بن كيران و الزعامة

حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 4800 - 2015 / 5 / 8 - 22:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الكثير من المتتبعين يطرحون أسئلة حول طريقة بن كيران,رئيس الحكومة
المغربية,في مخاطبة المجتمع و المعارضة,من قبيل,لماذا تلك الإطلالات
الساخرة,و الهادفة لإضحاك المتتبعين أكثر من إقناعهم؟لماذا كلما تعلق
الأمر بمواجهة المعارضة,تغيرت نبرة السيد رئيس الحكومة المغربية؟,هل
اكتشف السيد بن كيران طريقة جديدة للزعامة,أم أنه يتهرب منها لشعوره
بالعجز مقارنة مع تاريخ المعارضة المغربية,الديمقراطية؟ هل أسلوب رئيس
الحكومة هو ما يناسب الحالة التي وصل إليها الوضع السياسي كوعي؟
1_الزعامة السياسية
في المغرب,و تاريخه كان الزعماء الكبار من المعارضة الديمقراطية
الإشتراكية,الذين عاشوا صراعات مريرة ضد نظام الحكم بالمغرب,بل منهم من
خبر زنازن الإعتقال,مع تمتع بعضهم بمعرفة سياسية,أهلتهم لصياغة خطابات
سياسية تمتح من التاريخ و المعرفة بشكل عام,مع صياغات نظرية,حول مبادئ
التفكير التي اعتبرت اجتهادات في الفكر السياسي المغربي,و بذلك,اعتبر
الزعيم في الفكر الشعبي,هو ذاك العارف و المستعد للتضحية في سبيل
غاياته,التي لم تكن إلا غايات الأغلبية من الشعب المغربي,هكذا اعتبر
الزعيم متعاليا عن المصالح الفردية و الشخصية,زاهدا في فيما يعتبر
انتصارات صغيرة,بل إن الحزب نفسه,لم يكن إلا تعبيرا عن ذوبان الطموحات
الشخصية فيما هو جماعي.و مقابل كل ما سبق تميز قادة الحركة
السياسية,باعتبارهم الوارثين للحركة الوطنية,لذلك كانوا يتحفظون في
حديثهم,ليظهروا أنهم رجال دولة,و ليسوا مشاغبين,رافضين لدغمائية القائد
السياسي,و كلما تم اختيار رئيس حكومة من خارج هذه الطينة,كان وجوده
باهتا,يتشعره الرئيس المنتخب أو المعين,فيزيده ذلك حرجا,خصوصا في مواجهته
لمعارضة مكونة سياسيا و لها قدرة خطابية مؤسسة حجاجيا.
2_الزعامة الدينو سياسية
كان إبن كيران فائزا لفوز حزبه في الإنتخابات الأخيرة,و بحكم كونه الأمين
العام للحزب الفائز,الذي أحسن استغلال حركة 20 فبراير,بتبنيه
لشعاراتها,معتقدا أنه بذلك يكتسب نضالية اجتماعية و سياسية,حاز قيادة
الحكومة,و حتى لا يكتشف المجتمع دينية خطابه الدعوي,كان لا بد له أن
يبالغ في التواضع الفردي الشعبي,مظهرا عدم قدرته على التلاؤم مع
ابروتوكولات السياسة,بحيث يقول لاشعوريا,بأن مناضلي حزبه لن تغيرهم وضعية
الحكم كما حدث لحكومة التناوب,فاستمر في إثارة ضحك الناس,كأسلوب للهروب
من النقاشات الجدية,التي تتطلب فكرا و مقاربة تتطلب ثقافة واسعة,في
السياسة و المعرفة و الإقتصاد و حتى الفنون,,تلك عملية هروبية,فاضحة
لثقافة مختلفة,تنهل من الموعظة,و تنحاز للتنكيت,ليبدو الرئيس أقرب إلى
عامة الناس,الذين ينفرون من التعالي الذي عاينوه ممارسا من طرف الساسة و
الزعماء الكبار.
3_الزعامة المفرطة
إن الشعور بالعجز عن إعادة إنتاج الزعيم التاريخي,تفرض كرها لممثلي
الأحزاب التي كانت منبتا للزعامات السياسية كما عايشها المغاربة,بحيث
يتحامل رئيس الحكومة على المعارضة الديمقراطية,و كأنه زعيم حزب في حملة
انتخابية مفتوحة,بل أحيانا يبدو فيها السيد بن كيران,حاميا و مدافعا عن
جمعية التوحيد و الإصلاح,الواعظة,لانتزاع الزعامة المفرطة كما تعيشها
الحركات الدينية,التي لها مفهومها الخاص للمرشد الزعيم,الذي لا يمكنه
القبول بالمحاسبة و النقد العلني,بما يرشح عن السيد رئيس الحكومة من
انفعالات مبالغ فيها تجاه المعارضة,التي انجرت لأسلوبه,و ردوده,فتحاملت
هي الأخرى انفعاليا على الحكومة,رادة بالأسلوب نفسه,و هو ما يعتبر فشلا
للمعارضة نسبيا,و التي لا يمكن أن ننكر,أنها هي الأخرى عرفت تحولات,مست
كارزميتها القيادية.
4الزعامة الزاعمة
هي تلك الزعامة التي تزعم أنها مهددة كما هددت الزعامات التاريخية
المعارضة,و قد كانت فلتات لسان السيد بن كيران,أصدق تعبير,عندما أشار
بدون سياق و مبرر,لاستعداده للشهادة,أي البطولة المزعومة للتماهي مع
زعامات المعارضة المغربية ايام الرصاص و النار,ففي كل مرة,لا يمل رئيس
الحكومة من التذكير باستعداده للقفز من سفينة الحكومة,ثم التذكير بقوة
الخصوم و قدرتهم على الوصول إليه,بل تحدث مرة عن استهدافه في الخارج مرة
ربما قبل وصوله للحكومة,و هي آلية انفعالية,تضمر شعورا بالغيرة ممن أتاح
لهم التاريخ,اكتساب الزعامة بتضحيات النضال السياسي و تبعاته السجنية و
التعذيبية و حتى النفي خارج حدود الوطن.
خلاصات
عقدة الزعامة تتولد عنها مغامرا خطابية,مقدور عليها مادامت منحصرة في
الخطاب,لكن هناك تبعات سياسية عندما تترجم لفعل,مهدد للمعارضة و حتى
لفئات اجتماعية و شرائح,يشهد التاريخ أنها كانت داعمة للمعارضة,كرجال
التربية و التعليم,ورجال الصحافة.
حميد المصباحي كاتب روائي

#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل