أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جعفر المظفر - العلمانية عراقيا .. حاجة بقاء وليست حاجة تطور فقط














المزيد.....

العلمانية عراقيا .. حاجة بقاء وليست حاجة تطور فقط


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 31 - 15:08
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



كُتِب الكثير عن العلمانية, وقد جاء معظمه لكي يستخلص نتائج تعتمد على ما قدمته التجربة الأوروبية من تقدم ونجاحات أكيدة, حتى بدا وكأن ذلك كان كافيا لتقرير صلاحية النظام العلماني لكي يكون قاعدة لبناء اي نظام يستهدف التطور واللحاق بعصر العلم والحضارة. وما جعل ذلك يتحرك في خانة - الحقائق الناقصة - أن النظام العلماني العربي الرسمي الذي توزعته البلدان العربية والإسلامية جاء بـ "التلقي" ولم يأتي كـ "إستجابة" حقيقية لمخاض موضوعي عسير كذلك الذي أنتج التجربة الأوروبية, بحيث ان الأنظمة العربية العلمانية الجديدة ظلت عبارة عن نظم سياسية تفتقر إلى الثقافة الإجتماعية الساندة أو المنتجة لها مما جعلها نوعا من النظم "المعلقة" التي لا تستند على قواعد صلبة. وأجد أن أفضل رسم لهذه الأنظمة هو ذلك الذي يتمثل برجل خرج توا من الحمام وهو يضع الفوطة على رأسه في حين نسي أن يستر عِريه بملابس ملائمة, أو بذلك البَّناء الذي حاول أن يبني بيتا على رمال متحركة.
لنعد كثيرا إلى الوراء على صعيد التجربة الأوروبية وقليل إلى الوراء على صعيد التجربة العربية ومنها العراقية, سنجد أن النظام السياسي الأوروبي هو في حقيقته منتجا إجتماعيا, ففي عصور مضت تأسس النظام السياسي العلماني بعد ثورة وصدام عنيف بين المؤسسة الدينية بكل تقاليدها وأعرافها ونصوصها الثقافية وبين المؤسسة الفكرية والعلمية الآيلة للولادة والصيرورة التي قدر لها أن تنمو وترعرع في رحم ذلك الصراع الذي إستغرق فترة طويلة قبل يوم الولادة, فالأنظمة هي أيضا مخلوقات حية وليس مقدرا لها أن تكون كذلك ما لم تكن قد نمت وترعرعت في رحم إجتماعي وثقافي يمكنها من ولادة طبيعية شأنها أن إنجاب مخلوق غير مشوه أو ناقص.
لكن قليلا من العودة إلى الوراء سوف تضعنا أمام تلك اللحظة المفصلية التي ولد فيها النظام العلماني العربي الجديد. ونعرف أن ذلك كان حدث بعد الحرب العالمية الأولى وبالتحديد في أعقاب إنهيار الدولة العثمانية على أيدي دول التحالف الغربي الذي كان قد تشكل من إنكلترة وفرنسا وروسيا بشكل اساس, وقد قيض لرجالات من السياسيين العرب القريبين والمتعاونين مع دول ذلك التحالف أن يقوموا بدور رئيسي في بناء هذه الأنظمة (المتعولمة) التي أخذت على عاتقها بناء دول عربية تتقدمها سوريا والعراق. وحتى مصر, التي ظلت بعيدة عن الحكم العثماني المركزي, فهي لم تنتج نظامها الملكي بعيدا عن إرهاصات تلك الحرب ونتائجها التي تكللت بسقوط النظام الإسلامي الرسمي المتمثل بالدولة العثمانية. أما دول المغرب العربي فيبدو أنها أيضا كانت بعيدة عن مركزية الحكم العثماني, لكنها لم تكن بمنأى عن نفوذه العام وهيمنته, على الأقل بسبب عدم وجود القوة المركزية البديلة القادرة على تقديم نموذجها السياسي والإجتماعي الخاص. بالتالي فإنه يمكن القول أن هذه المنطقة , بشرقها وغربها, إنتقلت من واقع سياسي إلى آخر سياسي بديل لم يرافقه اي تحول ثقافي أو إجتماعي يكفل له ان يأتي كنتاج متجانس, فظل التناقض الكبير يكمن بين بنيتيه, السياسية الفوقية والإجتماعية التحتية.
إن هذه المقارنة السريعة والبسيطة ستجعلنا أمام الحقيقة التالية: العلمانية السياسية الأوروبية كانت منتجا إجتماعيا قبل ان تتشكل كنظام سياسي, اي أن ما هو سياسي هو إجتماعي في نفس اللحظة. على الجانب العربي, وبسبب فوقية التغيير حال سقوط الدولة العثمانية, فإن الولادة السياسية لم يسبقها مخاض إجتماعي فجاء النظام العلماني العربي وكأنه إبن بالتبني أو بالإستعارة.
عراقيا, الحاجة إلى العلمانية في يومنا الحالي لم تعد تأتي تقليدا وتيمنا بتجربة علمانية غربية تأكد نجاحها وإنما أيضا لأن بقاء العراق كدولة واحدة قد بات صعبا بوجود الإسلام السياسي المذهبي المتخاصم والمتقاتل مع بعضه ومع الآخرين.
إن إعادة بناء دولة علمانية عراقية وليس "عليمانية", وقد أصبحت ضرورة أساسية لبقاء العراق وطنا للجميع, لا بد وأن يمر هذه المرة من خلال ثورة جذرية على الصعيد الإجتماعي تناول بشكل اساسي تثوير المجتمع لغرض قطع علاقته بكل شكل من أشكال التخلف الفكري والمؤسساتي, وهي عملية تحتاج إلى التوير والتثوير في آن واحد وتبدأ من خلال التخلي عن روح المجاملة السائدة بين المؤسسات الدينية والمؤسسات المدنية.
أن العلمانية عراقيا لم تعد حاجة تطور وإنما حاجة بقاء, ولهذا صرت أرى ان العلمانية لو لم تنشأ في الغرب للصار ضروريا لها أن تنشأ في العراق, فبدونها لن يعود هناك عراق إلا كمجموعة دويلات يجمعها ربما علم واحد, لكن تفرقها سواعد وأفكار قد تجعل من ذلك العلم ليس أكثر من قطعة قماش, وهي مستعدة لمقاتلة بعضها حتى بصواري ذلك العلم نفسه.





#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة عودة وفد التعزية العراقي للسعودية غانما مُصَّفَرا
- الجواهري عظيم رغم أنف السياسة وكذلك عبدالرزاق عبدالواحد (2)
- الجواهري عظيم رغم أنف السياسة وكذلك عبدالزاق عبدالواحد
- بين السماء والأرض .. حكاية الوطن الضائع
- حينما يكون الخلل في الإعتدال لا في التطرف
- حرية التعبير بين خطر الإرهاب وخطر التقديس
- جريمة باريس .. عنا وعن حرية التعبير أتحدث
- عملية باريس الإرهابية .. هل هي مؤامرة صهيونية بأياد مسلمة ؟!
- دكتور جيكل والمستر هايد
- بين مانديلا وعامر الخزاعي
- كيف تربح المعركة وتخسر الحرب
- الطبعة العراقية لسانتا كلوز
- قصة وقصيدة وشاعر
- بين أمريكا والعراق .. حديث عن السود والبيض والشيعة والسنة
- قصة هزيمتين .. من الكويت إلى نينوى
- الوصول إلى منتصف الليل
- المسلمون والدولة اليهودية
- إيران والمالكي
- ما مر عام والعراق ليس فيه مِيوْ
- صناعة الفرح


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جعفر المظفر - العلمانية عراقيا .. حاجة بقاء وليست حاجة تطور فقط