أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ناجي - المسكوت عنه في الثقافة العربية ... ارتزاق المثقف !















المزيد.....

المسكوت عنه في الثقافة العربية ... ارتزاق المثقف !


محمد ناجي
(Muhammed Naji)


الحوار المتمدن-العدد: 4805 - 2015 / 5 / 13 - 11:17
المحور: الادب والفن
    


(الحق الحق أقول لكم : أنتم ملح الأرض فإذا فسد الملح فبماذا يملّح ؟) السيد المسيح

بين الحين والآخر ، يظهر إلى العلن ، فجأة ، موقف ارتزاق لمثقف عربي – سياسي/أديب/فنان/إعلامي ... – فيحتدم النقاش ، في هذه البقعة أو تلك من بقاع الوطن العربي الكبير ، وغالبا ما يكون لأسباب شخصية وللمناكفة . وما أن يكاد المرء يسمع ضجيج الحدث ، حتى يخفت ويختفي مثلما ظهر ، ليفتح بعد حين لمثقف في مناسبة ومكان آخر ... وهكذا .

هذا الموضوع ، وأعني به (ارتزاق المثقف العربي) ، برغم أنه الأكثر أهمية ، فهو مسكوت عنه ، ويراد محوه من ذاكرة الإنسان وسجلات الثقافة العربية . ومن الواضح أن هذا موقف واتفاق وتواطؤ ثقافي عام قديم/جديد وغير معلن ، لذلك نرى في الحالات الاستثنائية ، التي يطل فيها برأسه ، ويظهر بصورة فاضحة ، وبطريقة الردح ، ويصعب حينها التستر عليه ، يسارع البعض لوصفه كحالات فردية ، ويتعمد البعض الآخر تجاهله وتجنب إثارته ، وغالبا ما يجري تمريره وتسويغه بمبررات بائسة ، أو الرد بعنف فظ وصريح بمجرد إثارته ، بقصد الردع وإرهاب من تسول له نفسه الخوض فيه ، كما حدث في رد صحفي عراقي لامع ، مسؤول عن تحرير صحيفة عراقية بارزة ، ورئيس نقابة للصحافيين العراقيين ، عند إثارة البعض لموضوع أغنية (رافد جبوري) في مدح صدام حسين ، فكتب بعصبية ، لم تعرف عنه من قبل ، ووجه حزمة من التهم في مغالطة ، هي فضيحة بحد ذاتها : (( الحملة ضد الزميل جبوري تنتمي إلى عهود محاكم التفتيش ، والى مرحلة النازية والفاشية ، والى زمن المكارثية ، يلزم التصدي لها بعزم وحزم لردّها وللحؤول دون انهيار الممارسة السياسية والحكومية إلى منحدر سحيق ومستنقع بالغ النتانة .)) !(1)


الحاضر ، كما الماضي وامتداد له ، يضج بمواقف الارتزاق للمثقف العربي ، وآخر ما ظهر ويجري تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي هو مقطع فيديو للكاتبة والإعلامية التونسية كوثر البشراوي(2) تظهر فيه وهي تحتضن ، ما سمته هدية عمرها ، حذاء (بسطال) جندي سوري ، ولا تتردد في أن تحشر نفسها في الشأن السوري ، لتقف بدون مبرر سوى الارتزاق ، في صف الرئيس بشار – الله يحفظه - وتكيل السباب والشتائم بابتذال لمعارضيه ، وتبشر وتروّج للحذاء الذي سيجلب السلام !

نعم من الضروري أن يكون للإنسان موقف من أي حدث ، وهو حر ، وله الحق في أن يتخذ الموقف الذي يراه مناسبا له ، وإذا كان الإنسان مثقفا فموقفه يكتسب أهمية مضاعفة ، لأنه كما يقال بحق : ضمير المجتمع/الأمة/الشعب ، وهو يؤسس لقيم ومُثُل في المجتمع ، وطبيعة هذه القيم والمثل تعتمد على نزاهة ووعي المثقف (الضمير) لدوره ومهمته ، فإما أن ينشر ويرسخ قيم الحرية والعدالة والتطور في مختلف مجالات الحياة ، أو العكس حين يكون هذا الضمير معروض للإيجار ، لمن يدفع أكثر ، أو يغط في نوم ألهنا ، فمن السذاجة أن ننتظر منه غير ما نراه اليوم من (إبداع) لقيم التخلف والبداوة والاستبداد ، واحد مظاهره احتضان الأحذية أو رفعها على الرؤوس كـ(بسطال) لجندي سوري أو مصري ومن قبلهما لجندي عراقي ، من حراس البوابة الشرقية !

في سوريا اليوم هناك رعب ودمار ، وإنسان يذبح ويقتل ويشرد ويهجّر ، ونساء تغتصب ، وإذا كان لابد من موقف فليكن المعيار ، في سوريا وغيرها ، هو هذا الإنسان ، الذي يستحق الوقوف معه أكثر من غيره ، فهو ضحية صراع المصالح والقوى الداخلية والخارجية ، و(بسطال كوثر البشراوي) بالتحديد هو من سحق وداس على كرامته وفرط بحقوقه ، واضطره أن ينزل للتظاهر في الشارع احتجاجا على الظلم والكرامة المهدورة . ومهما كانت طبيعة المعارضة السورية ومن يقف خلفها ويمولها ، فلا يوجد أي مبرر للمثقف – غير المرتزق – كي يقف مع نظام قائم على القمع والعنف والاستبداد كالنظام السوري وأمثاله ، فهو كأي نظام سياسي ، في كل الظروف والمعايير ، المسؤول الأول عن كل ما جرى ويجري لشعبه ، وبرغم توفر أكثر من دليل على وحشية النظام ومسؤوليته ، لكن لفضح موقف الارتزاق ، نكتفي بالإشارة إلى موقف بالغ الدلالة على أسلوب السلطة القمعي والمتعجرف ، في الكلمات التي رد بها (عاطف نجيب) مسؤول الأمن السياسي في درعا على المطالبين بإطلاق سراح الأطفال ، الذين جرى اعتقالهم لكتابتهم شعارات معادية للنظام على الجدران في بداية الأحداث : ( انسوا أطفالكم ، ثم ضحك مستهزئاً ، اذهبوا إلى بيوتكم واحصلوا على أطفال آخرين إن أردتم ، وإذا لم تستطيعوا ، ابعثوا نسائكم إلينا لنفعل لكم ذلك !(3)

ارتزاق المثقف يمتد عميقا في التراث والثقافة العربية ، والمقال لا يتسع للخوض في تفاصيله ، ولكن نشير هنا إلى ما ورد في الجزء الرابع من المؤلف القيّم للدكتور جواد علي (تاريخ العرب قبل الإسلام) الصفحة 1270 في عنوان (التكسب بالشعر) ، حيث وردت فيه أسماء النابغة الذبياني والأعشى وغيرهم ، لتكر السبحة ، في الشعر وغيره ، إلى اليوم ... والغد .

وفي هذا الموضوع موقف رائع يستحق الذكر ، تميّز به الخليفة عمر بن عبد العزيز(4) ، ولم يتكرر بعده إلى اليوم ، حين رفض السماح بدخول الشعراء ، الذين كانوا جالسين ببابه طلبا للإذن بالدخول إليه ومدحه والحصول على عطاياه ، كما تعودوا أن يفعلوا مع غيره من الخلفاء وأصحاب السلطة والمال ، وكان من بين الشعراء عمر بن أبي ربيعة ، الفرزدق ، الأخطل ، الأحوص الأنصاري ، جميل بن معمر . ولم يأذن بن عبد العزيز بالدخول لغير جرير ، الذي لم يحصل منه على ما أراد ، فانصرف منه وهو يقول :
رأيت رقى الشيطان لا تستفزه *** وقد كان شيطاني من الجن راقيا
فلما رآه الشعراء خارجا سألوه : ما وراءك يا جرير ؟
قال : ما يسوءكم ... خرجت من عند خليفة يعطي الفقراء ، ويمنع الشعراء ، وإني عليه لراضٍ !

فتح هذا الملف بموضوعية ، بعيدا عن الردح والخلافات الشخصية ، يحتاج لوقفة شجاعة وجرأة من المثقفين ، خاصة أولئك الطامحون لثقافة بديلة تقوم على مبادئ وقيم الحرية والعدالة وكرامة الإنسان ، وموقف النعامة ودس المثقف لرأسه في الرمال ، ليس أكثر من هروب إلى الأمام ، وإصرار على استمرار المراوحة في المكان ... خارج التاريخ ، وكل الكلمات البليغة والمنمقة ، ولغة التهديد والتخوين ، تظل عاجزة عن تغيير الحقيقة ولو مقدار خردلة . يقينا سيفتح الملف ، ويكشف المستور من مواقف الارتزاق البائسة علنا ، هي مسألة وقت ... وحياة !

1- عدنان حسين – شناشيل – صحيفة المدى العدد 3340 الصادر بتاريخ 17/4/2015
2- رابط حديث كوثر البشراوي :
https://www.facebook.com/bintjbeil.org/videos/vb.106447832755806/857000907700491/?type=2&theater
3- الحادثة ذكرها الصحفي السويدي(ِِAron Lund) في كتابه (SYRIEN BRINNER) ص17، وقبل ذلك سبق وسمعتها من صديق سوري من أهالي درعا ، كان قريبا من الحدث .
4- أحمد سويلم (الشعراء والسلطة) ص11



#محمد_ناجي (هاشتاغ)       Muhammed_Naji#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمات على جدار الاستبداد *
- شكراً ستوكهولم ... وصلت الرسالة !
- حيص بيص برلين ... آسف فقدتم مصداقيتكم !
- امشي عدل ...!
- الانتخابات ... بين ثقافتين
- ثقافة العنف والرأي الواحد (الأنا) ... كلنا داعش وإن لم ننتم ...
- حذار من المبالغة بشعار (التغيير) !*
- بدون مجاملة ...
- المغنّي والسلطان !
- بعد (ربيع الغضب) مرحبا 2013 ... ولكن !
- 1/4 كلمة
- (المهزلة) بالألوان والسينما سكوب
- في حضرة الجهل والدجل
- أيها السادة : سقط طاغية ولم يسقط الطغيان
- حقيقة (الإيمو) الضائعة بين عبد الخالق حسين ووزارة حقوق الانس ...
- آخر نكتة ... القضاء يهدد المالكي بالإعتقال
- الحجاج ... وأهل الشقاق والنفاق !
- العراق .... المهزلة برائحة الدم !
- صرخة في البرية !
- العراق ... فساد أفراد أم نظام ؟


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ناجي - المسكوت عنه في الثقافة العربية ... ارتزاق المثقف !