أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حكاية أبو العُلى -1-














المزيد.....

حكاية أبو العُلى -1-


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4792 - 2015 / 4 / 30 - 14:29
المحور: الادب والفن
    


لم تكن قامة الشعب السوري قصيرة في يوم من الأيام إِلّا من وجهة نظر السلطة/الطغمة السياسية الحاكمة .. فللشعب السوري قامة المجد ومجد القامة .. وحدها كانت القامة "الجسدية" للمثقفين الشرفاء من بسنادا وأخواتها من القرى المجاورة قصيرة حقاً .. لكنها بقيت مع تقدم العمر منتصبة .. مخالفةً بذلك قوانين التطور الدارويني وقوانين الإِذلاَل والاستحقار والاِسْتِصْغَار السلطوي .. ألم يكن الفيلسوف جان بول سارتر قصير القامة أيضاً؟

وهو الذي فارق الحياة قبل أن يتعلم كيفية ترتيب سبعة أحرفٍ لكتابة اسمه .. تسترخي شفتيه بعد الكأس "الأبيض" الثالث .. يغمز لولده بعينه الحَوْلاَء ويبتسم في الجانب الأيسر من وجهه فقط قائلاً: "كُلُّ قَصِيرٍ في الأرضِ فِتنةٌ" .. ثم يسترسل في فلسفته البسيطة:
كان الشاب الفقير "م. ح." يفترش العشب على تخوم أراضي الزيتون في الوادي الأحمر ويقرأ في كتابه .. وكان البعض يهاجمه ويَتَحَشَّرُ به بين الحين والآخر حسداً .. فينهض من جلسته ويرفع كتابه عالياً ويقول لهم: بهذا الكتاب سأحاربكم ذات يوم يا "عرصات" .. وها هو الآن يتابع تحصيله العلمي في فرنسا ..

يشعل سيجارته "حمراء قصيرة" ويملأ كأسه باللون الأبيض .. ينظر بعينه الحَوْلاَء إلى رأس سيجارته الذي يبدأ بالاحتراق من طرفٍ واحد .. ويأخذ نفساً عميقاً وكأنّه يصحّح مسار العشق من طرف واحد .. ويتابع: أما الشاب القصير الآخر "ف. ج." .. فقد خرب بيته بيده .. سامحه الله .. كان عبقريا" .. لو أراد لأصبح وزيراً .. وها هو الآن في الزنزانة ..
تجحظ عينا الإبن .. ويقاطع والده: "وزير!!" .. في أي وزارة؟ .. يجيبه الوالد: نعم "وزير" .. وزير الصناعة مثلاً .. إنّه مهندس ..

يسأل الولد: وما هو رأيك بالشاب القصير "ج. ن."؟
يضحك الأب فخوراً ويقول: إنه ذكي جداً وفهمان .. يقرأ كثيراً .. لكنه أفقَرَ عائلته بسبب شراء المجلات والكتب .. إنه قادر على تحريك الحكومة بإصبعه الصغيرة لو يُريد .. لو فقط ينتبه إلى نفسه ويسمع منهم قليلاً .. قد يسلموه إدارة حقول النفط في "القحطانية" ..

يسأل الولد: وكيف ترى وضعَ الشاب القصير "ك. ع."؟
يجيب الأب: إنّه شاب آدَمِيّ طموح .. متواضع وفهمان .. يضحك ويضيف: لا نعرفه جيداً بعد .. إنه ابن عالم وناس .. لكنه لن يكون مختلفاً بشكلٍ كبير عن الشاب "ج. ن." .. أليس هو مَنْ عرّفنا إليه! .. وجلبه معه من حقول "القحطانية" .. إنّه بالتأكيد منهم وفيهم .. سنرى ..

يسأل الولد الصغير بخبث: أبي .. قل لي: لو لم يكن الشاب القصير "أ. د." في السجن .. ماذا كان قد أصبح منه؟ ..
يَكرَعُ الأب بقايا اللون الأبيض دفعة واحدة .. ينظر إلى "بطحته" الفارغة ويجيب هازئاً من القدر: لكان قد أصبح مديراً لشركة العمران في سوريا أو مديراً لشركة مرفأ اللاذقية .. ثم يضيف هل تعلم: أنّه قد حَبَسَ الوزير في إحدى غرف المرفأ ذات يوم وأنه عمل إضراباً مع العمال لمدة يوم كامل ..
فجأةً خَفَتَ صَوْتُهُ .. اغرورقت عيناه وأَجْهَشَ بِالبُكَاءِ اشتياقاً .. مسح دموعه بكف يده .. وقالَ لولده: اذهب للنوم كي تصحو مبكراً فالمدرسة تنتظرك .. وإيّاك أن تنقل للآخرين ما حكيته لك اليوم ..

مَشى الْوَلَدُ إلى فرشته .. ومخيلتة قد اتنشت بالحديث .. وتعبأت بالصور والألوان عن الوزير والوزارة والمدير والشركة .. أغمض عينيه ويحلم في سره: الله .. في قريتي مشروع وزير .. في قريتي مشروع مدير ..



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كومبارس في مقهى ألماني
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -10-
- النَّقْصُصَّافِي في ألمانيا
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -9-
- مقاهي دير الزور .. مشروع لم يكتمل بعد
- في الطريق من فرايبورغ إلى لندن
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -8-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -7-
- دلعونا إمرأة من بسنادا
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -6-
- رسالة إلى سحر
- آزارو مرّ من بسنادا
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -5-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -4-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -3-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -2-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -1-
- جينات بسندلية -4-
- بماذا أخبرتني تلك اللوحة؟
- لِمنْ هذهِ الرائحة القادمة من لندن؟


المزيد.....




- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حكاية أبو العُلى -1-