أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الجواهري عظيم رغم أنف السياسة وكذلك عبدالزاق عبدالواحد














المزيد.....

الجواهري عظيم رغم أنف السياسة وكذلك عبدالزاق عبدالواحد


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4700 - 2015 / 1 / 25 - 15:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



نحن نُعظِّم في الجواهري عبقرية النَظْم وليس بالضرورة عظمة الموقف .. الشعر في تجلياته الرائعة حالة إبداع قد تفرض في بعض الأحيان إنفعالا خارج مساحة الحسابات الفكرية الدقيقة التي هي خاصية المفكر وليست خاصية الشاعر.
خذ عبدالرزاق عبدالواحد, فهو كبير بنظمه وإنفعالاته التي تطلق بلاغة صياغاته خارج مساحة التصور, ولا ينال من كِبَرِه بهذا الإتجاه إختلافك مع مواقفه السياسية, فهو مؤيد كبير لصدام حسين وأنا لا شك أختلف معه على هذا الأمر, وقد يكون لك منه نفس موقفي, لكن كلانا لا يملكان حق إسقاط إختلافنا معه سياسيا وموقفيا على عبقريته كشاعر.
بعض ما يجب ان ننتبه إليه إن الشعر هو حالة إنفعال ذاتي بلاغي موزون بمشهد يومي, ولو أفقدناه هذه الحالة (الإنفعالية) ربما لتحول الشاعر إلى كاتب سياسي. صحيح أن الحالة الإنفعالية يجب ان لا تأخذ الشاعر كثيرا بإتجاه مغرق في الذاتية, غير ان الصحيح أيضا ان ذاتية الشاعر سوف تبقى شاخصة في قصائده ولن يلغيها إنحيازا لعقيدة أو إنتماء لحزب, لا بل أن ذاتيته المتجلية من خلال ابيات قصيدته هي التي تميزه عن الحزبي الجالس إلى جواره في المنظمة الحزبية ذاتها.
بطبيعة الحال أنا لا أغفل أمر باعة القلم, فأنا لا أتحدث عنهم هنا وإنما أتحدث عن نمط من الشعراء بخط وطني عام لكن بإرهاصات ذاتية قد لا ترضي جهة العام الذي ينتمي إليه , فهناك من بين الشعراء وعلى مدار التاريخ من وضع قلمه في خدمة الحاكم حتى صار بوقا. وفي تاريخنا العديد من الأمثلة على الشعر الإرتزاقي المُسِّف الذي يعلن عن نفسه مباشرة . أغلب هذا الشعر كان قيل عبر التاريخ حيث كان شعر المديح أو الهجاء هو السائد في ساحة كان الشعر فيها غير بعيد عن قبضة الحاكم, بينما لم يكن بإمكان الشعراء ان يظلوا على قيد الحياة إن لم يقولوا ما يرضيه, فترى البيئة الشعرية وقد وسمت نشاطهم الشعري بطابعها وما تركتهم خارج تأثير عصا العصر.
والشعراء هم بشر في البداية والنهاية, فإذا اخذتهم عبقرية اللحظة عاليا وزرعت لهم حال ولادة القصيدة أجنحة للطيران فإنها ذات الأجنحة من يعيدهم مرة اخرى إلى الأرض ليذوقوا ملحها وتخزهم أشواكها فيكونوا كما البشر بحاجات قد تدعوهم ضغوطها إلى الإفصاح عن موقف قد لا يرضى عنه الأخرون, لكنهم في لحظة القصيدة فإنها الأجنحة التي تنبت لهم من يغريهم على الطيران .
وقد تتأسس مشكلة التقييم هنا على اساس الرؤيا التجريدية لهوية الشاعر ورسم صورة له عابرة لظرفه الذاتي والموضوعي, وتلك هي صورة ملائكية للشاعر نرسمها له رغم إرادته ثم نقيس قدرته على أن يكون نسخة طبق الأصل منها فإذا خالفها في تفصيلة فإننا غالبا ما نذهب لإلتقاط تلك التفصيلة لنعلن سريعا سقوط النموذج, غير دارين أن شاعرية الشاعر إنما تكمن في قدرته على الزوغان من عدسة المصور الأرضي, أن يكون خارج لحظتك إلى مساحة تجمع ما بين الحلم والحقيقة, ما بين مطار اللحظة والأفق المنفلت عنها .
مشكلتنا في تقييم المبدعين أننا نؤسس تقييما لهم من خلال الدخول عليهم من نافذة موقف واحد, وحينما يكون ذلك الوقف سياسيا لن نكون قادرين على تقييمهم كشعراء وإنما سنقيمهم كسياسيين. السياب الكبير إختلف معه الشيوعيون في موقف والبعثيون في مواقف, أو إختلف معهم, لكن هل بإمكانهم أن ينفوا عنه عظمته كشاعر, لكن رؤية أحادية الجانب للمشهد ومتزمتة في الحكم عليه ومتجمعة على ذلك الجانب سوف تسرع لتصفير الحالة الأخلاقية للشاعر وتحاكمه وكأنها تحاكم عضوا في اللجنة المركزية للتنظيم السياسي.
حينما يصير السياسي شاعرا, أو الشاعر سياسيا, حاكموا كل شخص فيه على حدة, حاكموه كشاعر ولا تحاكموه كسياسي, أو حاكموه كسياسي دون أن تسقطوا عليه, كشاعر, موقفكم منه كسياسي . ولن يكون ذلك معناه أن لا نقف أمام موقفه السياسي لننقده في حدوده, وإنما أن لا نقف أمام ذلك الموقف لنسقطه عليه ثم نكرهه أو نُصَّفِره كشاعر.
ولن يكون غريبا بعدها أن نحب الإثنين, الجواهري وعبدالرزاق عبدالواحد, كشعراء عظام حتى وإن كرهناهما كسياسييْن, وأن نترك الحياة لكي تتنفس شعريا أيضا دون أن نغلق خياشيمها على هواء السياسة فقط.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين السماء والأرض .. حكاية الوطن الضائع
- حينما يكون الخلل في الإعتدال لا في التطرف
- حرية التعبير بين خطر الإرهاب وخطر التقديس
- جريمة باريس .. عنا وعن حرية التعبير أتحدث
- عملية باريس الإرهابية .. هل هي مؤامرة صهيونية بأياد مسلمة ؟!
- دكتور جيكل والمستر هايد
- بين مانديلا وعامر الخزاعي
- كيف تربح المعركة وتخسر الحرب
- الطبعة العراقية لسانتا كلوز
- قصة وقصيدة وشاعر
- بين أمريكا والعراق .. حديث عن السود والبيض والشيعة والسنة
- قصة هزيمتين .. من الكويت إلى نينوى
- الوصول إلى منتصف الليل
- المسلمون والدولة اليهودية
- إيران والمالكي
- ما مر عام والعراق ليس فيه مِيوْ
- صناعة الفرح
- مناقشات حول ظاهرة الحزن العاشورائي
- ركضة طويريج لهذه السنة
- المؤامرة .. على الإسلام أم بالإسلام


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الجواهري عظيم رغم أنف السياسة وكذلك عبدالزاق عبدالواحد