أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - من المجتمع السياسي إلى الطائفية














المزيد.....

من المجتمع السياسي إلى الطائفية


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4624 - 2014 / 11 / 4 - 07:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمثل «المجتمع السياسي» على الصعيد النظري، واحداً من المكتسبات الكبرى التي حققتها المجتمعات الحديثة، خصوصاً في القارتين الأوروبية والأميركية. وإذا استنبطنا من ذلك المصطلح أحد مكوناته البنائية، وهو المأْسسة المشتقة من «المؤسسة»، وجدنا أنه يُفضي بنا إلى حقيقة المجتمع الحديث متمثلة في كونه مدنياً في خصوصيته، وديموقراطياً في آلياته، ومؤسسياً في تركيبته، وعقلياً في ذهنيته، وحداثياً في تاريخيته، وعلمانياً في مرجعيته.

وإذ ينضبط المجتمع بتلك الضوابط، فلأن أفراده ينطلقوا منها كي يشكلوا وحدة إنسانية قابلة للعيش المشترك، رغم أن هناك خصوصيات كثيرة للأفراد والجماعات، لكن دون أن تدخل في البنية العامة المشتركة بينهم. ها هنا تتضح المعادلة العامة التي يستمد منها المجتمع المعْني وجوده المكوّن، بالمعنى السوسيولوجي، من وحدات أسرية وجهوية ومدنية وجيلية وفئوية وطبقية وشعبية وقطرية وقومية.. إضافة إلى ما يمكن أن يكونوا عليه ضمن أطراف محلية وخارجية وعالمية.


إن مجتمعاً قائماً على تلك المكونات والأركان يمكن أن يؤسس «وحدة حضارية» تتضح وتعلن عن نفسها عبر تنظيم مجتمعي تقف على رأسه سلطاته الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذ. وحين تضطرب الوظائف الثلاث المذكورة، وتبرز المكونات الصغيرة بانتماءات لا تقوم على عمومية المجتمع، يظهر الاضطراب؛ فبدلا من أن تحقق تلك المكونات أهدافها ووظائفها ليس من حيث هي، وإنما من حيث القوى الأخرى، تبرز مخاطر في وجه المجتمع.

تلك المخاطر برزت في المجتمعات العربية على مراحل، حيث ظهرت الطائفة بديلا عما هو مشترك بين الناس (أي الوطن والأمة)، فتحولت إلى عامل اضطراب في الوظائف والأدوار المنوطة بالجميع.

وتعمق ذلك واتسع، خصوصاً مع ظهور مطلب الوحدة الاندماجية بين مصر وسوريا، فهنا كان الشرط الأول تفكيك المجتمع السياسي بأحزابه ومؤسساته السياسية في البلدين. وقد كلف ذلك الكثير، حيث أخذت الوحدة العتيدة تعيش حالة من الاضطراب جراء ضغوطات النظام الأمني المخابراتي، فتفككت دولة الوحدة. في تلك الظروف ظهر الشعور بالرعب واتسع في البلدين، مما دعا الناس للبحث عن أسس للأمان، فكانت الطائفة والمذاهب الدينية.

لقد غابت السياسة وظهر القمع، وتفككت عري المجتمع السياسي في كلا البلدين، فكان ذلك بمثابة تفريخ للقوى الظلامية الاستئثارية، مع الانحطاط في الحياة العامة اقتصاداً وثقافة وقضاء ومدرسة وجامعة. لكن سوريا استطاعت رأب الصدع لفترة قصيرة، عاد بعدها نظام الاستبداد الرباعي في السلطة والثروة والإعلام ومرجعية المجتمع. واستمر ذلك مع انقلاب 1963، واكتمل مع حركة 1970 واستمر، لكن المجتمع السوري حافظ على كثير من حيويته وأشواقه للأهداف الكبرى.

لقد ظهر عبء «الدولة الأمنية» ثانية، متوافقاً مع تصاعد الطائفية والاستبداد الشمولي. لكن ما يُراد له أن يظهر في النهاية منتصراً (وهو التقسيم الطائفي لسوريا)، اتضح أنه غير محتمل مع انتفاضة سوريا من أجل الحرية والعدالة والتحديث. فسوريا بهذه الانتفاضة تستعيد عملية التأسيس للمجتمع السياسي. وهذا بالذات ما أثار القوى الظلامية والاستبدادية، هنا كما في مناطق مجاورة أخرى (مثل إيران)، حيث حدث ما لم يكن قابلا للتفكير فيه، وهو التدخل في سوريا لكبح انتفاضتها. إن انتصار هذه الأخيرة قد يكون كفيلا بتصفية النزوع الطائفي البغيض، وذلك في سباق المواجهة المركبة لظاهرة «داعش» ومثيلاتها وعبر التأكيد على ضرورة وحدة القوة الوطنية التنويرية الديمقراطية، وعبر إنجاز مهمات المجتمع الديمقراطي.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستبداد والاستغلال والإرهاب!
- واشنطن أمام فلسطين و«داعش»
- «داعش» ومصالح الغرب
- «داعش».. توحيد للعالم الآن فقط!
- التخلي عن المشروع الديموقراطي!
- معركة التنوير العقلاني
- سوريا..هل باتت «أم الكوارث»؟
- تنوير إسلامي مبكر
- أسئلة في التداول الراهن
- سوريا ومرحلة الصَّوملة !
- القضية الفلسطينية.. و«الربيع العربي»
- حُطام عربي حقاً.. ولكن!
- العرب.. النهضة والإصلاح الثقافي
- خسائر الشعب السوري
- غياب حُسن الجوار!
- أطفال سوريا في بلدان الاغتراب
- ثلاثية التقسيمية والطائفية والثأرية!
- العلمانية والسياسة والدين
- الشعب الفلسطيني والمشروع الإسرائيلي
- أين مجلس الأمن والمحكمة الجنائية؟!


المزيد.....




- سجال حاد بين أمريكا وألمانيا بعد اتهام برلين بـ-الاستبداد-
- كيف أصبحت الهوية الكشميرية -لعنة- على أصحابها؟
- أكسيوس: اتفاق قريب بشأن إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة
- إسرائيل تشن7 غارات على محيط دمشق وترسل مقاتلاتها فوق أجواء ح ...
- البنتاغون يعلن عن نجاح تجربة نموذج أولي لصاروخ فرط صوتي بحري ...
- الجيش البريطاني يمنع قواته من إطلاق طائرات مسيرة أثناء التدر ...
- الاستخبارات الأمريكية تنشر فيديو للتغرير بمسؤولين صينيين على ...
- أكبر حصيلة منذ 15 عاما.. وفاة 216 طفلا بموسم الإنفلونزا هذا ...
- إدارة ترامب تعتزم تسريح 1200 موظف في وكالة الاستخبارات المرك ...
- كبرى شركات الأحذية الأمريكية تحث ترامب على رفع الرسوم الجمرك ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - من المجتمع السياسي إلى الطائفية