أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مازن كم الماز - عندما تفشل الثورات , محاولة لتحليل الربيع الثوري العربي














المزيد.....

عندما تفشل الثورات , محاولة لتحليل الربيع الثوري العربي


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 4912 - 2015 / 9 / 1 - 12:12
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


كما فاجأت الجماهير الجميع بثوراتها , عادت و فاجأتهم بالنتائج الملتبسة لتلك الثورات , ثم بتراجعها و انكفائها المفاجئ ... للحظة في تاريخ هذا الشرق النائم على هدهدة رجال دين و مثقفي السلطان و قرقعة سيوف و سياط الحراس , أصبحت الثورات و الناس العاديون , العاديون جدا , محور الأحداث و التاريخ , أصبحوا صانعي الأحداث و التاريخ .. مكان أبطال الروايات الخرافية للمقدسات الدينية و الإيديولوجية المختلفة , أصبح البوعزيزي , و أمثاله , أبطال اللحظة الراهنة .. فجأة , لم تعد الثورات مجرد قضية نظرية أو تاريخية أو مستقبلية مؤجلة .. لقد فرضت الثورات نفسها على الجميع فجأة , و أصبح فهمها أو "تحليلها" مدخلا ضروريا إلى السياسة اليومية في منطقتنا , حتى بالنسبة لجهابذة التنظير السياسي الفوقي , أو السلطوي أو النخبوي .. كثيرون ممن لم يحلموا يوما بأية ثورة و لم يؤمنوا يوما بالفعل المستقل العفوي للجماهير , ممن يحتقرون الجماهير و لا يمكنهم تخيل أي واقع دون أن تكون هذه الجماهير مقموعة و مستلبة , وجد هؤلاء أنفسهم فجأة مضطرين للتعامل معها , و مع حراكها الثوري المفاجئ , حتى أن بعضهم , انطلاقا من مصالحه السياسية المباشرة , أصبح ينظر لهذه الثورات , محاولا دفعها و تسخيرها لخدمة مصالح تياره السياسي أو الفكري أو فئته الاجتماعية , عبر محاولة أدلجة هذه الثورات , محاولة تعديل الواقع , إعادة تفسيره , ليصبح على مقاس تلك المصالح و تعابيرها الإيديولوجية ... يدور كل الصراع على السلطة اليوم داخل تلك النخبة المسيسة , المشتغلة بالثقافة , بين فئاتها المتناحرة .. و داخل هذه النخبة , بكل فئاتها المتحاربة , هناك تفسير واحد لتلك الثورات , يقول بأن أزمة الثورات الشعبية الجماهيرية العفوية هي أزمة "قيادة" , أن السبب وراء النتائج الملتبسة لهذه الثورات و من ثم انكفائها و تراجعها , هو غياب "قيادة" "واعية" "مخلصة" "تسير وراءها الجماهير" الخ .. تحكم النخب المسيسة و المشتغلة بالثقافة على الجماهير و ثوراتها المستقلة العفوية بالهزيمة و الفشل من دون تلك القيادة , من دون انصياع الجماهير السلبي لتلك القيادة , أن الجماهير عاجزة بفعلها العفوي الذاتي المستقل عن تحرير نفسها بنفسها , من دون تلك القيادة .. الحقيقة أن كل الفئات المتناحرة داخل النخبة المسيسة و المشتغلة بالثقافة , الموالية للأنظمة القائمة و المعارضة لها , العلمانية و الدينية , اليسارية و اليمينية , تتبنى هذا التفسير للثورات العربية .. الخلاف بينها هو على من يجب أن يلعب دور تلك القيادة , التاريخية , الظافرة , الوطنية , الصادقة الخ الخ , هذا هو بالتحديد جوهر الصراع السياسي العسكري الإعلامي الإيديولوجي المدمر الذي تعيشه شعوبنا اليوم بعد انكفاء موجتها الثورية ... هناك تفسير آخر , يرى الأمور بشكل مختلف تماما , يرى أن مأزق الثورات الحالية , و الذي يجب على الثورات القادمة أن تتغلب عليه , هو أن آليات القمع الفكري و السياسي , العقلي و الجسدي , كانت عميقة الأثر داخل الفرد العادي , بحيث أنها منعته من أن يستكمل ثورته حتى حريته الحقيقية , بحيث أنها أحبطت محاولته الجريئة لكي يتولى زمام حياته بنفسه , أن آليات القمع تلك كانت أعمق بكثير مما اعتقدنا , و مما اعتقد هو , أبعد بكثير من مجرد وجود أجهزة القمع في الشارع , لم يستطع الإنسان العادي في النهاية أن يحطم قضبانه , لأنها مغروزة داخله عميقا , يحملها داخل روحه و عقله و اعتقاداته السائدة قبل أن يعيشها خارجه .. لقد قامت الثورات بشكل عفوي , دون أوامر من أحد , لكنها ماتت كذلك أيضا , لأن الناس العاديين الذين صنعوها , احتاجوا أخيرا لمن يعطيهم الأوامر , انتظروا تلك الأوامر , ثم أطاعوها , لم يفهموا أن كل المسألة تتمثل في أن تختفي تلك الأوامر و من يعطيها , أن يتخذوا هم كل القرارات في حياتهم و عالمهم بأنفسهم من خلال آليات الديمقراطية المباشرة , التي مارسوها بالفعل في الأيام الأولى من ثوراتهم .. لأسباب كثيرة : عقد موروثة , أوهام و أكاذيب جرى تلقينها لهم على مدى عقود و قرون , لأن عقولهم و أرواحهم و أجسادهم مقموعة , مضطهدة , مستلبة , سجينة , لأنهم ضحية آليات قمع مختلفة , متعددة , متنوعة , متشابكة , عميقة جدا داخلهم , فشلوا في أن يحولوا ثوراتهم , أن يحولوا تلك اللحظة التي انتفضوا فيها لينتزعوا مصيرهم بأيديهم , لحظة الحرية العابرة تلك , إلى زمان دائم حر من الاستلاب و القمع .. لكن هذا الفهم المهرطق أو الخارج عن السائد لهذه الثورات سينتهي أيضا إلى عبثية محاولة تنوير الجماهير أو تثويرها من خارجها , بشكل من الأشكال يبدو هذا الاستنتاج هو النتيجة المنطقية لهذا الفهم المهرطق للثورات الشعبية , أن تحرر الجماهير من آليات القمع تلك يجب أن يكون فقط نتيجة نضالها المستقل , الذاتي , ضد أشكال الاستغلال و الاستلاب و القمع المختلفة , المتعددة , لا نتيجة فعل أية نخبة أو أقلية ثورية أيا تكن ... الأقلية الثورية التي تدعي أنها تحمل فكرا تحرريا , و أنها متحررة نسبيا من آليات الاستلاب الفكري و الروحي و الأخلاقي و الجسدي السائدة , يمكنها فقط أن تناضل من داخل هذا الفعل الجماهيري , و هي تتعلم و تعلم الجماهير في نفس الوقت , ليس فقط مستندة إلى أحدث الموضات الإيديولوجية السائدة , بل مستندة أساسا على خبرة الثورات و النضالات الثورية الماضية , و على التجارب التحررية السابقة للتسيير الذاتي المستقل للجماهير , دون أية أوهام عن مهمة تاريخية خلاصية مسيحيانية أو قدرات أو امتيازات وهمية تستند إلى امتلاكها أية فكرة أو "حقيقة مطلقة" , ستحولها على الفور , إلى "طليعة" نخبوية سلطوية أخرى , قادرة فقط على سرقة نضال الجماهير و إعادة إنتاج آليات القمع و الاضطهاد بأشكال و أسماء جديدة .....



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من كتاب ميخائيل باكونين : الماركسية , الحرية , و الدولة
- الاتحاد السوفيتي ضد الاشتراكية - نعوم تشومسكي
- دروس و أهمية كرونشتادت لالكسندر بركمان
- أناركي في غرام ماو - رسائل هربرت ريد -من الصين- .. مع مجموعة ...
- مرة أخرى عن تشارلي هيبيدو : عندما يحطم الآخرون أصنامنا دون أ ...
- عن العلويين السوريين
- خمينية آدونيس و داعشية صادق جلال العظم
- نحو إلحاد تحرري - 2 : سام هاريس , الملحدون الجدد , و الإسلام
- نحو إلحاد تحرري - مقاربة لرؤية د . وفاء سلطان لمفهوم الإله ف ...
- دفاعا عن الحرية في سوريا -الحرة- ....
- هل أتاك حديث المؤامرة
- عنا و عن القادسية و اليرموك , و قادسيات الآخرين أيضا
- التحليل النفسي للثورة السورية
- جدل مع رؤية عزام محمد أمين , عن السلوك المؤيد للطاغية
- عن التحليل النفسي لشخصية محمد - 2
- التحليل النفسي لشخصية محمد
- تعليق على بيان عدد من الصحفيين السوريين
- اعتراف - رؤيا
- هوغو بول عن الدادائية
- مرة أخرى عن كرونشتادت - فيكتور سيرج


المزيد.....




- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مازن كم الماز - عندما تفشل الثورات , محاولة لتحليل الربيع الثوري العربي