|
الصديقتان
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4951 - 2015 / 10 / 10 - 16:44
المحور:
الادب والفن
لم تكن " سهام " قد دخلت بعدُ في مرحلة العته، عندما حصلت هذه الواقعة. رجلها السابق، من عاشت معه عُمراً وأنجبت له أولاداً، كان آنذاك في سورية يقضي وقتاً ممتعاً ولا مَراء مع عروسه الشابة: " لقد اشتراها الثعلبُ بالمال، مُشترطاً على أهلها أن تبقى هناك. وعليّ كان واجبُ تربية أولاده، هنا في السويد. إلا أنني طردته فوراً من منزلي "، قالت لصديقتها بمرارة فيما هيَ تنفث دخان سيكارتها. ثم أردفت بنبرة أخرى، متهكّمة " ولكنك كنتِ أكثرَ لؤماً مع زوجك؛ فاقترنتِ سريعاً برجل آخر! ". بدَورها، كانت " زاهدة " تدخن بشراهة ككل مرّة تحتاج فيها للتفكير. قالت مُعلقةً على كلام الأخرى: " هذا الأمر، كما شددتُ عليك قبلاً، سيبقى مكتوماً عن أيّ كان " " ولكنك، في آخر المطاف، مجبرة على إعلان الخبر حالما يحصل قرينك على فيزا الإقامة؟ "، أجابتها بخفّة. من مكان لقائها شبه اليوميّ مع صديقتها، ثمّة على التراس المطل على مشهد مركز المدينة، كانت " زاهدة " تلقي بين حينٍ وآخر نظراتٍ خاطفة على قريبها؛ صاحب المقهى. على ذلك، نفهم لماذا غيّرتْ لهجتها فراحت تتكلم همساً: " اعلمي إذاً، أنّ أبا طفليّ سيرجع من هولير قريباً بعدما أقنعته بأنني من الممكن أن أعود إليه في حال ساعدني بتمويل مشروع تجاري.. ". فما كان من الأخرى سوى مقاطعتها، قائلةً وعلامة تعجّب كبيرة تحلّق فوق رأسها المصبوغ بالحناء: " كيف؟ وماذا أنت فاعلة بزوجك الجديد، الذي يُنتظر وصوله قريباً؟ ". إذاك، ارتسمت بسمة ساخرة على وجه " زاهدة " الصغير، الشبيه بوجه الثعلب الأحمر: " لقد قُلْتِها بلسانكِ؛ أنني امرأة لئيمة! "، ندّت عنها وهيَ تلقي حولها نظرةً من عينيها الرماديتين. ثمّ استدركتْ القولَ في قسوة: " أظن أنّ اليهوديّ قد باعَ الآن مطعمَهُ في هولير لأحد أشقائه، وحالما يؤوب من هناك سيضع المبلغ بيدي ". " اليهوديّ "، كان قد مضى على عودته من كردستان قرابة الأسبوع، أمضى منه ثلاثة أيام في سجن التوقيف، المحتل كل الطابق الأخير من مركز بوليس المدينة. إنه بانتظار المحامي، المكلّف بأوراق قضيته. كانوا قد جلبوه تواً من الحجرة الصغيرة، المترَّسة الباب والنوافذ، إلى صالة أرحب في جناح التحقيق الكائن بالطابق الأرضيّ. في الأثناء، استعادَ ما كان من واقعة الأمس القريب. الحق، فإنه ما فتأ مذهولاً من تطوّر الموقف إلى مشادة انتهت بالعراك وسيلان الدم: " كانت تتلوّى بحنان ورقة، كما الأفعى قبل أن توجّه لدغتها السامّة. إلا أنني كنتُ محتاطاً لناحية النقود. قلتُ لها بوضوح، ما أنْ واجهتها على مدخل الشقة، أنّ المبلغ سيكون في حسابها حالما أعود للعيش معها. عندئذٍ، انقضّت عليّ فجأة كالمجنونة فأنشبت أظافرها في وجهي. وكردة فعل، وجهت لها لكمة بوجهها طرَحَتها أرضاً. على الأثر، خرجت صديقتها تلك من المطبخ وهيَ تصرخ كأنما انتقلت إليها عدوى المسّ. كل شيء، أضحى واضحاً لي الآن: لقد أخبأتْ هيَ صديقتها هناك، كي تكون شاهداً.. ". فيما كان الرجلُ يستعيد الواقعة، إذا بالمحامي ينتصب في مواجهته. هذا الأخير، كان شاباً وسيماً؛ بحَسَب نظرتنا إلى أمثاله من السويديين. قال له على سبيل التمهيد، فيما كان يعبث بأوراق تخصّ القضية: " أنت متهم، أولاً، باقتحام شقة امرأتك السابقة مما أدى إلى العراك؟ ". " أبداً. هيَ من استدعتني إلى منزلها. وقبل أن اختلي معها، أمضيتُ وقتاً مع طفليّ الصغيرين في الحديقة. ثم تركتهما يلهوان هناك بناءً على طلبها " " وأنت متهم، أيضاً، بمحاولة اجبار امرأة متزوجة على ممارسة الجنس معك؟ " " تعني، امرأة متزوجة سابقاً!.. أنا لم أمسّها بحال، ولم يخطر لي ذلك اطلاقاً. لقد كانت تريد مني مبلغاً كبيراً من المال لقاء عودتها إليّ مجدداً.. " " ولكن، كيف ستطلب منك ذلك؛ هيَ من تنتظر زوجها الجديد، المقيم في تركيا؟ "، قال له المحامي في نبرة متشككة. المتهم، من ناحيته، حملق بمحاميه وقد بدا من ملامحه أنه لم يدرك تماماً ما سمعه: " زوجها الجديد..! من تركيا..! "، رددَ بشيء من البلاهة.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغابة العذراء
-
زجاجة مكياج
-
الجرف
-
الرئيس ونائبته
-
كان ليبياً أفريقياً
-
كان غريباً وغامضاً
-
مجنون الجنائن
-
مجنون المخيم
-
مجنون المال
-
النملة الحمراء
-
فريسة سائغة
-
خطوط حمراء وساحة حمراء
-
مجنون الأرقام
-
مجنون المقام
-
مجنونة المدينة
-
مجنونة الملجأ
-
مجنونة الندم
-
الببغاء
-
مجنونة المهربين
-
مجنونة المقبرة
المزيد.....
-
سميّة الألفي في أحدث ظهور لها من موقع تصوير فيلم -سفاح التجم
...
-
عبد الله ولد محمدي يوقّع بأصيلة كتابه الجديد -رحلة الحج على
...
-
الممثل التونسي محمد مراد يوثق عبر إنستغرام لحظة اختطافه على
...
-
تأثير الدومينو في رواية -فْراري- للسورية ريم بزال
-
عاطف حتاتة وفيلم الأبواب المغلقة
-
جينيفر لوبيز وجوليا روبرتس وكيانو ريفز.. أبطال أفلام منتظرة
...
-
قراءة في ليالٍ حبلى بالأرقام
-
-الموارنة والشيعة في لبنان: التلاقي والتصادم-
-
-حادث بسيط- لجعفر بناهي في صالات السينما الفرنسية
-
صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
المزيد.....
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
المزيد.....
|