أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - سينما في بسنادا














المزيد.....

سينما في بسنادا


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4836 - 2015 / 6 / 13 - 23:42
المحور: الادب والفن
    


إهداء إلى الحبيبة الدكتورة تيماء حسن ديوب ..

كانت "Dariā-;-" طفلة من قرية "بسنادا" في بداية السابعة من عمرها .. تستفيقُ منْ نَوْمتها في الصباحات الباكرة الدافئة .. تجذبها رائحة الشارع وأحاديث المارة فتجلسُ أحياناً وبهيبة الطفولة على الدَّرَجة الثانية بِعَتَبَةِ دكان "حسون" يساراً من مدخل دار أهلها وحيدةً صامتةً .. وكأنّها جاءت لمشاهدة فلم في الهواء الطلق ..

تضم رجليها الصغيرتين إلى بعضهما وتسند إليهما ذراعيها الحلوتين ثم تضع رأسها المعبّأ برائحة الطفولة بين راحتي كفيها .. تراقب حركة الشارع وتسترق السَّمعَ إلى الصدى .. صدى خطوات أهل الضيعة وأحاديثهم في إيابهم وذهابهم إلى فرن "دياب" ..
إحداهن تحمل أرغفة الخبز على رأسها وفي يدها اليسرى سطل لبن والأخرى تحضتن أرغفة الخبز إلى صدرها الملوّث برائحة النوم والثوم والندى فيزداد دفئاً .. والثالث اكتفى بشراء أرغفة ثلاثة يحملها على كفه الأيسر ويرفعها إلى الأعلى وباليد اليمنى يمسك قطعة خبز مستلذاً بطعمها ..

من البيت المقابل يأتيها صوت الفلاح "أبو داهود" الغاضب لاعناً زوجتيه وبقرتيه وحياته وأرض مختار الضيعة التي سيحرثها بالصمد الخشبي اليدوي .. يتداخل صياحه مع وقع أقدام الحمار العجوز على إسفلت الطريق ساحباً خلفه طنبور "عدسو" في طريقه إلى الكازية لتعبئة براميل الكاز التي يسترزق منها ..

يفاجئها صوت جرس بسكليت "أبو فاطمة" .. الرجل قصير القامة .. قادماً من أسفل الضيعة صاعداً الطريق المؤدي إلى المحطة في طريقه إلى المدينة مشياً على قدميه .. مشمراً أكمام قميصه البني عن ذراعيه لِيُظهِرَ ساعة معصمه الضخمة ورجولته .. ساحباً إلى جانبه بيديه الاثنتين دراجته الكبيرة ذات الجسرين .. كانوا يسمونها "بسكليت غليظ" .. والذي اختارها لنفسه لترسم له قامة الرجال .. لكن قامتها كانت دوماً أعلى من قامته الصغيرة ..
بفرمل "أبو فاطمة" دراجته ويتوقف فجأة أمام دكان "حسون" .. إذ يلتقي "أبو سمير" الساعاتي المكتنز نازلاً على دراجته الصغيرة في طريقه إلى الفرن .. يصبّحُ عليه بالخير ويسأله عمّا حلّ بساعة معصم زوجته التي تركها في دكان الساعاتي قبل أكثر من شهر .. يجيبه "الساعاتي" كعادته ساخراً .. عطلها بسيط أخي "أبو فاطمة" إنها تحتاج فقط إلى "زمبلك" و"نابض" .. سأصلحها لك في القريب العاجل .. و يُغيِّر مجرى الحديث سائلاً بخبث عن حال صحة أم فاطمة .. يسمع "أبو داهود" حديثهما فيلعنهما ويسبهما .. يضحك الرجال ويتفرقوا ..

ثم يعلو الصراخ والعويل في منزل "الرحّال" الفقير .. كان "الرحّال" طويل القامة عبوساً وحزيناً بوجه له لون الصدأ .. يرتدي صيفاً وشتاءً بدلة لا لون لها .. لعلها كانت بدلة عسكرية في وقت مضى .. وكان غريباً لا يشبه أهل القرية .. وفقيراً أكثر مما تسمح به أجهزة المخابرات في ذاك الزمن .. يعمل طيلة النهار في مكان ما لا اسم له .. وزوجته تشبهه في كل شيء .. إمرأة سمراء طويلة فقيرة حزينة وعبوسة .. كانا وأولادهما الأطفال قد جاؤوا من مكان مجهول .. استأجروا غرفة صغيرة تطل بنافذتها إلى الشارع وسكنوا في الضيعة دون انتماء ..

الْبُكَاء وَالصُّيَاح المتصاعد اِسْتَرْعَى انْتِباه الطفلة "Dariā-;-" دون أن تحرك ساكناً .. فرأت "الرحّال" وقد حمل بيده تنكة زيت الزيتون المتبقية في بيته .. فتح غطاءها وراح يدلق محتواها من الزيت في الشارع وكأنه يدلق سطلاَ من الماء الوسخ .. فاحت رائحة الزيت وامتزجت برائحة الخبز وتغير لون الشارع .. خرحت زوجته تولول بصوت جنائزي وتندب حظها وفقرها وتلعن جنون زوجها .. خرجت ابنته الطفلة "أميمة" من البيت/الغرفة .. وضاعت في الشوارع ولم تعد إلى الغرفة منذ ذاك اليوم ..

استيقظ الأب على الضجيج القادم من الشارع .. سأل زوجته الحبيبة عمّا يحصل في الخارج .. أجابته لا شيء يذكر سوى تفاصيل فرحٍ و وجع .. لعله فلم من أفلام الهواء الطلق في بسنادا .. ستروي لنا "Dariā-;-" الحكاية عند نهاية الفلم .. مدَّ الأب رأسه من نافذة غرفة الجلوس ونادى طفلته: "Dariā-;-" .. ألم ينتهي فلم اليوم بعد ؟ .. ادخلي إلى البيت .. الماما جهزت لك الفطور ..

*********************************************************************************************************

ملاحظات:
داريا هي عازفة البيانو الهولندية ولاعبة الجمباز الألمانية وممثلة أميركية ومغنية وممثلة كرواتية وعارضة أزياء بولندية وبطلة أولمبيات سويسرية ولاعبة الجمباز الإيقاعي الروسية وكاتبة الخيال الجنائي الروسية ولاعبة الشطرنج والسياسية السلوفينية ورامية المطرقة الروسية والسفاحة الروسية المشهورة والمتزلجة الأذربيجانية .. فمن تكون منهن أو كلهن "داريا" البسندلية؟

داريا .. تُلفظ بشكل مختلف عن مدينة داريا الشامية ..
داريا .. هي الشكل الأنثوي من الاسم "علي دريوسي" ويعني شيئاً مثل "جيدة الحيازة" أو "صاحبة الأخيار" .. داريا هي أيضاً "القديرة" و"العارفة" و"الحامية" .. باللغة الفارسية تعني "البحر" أو "المحيط الأزرق" .. في أوروبا "دوروثي" أو "هبة الله" .. في سلوفينيا لها معنى "الهدية" ..

*********************************************************************************************************



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباحك جميل أيها الرجل الأسود
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -25-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -24-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -23-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -22-
- جميلة هي أمي
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -21-
- موعد مع السيد الرئيس
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -20-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -19-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -18-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -17-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -16-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -15-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -14-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -14-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -13-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -12-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -11-
- حكاية أبو العُلى -3-


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - سينما في بسنادا