أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - اللوحة الغريبة














المزيد.....

اللوحة الغريبة


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4844 - 2015 / 6 / 21 - 15:03
المحور: الادب والفن
    


كانت تسكن في عمارة الأحلام و لكن ما أذهلني أكثر هو زخم اللوحات المتراصفة بجانب بعـضها تـقـتـطع شريطا متعـدد العوالم على ذاك الجدار الوردي اللون. من بين اللوحات صورتها و هي عارية تماما. لكن هناك لوحة مميزة شدتـني إليها . إنها نص باللغة الفرنسية..
" إن صحيفة متهمة بالراديكالية مثل النيويورك- تايمز قالت عن فورد في عام 1828 انه فاشي الصناعة – موسيليني مدينة ديترويت.
في ربيع عام 1937 حدث الانـفجار. حـدثت اعـنـف مجابهة أمام البوابة رقم 4 في مصنع ريفر روج الضخم, حيث أطـلق عـليها العمال اسم المجزرة..."
و هكذا يصف النص المجابهة الدامية بين ميليشيات فورد بتحالف مع رجال الشرطة و بين العمال العزل. كانت واقـفة متكئة على جانب باب الغرفة مرتـدية روب الحمام ذو اللون الوردي و منشفة بيضاء تـلف شعـرها. قلت مازحا:
- إلا المنشفة بيضاء عندك فحتى بشرتـك وردية.
ابتسمت ثم قالت مشيرة إلى وقوفي أمام اللوحة النقابية:
- مثـلما توقعت تماما.
- غـريب. هل هذه لوحة؟
- طبعا. أليست جميلة؟ ألا تـثير فيك الإحساس بالخير؟
تـناولنا كأس نبـيذ مذاقـه حلو. رائحتها العـطرة تـفـوح في المكان الجميل الهادئ المخـدر للحواس. قالت:
- إنها فقرة من كتاب " الجريمة على الطريقة الأمريكية" للمؤلفين الفرنسيين " فرانك براوننغ" و " جون جيراسي".
- يبدو أن الكتاب كالإنجيل بالنسبة لك و لكن ما سر اقـتطاع هذه الفقرة بالذات و التي أجـدها أنا شخصيا عادية.
غابت في الرواق الطويل و عيناي تـلفان قـوامها الرشيق ببهجة في القـلب ثم عادت بصحن مليء بقطع الجبن و عـلبة بطاطة ورقية الشكل جافة. صبت لنا كأسين أخريـين. كان الروب ينزلق ببطء إلى الجانبـين مفصحا أكثر فأكثر عن مفاتن جسدها. قالت:
- تصور. الصدفة وحدها قادت هذا الكتاب إلي. قـرأته بنهم شديد و حين وصلت إلى هذه الفـقرة غـدا كالإنجيل لدي. كان جدي أحد هؤلاء القادة النقابـيـين اللذين تعرضوا لهذه المجزرة.
توقـفـت لـتـشرب نصف كأسها. لأول مرة أرى نار الحماسة في عـينيها. أردفت قائلة:
- جدي الطيب الرائع كم عـرف من المعاناة في حياته. كنت ازور قبره باستمرار. تلك الكلمات على القبر محفـورة في قـلبي كـذلك.
تـشرب النصف المتبقي من كأس النبيذ الرماني اللـون.تـضع الكأس الفارغ على الطاولة لتصب فيه من جديد. تـقـذف بقـطعتي جبن في فمها. تـنـظر إلى السقـف و تردد هذه الكـلمات بأصابع متـشابكة حول ركبتيها و بتكور لجـسدها بصوت ذو إيـقاع كالترتيل عـذوبة :
" أنا النقابي الذي التصقت شفاهه عشرات المرات بإسفـلت الشوارع بفضل لصوص السيد هنري فورد."
ثم رأيت دمعة تـتـرقـرق من عـينيها الساحرتين على خـدها الأسيل...
كانت قـد فـتحـت ساقـيها العاجيـتـيـن المـرمريتيـن. لا ادري سر تـلك الـقوة الغـريبة التي دفعت بـرأسي نحـوها و بالتالي عيناي. انـقـشع الروب عن وسـطـها فجـأة و دون سابق إنـذار فكانت السماء قـد بعـثـت بـرقــا مفاجئا. كان فـرجها كـومضة البرق حتى خـلت البصر قـد طار مني. كان ذو حمرة وردية كـلون الـزهـور, رقـيـق و منـفـتـح قـليلا صافيا كالحليب . لمحـت كل ما اعتمل في وجهي من ألوان الارتباك و التـشضي. رمقـتـني بابتسامة و قامت.
" الاحمرار خجلا من اللااخلاقية هو درجة من درجات سلم سيحمر المرء خجلا في نهايته.. من أخلاقيته." هكذا قال نيتـشه
أشعـلت سيجارتها مثـلما أشعـلت بـدوري مخـفـفـا وطأة النار التي تستعـر بداخلي. غـلة فـردوسية مشتهاة قـابعة بـين أزقـة مخي, تـشـتـهـيـها أروقـتي , تـرقـص بـينها, تـشـد أعـصابي, تـلـفـني , تـشعـلني, تـؤجــج نـيـراني, تـسعـرنـي.. جمال لا يـطـاق, سحـر أخـاذ, أكـاد اختـنـق أو انـفجـر. ربما ينطبق هذا الوصف على الشخصية الأمريكية. إما أن تـسحـق أو تـنـفجـر. يا لها من جاذبـية شـيـطـانـيـة قـويـة كـونـيـة..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل القرآن دستور الدم المراق؟
- قصتي مع الفتاة الروسية
- النجاح الأوتوماتيكي لفشل الحكومة التونسية
- من الاستكلاب البشري إلى التأله الإنساني
- ثورة محجبة
- ضرورة الانفتاح الوطني في تونس
- شهادة حية لحرب 1967
- -وينو البترول- في تونس
- السيجارة
- سخرية جادة
- العراق بين العمامتين
- المأزق التونسي الحالي
- بهجة الحياة
- فاجعة العري و لذته
- بين الأصنمة و الحرية
- مأزق اليسار
- المشهد السياسي الغائم في تونس
- المتسربل بالموضوعية
- المثقف البائس
- إخوان الكذب في حضرة السخرية الجليلة


المزيد.....




- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - اللوحة الغريبة