محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4828 - 2015 / 6 / 5 - 12:42
المحور:
الادب والفن
التقاها صدفة قبل موعد مغادرتها بست ساعات،
وهي تجلس في المقهى، تراقب السفينة التي تعبر النهر بحركات موزونة مثابرة، وتشعر بشيء من السأم لأن المقهى ثابت لا يغادر المكان.
استأذنها لكي يجلس على الكرسي المجاور لها.
سمحت له بالجلوس، لأن المقهى مكتظ بالزبائن ولا مكان فارغ فيه.
تبادلا بعض المجاملات،
ضاعت المجاملات، في ضجة الأصوات التي تنطلق من حناجر فوج السياح الذي يملأ المقهى. ابتسمت، وابتسم.
أدنى رأسه من رأسها، قالت له إنها ستغادر هذه المدينة بعد ست ساعات، في القطار الذاهب إلى الجنوب. قال لها إنه باقٍ في هذه المدينة ستة أيام.
طلب له ولها زجاجتين من البيرة، حدثته عن آخر لوحة رسمتها قبل أن تجيء إلى هذه المدينة. حدثته عن طفليها اللذين أنجبتهما ثم ماتا. حدثته عن زوجها الذي انفصل عنها حينما تعلق بامرأة أخرى تصغرها بست سنوات.
حدثته عن صانع التوابيت الذي أحبها، قالت إنها ما زالت تحبه، لكنها لا تحب مهنته، ولهذا السبب، رفضت أن تتزوجه. قالت إنها لا تحب أن يظل هاجس الموت منتصباً فوق رأسها.
شربت ست زجاجات من البيرة، وشرب هو الآخر ست زجاجات.
حدثته عن أفضل وجبة تحبها، عن الرياضة التي تجيدها، وعن الفساتين التي ترغب في ارتدائها. حدثته عن ساعات نومها وعن ساعات صحوها، حدثته عن كل شيء وهو يصغي لها دون ملل أو سأم، حتى انقضت الساعات الست، وفاتها القطار.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟