أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين مهنا - يوريكا














المزيد.....

يوريكا


حسين مهنا

الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 4 - 12:53
المحور: الادب والفن
    


يوريكا .. !


هيَ جَميلةٌ .. واثِقَةٌ من جَمالِها .. هيَ واعِيةٌ .. فَخورَةٌ بِوَعْيِها .. مُتَعَلِّمَةٌ زادَها العِلْمُ جَمالاً ووَعْيَاً .. لكِنَّها تُحِسُّ أَنَّ زاويةً ما مُظْلِمَةً في صدْرِها .. لَعَلَّ حِواراتِها مَعَ نَفْسِها هي السَّبَبُ ! حِواراتٌ قاسِيَةٌ الى حَدِّ جَلْدِ الذَاتِ أَحياناً ... تُعيدُ حِساباتِها مَرَّةً بَعدَ مَرَّةٍ ... جَميلَةٌ .. مُتَعَلِّمَةٌ .. تَقودُ سَيّارَتَها لِوَحْدِها الى عَمَلِها .. وهُناكَ في عَمَلِها تَخْتَلِطُ بِعامِلينَ وعامِلاتٍ طَوالَ ساعاتِ عَمَلِها .. إذَاً ، هي ليسَتْ قَعيدَةً ، ولكنَّ تِلكَ الزّاوِيَةَ المُظْلِمَةَ في صَدْرِها تَزْدادُ ظَلامَاً .
لَعَلَّ وَعْيَها هو السَّبَبُ في أَنْ تَعيشَ في قَلَقٍ دائِمٍ ..قَلَقِ الّتي تَكْفُرُ بِحَياةٍ ثَلاثَةُ أَرباعِها " نَعَمْ " والرُّبْعُ المُتَبَقّي تَرَدُّدٌ بينَ " لا " وبَينَ " نَعَمْ " .. زَفَرَتْ زَفْرَةً حارَّةً لم تَسْتَطِعْ تَحْديدَ مَصْدَرِها ..أَهُوَ الغَضَبُ ؟ أَهوَ القَرَفُ ؟ أَو لَعَلَّهُ ضَعْفُ حَوّاءَ المُتَوارثُ جيلاً عن جيلٍ يَطْحَنُ الفَتاةَ وُجوبَاً ومَجازاً ...!
وهَمَسَتْ الى ذاتِها : هلْ أَنا حُرَّةٌ ؟! وجاءَ سُؤالُها كَآهَةِ مَريضٍ أَعْياهُ مَرَضٌ عُضالٌ .. مُنْذُ صِغَرِها تَرى حُرِّيَّةَ أَخيها تَخْتَلِفُ عن حُرِّيَّتِها .. حرِيَّةُ طائِر طَليقٍ تَخْتَلِفُ عن حُرِّيَّةِ طائِرٍ مَشْدودٍ من ساقِهِ بِخَيْطٍ مَهْما امْتَدَّ الخَيْطُ وطالَ .. !
نِساءُ القَرْيَةِ يُجْمِعْنَ على أَنَّ فَتاةَ اليومِ تَعيشُ في مَهْدِ عيسى لا كَما عِشْنَ هُنِّ ، تَبْتَسِمُ لِهذِهِ المُقارَنَةِ السّاذَجَةِ .. أَلَيسَ منَ العَدْلِ أَنْ تُجْرى المُقارَنَةُ مَعَ ما سَيَأْتي ، لا مَعَ ما قد مَضى ! ثَمَّ ما شَكْلُ الحَياةِ في مَهْدِ عيسى هذا ؟ وإذا كانَ المَقْصودُ المَسيحَ عليهِ السَّلامُ فَقَدْ قَضى حَياتَهُ شَقاءً في شَقاءٍ .. وأَيُّ مَهْدٍ هذا الّذي تَعيشُ فيهَ فَتاةُ اليومِ وهي المُذْنِبَةُ في مَحْكَمَةٍ بِدونِ دِفاعٍ ، أَو سَماعِ أَقوالِ شُهودٍ ، فَتُذْبَحُ كَما يُذْبَحُ خَروفُ العيد !! .... وتَعودُ لِتَسْأَلَ نَفْسَها .. هلْ أَنا حُرَّةٌ ؟! هلْ خُروجُها منَ البَيتِ الى الجامِعَةِ ، أَو الى العَمَلِ حُرِّيَّةٌ ؟! وهَلْ قِيادَتُها السَّيّارَةَ لِوَحْدِها حُرِّيَّةٌ ؟! ولِتَكونَ صادِقَةً معَ نَفْسِها أَمامَ حَقيقَةٍ فَرَضَتْها الحَياةُ فَرْضَاً تقولُ نَعَم . . ولكِنْ بِوَعْيِها الَّذي يَتَّسِعُ ويَتَعَمَّقُ يَوماً بَعْدَ يومٍ تَرى حُرِّيَّتَها مَنْقوصَةً .. إنَّها لا تَزالُ تَذْكُرُ ما أَخَذَتْهُ عن الكاتِبِ المِصْري المُحَبَّبِ لَدَيها ( سَلامَة موسى ) بِأَنَّ الفَتاةَ لا تَنْعَمُ بِحُرِّيَّتِها إلّا إذا أَصْبَحَتْ مُنْتِجَةً .. وها هي تَعْمَلُ ولا تُحِسُّ بِأَنَّها حُرَّةٌ ! وتَمَنَّتْ لو كانَتْ فَراشَةً كَهذِهِ الّتي تَمُرُّ أَمامَها ، لَها ذاكَ الفَضاءُ الرَّحبُ ، تَلْهو كَيفَما تَشاءُ وتَحُطُّ حَيثُما تَشاءُ .. أُمْنِيَّةٌ غَريبَةٌ صَعْبَةُ المَنالِ أَكَّدَتْ لَها أَنَّها تَعيشُ معَ آدَمَ جارِيَةً تَخْدِمُهُ أَوَّلاً ، ووِعاءً يُنْتِجُ لَهُ نَسْلاً !!
كانَتْ كُلَّما أَخَذَها تَفْكيرُها الى أَبْعَدَ كُلَّما اقْتَرَبَتْ فَظاعَةُ الصّورَةِ الّتي ارْتَسَمَتْ في خيالِها أَكْثَرَ .. يا أَللّه !! الى مَتى تَظَلُّ حَوَّاءُ تُؤْكَلُ ويَجِدونَ لِآكِلِها عُذْرَاً ؟! .. الى مَتى تَظَلُّ تَشُمُّ رائِحَةَ الحُرّيَّةِ الَّتي يَتَحَدَّثونَ عَنْها من بَعيد ؟! ... قاَلَ لَهُ أَبوهُ : كُرَّ يا عَنتَرة ! فَقالَ : العَبْدُ لا يُحْسِنُ الكَرَّ بَلْ يُحْسِنُ الحِلابَ والصَّر ..، فَقالَ : كُرَّ وَأَنْتَ حُرّ !! ... ولكِنَّ المَهاتما غانْدي لَمْ يَكُرَّ بَلْ كَرُّوا هُمْ عَلَيْهِ ،وانْتَزَعَ حُرَّيَّتَهُ انْتِزاعَاً !! وأَنْتِ على مَنْ سوفَ تَكُرِّينَ ؟ وإنْ لَمْ تَكُرِّي فَمَنْ يَكُرُّ عَلَيْكِ ؟ هَلِ النّاسُ رِجالاً ونِساءً أَم التّأريخُ .. أَمْ أَنْتِ نَفْسُكِ تَكُرّينَ على نَفْسِكِ ؟! ولِلَحْظَةٍ قَرَّرَتْ أَنْ تَخْرُجَ من دائِرَةِ مُصارَعَةِ ( السّومو ) بِإرادَتِها ، مُنْتَصِرَةً على تَرَدُّدِها .. سَتَكونُ مُضْغَةً في أَفْواهٍ لا تَرْحَمُ .. أَو رُبَّما سَتَكونُ عُنُقَاً تَحْتَ سِكّينٍ ! لا يَهُمُّ ما دامَتْ تُؤْمِنُ بِوُضوحِ دَرْبِها وسَلامَةِ خُطُواتِها ..
غَدَاً سَتَلْتَقي شابَّاً ظَريفَاً تَعَرَّفَتْ عَلَيهِ مُؤَخَّراً وأَحَبَّتْهُ .. ولكِنَّها الآنَ وبَعْدَ رِحْلَتِها لِاسْتِكْشافِ ذاتِها وَجَدَتْ أَنَّها تَعْتَقِدُ أَنَّها تُحِبُّهُ .. وفَطِنَتْ فَجْأَةً بِأَنَّ طَلَباتِهَ خِلالَ تَعارُفِهما كانَتْ مُسْتَجابَةً .. كانَتْ تَفْعَلُ ذلكَ بِتِلْقائِيَّةٍ ، حَتّى عِنْدَما كانَ لا يُلَبّي لَها الكَثيرَ من طَلَباتِها لم تَكُنْ تَظُنُّ بهِ ظِنَّ السّوءِ .. رَفَعَتْ سَمَّاعَةَ التِّلِفون .. اعْتَذَرَتْ لهُ عن لِقاءِ الغَدِ ، وعَن أَيِّ لِقاءٍ بَعْدَ ذلكَ .. أَحَسَّتْ أَنَّ حَبْلَها السُّرِّيَّ يُقَصُّ لِلْمَرَّةِ الثّانِيةِ ، وأَنَّها لِأَوَّلِ مَرَّةٍ تَتَنَفَّسُ من رئَتَيها هي .. وخُيِّلَ لَها أَنَّها تَهْتِفُ يوريكا ... يوريكا !


( ديسمبر 2014 )



#حسين_مهنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فطائرُ بَقْلٍ وفَرَح..
- قصّة قصيرة - حسين مهنّا
- قصّة قصيرة - ليلة باردة .. حارّة
- فاطمة ناعوت في حوار مفتوح مع القارئات والقرّاء حول لماذا يقت ...
- يقولون أنت حزين
- الزّيارة الأخيرة لسميح القاسم
- لعنة الوأد
- لا تنسوا الصّراع الطّبقي
- حوار (ملف الأول من أيار)
- قصيدة وردة على جرح حواء
- قصيدة تبسّم
- قصيدة كلهم هولاكو
- ليستْ ثَرْثَرَة....
- يا قُدْسُ رِفْقَاً ..!
- يا قُدْسُ رِفْقَاً ..!
- نامي ثَوْرَةً بِدَمِي ..
- أيُزْعِجُكَ النَّبْشُ في الذّاكِرَة.....!؟
- رأي شخصيّ غير ملزم لأحد
- في رثاء القائد الوطني الشيوعي نمر مرقص
- قَدْ يَبْدُو المَشْهَدُ عَادِيَّاً...!


المزيد.....




- قصة -انقلاب كوهين- الذي كلف ترامب إدانة تاريخية بقضية الممثل ...
- ترددات قنوات أفلام أجنبية 2024 على النايل سات: هتلاقى كل الل ...
- اللجنة الفنية لكأس السعودية تكشف عن أفضل لاعب في موقعة النصر ...
- بعد الإدانة التاريخية لترامب.. نجمة الأفلام الإباحية لم تنبس ...
- الحلقة 27 من مسلسل صلاح الدين الايوبي مترجمة للعربية عبر ترد ...
- “الآن نزلها” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة جميع أفلا ...
- تردد قناة بانوراما فيلم 2024 حدث جهازك واستمتع بباقة مميزة م ...
- الرد بالترجمة
- بوتين يثير تفاعلا بفيديو تقليد الممثل الأمريكي ستيفن سيغال و ...
- الإعلان 1 ح 163 مترجم.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 163 على قن ...


المزيد.....

- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين مهنا - يوريكا