أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - دواعشُ بلا سكين














المزيد.....

دواعشُ بلا سكين


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4733 - 2015 / 2 / 27 - 14:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"إذا صام المرء شهرَ رمضان كلَّه، وقدّم خروفًا كلَّ عيد، وجاهد ليحجَّ إلى بيت الله الحرام، وإذا سجد كلَّ يوم خمسًا، وليس في قلبه مكانٌ للمحبة، فما الفائدة من كل هذا العناء؟ الإيمانُ مجرد كلمة، إن لم تكن المحبةُ في جوهرها، فإنه يصبح رخوًا، مُترهلا، أجوفَ بلا حياة. هل يعتقدون بأن الله يقيمُ في مكة أو في أي مسجد من مساجد العالم؟ كيف يتصورون أن الله محصورٌ في فضاء محدود، هو القائل: "ما وسعني أرضي ولا سمائي، ووسعني قلبُ عبدي المؤمن." إني أشفق على الجاهل الذي يعتقد بأن بوسعه أن يساوم الله ويسوّي حساباتِه وديونَه معه؟ إنه الحيّ القيوم. فلماذا أتخبط في مخاوف أبدية وقلق لا ينتهي؟ إنه الودود الحميد. لهذا أحمده بكل كلماتي وتصرفاتي. بشكل طبيعي ويسر، كما أتنفس الهواء. فكيف يمكنني أن أغتابَ الآخرين وأُشهِّر بهم وأنا أعلم في أعماقي أنه السميعُ البصير؟ إنه البشير الجميل، القيوم، الرحمن، الرحيم. أثناء المجاعات والفياضانات، وخلال الجفاف والظمأ، سأغني وأرقص له، حتى تخورَ ركبتاي، وينهارَ جسمي، ويتوقف قلبي عن الخفقان. سأحطم نفسي إلى شذرات حتى لا أعدو إلا مجرد ذرة في العدم، عابرَ سبيل في الفراغ المحض، هباءً في هندسته العظيمة الرائعة. ولن أكفَّ عن امتداح عظمته وكرمه بامتنان، وفرح. سأشكره على كل ما منحني إياه، وعلى كل ما حرمني منه، لأنه يعرف ما هو الأفضل لي. يحتلُّ الإنسانُ مكانة فريدة بين الخلق، إذ يقول عز وجل: "ونفختُ فيه من روحي". فقد خلقنا جميعًا، لكي نكون خلفاءه على الأرض. فسلْ نفسَك: ‘كم مرة تصرفت كخليفة لله؟’ على كل منّا، اكتشافُ الروح الإلهية في داخله، ليعيش وفقها. وبدلا من أن يُفني المتعصبون ذواتِهم في حب الله، ويجاهدون أنفسهم، فإنهم يحاربون أُناسا آخرين، وينظرون إلى الكون كله بعيون يشوبها الخوف. فإن حدث زلزالٌ، اعتبروه دليلا على غضب الله! وعندما يغضبون من أحد، فإنهم يتوقعون أن الله سبحانه سيتدخل بالنيابة عنهم ويثأر لهم! تغمر حياتَهم حالةٌ متواصلة من المرارة والعداوة والسخط. يوجد خلل ما يجعل المرء غير قادر على رؤية الغابة لأنه يرى الأشجار فقط. إن الدين بكُليّته أعظمُ وأعمق من الأجزاء الصغيرة المكونة له. فبدلا من البحث عن جوهر القرآن، ينتقي المتعصبون آية أو آيتين، يرونها تتناغم مع أسلوب تفكيرهم وعقولهم التي يسكنها الخوف. ولا يكفون عن رؤية الصراط المستقيم الأرفع من شعرة، والأحدِّ من سيف، الذي سيسقط من عليه المذنبون في قعر جهنم، فيتعذبون إلى الأبد، بينما يُكافأ من يعبره بفاكهة لذيذة، ومياه عذبة وحوريات حسناوات. تلك فكرتهم عن الحياة الآخرة. أهوال ونار، وفاكهة ونساء! وفي سعيهم الدائب للوصول إلى المتع الأبدية، ينسون الله! ألا يعرفون أن جهنم تقبع هنا والآن، وكذلك الجنة؟ ليتهم يتوقفون عن التفكير بجهنم بخوف أو الحلم بالجنة بطمع، لأنهما موجودتان في هذه اللحظة بالذات. ففي كل مرة نحبُّ، نصعد إلى السماء، وفي كل مرة نكره، أو نحسد، أو نحارب أحدًا، نسقط مباشرة في نار جهنم. إن الصوفيين يحبون الله لا خوفًا من العقاب ولا رغبة في الجنة، بل يحبونه لمجرد محبته الخالصة النقية السهلة غير الملوثة الخالية من أي مصلحة. الحب هو العِلَّة، وهو المعلول. فعندما تحبُّ الَله، وعندما تحبُّ كلَّ مخلوقاته من أجله، تذوب الانقساماتُ وتختفي. ومن هنا لا يعود هنا شيء يُدعى ‘الأنا’، وكل ما تبلغه هو صفر كبير يغطي كيانك كله."
هذا مقطعٌ من رواية "قواعدُ العشق الأربعون" ورد على لسان الدرويش المتصوف "شمس الدين التبريزي". وأتساءلُ: هل قرأ الداعشيون هذا الرجل؟ لا أقصد دواعشَ البغدادي، فأولئك مشغولون بالذبح لا يقرأون، إنما أقصدُ مَن سكاكينُهم في ألسنِهم وأدمغتهم؛ هل يقرأون؟!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذهبُ على قارعة الطريق
- آن للشيطان أن يستريح
- المرأةُ الأخطر
- حبيبي الذي جاء من سفر
- الأقباط الغزاة
- ما أدخل داعش حدّ الحرابة؟!
- عزيزي المتطرف، أنت مالك؟!
- بجماليون بين البغدادي ومورتون
- قلمي أمام سوطك
- ثوبُ عُرسٍ لا يكتمل
- إن كنتَ إنسانًا، اندهشْ
- لحيةُ الشيخ
- في انتظار رد الأزهر الشريف
- دواءٌ اسمُه القراءة
- في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2015 | الجمهورُ هو البطل
- هل نتحدث إلى الله؟
- معرض الكتاب.... ومحاكمتي
- تنّورة ميم
- مصرُ تُقبّل جبينَ السعودية
- الملك عبد الله، مصرُ تُطوّبك


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - دواعشُ بلا سكين