أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوق «السُنّة»..المضحك المبكي!














المزيد.....

سوق «السُنّة»..المضحك المبكي!


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4797 - 2015 / 5 / 5 - 09:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



سبق أن تناولت منذ زمن هذا الموضوع الطريف في باب الكوميديا السوداء (المضحكة السوداء) وعلى صفحات «الاتحاد».. وقد ترك ذلك أثراً من التعليق لدى قراء وزملاء، في حينه، ويبدو أن ما يتصل بهذا الموضوع لا يذهب مع الريح، دون أن يُنتج حالة شعبية يتندر بها من يبكي ويضحك، في آن واحد، وقد عادت الطرفة لتتنقل في مستويات ومنحنيات جديدة من الناس، بعد أن فعلت مفعولها، فقبل أيام أعلمني أحدهم أن بنطالاً ورثه مع بعض الأشياء من والده، وفَقَدَه منذ قريب العام، ليجده في إحدى زوايا سوق للسُنّة قبل أيام، وفرح كثيراً، حين استعاده مقابل ليرات قليلة، وليستعيد عبره أيامه الخوالي، حين توفي والده وورثه. فرحتُ لفرح الصديق المكلوم لغياب والده وبنطاله، حتى قبل أيام، فهنأته ووعدته بالتحدث معه حول حادثة مماثلة، ولكن مكلفة على نحو مثير، كان ذلك قبل أيام ثلاثة، حيث التقيت الصديق الذي طالبني بما وعدته به، لقد حدثته عن صديق خسر جهازاً تكنولوجياً اشتراه بثمن عالٍ من بلد أوروبي، بتوصية من طبيب أوصاه له، بأن يبدأ باستخدام هذا الجهاز لعلاج آلام قاسية، يعيش تحت وطأتها. وفَقَدَ الصديق ذلك الجهاز، ليجد نفسه ثانية، فريسة تلك الآلام، وعلى سبيل المصادفة، التقيته بعد غياب طويل قضيناه معاً ومع الآخرين، لنعايش ما راح يجثم عبر صدر سوريا الرقيق من أثقال مبيدة، رائدة في الإبادة، وإذ التقيته ثانية، دققت في وجهه، فكان مشهداً مأساوياً من الألم والترهل، كان ظهره قد انحنى، حتى كاد أن يتوازى مع ركبتيه تقريباً، نظر إليّ بعينين ذابلتين، وأعلمني أنه فهمني في نظرتي إلى ظهره وبكى وبكيت، ومباشرة سألته باستعجاب مشوب بالأسى: أين الجهاز الذي تعالج نفسك به أيها المهمل؟

قال لي: لقد نُهب الجهاز أمام عيني، دون أن أتمكن من الحؤول دون ذلك.

نعم، كان من نهبني ونهب جهازي فتى يافع يتمنطق بـ«روسية»، وهذه الأخيرة هي التي ركعتني على ركبتي، فاستشطت غضباً، وقلت له بلغة الواثق: هنالك سوق يدعى «سوق السُنّة» بالقرب من حديقة المدينة، فلعلك تجد أو تشاهد جهازك إياه، الذي اشتغلت عليه عقول وعقول.

استيقن الصديق مما قلته، وهرول إلى البيت، كي يُعلم أطفاله وزوجته بما سمع مني (كما فهمت منه) وليتابع الإسراع للوصول إلى «مكان الجهاز»، وللأسف لم أكن قد سجلت عنوانه في مدونتي، فكان عليّ أن أنتظر خبراً منه، ثلاثة أيام مرت كنت أثناءها متحفزاً لسماع الصوت، وجاء هذا الصوت، ليقول لي: وجدته، نعم وجدته وبثمن لا يقارب الواحد في المئة من الثمن الذي دفعته في شرائه، يا صديقي، إن «مال الحرام»» زمنه نصف ثانية، و«المال الحلال» زمنه العمر كله، ثم، اعلم يا صديقي، أن الجهاز المفقود، كان وسيبقى مأخذواً من قِبل جرائم الموت الأسود والتخلف والتخليف، أما ما استعدته فيعادل تاريخ العلم والبشرية، ورحم الله «داروين» و«ابن خلدون» اللذين اخترقا الكون الحضاري ليظلا طوال العمر مع شرفاء العالم قلباً نابضاً.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان في النهوض العربي
- هل هي «سايكس- بيكو» جديدة؟
- أربع سنوات هزت العالم
- «الربيع العربي».. الدين والسياسة
- نكون.. أو لا نكون!
- أدونيس.. مستسهِلاً ومختزِلاً
- العراق وتجسيد الاستبداد
- أوباما بين الجريمة والهزيمة
- فوكوياما والاختبار التاريخي
- تفكيك جذور الإرهاب
- «داعش» و«النظام العالمي»!
- أي أفق للاتحادات الليبرالية؟
- «الخوري».. فارس كبير ضد الطائفية
- من المجتمع السياسي إلى الطائفية
- الاستبداد والاستغلال والإرهاب!
- واشنطن أمام فلسطين و«داعش»
- «داعش» ومصالح الغرب
- «داعش».. توحيد للعالم الآن فقط!
- التخلي عن المشروع الديموقراطي!
- معركة التنوير العقلاني


المزيد.....




- طفلة تواجه بوتين: أريد نقل عمي الجندي المصاب في الجبهة إلى م ...
- -لن يشارك أي مسؤول أمريكي-.. ترامب يقاطع قمة العشرين في جنوب ...
- أفغانستان تعلن انهيار محادثات السلام مع باكستان
- أوكرانيا تعلن عن هجوم روسي كبير على منشآت للطاقة
- أمريكا: المحكمة العليا تعلق قرارا يلزم إدارة ترامب تمويل الم ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يفشل في تمرير مشروع قانون ينهي الإغلاق ...
- حين تكتب الآلة القصة وتُخرج المشهد.. هل ينتهي عصر الإبداع ال ...
- موقع إيطالي: صاروخ -براهموس- الهندي الروسي يغزو أسواقا جديدة ...
- البارزاني: تأجيل حل الخلافات بين بغداد وأربيل سيجلب الصداع ل ...
- القسام تنتشل جثة الضابط الإسرائيلي هدار غولدن من رفح


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوق «السُنّة»..المضحك المبكي!