أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الغَضَارَة البسندلية














المزيد.....

الغَضَارَة البسندلية


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4871 - 2015 / 7 / 19 - 20:38
المحور: الادب والفن
    


الغَضَارَةُ هي النِّعْمَةُ وطِيبُ العَيْشِ .. هي الخُصُوبَة والطينُ، وهي القَصْعَةُ الفَخَّارية الكبيرة التي يأكل منها الفقراء الأحرار طعامهم الموسمي ..

جاءهما الصبي أخيراً على رأس خمسة بطون .. تفرح المرأة الجميلة وتغني: "وتصيح ماجابت .. وتصيح ماجابت .. جابت تنعشر ولد والشمس ما غابت" .. في ذلك اليوم ورغم الفقر أقسما أن ينذرا خروفاً تبرعاً لمزار السيد الشيخ قليعه في أراضي كفرية ..

في السنة الأولى قاما بدعوة الجيران والأقارب، سافروا جميعاً مع باص الخوجا الأزرق إلى المزار .. هناك ذبحوا وزكوا ووزعوا وأكلوا ومصمصوا .. شربوا واحتفلوا وغنوا ورقصوا وعادوا سكارى ..

في السنة ذاتها، وضعت ورش الإكساء اللمسات الأخيرة على فيلا السيد "عدي باذنجان" .. الرجل الذي أصبح بين ليلة وضحاها ثرياً، إنه تاجر الزيت والمضخات وقطع تبديل السيارات والدولارات .. كان منزله فاخراً، مجهزاً بالإضاءة الحديثة وغرفة صغيرة للمولد الكهربائي، يحيطه سوراً ببوابة أنيقة، على البوابة كتب اسمه وفوقه لوحة تحمل عام التأسيس 1975 وشعار "هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ"، بجانبها لوحة أزرار عجيبة وجرس وثقوب، إنه جهاز "الأنترفون" للاتصالات الصوتية الذي يدخل الضيعة للمرة الأولى ..

في السنة الثانية حل موعد تقديم النذر، صاحب الشأن نشيط كعادته، صاحبة الشأن حبلى من جديد، حدث هذا تحت شجرة الزيتون ليلاً في موسم القطاف، تريد من الله الإستجابة لدعواتها ونذرها اليتيم كي يرزقها صبياً ثانياً ..

لا مجال هذا العام إذاً للتبارك بأحجار الشيخ قليعة، سيقدمون النذر في البيت على اسم السيد الفاضل قليعة، جاء شيخ الضيعة الجليل أحمر الخدين، قرأ القرآن، سنّ سكينه، ذبح الخروف، أخذ حصة الأسد من اللحم الضأن والمال ومضى سعيداً إلى غاياته ..

طبخت الجدة بقايا الخروف الحزين، رقد الدَّسْتُ المعبأ بالبرغل والحمص بجانبه بسلام منتشياً بزيت الزيتون حتى الثمالة، فُرشت الرياحين لينبسط اللحم المسلوق برائحة الفقراء، مُلأت الغَضَائِر بعناية، لكل عائلة حصة/غَضَارَة .. صاحت الجدة للصبايا، ناولت كل منهن غَضَارَتين، ذهبن في طريقهن لإيصال الأمانات ..

كانت مهمة عبير الأصعب إيصال الغَضَارَة إلى فيلا السيد "عدي" .. وما إن وصلت البوابة حتى فُوجئت بلوحة الأزرار العجيبة، ضغطت زراً، خافت من الصوت المشوش الذي تسلل عبر الجهاز سائلاً: من هناك، من أنت؟ .. ارتبكت وأجابت متلعثمة: أنا عبير، ابنة الجيران وانتظرت أمام البوابة .. مرت دقائق والباب موصد في وجهها .. غضبت وعادت أدراجها ..

حين علمت الجدة ما حدث، صرخت في وجه حفيدتها طالبةً منها العودة ثانيةً والتعريف عن نفسها باسم الغَضَارَة بدلا من اسم عبير النكرة ..

رنت عبير جرس البوابة، عاد الصوت سائلاً: من هناك، من أنت؟ .. أجابت الصبية بثقة هذه المرة: أنا هي الغَضَارَة! .. فُتِحَتْ البوابة ودخلت السيدة غَضَارَة ..



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنزير من ذهب
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -32-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -31-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -30-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -29-
- أيكون اسمها العنقاء؟
- وعندما يكبر الضَّجَر
- سيدة محلات ألدي
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -28-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -27-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -26-
- حين يعانقك الكر في بسنادا
- الهِجْرَة مَرّة ثانية يا مَنْتورة
- سينما في بسنادا
- صباحك جميل أيها الرجل الأسود
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -25-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -24-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -23-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -22-
- جميلة هي أمي


المزيد.....




- فرنسا تحيي التراث عبر أولمبياد يجمع بين الرياضة والفنون
- في أول ظهور إعلامي له.. ضحية صفعة الهضبة يكشف لماذا لم يرد ب ...
- محمد سعيد المرتجي: هذه أسباب وفرة البحوث الفرنسية عن الفن ال ...
- كتاب -جرائم وعلوم جنائية- للخبير العلواني وخبرة 30 عاما بمسر ...
- حفلات تايلور سويفت تتسبب في -هزات أرضية- في إدنبرة
- حفل موسيقي لعازف الجاز التونسي ظافر يوسف في حديقة الأرميتاج ...
- -مستشفى الشفاء: جرائم مدفونة-.. شهادات الناجين في فيلم للجزي ...
- أوسكار فخري ينتظر منتجي سلسلة أفلام جيمس بوند
- -مستشفى الشفاء: جرائم مدفونة-.. شهادات الناجين في فيلم للجزي ...
- الرحالة المسلم الذي تفوق على -ماركو بولو- وروى الأعاجيب عن ا ...


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الغَضَارَة البسندلية