع صديقي المؤمن (2)
-
لماذا الإسلام شرا مستطيرا !
-
لا أخلاقية القرأن ( قراء في سو رة يوسف )
-
حوار مع صديقي المؤمن (1)
-
الأزمات النفسية للملحدين 1/2
-
التكنولوجيا علي وشك الإنتهاء من نعش الله
-
في عيد الحب ... رسالة حب لعزيزي المسلم .
-
الله الذي سكت دهرا ثم نطق سخفا
-
الله الرجل (2 )
-
الله المحدود
-
الله الرجل (ّ1)
-
الله السميع ذو الأذنين !
-
الله ذو الحاجة
-
نوال السعداوي يا هويتي
-
أحتاج إليك يا ......
-
أحتاج إليك
-
الله البدائي !
-
فاطمة ناعوت و ازدراء العلمانية ( بالشفا )
المزيد.....
-
الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين
...
-
مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج
...
-
حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين
...
-
قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا
...
-
العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي
...
-
مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى
...
-
مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
-
الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد
...
-
لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة زبدين في مزارع شبعا
...
-
تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|