أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حكاية أبو العُلى -2-














المزيد.....

حكاية أبو العُلى -2-


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4794 - 2015 / 5 / 2 - 18:42
المحور: الادب والفن
    


وَلَمَّا كَبِرَ الْوَلَدُ وأصبح في المرحلة الثانوية بدأ يبحث عن العمل في الأَعْطَال ..
في تلك الأثناء عاد الشاب القصير "ك. ع." إلى مدينة اللاذقية وتم تعيينه في مؤسسة "أفتوماشين" ..
كانت المؤسسة تبني مخازناً لقطع تبديل السيارات والآليات .. وكان هو من المشرفين على بناء مستودعات التخزين بمساعدة ورشة عمل من الشبان "الأوفياء" لبناء الأَرْفُف والهياكل المعدنية .. وكأنه قد انتقاهم انتقاءً ..

ونتيجة احتياجات الشركة لقوى العمل عبّر الولد المراهق عن رغبته وحاجته للعمل .. فتم قبوله ..
هناك تعرّف الولد الذي بدأ يكبر حتى بنظر نفسه! .. إلى فريق العمل الشاب .. لعلّه كان أصغرهم ..
معظمهم من طلاب الجامعة ومن المدخنين .. عماد وأحمد وصفوان ومحمد ورافي وعلي .. يتقنون عملهم فعلاً وفي الاستراحات يشربون معه الشاي ويدخنون ..

كانت فرحة الولد كبيرة لقربه من شخص يعتبره قدوة له وللفرصة التي أُتيحَتْ له كي يرى لأول مرة في حياته إحدى المؤسسات الحكومية ..
على بعد خطوات من المؤسسة ثَمّة مطعم صغير ونظيف لصاحبه الأرمني الذي يبيع فيه السجق والنقانق والبطاطا ..
هناك ومع رفاق العمل أكل للمرة الأولى سندويشة نقانق ..
هناك وأثناء استراحة الشاي دخّن السيجارة الأولى في حياته ..
هناك وللمرة الأولى بدأ يسمع كلمات سياسية جديدة وساخرة ..
الجملة الساخرة الأولى التي سمعها من طالب الهندسة الكهربائية "ع. د. م." بلهجة ابن جبلة المدينة:
"إننّا جائعون .. أين زجاجة الحليب اليومية والبيضة المسلوقة للعمال المياومين؟"..

عندما انتهى شهر العمل/العسل الأول وحصل الولد الذي بدأ يكبر على راتبه العظيم .. قال له الطالب "ع. د. م." الذي يكبره بستة أعوامٍ على الأقل:
"عليك أن تحتفل هذا اليوم .. فهذا من حقك .. تعال معي إلى المدينة كي نأكل ونشرب" ..
هناك وللمرة الأولى في حياته أكل الولد "صفائح اللحمة بالعجين" في شارع "العنّابة" الشهير ..
هناك تحديداً في المطعم الشعبي حيث يعمل صديقه الذي ترك المدرسة قبل أن ينهي المرحلة الإبتدائية الولد اليافع "ع. ق." .. شربَ أبريقاً مليئاً بالعيران ..
هناك في المطعم الشعبي تعلّم أن يدفع كل شخص ثمن طعامه بمفرده ..

هناك وفي ذاك اليوم منحه الطالب الشاب "ع. د. م." لَقّب "أبو الْعُلى" ..

بعد الطعام الجميل حتى الشبع .. طلب الطالب الشاب "ع. د. م." منه أن يرافقه إلى المقهى الشعبي في شارع بغداد قرب الكنيسة .. من أجل "المخمخة" ..
وحين لم يفهم ما يعنيه صديقه الطالب سأله ببلاهة طفل: ماذا تعني؟ ..
ضحكَ الطالب الجبلاوي الأسمر وقال له:
يا أبا العُلى .. لقد أصبحتَ اعتباراً من هذا اليوم رجلاً .. لأَنّك تقبض المال وبذلك أنت مستقل اقتصادياً .. وفي المقهى سوف نطلب الشاي الأسود والنارجيلة ونمخمخ وننبسط .. لنا الحق يا أبا العُلى بالاصطهاج بعد التعب ..

هناك وللمرة الأولى في حياته شرب الولد "أبو العُلى" الشاي الأسود في مقهى شعبي ودخّن/سحب أنفاساً من النارجيلة ..
هناك وتحت ثقل أنفاس الدخان والجمر انتشى رأسه حتى أنّه أوقّع كأس الشاي الموضوع على الطربيزة المعدنية والمطلية بالأزرق أرضاً ..

وفي كل إجازة مدرسية كان الولد "أبو العُلى" يكبر أكثر ويشتدَّ عُوده ويشتدَّ ظَهْرُه ووعيه ..

يتبع في الجزء الثالث ..



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية أبو العُلى -1-
- كومبارس في مقهى ألماني
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -10-
- النَّقْصُصَّافِي في ألمانيا
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -9-
- مقاهي دير الزور .. مشروع لم يكتمل بعد
- في الطريق من فرايبورغ إلى لندن
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -8-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -7-
- دلعونا إمرأة من بسنادا
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -6-
- رسالة إلى سحر
- آزارو مرّ من بسنادا
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -5-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -4-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -3-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -2-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -1-
- جينات بسندلية -4-
- بماذا أخبرتني تلك اللوحة؟


المزيد.....




- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حكاية أبو العُلى -2-