مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 4966 - 2015 / 10 / 25 - 14:33
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
ماتوا لأن هذا كان اختيارهم , ماتوا لأنهم كانوا شجعانا أو حالمين بما يكفي ليقولوا لا و ليحلموا , على الأغلب لم يطمحوا لأكثر من متعة اللا و لذتها , لكن بالنسبة لنا , نحن "الناجون" , "الباقون على قيد الحياة" , كان موتهم يعني لنا شيئا ما على درب الحرية , لكننا اليوم نعرف أن دماءهم ستكون كفارتنا عن كل الذنوب التي فعلناها بحق أنفسنا , قبل الآخر , أن موتهم سيكون ورقة التوت الوحيدة التي ستغطي عارنا عندما ينتهي هذا الجنون و نضطر لأن نقف أمام المرآة و قد خلعنا أو جردونا من كل أقنعتنا .. "شعبي" , فقراء "شعبي" الذين أدموا وجوههم و هم يعتقدون أنهم يدمون وجه الآخر , لا يغير أي شيء أن نقول أن من بدأ هذا الجنون كان الفقراء العلويين الذين استسهلوا ذبح جيرانهم , لكنهم كانوا يبدأون فقط أول فصول هولوكوستهم الخاص , و هولوكوستنا , ثم ساد الجنون , و انطلقنا جميعا نقدس قيودنا , و عجزنا في لحظة الحقيقة عن تحطيم نيرنا أو حتى التمرد عليه , و عندما كان بإمكاننا أن نطاول السماء اخترنا تقبيل الأيادي و عندما كان بإمكاننا أن نصبح سادة اخترنا جحور العبيد , هل يغير شيئا أن نقول أننا استخدمنا أكاذيب جديدة , بدت لنا حقيقية جدا يومها , لنخدع أنفسنا و لنزين عبوديتنا الجديدة بمكياج فاقع مشوه مثلها أو ربما مثلنا , وحدهم كانوا أكبر من كل شيء , أكبر من السماء و الأرض , من الجنة و الجحيم , من الخوف و من العجز , أكبر من كل السادة , من أي تأبين أو مديح و من كل أوصياء الشهداء و الأوطان و الحرية الخ الخ , رحلوا و بقينا نحن نعتاش على فتات موائد الكبار و فضلات السادة بينما تنازلنا طوعا , هربنا كما يفر المجنون , من حريتنا التي كانت ستجعل منا سادة حقيقيين , على الأقل على حياتنا و مصيرنا , و قبلنا مرة أخرى بلقمة مغمسة بالذل و الهوان , وحدهم رحلوا أنقياءا , أحرارا , ثوارا , أكبر من كل شيء قدسناه , أو كنا نقدسه أو سنقدسه , و هم في الغد ورقة توتنا الأخيرة , قناعنا الوحيد الممكن لنداري عرينا و قبحنا , لنداري جرائمنا بحق أنفسنا , و بحق أي "آخر" , إنهم ضمير "شعب" بأكمله مشى بعينين مفتوحتين إلى هولوكوسته وراء حفنة من السادة و الأصنام , وراء وهم , وراء سراب , وراء كذبة , معتبرين أن الحرية , حريتنا , هي وحدها الكذبة التي لا يجب أن نصدقها و أن كل أكاذيب الكبار , كل مبررات عبوديتنا , هي حقيقية جدا و وحدها تستحق الموت في سبيلها , و غدا : عندما يوزع الكبار جوائز الترضية على كبار القتلة و أمراء الحرب و نبقى وحيدين , عراة , و عندما يستبدل كل غوبلز تابع لكل واحد من هؤلاء السادة أكاذيب الهولوكوست , هولوكوستنا , بأكاذيب سلامهم , لن نجد إلا دماءهم لكي نستر عوراتنا , و لكي نداري عارنا ..... غياث مطر , باسل شحادة , أبو فرات , عمر عزيز , "العقيد المهندس" مصطفى شدود , يا ضميرنا الذي مات , يا حلمنا الذي قتلناه , يا حريتنا التي وأدناها بأيدينا و خوفنا و عجزنا و عشقنا العنيد للعبودية , أيها الراحلون سلاما
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟