أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - بين مانديلا وعامر الخزاعي














المزيد.....

بين مانديلا وعامر الخزاعي


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 5 - 16:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين مانديلا وعامر الخزاعي
جعفر المظفر
شاهدت ليلة أمس, كتلميذ في صف, الفلم الذي يحكي عن قصة المصالحة في جنوب أفريقيا ودور الزعيم نلسون منديلا في تحقيقها, والفلم كان من تمثيل مورجان فريمان وإخراج كلنت ستيورات, وكلاهما من الفائزين بالأوسكار.
من يطلع على الجرائم التي إرتكبها النظام العنصري في جنوب أفريقيا سوف يظن أن قصة المصالحة المانديلية هي من وحي الخيال, فثمة تاريخ إذا أمكن الوقوف أمامه فسوف تتجلى أمامنا حقيقة أن الأقدار تصنع الرجال الذين يصنعونها.
وما كان مانديلا بعيدا عن عملية الخلق هذه, لقد وضعته الأقدار في مواجهة ظروف قاسية جدا, وكأنها تصنعه حينها, لغرض أن يصنعها بعد ذلك. ففي السجن الذي مكث فيه سبعة وعشرون عاما كان جابه أشد أنواع الإمتهانات التي يتعرض لها الإنسان بينما عاش وابناء وطنه السود حياة لا تطاق وخضع إلى قوانين شكلت عارا في جبين المجتمعات التي جاء منها المستوطنون البيض.
وتجعلنا العودة إلى تاريخ ما قبل المصالحة المانديلية نعتقد أن جنوب أفريقيا كان مرشحا لحروب إنتقامية تبدأ ولا تنتهي, وكان مقدرا لمواطنيها البيض أن ينتهوا أما قتلى وأما مهجرين ومطرودين وملعونين أبدا. لكن مانديلا, الذي صنعته الأقدار ثم عاد ليصنعها, عرف أن هناك طريقا جميلا للإنتقام هي غير تلك التي تدعو لها ثقافة (السن بالسن والبادئ أظلم) وإنما تلك التي تدعو إليها ثقافة (عفا الله عما سلف), فإختار من الإنتقام جميله, واضعا في يد الأسود إرادة صنع التاريخ الجديد بنفسه وجعل الأبيض ينحني إحتراما وإعجابا لقلب الأسود الأبيض.
ذلك أن ألوان الناس الحقيقية لا تحددها بشرة الجلد وإنما يحددها لون القلوب وصفاء الروح.
صحيح أن التجربة العراقية هي تجربة خاصة بزمانها ومكانها ومصانعها, لكننا نعلم أن هناك بعدا إنسانيا واحدا تنتهي إليه كل التجارب الخاصة, ولولا ذلك لما جاءت الديانات المتفرقة مستهدفة الوصول إلى خالق واحد.
وإن كل ما يقال حول التجربة العراقية, وإدعاء أن خاصها يطغى على العام الإنساني المشترك, ليجعلها فريدة وعصية على التقليد والمحاكاة, هو كذب يراد منه تحقيق أغراض دنئية ليس فيها مصلحة المظلوم نفسه.
إن فرق التجربة التجربة العراقية عن التجربة الجنوب أفريقية لا يكمن في أيهما كان الأشد إيلاما وإنما في نوع الرجال التي صنعتهم الأقدار من أجل أن يصنعوها.
لقد كان لديهم مانديلا ممثلا عن .. سود الوجوه بيض القلوب.
أما نحن فقد كان لدينا عامر الخزاعي ممثلا عن .. بيض الوجوه سود القلوب.
هؤلاء عرفوا كيف يحولون المظلوم إلى ظالم مثلما عرفوا كيف يبعثون في المجتمع أسوء ما فيه, على عكس ما فعله مانديلا, أن يبعث في المجتمع أفضل ما فيه, حتى ولو كان بقيا من رماد, وأن يحول المظلوم إلى صانع حقيقي للتاريخ يوم أفلح في تمكينه على رؤية قلبه الأبيض.
أما رامسفيلد, وأما بوش الصغير, فلقد عملا جهدهما على ان لا تكون الراية بيد منديلا عراقي, فنبشوا كل فحرصوا على أن يأتي الحل أشد ضررا من المشكلة. وهم كانوا يعلمون تماما أن الفرق بين التجارب يكمن في نوعية الرجال وليس في حدة التجارب ذاتها. لذلك كانوا حريصين على أن يكون الإنتقام العراقي بشعا وقبيحا ومفتوحا ويبدأ من الإتيان برجال من بيض الوجوه سود القلوب.
وهو إنتقام كان واضحا منذ البدء أنه سيأكل من الجميع, بشرا ووطن.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تربح المعركة وتخسر الحرب
- الطبعة العراقية لسانتا كلوز
- قصة وقصيدة وشاعر
- بين أمريكا والعراق .. حديث عن السود والبيض والشيعة والسنة
- قصة هزيمتين .. من الكويت إلى نينوى
- الوصول إلى منتصف الليل
- المسلمون والدولة اليهودية
- إيران والمالكي
- ما مر عام والعراق ليس فيه مِيوْ
- صناعة الفرح
- مناقشات حول ظاهرة الحزن العاشورائي
- ركضة طويريج لهذه السنة
- المؤامرة .. على الإسلام أم بالإسلام
- هنود عبدالجبار محسن
- جويسم بن حسين قال لي .. الطائفية والوطنية لا يجتمعان تحت سقف ...
- من الذي إنتصر .. الفتلاوي أم اللهيبي
- زراعة الأدمغة
- التاريخ بعين بصيرة
- هذا ما حدثني به رسول الله حول إسلام أبي سفيان ونهج الخليفة أ ...
- إلى الأستاذ عاشق علي* .. مطالعات في الهويتين القومية والثقاف ...


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - بين مانديلا وعامر الخزاعي