أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جعفر المظفر - ما مر عام والعراق ليس فيه مِيوْ














المزيد.....

ما مر عام والعراق ليس فيه مِيوْ


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4648 - 2014 / 11 / 30 - 17:02
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ما مر عام والعراق ليس فيه مِيوْ
جعفر المظفر
عام 1991كان هو عام (يا محلى النصر بعون الله) بعد أن راح ريسنا يبشرنا بنصر لا يعلم سره إلا المدلل حينها العريف الركن حسين كامل. وقتها كنت اسكن الغزالية وكان أخي الأصغر طبيبا في أربيل ومتزوجا من سيدة كردية وقد فتح عيادة هناك وإستقر في المدينة قبل ان ينضم إلى ماراثون الخائفين من كيمياوي علي الكيمياوي الذين توجهوا وقتها في مسيرة مليونية خائفة وجائعة نحو الحدود التركية.
قررت أختي وزوجها التي تسكن إلى الجوار منا في حي الخضراء أن يحملا أولادهما في سيارة البرازيلي مغادرين بغداد نحو أربيل لقضاء أيام بلا صوت القاذفات الأمريكية من النوع ب 52 والتي كانت تنبئنا عن قرب وصولها إلى أجواء بغداد هزات الشبابيك التي تبدأ بالإرتعاش قبلنا . ومن قال أن الشبابيك لا تخاف ؟
لم أكن أفكر في مغادرة داري, فالغزالية رغم أنها ضمت دورا لموظفي هيئة الرئاسة والدوائر الأمنية إلا انها لم تشهد قصفا كذلك الذي شهدته مناطق متفرقة من بغداد بسبب وجود مؤسسات ذات قيمة إستراتيجية. لكن ثمة أمر صار حينها مصدر للقلق وهو وجود عدد من مسؤولي الحزب والدولة في مدارسها إبتعادا عن مراكز عملهم التي إستهدفها القصف, وقد اشار بوش الإبن حينها إلى هذا الأمر مؤكد على أن تلك المدارس قد تصبح أهدافا للقصف لأنها باتت مكانا لتجمع المسؤولين والأسلحة.
إستجبت لضغوط زوجتي التي بدأت تلح علي بالمغادرة نحو أربيل فهي تعتقد أن لي حصة في أخي وليس من الحق ان تستولي الأخت على كل الحصة. بذلك وجدت نفسي في مواجهة حربين, واحدة من الجو يديرها بوش الأب وثانية من الأرض تديرها زوجتي, وكان من الطبيعي أن أنهزم في الحرب الثانية على خلاف الأولى الذي كنت معها واثقا من النصر الحلو الذي وعدنا به الريس.
كان بيت أخي إلى الجوار تماما من مرسلات البث التلفزيوني. يومها لم تكن أربيل قد شهدت اي قصف وما كانت شبابيكها عرفت لغة الخوف مثل شبابيكنا البغدادية, وبعد يومين من النوم الهادئ والعميق وسعادة لا يعرف قيمتها إلا الجندي العائد من خنادق الحروب الأمامية أو الشالع من ليالي بغداد التي إستوطنتها البي 52 فقد إهتزت أربيل كلها. لقد تذكر السيد الرئيس بوش فجأة مرسلات البث بعد قدومي إلى اربيل مباشرة وقرر أن يمطرها بعدد من صواريخ الكروز الفائضة عن الحاجة. العجيب أن تلك الصواريخ الفائقة الدقة لم تلحق اضرارا بمرسلات البث التي جاءت من أجلها وإنما تسببت بأضرار فادحة لعدد من دور المواطنين المجاورة, ولولا أن أغلب الأهالي كانوا غادروا المنطقة إلى مصيف صلاح الدين تحسبا من أن يضع السيد بوش في قائمة أهدافه تلك المرسلات لكانت المذبحة كبيرة. أما خسائرنا فحمدا لله أنها كانت بالفلوس وليس بالنفوس. لقد نجى الجميع أما خسائرنا فكانت عبارة عن سيارتين, واحدة لأخي والثانية لي. وصار قرارنا أن نعود حينها إلى بغداد بعد ان تأكد لنا أن الذي يغادر داره قد تلحقه أقداره.
سرعة الأحداث أنستنا تماما أن نحتسب لقضية التموين وإضطررنا حينها أن نبحث في كل الزوايا عن علب الأكل التي ظلت لحسن الحظ بعيدة عن الإفتراس. لكن هذه سرعان ما تناقصت إلى حد كبير بحيث صارت الوجبات أقل عددا وأخف وزنا.
في يوم من أيام الجوع تلك, وقفت قطة الجيران إلى الجوار من باب المطبخ حيث كنت أقف لتسمعني نداء جوعها .. ميو ميو ميو. في المرات السابقة كانت تحظى كالعادة ببقايا من وجبة الأكل, غير أني هذه المرة سرعان ما أجبتها بنفس لغتها : وآني هم هذه المرة ميو ميو ميو مثلك.
ربما لو أن السياب كان حاضرا إلى جواري في تلك اللحظة لإستبدل مقطع قصيدته (إنشودة المطر) الذي قال فيه (ما مرَّ عام والعراق ليس فيه جوع) بآخر يقول ( ما مرَّ عام والعراق ليس فيه ميو) .
أما لو كان قُدَّر له أن يعيش حتى هذه السنين, وشارك في العودة إلى عصر الخيام حيث تسكن مثات الألوف من المهجرين, لترك الشعر وصار يتحدث هو أيضا بلغة البزازين.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الفرح
- مناقشات حول ظاهرة الحزن العاشورائي
- ركضة طويريج لهذه السنة
- المؤامرة .. على الإسلام أم بالإسلام
- هنود عبدالجبار محسن
- جويسم بن حسين قال لي .. الطائفية والوطنية لا يجتمعان تحت سقف ...
- من الذي إنتصر .. الفتلاوي أم اللهيبي
- زراعة الأدمغة
- التاريخ بعين بصيرة
- هذا ما حدثني به رسول الله حول إسلام أبي سفيان ونهج الخليفة أ ...
- إلى الأستاذ عاشق علي* .. مطالعات في الهويتين القومية والثقاف ...
- إستشهاد الإمام الحسين ونظرية المؤامرة
- عزرائيل العراقي
- ملالا يوسف .. كل نوبل وأنت بخير
- أدب الشتيمة
- صورة الفقيه وصورة الخليفة
- للتاريخ فم, ولكن أين هي فتحات التصريف
- الحرب الأمريكية ضد داعش ولعبة الإستغماية
- النفاق الدولي والعربي في محاربة داعش
- العثمنة والفرسنة ونحن الذين بينهما


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جعفر المظفر - ما مر عام والعراق ليس فيه مِيوْ