أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - الذهبُ على قارعة الطريق














المزيد.....

الذهبُ على قارعة الطريق


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4729 - 2015 / 2 / 23 - 11:51
المحور: المجتمع المدني
    


ماذا لو جاء أثرياءُ بلد ما بأطنان من قِطع الذَّهب الخام وأحجار الألماس في صورتها البكر، ثم ألقوها في الطرقات والأزقّة من أجل عيون المارة الفقراء والمعوزين؟ أغلبُ الظنِّ أن أحدًا لن يلتفتَ إلى تلك الثروات الطائلة الُملقاة على الأرض! لأن خام الذهب مُطفأٌ لا بريق فيه، وخامَ الألماس قبل صقله يشبه شذراتٍ وشظفًا من الزجاج الرخيص المُعتم.
لكن التجربة ذاتها لو تمّت بعد صقل سبائك الذهب، وتقطيع فرائد الألماس كقطع السوليتير الألمع، سنجد الناسَ يتناحرون، وربما يتقاتلون، لكي يحصلوا على أكبر قدر من تلك الكنوز، حتى بما يفوق احتياجاتهم، وسوف تتجلّى أنانية الإنسان وهمجيته.
الفيصلُ إذن في نجاح تلك التجربة؛ هو مقدرةُ الناس على إدراك الكنوز وتمييزها والتقاطها من بين ركام الأشياء الأخرى عديمة القيمة. وهذا يتطلب شعبًا من الصاغة وخبراء الأحجار الكريمة، وأين نجد مثل هذا الشعب؟ الحكوماتُ قاردةٌ على صناعة مثل تلك الشعوب. الحكومات الشريفة المستنيرة المتحضرة تصنع تعمل على تنشِئة أجيالٍ من خبراء النفائس، عكس الحكومات الرجعية المترهلة، التي تحرصُ على سَوس شعوبٍ لا تميز التبر من التراب، ولا النفيس من الغَثّ.
هكذا فعلت الحكومة الأسترالية أول أمس. ألقت عشرة آلاف قطعة من الذهب الخام والأحجار الكريمة في الشوارع الجانبية والأماكن المغلقة، فاحتشد الناسُ ينقّبون في تلك الدُّرر المنثورة؛ يتفحصونها بدقّة ويقلّبون جنباتها، ثم يأخذ كلٌّ قدرَ احتياجه، فقط، ليترك لغيره ما يجد فيه ضالّته. تلك النفائسُ كانت أطنانًا من الكتب. وهو طقسٌ شهير تتبعه عديدُ الدول الأوروبية لحثّ المواطنين على القراءة والتعلّم والمعرفة. لأن الدول المتحضرة تعلم أن الاستثمار في "عقول" المواطنين هو الضمانة الوحيدة للتحضر والنمو والتقدم. عكس الدول الرجعية التي "ترتعب" إن أمسك مواطنوها كتابًا! لأن الكتابَ هو خصيمُ القمع والشمولية والدكتاتورية والاستعباد. ماذا لو ألقت حكومتُنا المصرية عشرة آلاف كتاب على قارعة الطريق؟! كم مواطنًا سينكبُّ يفتّش وينهل من كنوز الورق لينصَعَ عقلُه؟! نحن أحفادُ صنّاع أوراق البردي الذين تفنّنوا في خلق المعرفة والفنون والعلوم، حين كانت بقية الأمم تتقاتل من أجل طريدة وفريسة وحفنة ماء في قاع بئر!
قبل أعوام، اشتريتُ، بقدر عظيم من المال، مجموعة من أمهات الكتب من معرض الكتاب. وكعادتي في نسيان متعلقاتي وإضاعة نفائسي، تركتُ حقيبة الكتب تحت طاولة أحد المقاهي ومضيت. عدتُ في اليوم التالي للمقهى يدثّرني اليأسُ من استعادة ثروتي الضائعة. لكنني، للأسف، وجدتها لم يمسسها سوء! وقتها لم أعرف هل أفرح باستعادة كنزي، أم أحزن لأنه لم يكن مغريًّا لأي لصٍّ أو عابر سبيل؟! وألحَّ سؤالٌ على رأسي: لو كان ما نسيته جهازَ موبيل تافه، هل كنتُ سأجده؟!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آن للشيطان أن يستريح
- المرأةُ الأخطر
- حبيبي الذي جاء من سفر
- الأقباط الغزاة
- ما أدخل داعش حدّ الحرابة؟!
- عزيزي المتطرف، أنت مالك؟!
- بجماليون بين البغدادي ومورتون
- قلمي أمام سوطك
- ثوبُ عُرسٍ لا يكتمل
- إن كنتَ إنسانًا، اندهشْ
- لحيةُ الشيخ
- في انتظار رد الأزهر الشريف
- دواءٌ اسمُه القراءة
- في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2015 | الجمهورُ هو البطل
- هل نتحدث إلى الله؟
- معرض الكتاب.... ومحاكمتي
- تنّورة ميم
- مصرُ تُقبّل جبينَ السعودية
- الملك عبد الله، مصرُ تُطوّبك
- النملة أنس


المزيد.....




- إيران تنفذ موجة اعتقالات وإعدامات في أعقاب الصراع مع إسرائيل ...
- الأونروا تطالب برفع الحصار عن غزة لمواصلة عملها الاغاثي
- لبنان يطالب الأمم المتحدة بتجديد ولاية اليونيفيل لمدة عام
- لبنان يطلب رسمياً من الأمم المتحدة تمديد ولاية -اليونيفيل- ل ...
- -حماس- تطالب الأمم المتحدة بالتحقيق في جريمة استهداف منتظري ...
- استدرجهم ثم خنقهم وقطّعهم.. إعدام قاتل متسلسل في اليابان تصي ...
- البيت الأبيض يوصي بإنهاء تمويل تحقيقات جرائم الحرب
- الأونروا تطالب برفع حصار غزة وآلاف الأطفال يواجهون سوء التغذ ...
- مجزرة جديدة في غزة.. الاحتلال يقتل 19 فلسطينيا في قصف استهدف ...
- اتفاقيات أميركية مع غواتيمالا وهندوراس لترحيل طالبي اللجوء


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - الذهبُ على قارعة الطريق