أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - من الفن ينبثق العالم














المزيد.....

من الفن ينبثق العالم


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4864 - 2015 / 7 / 12 - 09:35
المحور: الادب والفن
    


حـذاء نسائي ذو كعب رقيق عالي في ارض جرداء يحمل عمارات متلاصقة. لوحة سريالية للرسام الشهير " سلفادور دالي". السريالية الموصوفة بالاعقلانية. ثورة كبرى ضد قـانون المحاكاة الذي صاغه "أرسطو" في كتابه "الشعر". منذ "أرسطو" كان الفن هو محاكاة الطبيعة. السريالية أعتـقـت الفن من كل الضوابط الفيزيقية المرئية و أبحرت في الخيال المنفـلت من الخطوط الطبيعية. في عمقها تأسيس للخلق و الصناعة الإنسانية القائم على إخراج الخبايا و الخفايا و المقاسات الباطنية التي تكسر الطبيعة و تطوعها بدل أن تحاكيها و تسير تحت إمرتها.
بفضل السريالية في الشعر و النـثر و الرسم فجر الإنسان مكامن خلق جديد. و فعلا فحذاء "سلفادور دالي" النسائي في ارض جرداء يحمل بنايات مرتفعة، جعل الإنسان يحـول منطقة صحراوية جافة إلى مدينة عـظيمة مثل "لوس انجلس" في أمريكا. مدينة القمار و الملاهي و التعري و العاهرات ذات الأحذية ذات الكعب العالي الرقيق. بفضل اللوحات السريالية و الشعر السريالي أصبح بالإمكان بناء خط سكة حديدية في البحر. أصبح بالإمكان تكلم البشر مع البشر و تـفصل بـينهم مسافات. منها انبثـق عالم الفضائيات و الانترنت حيث العالم في بيتك و أنت في العالم فيزيقيا جالس على أريكة.
بفضل الحفر في الباطن الإنساني و إخراج ما فيه مما كان حسبما كان موجودا لامعقولا، ثم بناء عالم جديد لم يكن ليخطر على بال. هو العالم الإنساني الذي نعيشه اليوم بدون أي اعتبار له كلامعقولية، و إنما أصبح العالم القديم بكل ما فيه لامعقولا في محدوديته و فراغاته الشاسعة و معوقاته الجمة في التواصل و الحياة..
في الأخير، و جوهر الحياة الإنسانية هو التواصل فيما بينها. جوهر كل المعاني و انبثاقاتها و صراعاتها هو داخل العملية التواصلية الإنسانية...
لو لم يكن المخاطب هو الإنسان الآخر لما وجدت ثـقـافات و أديان و فلسفات، كما لم تكن لتوجد حروب و تجارة و بناءات و صراعات نفوذ. الشكل البدائي في الصراع ضد الطبيعة أولي و هو يوحد المجموعة البشرية، لكنه صراع مبتـذل على مستوى إنتاج المعنى لو كان خارج انعكاسه و ترائيه بين الإنسان و الإنسان. انه الكائن الذي جعل للعالم كلمات و أصوات و ضجيـج. انه الكائن الذي جعل الآلهة ترى نفسها و تسمع نفـسها، لذلك سمي بخليفة الله في الأرض. فلا يكون الصراع ضد الطبـيعة عميقا إلا بقدر توهجه في البوتـقة الإنسانية...
هنا أصل الأشياء و منها الحركة من الامعـقول إلى المعـقول و من المعـقول إلى الامعـقول، و إيقاع راقص كوني يلهث باستمرار وراء المعنى المنفـلت و الوعي الإنساني المنفـلت. الوعي الراكض باستمرار و إن كان لتحديد وجهة ما من معقولية حينية فانه لا محالة لا يعدو أن يغدو عبثا طفوليا في تحديداته لأنه لا يمكننا أبدا أن نسبح في نـفس النهر مرتين مثلما قال الفيلسوف اليوناني "هيرقليط"..
هنا أصل الأشياء منذ اللحظة السرمدية التي انتـقـل فيها القرد المميز جدا إلى إنسان. هو العالم بكل ما فيه إنساني. و ربما مثـلما ختم نجيب محفوظ روايته " ثرثرة فوق النيل" لا نجد ابلغ من قوله: " أصل المشكلة مهارة قـرد"..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إمرأة -المترو-
- فضيحة العرب
- أزمة المثقف
- التفاحة الساقطة
- الاعلام التونسي الناقص
- سوريا في مواجهة الصحراء
- القراصنة
- التنورة المتمردة
- محاولة الاستئناس في تونس بحزب -سيريزا-
- اللوحة الغريبة
- هل القرآن دستور الدم المراق؟
- قصتي مع الفتاة الروسية
- النجاح الأوتوماتيكي لفشل الحكومة التونسية
- من الاستكلاب البشري إلى التأله الإنساني
- ثورة محجبة
- ضرورة الانفتاح الوطني في تونس
- شهادة حية لحرب 1967
- -وينو البترول- في تونس
- السيجارة
- سخرية جادة


المزيد.....




- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - من الفن ينبثق العالم