|
ضِدَّ التيّار !
يحيى علوان
الحوار المتمدن-العدد: 4891 - 2015 / 8 / 9 - 11:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ضـدَّ التيّـار !
(3)
" إنْ ذَبُلَتْ زهـرةٌ في شجرةٍ ، أو ماتَتْ ، فلا يعني أَبَـداً أَنَّ الشجرةَ قد ماتَتْ ..!"
إحتفَلَ الغرب الرأسمالي ، وما زالَ بـ "نهاية الشيوعية والماركسية ".. بل حتى بـ"نهايةِ التأريخ" ..! فهل إنتهتْ ، حقَّاً ، أحلامُ البشرية ولم يبقَ منها غَيرَ اللهاث وراء "المال" ؟! في إعتقادي، أنها لم تنته ، إلاّ إذا فَنَتْ البشرية!، فـ "إنْ ذَبُلَتْ زهرةٌ في شجرةٍ ، أو ماتَتْ فلا يعني ، أبداً، أَنَّ الشجرةَ قد ماتتْ !" وأذا باعَ البعضُ "مُثُلَه" ، فأنَّ أحلامَ البشرية غيرُ قابلة للبيع أو المُقايضة ! إنْ لم تستسلم لعمليةِ "التبليـد "! (ي.ع)
سعدي (حوالي 1250)
البشر أخوة
بنو البشر يشبهونَ أعضاء الجسد ، قُدُّوا من الطينة نفسها .. إنهم أخوة . أنْ أَلَمَّ بأحد الأعضاء أَلَمٌ ، تهجُرُ الراحة والعافيةُ بقية الأعضاء ، فإنْ لم يحترقْ قلبكَ لألم الآخر ، فَلَستَ جديـراً بصفةِ إنسان ..!
[ شاعرٌ فارسي ، وُلِدَ في شيراز عام (1213 ) تقريباً ، يعتبر أحدَ كلاسيكيي الشعر المسلمين ، واسع الشهرة في بلاده ، وهو من أكثر الشعراء ، الذين يجري الإستشهاد بهم حتى اليوم . ذاعَ صيته عندما نشر عام 1250 مجموعة من القصائد والنصوص النثرية ( غولستان ) ـ بستان الزهر ـ . المقطع أعلاه مُقتبسٌ من ( بستان الفاكهة ) ، الذي صدرت ترجمته إلى الألمانية بعدة طبعات منها ما صدر عن دار هردر( فرايبورغ ) 1998 .]
أوسكار وايلد (1891)
لاتقبَلْ بالفُتاتٍ المُتساقطِ من موائدهم ، إِجلِسْ معهم إلى المائـدة نفسها !
فَردٌ واحدٌ يمتلكُ ماكنةً تقومُ بعملٍ يؤديه خمسمئة إنسان . أي أنَّ خمسمئةِ شخصٍ يَصبحونَ بلا عمل.. لأنَّه لمْ تَعُدْ هناكَ حاجةٌ لعملهم ، لذلك يغدون فريسةً لآفةِ الجوع (...) فلو كانت الماكنة مِلكَ الجميع ، لكانَ بمقدورِ كلِّ فردٍ أنْ يفيدَ منها .
راحت الماكنةُ ، الآنَ تُقصي الإنسانَ . لكن في ظروفٍ صحيحةٍ تكون في خدمته . ومما لا شكَّ فيه أَنَّ المستقبلَ سيكونُ لها ، تماماًً كالأشجارِ تنمو فيما يغطُّ المزارعُ في النوم ، سيكونُ على الآلة أن تقومَ بكل الأعمال الضرورية وغير المريحة ، فيما تنشغلُ البشرية بالفرح والإستمتاع أو عمل أشياء جميلة كالقراءة الممتعة .. أو ببساطة التطلُّع للعالم الساحرِ بنظرة إعجابٍ ، ذلك أنَّ هدفَ البشرية ، ليس العمل .
فلو كان لدى كل فرد في المجتمع ما يكفي حاجته ، دونَ إزعاجٍ من قبل الآخرين ، لَما إحتاجَ أنْ يكونَ عالةً على أحدٍ . فالحسدُ ، الذي هو مصدر للبلاء وللكثير من الجرائم المعروفة في عصرنا ، هو شعورٌ مرتبطٌ بصورة وثيقة بمفهومنا للملكية الخاصة.إنَّ هذا الشعور سيختفي في مملكة الإشتراكية والفردانية ( individualism ). ومن اللافت للأنتباه أنَّ القبائل الشيوعية ( أقرأ المشاعية ) لاتعرف الحَسَدَ ولا الغيرة .
فالكمالُ الحقيقيُّ للأنسان ليس في ما يمتلكُ ، بل في ما هو عليه . ذلك أنَّ الملكية الخاصة قضَتْ على " الفردانية " الحقّة ، وأحلَّت أُخرى مَغلوطةً محلها . فبسبب التجويع حُرِمَ جزء من المجتمع من إمكانية التمتع بـ"فردانيته"، فوضعته على السكةِ الخاطئة واثقلَتْ كاهله . وبذلك جرى إختزالُ شخصية الأنسان تماماً ، إلى ما يمتلك . فالقانون الأنكليزي يعاقبُ بشدة التعرُّضَ لملكية الفرد ، أكثر من التعرُّض والأعتداء على الأفراد .
غالباً ، يُقالُ أنََّ الفقراءَ مُمتنّونَ للحسنات والصدقات . لا شكَّ في أنَّ بعضهم مُمتنّونَ فعلاً ، لكن الأفضل منهم مَنْ لا يشعرُ بالأمتنان ، يبقى عنيداً يقاومُ الخنوع . لهم الحق كله في أنْ يكونوا كذلك . لأنهم يشعرون أن "الحسنات" ما هي إلاّ جزءٌ مُضحكٌ وزهيدٌ جداً مما يستوجبُ إسترداده ، أو أنه تبرُّعٌ مُحسنٌٌ ، ومحاولة وقحة للتدخُّلِ في حياتهم الخاصة . لماذا يتعيَّنُ عليهم أن يكونوا شاكرين للفُتاتِ المتساقطِ من موائد الأغنياء ؟! عليهم أن ْيجلسوا معهم على الطاولة نفسها ويتعلموا كيف يأكلون !
إنَّ ما يقوله بعض كبار الصناعيينَ ضدَّ المُحرضينَ أمرٌ حق . ذلك أنهم يزرعون الشغبَ بين الناس ، مما تحصده الحكومة نقمةً ضدها . وهذا ما يجعلُ من المُحرضين ضرورةً لا يمكن الإستغناء عنها . فبدونهم لا يمكنُ لمجتمعنا الناقص والقاصر أنْ يدنو من الثقافة .
وأعترف أنني تعرّفتُ على عددٍ من الرؤى الإشتراكية ، فتبيّنَ لي أنَّ لديهم تصورات غيرُ نقية عن السلطة الكليّانية ( توتاليتارية )، إنْ لَمْ أَقُلْ مسكونون بالجبر والقهر . فلا مكان للعنف والقهر. وكل الإتحادات والجمعيات يجب أنْ تكونَ طوعية . ذلك أنَّ جمالَ الإنسان وطاقاته تَتَفَتّحُ في التنظيمات الطوعية .
(...) لَمْ تكُنْ لدى المسيحِ أيةَ خطّةٍ لبناءِ المجتمع من جديد ، لكن عالمنا المعاصر لديه مثل هذه الخطط ، التي تقومُ على إلغاءِ الفقرِ وبالتالي إنهاء الآلام الناجمة عنه . والسبيل إلى ذلك هو الإشتراكية والعلم . فجُلُّ ما ترمي إليه ، بلوغ " الفردانية "، التي تتجلّى بالفرح . وفي ظلِّ الظروف الجديدة ، ستكون " الفردانية " أكثر حريةً وغنىً وأشدُّ عمقاً وتأثيراً ، من أية فترةٍ سبَقَتْ .
[وُلد المسرحي والشاعر والقاص أوسكار وايلد في أيرلنده عام 1854 ، درس في دبلن وأوكسفورد. ومنذ عام 1879 إنتقلَ إلى لندن وحاز على شهرة واسعة بفضل المسرحيات العميقة فكرياً ، التي قدمها هناك . عام 1891 نشرت له مجلة " فورت نايتلي ريفيو" نصاً / مقالة بعنوان " روح الإنسان في ظل الإشتراكية "وقد تُرجم إلى الألمانية من قبل غوسستاف لانداوَر، الذي أشار في ملاحظة، أشبه بمقدمة للنص ، "الآن يمكننا ان نفهم لماذا راح المجتمع الإنكليزي يكره هذا الإنسان كُرهَ الموت ، بعد أن كانَ قد عشقه كما ليس مثله من قبل ."وبسبب من ميوله المثلية ، أرادوا تدجينه فحُكِمَ عليه بالسجن عامين ، قضّاها بالأشغال الشاقة مما تسبَّبَ في تدهور صحته . وبعد إطلاق سراحه ، رحلَ إلى باريس ليعيشَ الإملاقَ حرفياًً ويموتَ هناك في 30.11.1900 فقيراً لا يملك شروى نقير! المقطع أعلاه مستلٌ من النص المذكور ـ الإشتراكية وروح الإنسان ـ زيوريخ 1970]
#يحيى_علوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضدَّ التيّار !
-
ضِدَّ التيّار !!
-
دلفينُ بُنيَّتي
-
محنةُ شهرزاد
-
- أَشتري الفَرَحَ .. فَمَنْ يبيع ؟-
-
حتى الآلهة لا تُحبُّ الإجماعَ ..!
-
خُطىً تاهَتْ ...
-
نَورَس
-
-المارد - العظيم
-
شَبيهيَ في المرآة ..
-
- حِسنِيّة -
-
مَطبّات ليليّة لا تَمَسُّ أحداً..!
-
ليسَ - مِنْ مَسَدْ - !
-
وفاءً لذاكرتي ..
-
.. بَعْضِيَ والليل
-
ذاتَ وَخْمَة(1)
-
رُحماك
-
شَذَراتٌ حائرة
-
ماذا فعَلتَ ، أَيّها الإسقريوطي ..؟!
-
سعدون - والي الحَرَمْ -!
المزيد.....
-
مصدر لـCNN: مدير CIA يعود إلى القاهرة بعد عقد اجتماعات مع مس
...
-
إسرائيل تهاجم وزيرا إسبانيا حذر من الإبادة الجماعية في فلسطي
...
-
تكريما لهما.. موكب أمام منزلي محاربين قديمين في الحرب الوطني
...
-
بريطانيا تقرر طرد الملحق العسكر الروسي رداً على -الأنشطة الخ
...
-
في يوم تحتفل فيه فرنسا بيوم النصر.. الجزائر تطالب بالعدالة ع
...
-
معارك في شرق رفح تزامناً مع إعادة فتح إسرائيل معبر كرم أبو س
...
-
لماذا لجأت إدارة بايدن لخيار تعليق شحنات أسلحة لإسرائيل؟
-
بوتين يشيد بقدرة الاتحاد الأوراسي على مجابهة العقوبات الغربي
...
-
كشف من خلاله تفاصيل مهمة.. قناة عبرية تنشر تسجيلا صوتيا لرئي
...
-
معلمة الرئيس الروسي تحكي عن بوتين خلال سنوات دراسته
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|