أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - موعد مع السيد الرئيس














المزيد.....

موعد مع السيد الرئيس


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4818 - 2015 / 5 / 26 - 21:07
المحور: الادب والفن
    


ارتديتُ أجمل ما عندي من ملابس وسافرت في منتصف الليل من اللاذقية إلى دمشق لأصلها في الصباح .. كنت قد حصلت على موعد مع السيد الرئيس .. وصلتُ إلى مبنى الرئاسة في الوقت المحدد والخوف يعتصرني .. أخبرتني إحدى سكرتيراته بأن "الرئيس" مشغول .. ويجب عليّ التحليّ بالصبر والانتظار .. وانتظرت ثم انتظرت ..

حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً سُمِحَ لي بالدخول إلى مكتبه .. قرعت الباب بلطف المواطن السوري .. ثم فتحتهُ بحذر شديد كي لا أزعج سيادته .. نظرتُ إلى الأمام ولم أره .. نظرتُ إلى اليمين ولم أره .. ثم نظرتُ إلى اليسار ولم أره لكنني رأيت ما يشبه لوحاً خشبياً مزخرفاً باللون البنيّ المحروق .. ومن خلفه ما يشبه وجه الرئيس .. وكما العادة يقولون: منذ أن تعرض للاغتيال على يد "الإخوان والأخوات" والرئيس يختبئ خلف الستار الخشبي ..
وآتاني صوت الرئيس: ماذا تريد؟ .. حاولت رؤية تقاسيم وجهه الكريم فلم أفلح .. فقد جلس على كرسيّ الرئاسة والعتمة تحيط به .. لم أعد أذكر كيف خاطبته آنذاك من شدة الارتباك والخوف .. آتاني صوته العميق من جديد: قل لي ما الأمر باختصار فلا وقت لدي أضيعه معك ..

ولأنني أحترم وقت الرئيس تكلمت على الفور .. قلت له: سيدي الرئيس وكما تعرف فإن قصتي حزينة وأنا متعب .. أنا مهندس ميكانيك ومعيد في جامعة تشرين "العريقة" باختصاص التصميم بواسطة الحاسب .. أسافر من اللاذقية إلى دمشق منذ أكثر من تسعة أشهر مرة واحدة على الأقل في كل إسبوع .. لا أعرف أحداً في دمشق ولا أملك المال الكافي للسفر والنوم في الفندق .. لقد قمت بتنفيذ كل طلباتك وأوامرك بمنتهى الرضى ..
سيادتك أمرتني بإحضار اعتذارات من كل الكليات العلمية والأدبية في جامعات القطر السوري .. والتي ينبغي أن تتضمن عدم قدرة الكليات وطواقمها التدريسية ومخابرها على منحي شهادة عليا في مجال التصميم .. سيدي الرئيس: لم أنم جيداً منذ أكثر من سنة .. سيدي ها هو تقريري:

كنتُ في جامعة تشرين في مدينة اللاذقية وأحضرت سبعة اعتذارات من كلياتها بما فيها كلية العلوم الطبيعية .. أستميحك العذر يا سيدي .. إذْ لم أستطع الحصول على الاعتذار الثامن من كلية التربية كما أمرت .. لأنّ بناؤها ما زال قيد الدراسة والإنشاء .. وحين قابلت القميء خالد حلّاج رئيس الجامعة .. أخبرني أنّ لا وقت لديه للتوقيع فقد كان مشغولاً من رأسه حتى قدميه بالسرقات .. وبتصريف بقايا مسروقات المدينة الرياضية الفاضلة ..
نسيتُ أن أخبرك يا سيدي أنّ الآذِن "الحاجِب" صلاح مدير مكتب الوكيل الإداري قد طلب مني ضاحكاً فقط "زجاجة" ويسكي لكي يضع إضبارتي على سطح مكتب سيده الوكيل قبل دخولها إلى مكتب الرئيس .. فقد قال لي محاولاً تخفيف دمه بأنّ أحد زملائي قد أهداه ثلاثة كيلوات من الموالح الممتازة .. وهو الآن في رحلة بحث عن الزجاجة/الدجاجة .. وعندما أجبته بلطف وتهذيب بأني لا أملك النقود الكافية لسد رغبته وبأنني شخصياً لم أتذوق طعم الويسكي بعد .. صرخَ في وجهي وكأنه "مِجعار البطْن": إذاً عليك أنْ تأتي الأربعاء القادم لتقديم الإضبارة ..

وحصلت أيضاً على كل الاعتذارات المطلوبة من جامعة البعث في مدينة حمص .. وحين وددتُ لقاء رئيس الجامعة أخبرتني سكرتيراته بأن "الصوبا" في مكتبه لا تشتغل وبأنه يرتجف من البرد ولا وقت لديه للنظر في إضبارتي ..
لكني أمضيتُ يا سيدي والحق يُقال .. وقتاً قصيراً وطيباً في جامعة حلب .. وحصلت على الاعتذارات بأسرع وقت .. موقعّة ومختومة وفق الأصول .. حتى أن السيد المحترم رئيس جامعة حلب لم يقابلني .. لكنه وقّع على صحة ما جاء في الإضبارة دون تباطؤ ..

سيدي الرئيس .. ها أنا في دمشق أقف في مكتب سيادتكم والإضبارة العظيمة بين يدي .. لقد أحضرت لسيادتكم أيضاً كل الاعتذارات من جامعتكم الموقرة ومن كل الأقسام قاطبة حتى من قسم التاريخ وكم أمرتم ..
سيدي الرئيس هل ترغبون بوضع حافركم على هذه الإضبارة اللعينة كي أتمكن من تقديم أوراقي إلى وزارة التعليف العالي بهدف إصدار قرار بالإيفاد الذي تقوم بتمويله البلدان الأوروبية سنوياً تحت بند "مساعدات تمويلية لتعليم وتأهيل المتفوقين من بلدان العالم الثالث"؟ ..

فجأةً أسكتني صوت الرئيس الهادر قائلاً: كفى خُزَعْبِلَات .. هل أحضرت اعتذاراً من كلية الشريعة الإسلامية يوضح عدم قدرة الطاقم هناك على منح شهادة الدكتوراه في هندسة التصميم بواسطة الحاسب؟

أجبته على الفور: حاضر يا سيدي لا تغضب .. والله لم أقصد إغضابك .. نسيت أن أمر بعمادة كلية الشريعة الإسلامية .. سأحضره اليوم أو غداً .. وما توفيقي إلا بالله وبكلية الشريعة ..
وأردفتُ قائلاً: إذا تجرأتُ يوماً على الكتابة الحرة/الصادقة عن رغباتك الشاذة يا سيدي .. سوف يكذبونني .. لن يخطر ببالهم مدى شذوذك يا سيدي ..

صرخ الرئيس بوجهي من جديد: حتى لو أحضرته .. فلن أسمح لك بالسفر إلى ألمانيا .. فأنا شخصياً من خريجي الجامعات الألمانية التافهة .. وزوجتي ألمانية وولدي ألماني الجنسية ومع هذا فإننا نعمل ونعيش في سوريا .. أنا ضد السفر إلى بلاد الألمان .. سوف أعطيك سريراً في المدينة الجامعية النظيفة .. وهنا تستطيع البحث العلمي وكتابة الدكتوراه ..

بعد أن أنهى قصيدته الشعرية .. ابتسمتُ بوجه الرئيس البطل عين ماء البارد رئيس جامعة دمشق سابقاً .. والذي تم تعيينه كما يقولون بموجب قرار شخصي سلطوي وتوصية شخصية سلطوية لأنه وافق ذات يوم على منح درجة علمية لإحداهن .. وقلت له: "سأبول عليك وعليهم يا سيدي .. ثم أسكر".



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -20-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -19-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -18-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -17-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -16-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -15-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -14-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -14-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -13-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -12-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -11-
- حكاية أبو العُلى -3-
- حكاية أبو العُلى -2-
- حكاية أبو العُلى -1-
- كومبارس في مقهى ألماني
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -10-
- النَّقْصُصَّافِي في ألمانيا
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -9-
- مقاهي دير الزور .. مشروع لم يكتمل بعد
- في الطريق من فرايبورغ إلى لندن


المزيد.....




- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - موعد مع السيد الرئيس