أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (6):















المزيد.....



عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (6):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4655 - 2014 / 12 / 7 - 22:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الآن نواصل ردودنا على تعليقات البعض والتي بدأناها في المواضيع الخمس السابقة، تحت عنوان(عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ)، وقد بيناً مراراً وتكراراً أن هدفنا من ذلك هو الرد على شطحات وأفكار ومفاهيم مغلوطة ومفبركة من عناصر يغلب عليها داء الجهل والجهالة، ونزعة الشر ويحركها وجدان فارغ من كل عناصر الحق ومقاصد الخير وحسد أهله فيه ومقتهم والإعتداء عليهم.

فكانت كل تلك التجاوزات والإعتداءات والتسابق في السفه وسوء الطوية وبذاءة اللسان التي تضمنتها تعليقاتهم الفارغة من المضمون والمحتوى تمثل كل عناصر الإرهاب الفكري، وإثارة الفتن والكراهية والشرور بين الأفراد والجماعات بدون مبرر أو سبب سوى عدوانهم المفضوح ضد ربهم الذي خلقهم وأكرمهم وحملهم في البر والبحر، ورزقهم من الطيبات.

وكان لزاماً علينا أن نتصدى لهذا التدني البشري والإنحطاط الفكري والخُلُقِي, والسفه الفطري المزمن, ومقابلته بما يدحضه ويفضح ستره وخُبْثَهُ وخَبَثَهُ ونَتَنَهُ بقوة الحق وهيمنة الحقيقةِ الحَاقَّةِ القَارِعَة، ولتكون الحقائق والمفاهيم كلها أمام المتابعن من القراء الكرام, والمفكرين فيها, والباحثين عنها حتى يستطيعوا تكوين فكرة سليمة معالجة من كل جوانبها، فيصبحوا بذلك على بينة في ضوء ما هو مستعرضٌ أمامهم من مداخلات لكل الأطراف وأدلة وبراهين على صدقها.

فلنبدأ مثلا بالأخ عبد الله مطلق القحطاني فنقول له:
لن نحاورك في عقيدتك، وتوجهاتك الثقافية والسياسية وغيرها، وذلك لعدة أسباب وقرائن أولاً لأنها واضحة ومصرح عنها بكل سفور، ثانياً لأن هذا شأن خاص بك، ليس من الأدب الحديث فيه إلَّا في إطار الرد على المفاهيم المغلوطة التي وردت في تعليقاتك. فأنت الآن، تدلي بدلوك في موضوع عام ومعمم، فمن حق القراء "وأنا منهم" أن يردوا عليه وتقويمه.

فمثلاً ما قاله الأخ خلف ليس زعماً كما تقول، وإنما هو حقيقة ماثلة وواقع معاش ومعلن، فكثير من المسلمين بالفعل قد هاجروا من أجل ما قاله أبو بدر في تعليقه، وهذا لا يمنع من أن بعضهم كانت لديه أسباب ثانوية جعلته يعجل بقراره، وبالطبع من بين تلك الأسباب الكثيرة والمتنوعة والمعقدة ما ذكرته أنت من دوافع إقتصادية وإجتماعية ودينية وسياسية، ومن مضايقات بعضها طبيعي وآخر غيرها مفتعل ومضخم.

وليس في هذا مبالغة "كما تقول"، لقد وضعوا بصماتهم ظاهرة هناك، وأنت أيضاً محق في قولك بأن الكيثر من المسلمين وغيرهم قد تركوا بلادهم هروباً من الفقر- فهذه مشكلة شعوب العالم كله الآن ومن أهم سلبيات التقنية التي إفتتن الناس بها فنسوا وزهدوا في مقومات حياتهم الأصلية – وأيضاً بسبب الجبابرة المغتصبين الذين يخفون غاياتهم الحقيقية وراء ستار زائف ديني كان أو سياسي أو ثقافي أو إجتماعي, وهم في حقيقة أمرهم ذئاب بشرية تفوقهم الذئاب رأفة ورحمة وعقلانية, لأنها لا تفتك بفريستها ظلماً وعدواناً كما يفعلون، وإنما تفعل ذلك فقط في إطار نظام حياتها الذي وضع لها, فهي إذاً لا تفتك بفريستها كما يفعل ذئاب البشر وأهل الشر ومنابعه ومروجيه ،،، الخ.

الذين يقمعون الناس بحجة الدين والتدين هم أكثر الناس عداوة ومناهضة للدين وللحياة عموماً،، وقد حكى التاريخ عن فظائع حروب الإبادة التي وقعت بين أهل الكتاب يهود ونصارى بإسم الدين من قبل، ثم بين الفرق والمذاهب النصرانية بين بعضها البعض، فالمعتوه هتلر وما فعله باليهود، مثلاً وأمريكا المتجبرة وما فعلته باليابان وكثير من شعوب العالم, وذلك المعتوه الذي لم يكتف بحرب الكواكب، فطمح إلى مشروعه الشيطاني "حرب النجوم"،، الخ, هذا بالإضافة إلى تلك الأنظمة التي تدعي تحكيم شرع الله لتوفير الغطاء الشرعي لأعمالها التي تناهض ذلك الشرع وتساعد، بل وتعمل على وصم الشرع بما ليس فيه.

وكذلك الحال لدى الحكومات والممالك والإمارات التي تدعي الحكم الإسلامي وتوصم الإسلام بما تقوم به من إضطهاد ومصادرة للحريات وتسلط حتى في العبادة نفسها, التي تستغل لتطويع الناس لقبول ما يفرض عليهم بإستسلام وإنقياد لغير الله. فهذه لمحة من حال العالم اليوم،، وهذا ليس غًريباً بالنسبة لنا لأنه متوقع ومشار إليه وحياً يوحى لخاتم أنباء الله ورسله.

فالناس الآن في آخر الزمان، والمتوقع يفوق كثيراً الواقع المعاش, حيث إختلط الحابل بالنابل، وأصبح للرعاع والسفهاء صوت يُسْمَع، وصلفٌ وتخلفٌ ومجونٌ يُرَى، فقد دخلنا في عصر الفتن الذي يسبق قيام الساعة،، كيف لا؟ وقد بلغتنا أشراطها، وبديهي أن ترتفع نسبة الشر وهذا ما تنبأ به خاتم الأنبياء والمرسلين, وسيكون ما تنبأ به تماماً كما وصفه ، فهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلَّا وحي يوحى.


ثم جاء دور منير سراج،، والذي،، رغم قرارنا بعدم أخذه في الإعتبار إبتداءاً، بل وضرورة ومنطقية تجاهل همزه ولمزه ونفثه وريحه, وبذاءة قوله الذي يستحيل أن يستقيم "إلَّا أن يشاء الله"، فهو يُنَادى من مكان بعيد،،، إلَّا أنَّ هناك عبارة له إستوقفتني، حيث قال فيها بسفهه وسوء طويته المعهودة: ((...اتباع ابن آمنة المقملين الجربانين يهربون بقوارب الموت لبلاد اتباع ابن بانديرا الحضاريين,, تابع سخافاتك يا عبد ..)) كلام سخيف يعبر بجلاء عن منبعه الآسن:

فعجبت لهذا الجهل المركب من سطحية وجهل وسفه وغباء،، فهو يصف حاله ومآل والوسط المتردي, والبيئة النكدة التي ينغمس في قاعها الذي تضطرب فيها ديدان جيف يحتضنها وتحتضنه فيتشرب من قيحها وصديدها ويتنسم ريحها. ومن ثم كان لا بد لنا من إيضاح هذا الخلط والعك الذي بات سمة مميزة له ولرهطه وبطانته,, ذلك ليعرف كل طرف قدره ومقامه الذي يشهد به عليه واقعه, وسنبرهن ونقيم الدليل والحجة على كل هذه الصفات، فنقول وبالله التوفيق.

أولاً: إنَّ إبن آمنه الذي يذكره - هذا الدعي النكرة المبهمة - بما لا يليق بدابته الكريمة،، إنما في الواقع يذكر (أكرم إبنٍ ولدته أُمٌّ, منذ أن خلق الله الخلق وإلى أن تقوم الساعة)، فقد ولدت خير ولد آدم وأكرمهم وسيدهم على الإطلاق، وأسعد وأقدر وأعلم مَنْ وَطِأتْ قدماه الشريفتين الثَّرَى، والثُّرَيَّاً.

جاء "أبن آمنة" صلى الله عليه وسلم، مسبوقاً ببشارة أولي العزم من الأنبياء والمرسلين الذين سبقوه على مرِّ العصور والدهور، وعلى رأسهم عبد الله ونبيه ورسوله موسى بن عمران عليه السلام، ثم تلاه بالبشرى عبد الله ونبيه ورسوله المسيح عيسى بن مريم فإتَّقَدَ نوره الساطع الوضَّاء الوضَّاح منذ ميلاده الشريف المبارك فأضاء آفاق الدنيا التي أدخلها الإنسان قبله في دجاً حالك فأظلمت بظلمة وجدانه الخالي من ذكر الله وتوحيده, والخَرِبِ بسوء إستخدام أبليس له, ذلك اللعين الملعون الذي صدق فيهم ظنه فإستحوذ عليها فجعلها مرتعاً له ومعطناً ومأوى.

فجلى الله بنور "إبن آمنه" الساطع دجى الكون, وكل ظلمة جهلٍ وجهالة الظالمين الباغين, ورفع غبن المظلومين, وغرس فيها رضى ويقين المتقين الموحدين المنصفين فبدأت الدنيا به عهداً جديداً إستوى فيه الناس، - لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود "إلَّا بما يميز كل منهم نفسه بالتقوى", منذ ذلك الحين وإلى أن تقوم الساعة سلاماً وأماناً وإنصافاً وعدلاً وقسطاً أوحاه الله تعالى كتاباً كريماً، ناسخاً لما قبله من صحف وكتب، ومهيمناً عليه.

وقد أودع فيه معايير واضحة ودقيقة لقياس أعمال العباد يوم اللقاء, ثم تولى حفظه بنفسه, فهو إما حجة لهم أو حجة عليهم, ثم بعث معه الساعة, حيث الثواب والعقاب, والساعة أدهى وأمر،, فمن كان وفق معايير هذا الكتاب "شاكراً" أوتي كتابه بيمينه، ودخل الجنة بإذن ربه وفضله، ومن كان "كفوراً" أوتي كتابه وراء ظهره, فدخل النار كذلك.

فجاء أكرم خلق الله (إبن آمنة) صلى الله عليه مسلم ورَسَّخَ مبدأ أخذ الحق من الظَّالمِ المُعْتَدِي الباغِي ورده لصاحبه الضعيف معَّزَزَاً مُكرَّماً, منصوراً, حتى لو كان المعتدي "مؤمناً موحداً" والضعيف المُعتَدَى عليه كافراً ملحداً.

الله تعالى,, مخاطباً لناس - كل الناس - في سورة البقرة,, بَرَّهُمْ وفاجِرَهِمْ على حد سواء,
1. فقال لهم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ...), شاملاً بهذا النداء كل الناس دون إستثناء أو تمييز،

2. نصحاً وتخييراً: (... اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي « خَلَقَكُمْ » وَ « الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ »), لمصلحتكم أنتم وخيركم، فليس هناك أي عائد من تلك التقوى يعود على الله ربكم، فهو قد خلق الخلق وإستغتى عنه، وقادر على أن يخلق مثله أو يبدله بغيره متى شاء بقوله "كُنْ" ... "فَيَكُوْنُ".

3. مبرراً سبب ودواعي هذه العبادة وعائدها، فقال لهم: (... لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 21). فالله لم يخلقكم عبثاً كما تظنون،، وإنما خلقكم ليبتليكم ويُنقِّيْكُم، فهو "طيِّبٌ"، لا يقبل إلَّا طيِّبَاً"، فمن كان كذلك، ونجح في تذكية نفسه أحبَّه ربه وأكرمه ونعمه وأدخله جنة النعيم، أما من إتبع هواه ووآلى إبليس فهو إذاً قد "دسَّاهَا" وأوبقها فأوردها المهالك والمزالق، حينئذ لا يلومن إلَّا نفسه.

الآن،، وقبل مواصلة تحليلنا،، فلنر معاً المعايير التي يخاطب الله تعالى بها عبيده وكيف صنفهم , ونوع الخطاب الذي خص به كل صنف منهم، فيما يلي:
(‌أ) عندما يريد تعميم الخطاب لكل البشر دون تمييز قال لهم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ), وهي كلمة جامعة لأصناف الناس الثلاثة (مؤمنين, وكافرين, ومنافقين)،
(‌ب) فإذا قصد شريحة الناس المعتدلين العقلاء والصالحين، قال لهم (يَا أَيُّهَا آمَنُوْا), إيماناً كاملاً غير منقوص، بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, وباليوم الآخر, وبالقدر خيره وشره, فهوؤاء هم الصفوة والزبدة وهم الذين قال فيهم (كنتم خير أمة أخرجت للناس),
(‌ج) وإذا قصد شريحة الناس الذين تفرقت بهم السبل، فضلوا، وأضلوا وضلوا عن سواء السبيل من الذين أنكروا الله, أو أشركوا به أو خرقوا له بنين وبنات بغير علم،،، هؤلاء وأولئك قال لهم (يَا أَيُّهَا الكَآفِرُوْنَ), أو (يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ كَفَرُوْا), بكل أصنافهم وطوائفهم ومملهم وأربابهم ومقدستهم من دون الله,
(‌د) أما إذا قصد شريحة الناس المراوغين المخادعين الذين يبطنون الكفر بشتى صنوفه ويعملون به سراً وفي نفس الوقت يظهرون وجهاً زائفاً ليخفوا وراءه سواد قلوبهم أفئدتهم المريضة، ويخادعون الله والذين آمنوا، وما يخدعون إلَّا أنفسهم وما يشعرون، فهؤلاء عرفهم بأنهم (منافقون), وقد وصفهم الله تعالى وصفاً مفصلاً في سورة البقرة في ثلاثة عشر آية (من الآية رقم 8 إلى الآية رقم 20).

أما في سورة التوبة، فقد عدد الله تعالى أصنافهم وشرائحهم وفضحهم, وبين أساليبهم وخصالهم الخبيثة, ثم أخيراً عدهم ضمن الكافرين، وذلك في واحد وثلاثين آية من سورة التوبة وذلك: (من الآية رقم 40 إلى الآية رقم 71). فهؤلاء التعساء، رغم أنهم قالوا بأفواههم (لا إله إلَّا الله, محمد رسول الله) دون قلوبهم التي يضمرون فيها الكفر والفسوق والعصيان, إلَّا أنهم في واقعهم أسوء من كل أصناف الكفار مجتمعين، وأخطرهم ومع ذلك "يدَّعُون بأنهم مسلمين", ويتصرفون بسلوكيات تسيء إلى الإسلام ولكن الله تعالى قد تبرأ منهم ورسوله، وفضحهم ليتقي الناس شرهم. وهم يمثلون "غثاء السيل" اليوم الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسنعود لموضوع المنافقين بشيء من التفصيل "القرآني" في موضوع لاحق, بإذن الله تعالى.

ولمزيداً من التأكيد لهذه الحقيقة التي يجهلها كثير من الغافلين من الناس الذين يمارون فيها بغير علم ولا هدىً ولا كتاب منير،، قال تعالى في سورة النساء: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ « الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ » وَ « خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا » وَ « بَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً » - وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ - إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا 1). فلنتدبر هذه الآية الكريمة لنرى كيف فصلها الله تفصيلاً،

1. فقوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ...), إنما قصد بذلك كل الناس تعميماً, وبكل أطيافهم وصنوفهم وشرائحهم ومعتقداتهم,

2. مبيناً حقيقة مساواتهم تماماً عنده, في الخلق, والغاية, والتكليف, والحساب,,, قال بكل صراحة ووضوح: (... اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ...), تأكيداً قطعياً بأن كل الناس أمامه سواء كأسنان المشط،، ومن ثم أعطاهم فرصاً متساوية, ثم أعطاهم حرية التصرف وإختيار كلٌّ منهم لنفسه ما يراه مناسباً لها.

وكل نفس قد "هداها النجدين"، فألْهَمَها "فجورها" إن إختارت الفجور،، و"تقواها"، إن إختارت التقوى. علماً بأنه قادر على أن "يقهرهم جميعاً على تلك التقوى قهراً"، كما قهر الكون كله, وقهرهم هم أنفسهم فيما دون الإختيار, ولكان خطابه لهم بغير هذا.

3. ثم قال: (... وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ...), ليكون الزوج في الإطار الشرعي الذي يقبله الله من المُتَّقِي العفيف النظيف,, المُتَّبِع لشرعه القويم، أما الذي يتخذها خليلة أو عشيقة أو صاحبة فيتدنى إلى نَتَنِ المثلية وقذارة السحاق وخسة ودناءة مزاوجة ومعاشرة أمثالهم من الحيوانات (كلاب, وحمير, وخنازير ونحوها،،،), فهذا هو الإطار الذي يبغضه الله تعالى ويبغض أهله ورواده ولا يتعاطاه إلَّا دون الدُّون الذي يحمل صفة أولئك الفاجرين والفاسقين المختومين.

4. ثم قال: (... وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ...), فالرجل لا يكون كذلك إلَّا إذا إكتملت فيه الصفات والمواصفات الشرعية للرجولة، وما دون ذلك فهو "ذكر بشري"، لا يمت للرجال بصفة, وكذلك الحال بالنسبة للمرأة فهي لا تكون كذلك إلَّا إذا ما توافرت فيها كل الصفات والمواصفات الشرعية التي تميز المرأة عن غيرها من "إناث البشر", ،،، اللآتي لا ينتمين إلى النساء العفيفات الطاهرات المحترمات.

5. فالله تعالى،، مبيناً بوضوح أن الغاية من التقوى هي تنظيم حياة البشر مع بعضهم البعض، وقد قال في سورة الرحمن "... ألَّا تطغوا في الميزان,,, وأقيموا الوزن بالقسط,,, ولا تخسروا الميزان", فالتقوى هي ضمان من الله لحرية الفرد فلا يتغول عليه أحد, وحرية المعتقد فلا يجبره عليه غيره من البشر، وضمن له الأمن والسلامة في النفس والمال والأهل والعرض، ثم ضمن سلامة العلاقة ما بين الأهل والأقارب فقال: (... وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ ...).

إذ أن هذا هو السبيل الوحيد للنجاة من ويلات يوم تشخص فيه الأبصار، وتلد كل ذات حمل حملها،، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، وذلك لكفرهم بالله، والتعدي والتجني والتجهل على غيرهم، ونشر الهلع والخوف والرعب من شرهم، ولكثرة ظلمهم وتكبرهم وتجبرهم على الناس وإذلالهم للضعفاء والمساكين وأكلهم السحت عياناً بياناً....

6. وقد أكد الله تعالى على ضرورة إستقامة العلاقة بن الأقارب و "الأرحام" وسلامتها، وهذا بلا شك يوفر عمقاً أمنياً كبيراً للفرد والجماعة, فأمر بوُدِّهِم، والإحسان إليهم, والصبر على جهالتهم وإعتداءاتهم عليه والعفو عنهم, بل وإيجاد العذر لهم والدعاء بالغير لهم غيباً, وذلك كله إبتغاء مرضاته تعالى، الذي قال: (... وَالْأَرْحَامَ ...).

فهذه العلاقة لم يعد لهم وجود في الحضارات الغربية والأوربية، حيث تفككت الأسر وذابت علاقات القرابة، فبات الوالد يضاجع إبنته التي من صلبه وكذلك الأم مع إبنها, والأبناء مع بعضهم مثليةً, ومع أخواتهم سفاحاً، والأخت تساحق أختها وأمها،، والكل مع الحيوانات والطيور هم فيه سواء تفاعلاً قذراً مقذذاً.

وبالتالي لم تبق لهم حقوق من أرحامهم أو عليهم، علماً بأن الله تعالى لن يقبل عملاً من أحد لم يرع فيه حق الرحم, وقد إعتبر الله هذه الجريمة مهلكة بكل المقاييس, وقد قال في أولئك التعساء الأشقياء الذين يقترفون هذا الجرم الفظيع، في سورة البقرة (الَّذِينَ « يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ » وَ «« يَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ »» وَ « يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ » ←-;- أُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ 27).

7. ثم أخيراً أكد الله للناس جميعاً بأنه "حي قيوم،، لا تأخذه سنة ولا نوم، فالكل تحت رقابته وناصيته بيده، فقال: (... إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا 1), فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، بل وهو "يعلم السر وأخفى".

فإن كان هذا القذم المحبط يملك برهاناً على ما يدعيه ويأفكه, فليكن على قدر من شجاعاً بنذر يسير فيأتِ به على أعين الناس, أو يعرضه على القراء الكرام بدلاً عن السفه وسوء الأدب النابع من سوء طويةٍ خاويةٍ على عروشها,, ووجدان آثن. بل وعليه أن يأتيناً بشخصية من تاريخ البشرية قاطبةً, والجن بعد ذلك ظهيراً, بحيث تكون تلك الشخصية قد بلغت شي من ذلك المقام السامي السامق الذي بلغه "إبن آمنة" خليل الرحمان, وحفيد خليل الرحمان, أبو الأنبياء, منبع ومصب الحنفية الحقة، الذي أدَّبَهُ ربُّه فأحسن تأديبه، ثم أعزَّ به البشرية قاطبة وجبر به كسرهم, فعبد الله الواحد الأحد بعد أن إنعدمت من الأرض عبادته وتوحيده، حتى من أهل الكتاب, حتى قال الله تعالى في سورة البينة: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ-;- تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ 1), فكان رباطهم الوثيق على الكفر والشرك بالله تعالى, فكان لزاماً أن يصحح الله تعالى هذا الحال فأرسل خاتم الأنبياء والمرسلين، فكان الحل الوحيد لفك هذا الرباط الوثيق حتى يعيد الناس التفكير في وحي الله تعالى إليهم, هو إرسال رسول, فقال: (رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً 2), فكان محمد هو خير من يصلح لهذه المهمة، قال: (فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ 3).

محمد رسول الله، الذي أصبحت كل كلمة منه أو حركة أو فعل فعله في حياته كلها (قانوناً ومناراً هادياً) وسُنَّةً يتحرَّهَا العلماء والعقلاء والمعتدلين والعابدين، وذِكْرُه والصلاةُ والسلامُ عليه مع التسليمُ بات قربى إلى الله تعالى يُثِيبُ ويجزل العطاء عليها ، فما أن يثبت عنه قولاً أو فعلاً يصبح على الفور "مرجعاً" يستحيل الإنتقال منه لغيره لأي سبب من الأسباب.

ثانياً: أما أتباع "إبن آمنة" ، محمد بن عبد الله، خاتم أنبياء الله ورسله،، أولئك الصفوة السعداء الكرام, سنتابع معاً مواصفاتهم وتفردهم وتميزهم عن غيرهم، ثم بعد ذلك نرى كيف يكون الحكم عليهم.
فمثلاً إدعاء هذا القذم المحبط بأنهم ((... "المقملين الجربانين " ...)), سنبرهن ونقيم الدليل فعلاً على أنه وبطانته التعساء هم الذين من " المقملين الجربانين" حقاً وصدقاً وحقيقةً,, عندها سنرى معاً متى وكيف يصبح الإنسان مُقَملاً؟؟؟ وجرباناً مادياً ومعنوياً، وسنبين السبب في ذلك؟؟؟

معروف أن القُمَّلَ ينتشر في الأجساد القذرة النجسة، التي لا تعرف للطهارة طريقاً, ولنقارن سلوك أتباع "إبن آمنة" الأطهار، لنرى إن كان سيترك وراءه فرصة للقُمَّلِ والجَّرَبِ أم لا، ثم نعرج على أتباع هذا القذم الضحل التعس "إبن ؟؟؟", تلك التي أنجبته، ذلك الذي ينضح بما فيه من مكاره ونواقص ومخازي وضعة، فيرمي بها مَنْ هم فوقه سموَّ قدرٍ, وعلوَّ قامةٍ وشموخ هامةٍ،، لنرى إن كانت تعوزه "لا أقول الطهارة" لأنها بالنسبة له غوراً لن يستطيع له طلبها، ولنكتفي بشيء من النظافة في حدها الأدنى اللازم لمقتضيات الحياة بين الآخرين ومعهم، لنرى إن كانت كافية لمنع جسده من الجرب علماً بأن حاله "حقيقةً ومنطقاً" يوفر البيئة الخصبة وألجاذبة لتفريخ وتكاثر القمل, وظهور السيلانات والأدران والنتن.

فبرنامج أتباع "إبن آمنه"، فيما يتعلق بالنظافة والطهارة "المادية منها والمعنوية والروحية" يصعب حصرها عَدَّاً وتصنيفها بَنْدَاً، ولكن دعنا نكتفي بالظاهر منها،، فنقول يما يلي:

(‌أ) إنَّ طهارة البدن، التي تبدأ بإزالة النجاسة التي تخرج من السبيلين, (إستنجاءاً وإستجماراً، ثم غسلاً بالماء) وفي ذلك تفاصيل كثيرة, بجانب مراعاة حالة الماء نفسه الذي ينبغي أن يكون مطابقاً للمواصفات المطلوبة للطهارة، لأن الماء له ثلاث أنواع، "طهور"، و"طاهر" و "مُتنجِّس بأنواعه". ثم مراعاة الكيفية التي تتم بها هذه العملية.

(‌ب) هناك نوعان من "الحدث"، أصغر، وهو ما يُرفع بالوضوء أو (التيمم "في حالة عدمه")، وحدث أكبر، وهو ما يُرفع بالغسل كالجنابة والحيض والنفاس وإعتناق الإسلام. فالغسل له شروط دقيقة وملزمة، لدرجة أن الإخلال بها يمنع من رفع الحدث مهما بالغ المحدث في سكب الماء والدلك، وبالتالي لن تصح أي صلاة منه بحدثٍ لم يُرفع بالمعايير الصحيحة المتفقة مع سنة رسول الله.

لاحظ أن الطهارة ورفع الحدث لا يلغيان الإغتسال العادي (الإستحمام) أو يكونان بديلاً عنه، فمهما إغتسل المؤمن وبالغ في ذلك الغسل العادي "بدون نيَّةِ رفع الحَدَثِ" لن يجزيه ذلك وسيظل تعوزه الطهارة الشرعية. التي تتضمن السواك، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، وحف الشارب وحلق شعر الرأس وتهذيب اللحية ثم مس الطيب ،،، الخ، كمالاً وجمالاً. قال تعالى في سورة الأعراف: (يَا بَنِي آدَمَ « خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ » وَ « كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا » ←-;- إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ 31).

(‌ج) فطهارة الثوب والملابس الداخلية، الذي يجب أن يكون نظيفاً طاهراً ساتراً، فأي بقعة تظهر به من طعام أو شراب أو دم أو نحوه، لا بد من إزالتها تماماً قبل أن يقف العبد أمام ربه لأداء الصلاة أو الطواف بالبيت الحرام,

(‌د) وطهارة المكان،، حيث لا تقبل منه صلاته في مكان مشكوك في طهارته، كأماكن إزالة النجاسة, بصفة عامة, و "معاطن الإبل" بصفة خاصة،

(‌ه) ثم طهارة القلب من الحقد والحسد والظن السيء, هذا بعد نقائه تماماً من الشرك الظاهر والخفي، قال تعالى في سورة الأعراف: (قُلْ « مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ؟» وَ « الطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ » قُلْ « هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا » «« خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ »» ←-;- كَذَٰ-;-لِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ 32) ....

(قُلْ «« إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ »» وَ « الْإِثْمَ » وَ « الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ » وَ « أَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا » وَ «« أَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ »» 33).
ثم قال: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ « فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ » ←-;- لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ 34).

فالمؤمن الطاهر المطهر من أتباع "أبن آمنة"، الخاتم،، والتقي منهم،، إنما هو في طهارة كاملة شاملة، ومستمرة ويكفيه شاهداً ودليلاً مادياً على ذلك: (أدائه لخمسِ صلوات في اليوم والليلة)، ليس خلال 24 ساعة كاملة, وإنما خلال (15 ساعة فقط) من الخامسة صباحاً وقت "صلاة الفجر" إلى الثامنة مساءاً, وقت "صلاح العشاء". فتخيل كم عدد المرات التي يتوضأ فيها وكم عدد المرات التي يغتسل فيها من الجنابة؟؟؟, علماً بأن خروج الريح فقط يوجب الوضوء، والإحتلام بما يوجب للغسل في اليقظة يعتبر حدث أكبر يوجب الغسل أيضاً.

ليس ذلك فحسب، بل لقد عشق هؤلاء الأطهار الطيبين الطهارة وأدمنوها، فأصبح المسلم يتوضأ حتى إذا كان على طهارة تأكيداً للطهارة، "إسباع الوضوء على الوضوء"، وإستغفار مع محاسبة نفس وتزكيتها, وزكاة مال وبكاء خشيةٍ وتشوقٍ للقاء الأحبة "محمد وصحبه"، فالمؤمن الصادق ملزم, بل ومغرم بأن يكون على طهارة كاملة قبل الوقوف لأداء أي صلاة من الخمس المكتوبة في كل يوم، هذا بجانب النوافل المرغوبة التي يتحين لها الفرص ويستعجلها ويستعذبها, ثم قيام الليل والتهجد، ثم الطهارة عند تلاوة القرآن الكريم, ثم الحرص على الطهارة قبل نومه بكل مستوياتها وبكامل معاييرها.

فالحال هذه أيها الدعي القذم،،، كيف يستقيم عقلاً أن يصاب بالجرب شخص طاهر مطهر عطر بهذ النظام الدقيق من الطهارة الممنهجة والمبرمجة المكثفة والمستمرة والمراقبة (تطبيقاً, وتقييماً, وتحسين,,,) التي تشمل كل شعرة بجسده داخلياً وخارجياً،، وكيف يعقل أن ينشأ ويستقر قُمَّلٍ في وسط طاهر نقي كهذا,, ليس فيه أي من دواعٍ لوجوده وبقائه وتكاثره فيه؟؟؟

أما برنامج القذم الضحل "إبن ؟؟؟"، فهو بلا شك، خالٍ تماماً عن إستخدام المياه، ونفسه عيافة منفرة للطهارة والنظافة بكل مستوياتها، إلَّا اللَّمم، وإن استخدمها عرضاً فليس بغرض الطهارة والتطهر وإنما لغايات أخرى أقذر من النجاسة نفسها، وبالتالي فهو لن يراعي فيها مواصفات الطهارة وشروط صحتها وكمالها، كما يقولون: "كله عند العرب صابون"، هذا بجانب أنه لا يستخدمه لرفع الحدث, ومن ثم قد يظل هو وأتباعه العمر كله بأول جنابة أحدثها أحدهم، فالسواك مثلاً والطهارة والنظافة ليست حتمية وضرورية بالنسبة لهم, مرتبطة بنظام كامل deterministic regime, كما هو حال أتباع "إبن آمنه" الكرام الأطهار.

فإن لم يأت بها هؤلاء التعساء, وإستعاضوا عنها ببعض الكريمات التي تبقي على النجاسة والجنابة راسخة بينها طبقتها وبين الجلد وهم لم ولن يتحرَّجُوا من ذلك، فالجَرَبُ في مثل حالاتهم يعتبر حتمي inevitable حتى وإن تأخر ظهوره بصورة علنية، كما أن القُمَّلَ لديهم سيلاقي حظَّاً وفيراً من القاذورات والأدران بهذه الأجساد القذرة المتنجسة بجنابة الزنا ومعاشرة الحيوانات، التي تحفذ القُمَّلً mite´-or-louses (الذي هو أحد عقوباتهم منذ الأزل)، على أن يرتع ويتكاثر في تلك الأجساد الوسخة المغضوب عليها من ربها، والمحببة للشيطان الرجيم.

أما النجاسة الخارجة من السبيلين فلا يُزيلونها كُليَّةً بالإستنجاء بالماء، وإنما يكتفون بالمسح "إستجماراً" بقطعة صغيرة من الورق الرهيف tissue paper, الذي يستحيل على أحد منع تتسرب القاذورات والفضلات التي علقت به فتصل بسرعة البرق إلى أصابعه وجزء من راحة كفه التي ستأخذ حظها منها دون أن تزيلها من موضعها تماماً, وكذلك البول "وقوفاً" كالإبل, فتتحول العانة بشعرها الكثيف القذر مزرعةً للقمل والإلتهابات والتقيحات المقذذة.

إذاً،، هذا القذم يتحدث عن نفسه وبيئته وبطانته التي يعايش أهلها ويؤاكلهم ويشاركهم البؤس والشقاء وتعاسة الغفلة والضلال، فإن كان يملك الدليل على أنه على غير هذا الوصف التحليلي الصادق فما عليه سوى تقديمه للقراء الكرام لعله يقنعهم به إن كان من الصادقين، حينئذ سأعتذر منه وأعترف بالخطأ في حقه،، وإلَّا فلن يفلت من قدره ووبال أمره، وهو الخزلان والعار.

ثالثاً: هذا الدعي يتحدث عن الحضارة وينسبها إلى غير أهلها،، إلَّا إذا كانت الحضارة عنده هي الفوضى الجنسية وإدمان المخدرات والخمور، والقرصنة البرية والبحرية والجوية، والتنسط والتجسس على الغاشي والماشي والمستكين والقابع في حجره، وإرهاب الدول الصغيرة بأسلحة الدمار الشامل وإثارة الفتن السياسية والإجتماعية والإقتصادية والقلاقل في كل بقعة على البسيطة "قصداً" إستراتيجياً طويل الأجل, عاليةً نسبة نموه، حتمي تحقيق أهدافه وغاياته, ليسهل عليها إبتلاعها بعد تفتيتها وقتل شعوبها جوعاً ومرضاً وفقراً.

ولعله يحاول التغاضي عن بشاعة جريمة الحروب الصليبية المفتوحة على مصراعيها، والتي لم تتغير إستراتيجيتها وتخطيطها الشيطاني أو تتوقف لحظة واحدة منذ عقود وإلى الآن وغدٍ, ويكفي شاهداً عليها الحروب المستعرة منذ عقود من الزمان وقودها البشر في فلسطين, وأفغانستان، والعراق وسوريا واليمن, ولبنان, ومصر، وليبيا,،،، و؟؟؟؟؟؟, وهي تترك خلفها على مدار الثانية، بل اللحظة أنهاراً من الدماء والقتلى وصنوف الخراب والدمار والتلوث, وسيولاً من الدولارات والينات إلى خزائن سدنة الأرض.

أما حديثه عن حرية العقيدة فهذا أمر مضحك حقاً،،، وسنكتفي "في الوقت الحاضر" بطرح سؤال مباشر عليه مع علمنا بعدم قدرته على الإجابة عليه، فنقول له: (هل الحركات التبشيرية والتنصيرية تكفل للناس حرية العقيدة حقاً ؟؟؟؟؟؟)، أتقول هذا عن علم ويقين أم هو الجهل الذي عهدناه عنك حتى في العلوم والمعارف العامة التي لا يختلف حولها إثنان؟؟؟
هل يستطيع "مسيحي قبطي" أن يتحول عن دينه إلى دين آخر بكامل حريته؟؟؟ وهل "إن فعل ذلك" سيبقى على قيد الحياة ليمارس طقوس دينه الجديد؟؟؟

أما حرية العقيدة والإعتقاد، قد كفلها الله تعالى في التوراة والإنجيل "قبل أن يُحَرَّفَا وتُطْمَسَ معَالِمَهُمَا وتُنْسَخَاْ" حكماً وعملاً وتبقيا إيمانا بهما فقط، ثم القرآن الكريم الذي يقف شاهداً وراعياً ومحافظاً على هذه الحرية، حيث لم يأمر نبيَّاً ولا رسولاً قط بإجبار أحد على تغيير عقيدته قهراً ودون إقتناع.

لذا كان منهجهم جميعاً ومهمتهم "عليهم السلام", أنهم " مبشرون ومنذرون, " لا يحاربون إلَّا من حمل عليهم السلاح وأعلن عليهم الحرب وفرضها عليهم فرضاً ولم يترك لهم خيار آخر سوى "مقاتلتهم" دفاعاً عن النفس والعرض والدين، حينئذ فقط أوجب الله تعالى على هؤلاء الأنبياء والمرسلين "مقاتلة ومجاهدة" هؤلاء المعتدين في الحدود المسموح لهم بها من الله تعالى مباشرةً، وفي أضيق نطاق، لا يتجاوز صد العدوان عن الآمنين من أتباعهم والمستضعفين والمضطهدين.

هذا القذم يهذي ويصخب وهو لا يدري أنه يخطرف بما لا يعلم,, ولا يعرف بأن سببه هو هذا القدر من الجهل والغفلة التي إختصه الله بهما ختماً، فإن لم يكن كذلك لأدرك أن المؤمن الحقيقي لا يهاجم عقيدة الآخرين ولا يسفه معتقداتهم وهو يعلم يقيناً أنها آلهة إفكاً، قال تعالى في سورة الأنعام: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ « الْجِنَّ » - وَخَلَقَهُمْ – وَ « خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ » ←-;- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ-;- عَمَّا يَصِفُونَ 100).

الله هو: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ - «« أَنَّىٰ-;- يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ »» وَ « خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ » ←-;- وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 101), (ذَٰ-;-لِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ «« لَا إِلَٰ-;-هَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ »» ←-;- وَهُوَ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ 102).
(« لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ » وَ « هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ » ←-;- وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ 103).

ثم بين منهجه للناس، ووحيه لنبيه الخاتم, متضمناً بدائل مختلفة ليختار منها العبد ما يريده لنفسه من نهج, قال: (قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ - « فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ » وَ « مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا » ←-;- وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ 104),
ثم بعد ذلك,, مؤكداً هذا النهج، قال: (وَكَذَٰ-;-لِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ - « وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ » ←-;- وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ 105).

بين الله تعالى لنبيه النهج الذي يجب عليه ألَّا يحيد عنه، وهو يترواح ما بين إلتزام وحي الله إليه, ثم الإعراض عن المشركين وتركهم لشركهم الذي إختاروه لأنفسهم، فقال له بكل صراحة ووضوح: (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ - « لَا إِلَٰ-;-هَ إِلَّا هُوَ » وَ « أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ » 106), لأن الله لا يُغْلَبُ على أمرٍ، ولا يُعجزُهُ شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو اللطيف الخبير، فلو كانت غايته إيمان الناس كلهم "قهراً"، لما إستطاع كائن أن يخرج عن مراده, لذا:

1) أولاً: هو لا يريد إجبار الناس على الإيمان به, لذا قال لنبيه الخاتم: («وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا » ...), فالله أعطاهم حق الإختيار الحر, ولن يسترد منهم ما أعطاه إياهم مرة أخرى،

2) ثانياً, قال له، أنت عليك البلاغ المبين فقط، ولست مسئولاً عن إيمانهم أو كفرهم، فهذا شأن الله مع عبيده، قال ذلك بوضوح: (... وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ...), فالله وحده هو الحفيظ عليهم,

3) ثالثاً: وقبل هذا وذاك، فالله تعالى لم يجعل لك عليهم سلطاناً لقهرهم على الإيمان, أو تبديل إختيارهم بدون قناعة،، فقال له بوضوح: (... وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ 107).

إذاً،، يما من ظلم نفسه بمعاداة كلام الله الذي وفر له قدراً واسعاً من حرية الإختيار حتى في إختيار إلهٍ إفكٍ غيره أو معه. فماذا تريد أكثر من هذا أيها الغافل الجاهل حتى بمصلحة نفسه؟؟؟ هل سر عدوانك لشرع الله لأنه وقف في وجهك ومنعك من الإعتداء على الآخرين وظلمهم وإستعبادهم وأكل أموالهم وتهديد حياتهم والتكبر عليهم وإستهجانهم؟؟؟ ...

معنى هذا فأنت تدلل على نفسك بأنك "جبار في الأرض" تريد نشر الفساد والإفساد والتضييق على الآخرين. ولكن هل يسمح لك أحد بذلك دون مساءلة وعقاب فوري قد يكون ثمنه حياتك أو حريتك في قفص حديدي أبدي؟؟؟ فإذا كان هذا هو حكم البشر "قضاءاً" على كل من يهدد الآخرين ويتعدى على حرياتهم, فلماذا تستنكر ذلك على الله تعالى وهو خالق كل شيء؟؟؟

لم يقف العدل الإلهي عند هذا الحد من الحرية الشخصية الكاملة،، ولكنه ذهب لأبعد من ذلك،، وقد نهى المؤمنين نهياً مغلظاً عن سب الآلهة الإفك التي إتخذها الضالون المضلون آلهة لهم من دون الله تعالى، فقال بمنتهى الصراحة والوضوح: (وَلَا تَسُبُّوا «« الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ »» - فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ - كَذَٰ-;-لِكَ « زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ » - ثُمَّ إِلَىٰ-;- رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ 108), فأمرهم بترك الكافرين لحكمه عليهم يوم القيامة فهذا شأنه هو.

إستمر ذلك التفصيل المبين من الله تعالى،، إلى أن قال: (وَكَذَٰ-;-لِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا - شَيَاطِينَ « الْإِنسِ » وَ « الْجِنِّ » - يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ-;- بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا - وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ - « فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ » 112).

ثم قال له أيضاً: (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ - يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ - «« إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ »» ←-;- وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ 116). فأمره بأن يترك هذا الأمر له فهو الأقدر عليه، فقال له: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ - « مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ ؟» وَ « هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» 117).

ثم تدرج في التفصيل الدقيق حتى قال: (وَكَذَٰ-;-لِكَ « جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا » -لِيَمْكُرُوا فِيهَا - وَ « مَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ » ←-;- وَمَا يَشْعُرُونَ 123).
(فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ « يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ » ...), لأنه كان مقبلاً على الله، طاهر النفس, موحداً عابداً تائباً,

(... وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ « يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا » ...), لأنه كان مُدْبِرَاً عن الله, خبيث النفس، مشركاً معه غيره, غافلاً, عاصياً, متكبراً متجبراً, ومعانداً,, فوصفه في ذلك الكبر قال: (... « كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ » ←-;- كَذَٰ-;-لِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ 125).
فبعد كل هذا التفصيل،،، ملخصاً كل ما فصله في الآيات التي خلت قال لنبيه الكريم: (وَهَٰ-;-ذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا «« قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ »» 126).

إذاً واضح تماماً أن الله تعالى لم يرد من أحد "مبتلىً" إيماناً بقهر وإنما بإقبال عليه بِحُبٍّ وقناعةٍ وتصديق بالغيب. ومن ثم،، واضح أن ما يأفكه هذا القذم الدعي إنما مبرر بالنظر إلى شخصيته ومستوى تفكيره ومن منطلق غله وحقده على غيره من البشر (أو لعله نتيجة طبيعية منطقية للمغالطات والتشوهات التي ألمت بثقافته جراء المعلومات الخاطئة التي بلغته عن هذا الدين القويم بكل المقاييس)، أو لعله في إطار تنفيذ أجندة الشيطان وأداء حق العبودية له والرضوخ والإستسلام لأوامره ونواهيه بتدله وتبلد وسذاجة,, لذا نرى أنه قد آن لأبي حنيفة أن يمد رجله.

**********************
والآن ننتقل إلى راجي بطارسه Raji Batarseh، لنرى ماذا قال, وقد أجهد نفسه كثيراً بحثاً عن ثغرات بالقرآن الكريم ومآخذ ليدلي بدلوه في المستنقع والحفير الحَمِئُ الآسِنُ الذي ولغ فيه أبو جهل القرن الحالي وصبيه المتغطرس المنتكس التعس. وقد فرح Raji وسال لعابه لصيده السمين "في ظنه"، وهو لا يدري أن شحمه كان ورماً وإنتفاخاً.

على أية حال قال أن لديه ((... نماذج من آيات « الجهاد والنفير والقتال » في القرآن ومجموعها 70 آية ...)), ويا له من رقم متواضع،، وأن هذه الآيات في ظنه تكفي دليلاً على أن القرآن الكريم يحرض المؤمنين على قتل غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى بصفة عامة، وقتل وإستئصال أهل الكتاب بصفة خاصة. وبالطبع لم يجد صعوبة في ذلك، للأسباب الآتية:

أولاً: موقفه العدواني العنصري الأصولي اللاهوتي المتجذر في وجدانه ضد الإسلام والمسلمين والذي من البديهي أن يتحول إلى كراهية ومناجزة ووجد,

ثانياً: ساعد على ذلك, معرفته المتواضعة باللغة العربية مفردات وتراكيب وإنشاء وتعبير, مما جعله عرضة لتدوير رأسه من أشباح وأشباه,، وشحنها بكل غث كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءاً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا, فأصبح طيعاً في يد العابثين من أعداء الحق، وبات يصدق بكل منكر يرمى به الإسلام والمسلمين وكتابهم الحق المبين, ما دام ذلك يشفي الغل والحسد.

ثالثاً: إعتماد ثقافته الدينية على القيل والقال, والسخيف من القصص والأمثال، خاصة من أولئك ألضالين المضلين أمثال أبي جهل العصر وصبيه التعس، وسماحه لهم بالعبث في رأسه بحرية, وإستغلال جهله، ووجده وكراهيته للإسلام ليبحث عن مبررات له من بين سور القرآن الكريم وآياته البينات ومفرداته التي يظن أنَّ فهمه الخاطيء لها هو الفهم الصحيح.

رابعاً: فهمه الخاطيء المغلوط لكلمة (جهاد)، ساعد في ترجيح ظنه بأنها تدل على العنف والقتل والظلم والتمييزات العنصرية،،، الخ وهي أنصع, وأكمل كلمة إستخدمها البشر في كل تاريخهم القديم والحديث،، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

خامساً: سهولة تداول القرآن الكريم "خاصة على النيت"، وإتاحته الكاملة في كل زمان ومكان ووقت, وسهولة آلية البحث search، التي يمكنه إستخدامها في البحث والتنقيب عن كلمة "جهاد" تحديداً، أغراه كثيراً, فكان حصاده سبعين آية من بعض سور القرآن الكريم. وبالطبع،، ما دامت هذه الكلمة قد جاءت في القرآن بهذا القدر من التكرار, وما دامت هذه الكلمة "متهمة"، لدى الجهلاء البلهاء السذج، فإن هذا يعتبر "وفقاً لهذا المفهوم المتغابي" دليلاً مادياً على ما يريد الأخ راجي تدويله وتداوله بين الناس لخداعهم.

فبدأ بأول آية من صيده السمين, وذلك من قوله تعالى في سورة محمد: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ-;- إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ-;- تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَٰ-;-لِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰ-;-كِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ 4).

حسناً يا أخ Raji،، فما الذي فهمته من هذه الآية "تحديداً", فوجدت فيه مأخذاً أو مآخذ على القرآن وعلى الإسلام بهذا القدر الذي أثلج صدرك لهذه الدرجة جزلاً, وبادرت إلى التشهير به بهذا الحماس والثقة في النفس واليقين بحسن الأداء؟؟؟ أهو العبارة الدالة على: "لقاء الذين كفروا"، أم هي عبارة "ضرب الرقاب"، أم لعلها عبارة "شد الوثاق", أم هي كلها مجتمعةً؟؟؟

للأسف الشديد يا عزيزي، إنَّ تأثير أبو جهل القرن وصبيه الجاهل بات ظاهراً جلياً على المخدوعين المخترقين، فقد عطلا بخبثهم وكيدهم الضعيف أفكار الكثيرين من أتباعهما وتابعيهما وضحاياهما من أهل الكتاب بصفة خاصة وغيرهم من جهلاء المسلمين وشرذمة المنافقين الضالين المضلين بصفة عامة، فعرَّضُوهم للسخرية وذلك بإتباعهم منهجهما الإستعراضي، المسرحي الفاشل,, ناسين ومتناسيان أن القرآن الكريم هو كتاب مبين، "مفتوح على مصراعيه، ومتاح لكل البشر والجن معاً، بل ويدعوا الكل إلى التدبر والتفكر فيه لأنه حجة لهم أو عليهم، ومهيمن على كل ما دونه. وها هو ذا القرآن يخرج أضغانهم , فيسبطهم.

إذاً،، آلية أخذ آية من وسط إيات السورة الواحدة أو جزء من آية ظناً من هؤلاء السفهاء الجاهلين بأنها ستحقق لهم مآربهم، إنما هي آلية ومنهجية تدل على السذاجة والغباء والجهل المركب.

وقد فشل فيها ذلك الكذاب الأشر وزمرته الأشرار فشلاً ذريعاً مريعاً مُرَّاً فباتوا أضحوكة زمانهم, ونقطةً سوداء منكوتةً في صحيفة أقرانهم وأعوانهم المحبطين،، الذين زج بهم هذا الدعي في أتون معركة الفكر الحامية الوطيس بعد أن جردهم من سلام التفكر والتدبر والبحث والدراسة قبل كشف أوراقهم التي سرعان ما تفضح حالهم وخبايا أنفسهم وسوآتها.

على أية حال،، بالرغم من إستطاعتنا أن نتدبر هذه الآية الكريمة لذاتها مباشرةً، ليرى Raji أنها بعكس ما تصورها تماماً, وأنها ناصعة البياض، مرضية للفؤاد، وكاملة العدل والوداد, وليس فيها هضماً لحق العباد, وإنما حفاظاً على حقوقهم المادية والمعنوية ما ظهر منها وما بطن,, ولكن دعونا نبدأ من الآيات التي تسبقها,, القليلة عدداً والكثيفة علماً وقدراً وبياناً وتبياناً, بإعتبارها آية من سورة واحدة تمثل وحدةً متكاملة من مجموعة آيات لكل آية منها معانيها الذاتية وفي نفس الوقت تعمل مع باقي الآيات الأخرى للسورة مجتمعة على إعطاء كامل مقاصدها الإستراتيجية، والبيانية الإعجازية الهادفة.

أولاً: فأن حرية العقيدة والإعتقاد والإختيار التي منحها الله تعالى للإنسان ليست محل شك أو خلاف، وذلك بأن هداه الله النَّجْدَيْنِ وخيَّره "بحرية كاملة" في أن يكون إما "شاكراً" وإما "كفوراً", وقد ألْهَمَ كُلَّ نفس "فجورها", "وتقواها", وبين لها عاقبة إختيارها صراحة بقوله "قد أفلح من زكَّاها"،، "وقد خاب من دسَّاها".

ومن ثم فلا بد من أن هذه الحرية ستفرز فريقين من البشر لا ثالث لهما:
1. فريقاً صَدَّ عن سبيل ربه بأن أتْبَع نفسه هواها وإختار طريق "الكفر"، وحرك في نفسه فجورها، وهو يعلم عاقبة هذا الإختيار تماماً،

2. وفريقاً آخر إتبَّع شرع ربِّه وأتْبَعَ نفسه تقواها وإختار طريق الإيمان ونهى النفس عن الهوى, وهو يعلم تماماً ما أعد الله له من جزاء من ربه عطاءاً حساباً، فعمل لذلك.

أيعقل أن يُعامل الفريقان الصالح منهما والطالح بنفس الجزاء،، سواءاً محياهم ومماتهم؟ وقد بين الله تعالى لهم مسبقاً نوع الجزاء الذي أعده لكل فريق؟؟؟ ...... بالطبع "لا يستوون".
لذا،، بين الله تعالى ذلك في هذه السورة الكريمة بكل وضوح:

1. فعن الفريق الأول قال: (الَّذِينَ « كَفَرُوا » وَ « صَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ » ←-;- أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ 1), فهل هذا التعس عندما إختار لنفسه الكفر والصدود كان يظن أن الله تعالى يقول ما قاله عبثاً، وأنه يقول بما لا يفعل؟؟؟ أم أنه أصغى لتلبيس إبليس فصدقه وأطاعه من دون الله تعالى؟؟؟ فهل كان يتوقع أن يتركه الله سداً ولا يحاسبه على سوء إختياره؟ أم كان يظن أن الله تعالى غافل عما كانوا يعملون؟

2. ثم عن الفريق الثاني قال: (وَالَّذِينَ « آمَنُوا » وَ « عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ » وَ « آمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ-;- مُحَمَّدٍ » - وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ - «« كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ »» 2),, أليس هذا هو القسط بعد العدل ومعه يا أصحاب العقول النيرة والفكر الحر؟؟؟.

3. ثم برَّر الله تعالى الجزاء لكل من الفريقين وبين منطقيته وعدله، قال: (ذَٰ-;-لِكَ بِأَنَّ « الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ » وَأَنَّ « الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ » ←-;- كَذَٰ-;-لِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ 3).

فالله تعالى لم يجبر أحداً على إختيار "نَجْدِهِ" ومنهاج حياته، فمن كفر كان بإختياره دون أي تأثير عليه سوى "نوازع النفس الأمارة" وهو الذي جعها على وذلك "قصداً"، لسوء طويته وفساد وجدانه، ثم لكيد وليه - عدو الإنسانية "الشيطان الرجيم" - له، فصدقه ذلك التعس ببلاهة وإنقياد مخزٍ, وسلم مقوده إليه بخنوع وضعة ومذلة فأفسده وأورده التهلكة وهو راضٍ وقانع بهذه التبعية المذلة، علماً بأن "كيد الشيطان كان ضعيفاً".

ثانياً: الذي يتدبر القرآن الكريم،، من "الفاتحة" إلى "الناس"، سيجد بكل وضوح أن الله تعالى قد حَرَّمَ على المؤمنين الآتي:

1. الإعتداء على غيرهم من الناس مهما بلغ عدوان الناس عليهم وإعلان الحرب أو حتى الشروع فيها ضدهم, فأوحبب عليهم الصبر والمصابرة والمرابطة وتقوى الله والتوكل عليه, ما دام الأمر تحت السيطرة، مع إمكانية تفادي وقوع الفتنة،

2. ألَّا يكونون هم السبب في إثارة فتن الحرب سواءاً أكان ذلك بالتحرش، أو الإستفذاذ, أو الإعتداء بكل صوره ومداخله ومخارجه سراً كان أم علانية. فقال لهم صراحةً (... ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين).

3. ألَّا يخوضوا الحرب إلَّا مكرهين للقاء العدو الذي فرضها عليهم بأن دخل دارهم أو خرج عليهم أو طاهر, فلم يترك لهم سوى خيار واحد، إما "المقاتلة" - وليس القتل أو الغدر - وإما "الفتنة" التي هي أكبر من القتل، فيصبح لا مناص لهم ولا خيار أمامهم سوى اللقاء المحتوم, أو البديل سيكون قبولهم بالدنيئة في دينهم، والإذلال والمهانة والمعرة، لأن أعدائهم الطغاة المعتدين لا يرقبون فيهم إلَّاً ولا ذِمَّةً فغايتهم هي القضاء عليهم وعلى دينهم والإستحواذ على ما عندهم، فمعلوم أنه لا يتصور أحد عاقل أن يتبادل المتحاربون باقات الزهور وقطع الحلوى والسلوى، والمصافحة وعناق الود.

وعليه،، أراد الله تعالى أن ينبه المؤمنين بأن يستحضروا حقيقة وواقع اللقاء وإفرازاته الطبيعية وهي "ضرب الرقاب" من الفريقن، فإن كان هناك فريق يسعى لأن ينال من خصمه "عدوانا" فسيقصد عنقه فيضربه ليبعده عن طريقه ويحقق غايته، ولا شك في أن الفريق الثاني، وحتى إن كان قصده إبعاد الخطر عن نفسه ورفاقه فقط دون اللجوء للقتل كغاية وهدف له مثل الآخر، قد لا يجد بداً ولا أخف خياراً آخر من أن يضرب عنق خصمه ليوقف خطر زحفه وتغلغله في أرضه، مندفعاً بحقده الدفين. والنتيجة الحتمية في النهاية،، أموات وأسرى بين الطرفين.

ولكن،، بالنظر إلى القرآن بصفة عامة، وإلى هذه الآية الكريمة بصفة خاصة نجد أن الله تعالى قد حصر الخيارات أمام المؤمنين في ثلاثة لا رابع لها:

1. قال لهم: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ...), وفرض عليهم أن يعطوا القتال حقه ما دام قد فُرِضَ عليهم من خصمهم ولا يد لهم فيه، ولكن يجب أن يكون وفق مباديء وأخلاقيات وآداب الإسلام الفريدة المتميزة في القتال على مر العصور والأحقاب, أهمها ألَّا يكون القتل هو "غايةٌ" في حد ذاته بل أن يكون واقعاً وإفرازاً طبيعياً "للقتال" المسموح به لهم "دون القتل المتعمد" أو الغدر والمباغتة، ما استطاعوا لذلك سبيلاً.

2. ثم أمرهم ألَّا يُطيلوا أمد الحرب ولا يلجأوا للقتل ما دام في إستطاعتهم إيقاف عدوان خصمهم بالغلبة والأسر الذي يجب عليهم اللجوء إليه كخيار أساسي وحيد ما دام ذلك في إستطاعتهم، فقال لهم بكل وضوح: (... حَتَّىٰ-;- إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ ...), ولم يسمع لهم بقتلهم بعد ذلك، بل عليهم أن يتمهلوا معهم حينئذ ينظرون في أمرهم حتى تنتهي الحرب ،

3. فقال لهم، أمامكم أحد خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تمنوا عليهم بأن "تخلوا سبيلهم" بدون مقابل مناً منكم "بإذن الله"، وإما أن تخلوا سبيلهم مقابل فديةً يفتدون بها، قال: (... فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ-;- تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ...), وقد برَّر الله تعالى للمؤمنين هذا المن والفضل منه على أعدائه وأعدائهم، بأن هذه مشيئته وحكمه, وعلى المؤمنين قبوله والإزعان له رغم أنهم عانوا كثيراً وقتل منهم الكثيرون ظلماً وعدواناً, ولكن مرضاة الله وطاعته لها ثمن باهظ، قد يكون الجود بالنفس دون النفيس، والثمن مضمون لهم إن صدق التوجه وخلصت النية.

4. لذا قال لهم: (... ذَٰ-;-لِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰ-;-كِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ...), إذاً فهناك غاية من ذلك لله وحده الذي يعلمها, ولكن أكد بأنه "لو كانت غايته التصر عليهم لكان لهم ذلك و"لإنتصر منهم"، ولكن الغاية هي أسمى من ذلك وأوثق، فهو سبحانه يريد أن يبلو بعضكم ببعض، فيعلم الصادقين منكم ويعلم المكذبين, وإن لم يكن ذلك كذلك لما حدث أن إنتصر كافر على مؤمن على الإطلاق،، لأن النصر من عند الله تعالى، ولكن الله تعالى جعل أعلى درجات النصر هي "الشهادة في سبيله" حتى لو لم تكن "الغلبة" هي البديل.

5. ثم واسى المؤمنين ووعدهم بأن يعوضهم أفضل مما أخذ منهم، وأن الذين قتلوا منهم في سبيله سيوفيهم أجورهم وما يستحقونه من الجزاء الأوفى، فقال لهم: (... وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ 4),, وهذا هو النصر الحقيقي للمؤمن.

أرأيت يا Raji ما أشكل عليك فهمه من هذه الآية الكريمة الوضاءة الرحيمة؟؟؟ معنى هذا أن سورة "محمد" لم تتضمن الحديث عن شخصه أو أسرته أو قبيلته أو زوجاته، أو أبنائه وبناته،، أو عن أمجاده،، وإنما جاءت لتؤكد قوله تعالى (وما أرسلناك إلَّا رحمةً للعالمين)، وقد ترجم الله تعالى هذه الرحمة في هذه السورة التي كانت غاية في الرحمة على أعداء معتدين متربصين كافرين به وبكتبه ورسله وباليوم الآخر، فكان هذا التشريع الحق لآداب ومكارم أخلاق الإسلام والمؤمنين حتى مع عدوهم الذي كل هدفه هو "ضرب الرقاب" تشفياً وغيظاً وحنقاً وكراهية.

وحتى يغري الله المؤمنين لقبول حكم الله راضين مستبشرين سعيدين به رغم أنه رفع أيديهم عن أعدائهم والإكتفاء بأسرهم دون قتلهم، ثم بعد ذلك إطلاق سراحهم منَّاً أو فدائاً، فعرض عليهم المقابل من العطاء السخي الذي يجعلهم يستشهدون في سبيله لنصرة الحق وليس لنصرة أنفسهم.

فبدأ في تعداد ما ينتظر الشهداء من خير عميم، فقال تعالى في ذلك:
1. (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ 5)، فلا شقاء بعد الشهادة, ولا صخب ولا نصب ولا فوت,
2. (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ 6)، فعرفوها وعشقوها, وسعوا إلى نيلها بالنفس والنفيس،
ثم خاطب المؤمنين بصفة عامة قال لهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا «« إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ »» وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ 7).

ثم بين حال الكافرين، وأنه رحمهم في الدنيا وأعطاهم فرصة ليراجعوا أنفسهم قبل أن يلقوه كفاراً، وطمئن المؤمنين بأن أعدائه وأعدائهم لن يفلتوا من قبضته، فمن ظل على كفره وغيه لن تنفعه هذه الرحمة في الدنيا، وسيكون مصيره تعساً يوم يلقاه.

فقال لهم في ذلك: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا « فَتَعْسًا لَّهُمْ » وَ « أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ » 8)، ليس ذلك مصيراً فُرض عليهم ولكنهم هم الذين أدخلوا أنفسهم في ظلامه وظلماته، قال: (ذَٰ-;-لِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ « فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ » 9), فكانت النتيجة مبررة "جزاءاً وفاقاً,, إنهم كانوا لا يرجون حساباً،، وكذبوا بآيات الله كذاباً".

فالله تعالى بين عدم وجود أي مبرر لهذا الضلال المبين منهم، خاصة وأنهم رأوا وسمعوا عن الأمم السابقة الهالكة، ويعلمون سبب هلاك أهلها، ومع ذلك فهم يفعلون بأنفسهم ما فعله أولئك التعساء, الأولون الهالكون. ومستغرباً من حال هؤلاء الكافرين قال لنبيه الكريم عنهم: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ...)؟؟؟, (... « دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ » ...), (... ←-;- وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا 10). فهم ليسوا ببعيدين عن ذلك العذاب، وليس ذلك على الله بعزيز, قال: (ذَٰ-;-لِكَ « بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا » وَ « أَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ-;- لَهُمْ » 11).

ثم بين الله تعالى حكمه الدائم على كل من الفريقين فقال:
1. عن المؤمنين: (إِنَّ اللَّهَ « يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ » جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ...)
2. وعن الكافرين: (... وَ « الَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ » ←-;- وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ 12).

ثم بين هوان هؤلاء الكفار وضعفهم، وأن الله تعالى قد أهلك من هم أشد منهم قوة وبأساً "ولا يخاف عقباها"، فما الذي يعجزه عن هلاك هؤلاء مثل أولئك أو أشد هلاكاً؟؟؟ فقال: (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ ←-;- « هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْركَ » - أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ 13), فما الذي يمنع من هلاك هؤلاء أيضاً بأمثال عذاب السابقين؟

ثم قارن سبحانه وتعالى ما بين الفريقين فقال متسائلاً: («أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ-;- بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ » « كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم » 14)؟؟؟ ..... بالطبع لا يستوون لا في العمل ولا في الجزاء ولا في المصير والمآل.

ثم شرع في تفصيل أعمق للمقارنة بين جزاءِ كل من الفريقين، فبدأ بالفريق الأول "السعيد"، فقال واصفاً ومفنداً جزائه: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ...):
1) (... « فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ » ...),
2) (... وَ « أَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ » ...),
3) (... وَ « أَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ » ...),
4) (... وَ « أَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى » ...),
5) (... وَ « لَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ » ...),
6) (... وَ « مَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ » ...),

فتساءل سبحانه عن هؤلاء مع غيرهم، أيستوي حال هؤلاء السعداء الأبرار مع أولئك التعساء الأشقياء؟ بالطبع لايعقل أن يستوون، قال: (... كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ 15)؟؟؟

ثم فضح حال المنافقين المندسين بين المؤمنين، وهم ألد الخصام، لأنهم يظهرون إيماناً زائفاً ويبطنون كفراً وضلالة، لذا أخبر الله تعالى رسوله عنهم، قال: (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ « حَتَّىٰ-;- إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا » - أُولَٰ-;-ئِكَ الَّذِينَ « طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ-;- قُلُوبِهِمْ » - وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ 16)، ثم قارنهم بالمؤمنين قائلاً: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ 17).

تستمر السورة الكريمة في وصف حال ومآل وجزاء وسلوك كل من الفرق الثلاثة، المؤمنين، والكافرين، والمنافقين.

فأين يوجد المأخذ على الآية الكريمة التي ذكرتها يا Raji ؟؟؟ ها قد طاش سهمك وإرتد إلى صدر راميه مرة أخرى ... أليس كذلك؟؟؟.

أيضاً قال راجي بطارسه: ))... أما عن الجهاد فحدث ولا حرج فقد تضمن القرآن "70 آية" تلزم المسلمين بالجهاد والنفير والقتال, ووفقا لهذه الآيات يجري تبرير غزو البلدان الاخرى غير الاسلامية واجبارها على اعتناق الاسلام تحت تسمية الهجرة للقتال في سبيل الله, وهي دليل على حكمة الامام علي في قوله "القُرْآن حمَّالُ أوجُه" نرد بعضها على سبيل المثال لا الحصر ونترك للقارئ ان يقارن افعال الدواعش بما ورد فيها ...)) ,,,

هكذا يفكر هؤلاء القوم دون تدبر وتبصرة،،، ومن ثم،،, فإن هذا القصور, بجانب ما بنفوسهم من غل يعتبر تبريراً كاملاً لهذا القدر من العداء والكراهية لدين هو في واقعه وحقيقته جاء ليصدهم أنفسهم عن هذه الشرور التي مارسوها سابقاً ويمارسونها الآن بكل ثبات، وقد صاغوها إصحاحات وأرقام يتعبدون بها وما أنزل الله بها من سلطان.

ولكن, لسوء حظهم أن القرآن وحي من عند الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،، ولم ولن يجرؤ أحد على إضافة شيء له أو حذف آخر منه أو إجراء تعديل به، لأنه في حفظ الله تعالى،، علماً بأنه لم, ولن تقف محاولات الأشقياء التعساء الدائبة، ومع ذلك ظل وسيظل ناصعاً كاملاً مكتملاً،، شاهداً عليهم وماحقاً لمكرهم السيء.

ثم ذكر Raji نموذجاً آخر من القرآن ليستشهد به على صدق إعتقاده، فبدأ بالآية الكريمة من سورة البقرة، عند قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 218)، فإدَّعى بأنها من آيات الجهاد "السبعين" التي قال عنها "حدث ولا حرج"، فلنر معاً كيف طاش سهمه هذه المرة أيضاً وإرتد إلى صدره وهو لا يدري.

كالعادة، فإن أعداء الحق دائماً وأبداً تعوزهم الشفافية والمصداقية والأمانة العلمية لأنهم يحاولون لي عنق الحقيقة وهزيمتها بصلفهم،، فهم أولاً وأخيراً يبغونها عوجاً وكفى. إذاً،، هم أناس قد جندوا أنفسهم أو لعل الشيطان هو الذي جندهم للشر ومناهضة كل ما هو حق وصدق وعفاف وعدل،، لأنهم قد فقدوا عناصرها في وجدانهم وفي البيئة الفاسدة من حولهم، وفي أقرانهم وبطاناتهم المتردية في الرزيلة والخطيئة والظلم.

هم أناس جبلوا على السفه والمراوغة وتقليب الأمور، فبات الكذب والمراوغة دبلوماسية، والغدر والإعتداء تكتيك وسياسة وحسن تدبير,, والفجور والفسوق والإنحلال الخلقي والإنساني حضارة ورقي وتقدم. وواضح أن Raji هذا له حضور كبير في هذا المجتمع الحضاري حسب ما رجح عندنا، وسنثبت للسادة القراء ذلك بتتبع الموضوع الذي أثاره ويظن أنه قد جاء "بالذيب" من ديله. متتبعاً خطى سامي وبطرس ورشيد ورهطهم, فنقول له سيرد عليك القرآن الكريم وسيحبط مسعاك الزهوق،، فلنتحرى ونتابع ذلك فيما يلي:

نعم،،، وألف نعم، القرآن الكريم يلزم "المؤمنين", بالجهاد والنفير والقتال، وليس "المسلمين" كما تدعي وتأفك،، فمن البديهي أن تعجز عن التفرقة ما بين "مؤمن" و "مسلم", و "منافق",,, فأنَّى لك هذا وأنت لا حظ لك من ثقافة وحي السماء التي تجعل الإنسان يفرق ما بين التشابه، والإشتباه، والإلتباس، والتباين، والتضاد.

فهذه بالطبع معايير بعيدة كل البعد عن دعاة السلام العالمي، ودعاة حقوق الإنسان وفي الواقع كما يقولون: "حاميها حراميها"، فهي معايير العدل والمساواة التي تتناقض تماماً مع مصالح أصحاب "حق النقد vito" من أعضاء النادي النووي ورواد وتجار وصناع أسلحة الدمار الشامل, والديمقراطية الكسيحة المشروخة, التي يبرر بها لديهم العزو والإستعمار والحروب الإستباقية.

ولكن،، يا بطارسة!!! ليتك تخبرالقراء الكرام عمَّا تعرفه عن كلٍّ من كلمة "الجُهْدِ", و "الجِّهَادِ", و "المُجَاهَدَةِ" في عرفك ومفهومك. ثم عن كل من كلمة "النفرة", و "النفير", وما الفرق بينهما, ثم ليتك تخبرهم عن كل من كلمة "القتل", و "القتال", و "المقاتلة", ثم "الإقتتال", والفرق بين كل كلمة وأخرى. فإن كنت لا تعرف معانيها ومدلولاتها، تكون قد ورطت نفسك بإدعائك هذا الذي سيكون وبالاً على مصداقيتك وأمانتك العلمية،، أما إن كنت تعرف "وأنا أشك في ذلك كثيراً"، فهذه أشد وبالاً وأنكى، لأنك ستكون قد نافقت وكذبت عمداً على القراء بقصد إضلالهم وتضليلهم بهذه الفرية المخزية.

أما فريتك الأخرى، تكمن في إدعائك الذي قلت فيه: ((...ووفقا لهذه الآيات يجري تبرير غزو البلدان الاخرى غير الاسلامية واجبارها على اعتناق الاسلام تحت تسمية الهجرة للقتال في سبيل الله ...)),,, ألا تستحي يا رجل من مثل هذه الخطرفة المخزية المضحكة؟؟؟، أليس من الأولى لك أن تفهم مدلولات الكلمات ومعطياتها ومعانيها العامة والخاصة بنص كل آية على حده قبل أن تورط نفسك بهذه القسوة؟؟؟ (... قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)!!!

الآن نطالبك بإسم القراء والقارءآت الكريمان بأن تؤكد لهم بالأدلة والبراهين والقرآئن كلاً من إدعاءاتك التالي، ولك الإستعانة بأبي جعل العصر وصبيه إن شئت:
1) برهن على أنَّ أيٍّ من الآيات السبعين التي أشرت إليها, أو حتى أيَّةَ آيةٍ من القرآن الكريم بأنها "كما تدعي وتأفك": (... تبرر غزو البلدان الأخرى غير الإسلامية وإجبارها على إعتناق الإسلام). فإن لم تستطع ذلك فأنت كذاب أشر, فاقد المصداقية والأمانة العلمية والحياد الفكري،

2) برهن على أنَّ أيَّاً من الآيات السبعين التي أشرت إليها, أو حتى أيَّة آية من القرآن الكريم (... تدعوا المسلمين أو حتى أي من أنبياء الله ورسله الكرام الميامين إلى إجبار الناس على إعتناق دين الله أو قهرهم عليه منذ أولهم - نبي الله ورسوله "نوح" عليه السلام، مروراً بإبراهيم، وموسى, وعيسى,, ووصولاً إلى خاتم أنبيائه ورسله محمد رسول الله), سواءاً أكان ذلك تحت مسمى "الهجرة للقتال في سبيل الله" أو تحت أي مسمى آخر. فإن لم تستطع ذلك ... ولن تستطيع,, فكيف سيكون حال مصداقيتك وأمانتك أمام القراء, بل وأمام نفسك؟؟؟

3) تتحدث بثقة عن مفهومك الخاطيء المغلوط للآيات، بل للمفردات التي "بهتها", فتقول "دون تحفظ", ((... وهي دليل على حكمة الامام علي في قوله "القُرْآن حمَّالُ أوجُه"),, فإذا كنت قد فهمت معنى عبارة " القُرْآن حمَّالُ أوجُه ", فمِنْ حق القراء الكرام عليك أن تقول لهم:

(‌أ) (ما هي تلك الأوجه التي فهمتها من هذه العبارة)؟
(‌ب) وكيف وجدت صدق هذه العبارة في القرآن الكريم؟؟
(‌ج) وهل هي في الآيات السبعين التي توصلت إليها أم هناك آيات أو سور بكاملها قد أكدت لك بما لا يدع مجالاً للشك بأن القرآن حمال أوجه؟

4) وإن فهمت هذه العبارة حقاً, وثبت لك أو لغيرك صدقها، وأقمت الدليل عليها من القرآن الكريم بذكر تلك الآيات التي تؤكد ذلك،،، بقي عليك أن تدلنا على أن هذه الأوجه التي قال بها الإمام علي:
(‌أ) هل هي مأخذ وصفة ذم للقرآن الكريم بحيث أنها تخدم إدعائك وتدعمه وتؤكده،
(‌ب) أم هي صفة مدح تشهد له بالإحكام وسعة البيان والإبيان،،، فيتأكد لك بذلك سوء فهمك وتقديرك؟...
حينئذ ترى كيف سيكون حال مصداقيتك وأمانتك؟؟

5) تقول إن ما ذكرته من آيات هي على سبيل المثال لا الحصر,,, وإنك ستترك للقاريء أن يقارن أفعال الدواعش بما ورد فيها,,, حسناً والحال كذلك, لقد قربت إلينا المسافة كثيراً،،, فهناك مغالطات أكبر بكثير من قدراتك الفكرية والمعرفية والمصداقية،، لذا سنقوم بمساعدتك على توضيح الفكرة التي طرحتها للسادة القراء والسيدات, فنقول وبالله التوفيق:

إذاً،، إثباتك لصدق إدعائك من عدمه يفرز واقعين متناقضين تماماً,
(‌أ) إما أنْ تقدم الدليل والبرهان على صدق إدعائك من جهة, (من القرآن مباشرةً), وأنَّ الدواعش يلتزمون "حقيقةً" بتطبيق نهج القرآن الكريم في ما يقومون به من أعمال وتصرفات، وتقدم الدليل والبرهات بأن أعمالهم الفعلية مطابقة لما ورد بالقرآن, وبذلك تكون قد أقمت الدليل على أن الإسلام وكتابه وسنته ينادون بعمل هؤلاء الدواعش وأمثالهم من الذين ينسبون للقرآن والإسلام ما ليس فيه,

(‌ب) أو أن تعجز عن تقديم ذلك الدليل, فتكون كاذباً أفَّاكاً ترمي غيرك بما هو فيك وفي طائفتك ورهطت،، وسيكون ذلك دليلاً قاطعاً مبرراً على أن الإسلام والقرآن لا علاقة لهما بأي أعمال تتناقض تماماً مع منهجه وشريعته, بل القرآن يلعن أصحابها ويتوعدهم بالثبور يوم القيامة،،، وبذلك تكون قد رددت سهمك إلى صدرك مرة أخرى.

يجب أن يعلم الجميع أننا في عصر الفتن، وهناك ثلاث وسبعين طائفة تدعي الإسلام, والإسلام بريء منها وقد تبرأ منها النبي الخاتم، فقال إنها جميعاً في النار إلَّا واحدةً, وهي تلك التي يتطابق منهجها وأدائها مع كتاب الله وسنة نبيه الكريم. فالمعيار الآن إذاً واضح ومتاح للجميع, هو أن أي شخص يستطيع أن يحكم على أي طائفة أو جماعات ذات أجندة خاصة تخالف القرآن الكريم أو تتفق معه،، فما عليكم سوى مقارنة أجندتها ومنهجها مع القرآن الكريم، فمتى ما إختلفت في شيء معه, دل ذلك على أنها طائفة مدَّعِيَة, مشبوهة, ولا مصداقية لها بل ولربما تكون مدسوسة على الإسلام لضربه من الداخل،، ولكن هيهات فالقرآن لهم ولكم بالمرصاد.

الآن،، بقي لنا أن نتتبع خطاك، ونناقش الآيات التي أشرت إليها وأردت أن تشكك فيها لنثبت للقراء الكرام مدى التآمر والخبث والإعتداءات التي جبلتم عليها وخصلة رمي الآخرين بها وأنتم في الواقع أحق الناس بها لأنها سمات أساسية مطمورة في وجدانكم. فنقول وبالله التوفيق:

أولاً: وقبل كل شيء نقول لك، إنك حين بدأت تنقب في سورة البقرة ووصلت إلى الآية رقم (218) التي بدأت بها عبارتك "حدث ولا حرج"، ألم تمر قبلها بالآيات السابقة لها و تنتقل منها إلى التالية لها ؟؟؟ أم انك تقرأ ولا تفهم ما تقرأه،، أم لعله داء المراوغة واللف والدوران وغياب المصداقية وشح الأمانة التي أصبحت سمة قوم أبي جهل العصر وصبيِّهِ الغبي؟؟؟ حسناً،، دعنا نُقَوِّمُ لك عوجك ونصحح مسارك إبتداءاً من قوله تعالى آمراً عباده المؤمنين:
1) (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...), ولم يقل لهم قاتلوا في سبيل أهوائكم ومصالحكم،، إذاً، فالقتال المأمورون به والمسموح له به هو فقط "في سبيل الله" لا غير، وهو كذلك لم يقل لهم "أقتلوا"،,, ومن ثم, ليس غريباً أن يشكل على الجهلاء التفريق ما بين "القتل" الذي إعتادوا عليه وأدمنوه، وبين "المقاتلة"، التي هي "مفاعلة" بين فريقين يكون أحدهما معتدياً والآخر معتدىً عليه,, وليس أمامه من خيارٍ سوى الدفاع عن نفسه وماله وعرضه وبلده،، في هذه الحالة القتل متوقع من الجانبين وعليهما, وذلك وفقاً لقانون للغلبة الطبيعي, ومنطقية الإستعداد والتهيؤ وإعداد العدة له.

2) وحتى المقاتلة غير مسموحة للمؤمنين مطلقاً، وإنما مقيدة, حيث يشترط أن تُفْرضَ عليهم فرضاً من الطرف الآخر المعتدي عليهم الذي لم يترك لهم خياراً آخر، لذا قال لهم تحديداً: (... «« الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ »» ...),

3) لم يكتف الله بهذا التحديد بل أكده عليهم صراحةً بقوله: (... «« وَلَا تَعْتَدُوا »» ←-;- إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ 190).

هذه الآية واضحة يا بطارسه،، ولن تستطيع أن تنكرها أو تأولها أو تماري فيها أو تتخابث. فالسؤال الملح الآن هو،، لماذا لم تقف عند هذا التفصيل الواضح البَيِّن الذي لا يحتاج منك قدراً من ذكاء إن لم يكن الجهل المركب أو العدوان والخبث والجهالة هي المحركات لذلك؟؟؟

ثانياً: نسأل راجي بطارسه هذا فنقول له،، هب أن عدواً معتدياً مغتصباً قد دخل بلدك وإحتلها وسعى لفرض سلطانه عليك وعلى قومك وإستعبادهم وإذلالهم وتغيير دينهم ... ماذا أنت فاعل بهذا العدو إن كانت لك كرامة ونخوة وغيرة على حريتك وكرامتك؟؟؟

ألا تقاومه وتحاول بشتى الطرق إخراجه من بلدك وتفدي أهلك وقومك بحياتك؟؟؟ فإذا بغى وتجبَّر وتكبَّر عليك وأصر على البقاء بأرضك ما دام حياً، فهل تستسلم له أم تقاومه وترهبه ليرجع عن قراره حتى إن أدَّى ذلك إلى قتله حيث كان في بلدك لتأمن من شره وتبطل مسعاه, وتمنع عن قومك الفتن التي هي أكبر من القتل نفسه؟؟؟

الآن معلوم من هذه الآيات البينات أن أعداء الإسلاام هم الذين دخلوا على المسلمين ديارهم وسعوا، بل وباشروا في إذلالهم وإحتلال أرضهم وإشاعة الفتن بينهم ثم قتلهم وقتل نبيهم وردهم عن دينهم بالقوة،، وقد حاول المسلمون معهم كل السبل التي ترد عنهم خطرهم ولكنهم أصروا وإستكبروا إستكباراً. فأمرهم الله تعالى بالصبر والمصابرة والمرابطة.

فما كان منهم إلَّا أن إنصاعوا إلى أمر ربهم فأطاعوه وصبروا وإحتسبوا، ولكنهم كانوا تواقين لأن يأذن لهم الله بقتالهم وهم قادرون على عدوهم وإخراجه من بلدهم وحفظ كرامتهم،, ولكن أراد الله تعالى أن يمحصهم تمحيصا. وأخيراً أذن لهم بقتالهم ولكن وفق شروط وضوابط وقيود صارمة،، فأنظر ماذا قال لهم تفصيلاً بهذه الآية الكريمة:

1) قال لهم (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ....), ما داموا في دياركم التي دخلوها عنوة وأصروا على إخراجكم منها ثم البقاء فيها ظلماً وعدواناً,

2) ثم قال لهم: (... وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ...), من دياركم, لأن بقاءهم فيها لا شك سيخلق فتنة كبيرة بينكم لن تستطيعوا القضاء عليها مستقبلا،

3) وأكد لهم خطورة الفتنة وضررها على المجتمع والبلاد والعباد، فقال لهم:(... وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ...), فالقتل ينتهي بموت القتيل، ولكن الفتنة تتصاعد وتتعقد وتستمر فتقضي على كل مقومات الحياة للآلاف والملايين من الأبرياء،

4) فمسموح لكم مقاتلتهم ولكن وفق ضوابط صارمة لا ينبغي تجاوزها، قال لهم في ذلك: (... وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ-;- يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ...), إذاً مطلوب منهم الصبر والإحتساب حتى يتهور المعتدون ويقاتلوا المؤمنين فيه، عندها فقط يسمح لهم المقاتلة عند المسجد الحرام,,,
5) فإشترط عليهم بقوله: (... « فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ » ←-;- كَذَٰ-;-لِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ 191), لأن الموضوع أصبحت فيه تهلكة محققة لا يصح المماطلة في حسمها بحزم وجزم.

6) لم يأذن لهم بقتالهم "مطلقاً"، وإنما وفق ضوابط وشروط دقيقة، فمتى ما زال الداعي للقتال وجب على المؤمنين التوقف عن قتالهم، فقال بكل وضوح: (فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 192).

لقد برر الله تعالى هذا الإذن بالقتال الإضطراري وبين أن الخيار البديل له أسوء منه على المؤمنين، فقال: (وَقَاتِلُوهُمْ « حَتَّىٰ-;- لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ » - فَإِنِ انتَهَوْا - « فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ » 193),

لم يكتف الله تعالى بكل هذه الضوابط والقيود بل أكد عليهم ضرورة عدم تجاوز معايير العدل والقسط حتى مع أعدائه وأعدائهم، فقال لهم موصِّياً محذراً: (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَ « الْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ » - فَمَنِ اعْتَدَىٰ-;- عَلَيْكُمْ « فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ-;- عَلَيْكُمْ » - وَاتَّقُوا اللَّهَ ←-;- وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ 194), فالعقوبة والقصاص بمثله, فلا يجوز للمؤمنين الزيادة عليهما مهما كانت الفرصة مؤاتية لهم لمعاقبة المعتدين على عدوانهم، فهذه هي أخلاق الإسلام في السلم والحرب، دائماً تصرفاتهم تحت رقابة الله تعالى مباشرةً، ويذكرهم بذلك كثيراً بل دوماً.

ثم إنتقل في التشريع إلى جهاد من نوع آخر،، لا يعرفه مجتمعكم الغربي المتحضر، ولا يدور بخلده، فقال للمؤمنين المجاهدين بأموالهم: (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 195).

ثم تدرج في الوصاية والتكليف بقدر أعمق، فقال لهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً » وَ « لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ » ←-;- إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ 208)، (فَإِن زَلَلْتُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ « فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ » 209).

ثالثاً: بين الله تعالى بعد ذلك سبب ودواعي وضرورة إبتعاث الأنبياء والمرسلين من لدنه, وأكد بأنها رأفةً ورحمة بالناس الذين كانوا أمةً واحدة سمتها الضلال والإضلال والبغي على بعضهم البعض، حتى إستحال على الإنسان أن يتعايش مع أخيه الإنسان أو أن يأمن شره ولو عرضاً،، فالكل قد فسد, وأفسد, وسفك الدماء, وعاث في الأرض فساداً وضلالاً وكفراً وتجبراً. قال تعالى في ذلك:
1. (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ...), لا خير فيها ولا يرجى إعتدال من أفرادها وجماعاتها الضالة المضلة الفاجرة المتخالفة والمتنافرة والمتشاكسة,
فأراد الله تعالى أن يوقف هذا التدهور بينهم بأن يريهم الحق "حقاً"، والباطل "باطلاً"، لعل النفوس التي تنزع للخير والحق والعدل تستجيب فتعتدل، قال: (... فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ « مُبَشِّرِينَ » وَ « مُنذِرِينَ» ...), فمن كان ميالاً للإعتدال، وضائق ذرعاً بالفوضى والضياع الذي كان عليه الناس,, وجد في البشارة ضالته وإتخذها منارة يهتدي بها إلى طريق النجاة, ومن كان نزَّاعَاً للشر والفساد والبغي، ردعته النِذارةُ بإخافته من العاقبة التي تنتظره إن رفض الإزعان للإعتدال فالإستقامة رغبةً أو رهبة,

2. لم يبعث الله أنبياءه ورسله بدون بينة ودليل على صدقهم فيما جاءوا به من عند ربهم، بل أيدهم بالمعجزات والأدلة والبراهين الكافية لتصديقهم "في كتاب مبين" من لدنه، بحيث لا يكذبهم بها أحد سوى الذي في قلبه مرض وتعمَّدَ المعصية وقصد الكفر لذاته، فهو يكذب ويعاند ويُعرض عن بينةٍ وعِلمٍ،، طغياناً وكفراً،، قال تعالى في ذلك: (... وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ...),

3. لم يكن الإختلاف بينهم على حقائق مطروحة من الطرفين، وإنما كان خلافاً وإختلافاً بين المؤمنين المعتدلين منهم, من أولئك العارفين والعاشقين للحق والحقيقة,, والمؤمنين به، وبين أولئك الكافرين منهم، والظالمين, المعتدين، الحاسدين, الآثمين، الساعين دوماً للفساد والإفساد،، والبغاة، فبين الله ذلك بقولك: (... وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ « إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ » ←-;- بَغْيًا بَيْنَهُمْ ...),

4. فكانت النتيجة الحتمية أن تمايزت الصفوف، وأصبح هناك توازن ما بين الخير والشر، فإنتهى واقع الأمة الواحدة إلى أمم متحاورة ومتناصحة ومتدافعة،، فتحققت غاية التغيير وإنكسر قيد الجمود على الباطل والضلال والرتابة، قال تعالى: (... فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ...), وهذه هي الغاية من إرسال الرسل,

5. ومع ذلك،، لم يغلق الله الباب أمام كل من أراد "لاحقاً" مراجعة النفس، وبدأ التفكير في العاقبة والإنحياز إلى جانب الحق حبَّاً في البشارة وخوفاً من مغبة النذارة، فطريق الهداية مشرع على مصراعيه لمن أراد أن يذكر أو اراد شكوراً،، قال تعالى مؤكداً ذلك: (... وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ-;- صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ 213).

رابعاً: بعد أن فند الله تعالى للمؤمنين حال الناس في الماضي, وهم أمة واحدة ضالة مضلة قبل بعث الأنبياء والرسل من لدنه، ثم حالهم بعد ذلك،، خاطب أمة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله، فبين لهم أنَّ دخول الجنة ليس بالتمني فقط،، وإنما حُفَّتِ الجنَّةُ بالمكاره كما حُفَّتِ النار بالشهوات.

ولفت نظرهم إلى أن أمامهم مشوار طويل من العمل الجاد المخلص، وأن الطريق إليها لن يكون مفروشاً بالورود كما يظنون, وانما هناك في إنتظارهم تمحيص وإبتلاءات كثيرة لن يستطيعوا تجاوزها إلَّا بإعداد أنفسهم وإستعدادهم لملاقاتها بالصبر والمصابرة والمرابطة وصدق التوجه وربط الأزر وتشمير السواعد،

فقال لهم في ذلك، وبكل وضوح: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ - « وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم » - « مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ » وَ «« زُلْزِلُوا »» - حَتَّىٰ-;- يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ - «« مَتَىٰ-;- نَصْرُ اللَّهِ ؟؟؟»» ←-;- أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ 214), فإذا كان هذا هو حال المؤمنين الذين كانوا قبلكم، فصبروا إبتغاء وجه الله تعالى، فكيف تحسبون أنكم ستدخلون الجنة بهذه السهولة ولما يصيبكم من الإبتلاءات ما أصابهم من بأساء وضراء وزلزلوا زلزالاً شديداً؟؟؟.

وفيما يلي يعرض الله عليهم نماذج من الأعمال الجادة التي تنتظرهم وتقربهم من مسعاهم نحو الجنة ورضى ربهم عنهم ورضوانه, وهي مهام لن تخلوا من البأساء والضراء والزلزلة الشديدة:
1. فقال تعالى لنبيه الكريم: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ - قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ « فَلِلْوَالِدَيْنِ » وَ « الْأَقْرَبِينَ » وَ « الْيَتَامَىٰ-;- » وَ « الْمَسَاكِينِ » وَ « ابْنِ السَّبِيلِ » - وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ 215).

لاحظ أنه بدأ بإصلاح المجتمع "كله" إقتصادياً، فبدأ بالأسرة النووية فخص فيها الوالدين بالإنفاق، علماً بأنهم كثيراً ما يعيشون - في أواخر أيامهم - على هامش الحياة، ولا ينالون ما يستحقونه من عناية ورعاية وإكرام, فبين أن هذا وضع غير مقبول منهم.

ثم توسع فيها لتشمل النفقة على الأسرة الممتدة التي تتضمن "الأقربين"، ففرض الإنفاق عليهم وتأمينهم. ثم تناول أهم شريحة بالمجتمع تحتاج إلى عناية خاصة ممتدة, مستمرة، وهم "اليتامى"، تلك الشريحة التي تتوسط علاقات المجتمع ودوائره المتداخلة التي نواتها الأسرة النووية ومستواها الخارجي هو الأمة بكاملها.

فاليتامى عادةً يكون جزء منهم ضمن أفراد وجماعات الأسرة الممتدة، "من الأقارب"، والجزء الآخر ينداح في ذمة الأمة بكاملها، فاليتيم – في نظر الشرع - "يتيماً" أينما وجد، بغض النظر عن دينه وملته وإنتمائه وبالتالي تشمله الرعاية والإنفاق.
ثم تأتي بعد ذلك شريحة المساكين "عموماً"، وهؤلاء أيضاً قد شرع الله لهم نفقةً ألزم بها المؤمنين المستطيعين فجعلها "حق معلوم وليس فضل ومِنَّة منهم".

ولم يهمل حق "إبن السبيل", وهو ذلك الشخص الذي قد نفذ ماله أو فقد، فبات معدماً لا يستطيع أن يوفر مقومات حياته ويدير أموره فيعود إلى بلده وأهله، "وحتى لو كان في الأصل غنياً"، فشرع الله له حق الإنفاق عليه حتى يصل إلى ماله وعياله وبلده.

2. معلوم أن الأمن الإقتصادي وحده لا يكفي ولن يجدي على المدى القريب والبعيد، ما لم يوازيه أمن مستتب يحفظ الحياة والإستقرار والطمأنينة والكرامة والأرض والعرض،،،: لذا فإنفاق المال وحده لا يكفي ثمناً للجنة، ومهراً للحور العين، وإنما لا بد من بذل النفس مع النفيس والنفرة في الشمس والزمهرير فداءاً للغير ليعيشوا أمناً وإستقراراً وسعادة.

لذا فرض عليهم الجهاد بالنفس بعد أن فرض عليهم الجهاد بالمال والنفيس في الآية السابقة، فقال لهم بكل صراحة ووضوح: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ « وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ » - « وَعَسَىٰ-;- أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ » وَ « عَسَىٰ-;- أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ » ←-;- وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ 216).

3. المؤمنون عادةً يتحرَّجُون من القتال في الأشهر الحرم، ولكن الكفار لا يراعون حرمة شهر أو مقدسات أو دمٍ،، لذا فهم لا يتورعون في فرض واقع الحرب على هؤلاء المؤمنين، فكانوا يسألون النبي عن شرع الله في ذلك، فأوحى له الجواب بقوله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ - «« قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ »» ...), ليس من جانبكم أنتم، وإنما من جانب أعدائكم، ... وليس القتال فقط، بل: (... وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ ...), فهؤلاء الأنذال لا يتورعون في عمل كل المفاسد بدم بارد.

نعم، القتال في الأشهر الحرم ليس بالأمر اليسير خاصة على مشاعر ووجدان المؤمنين،،، فهو كبيرة عندهم, بكل المقاييس،، ولكن هناك ما هو عند الله تعالى أكبر من ذلك بكثير،، لذا قال لهم: (... وَ « الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ » وَ « إِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ » ←-;- أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ ...), ليس ذلك فحسب،،، بل عدم قتال هؤلاء المعتدين وإيقافهم عند حدهم سينتج عنه فتنة ماحقة ساحقة، فبين لهم ذلك، قال: (... وَ « الْفِتْنَةُ » ←-;- أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ...).

والحال كذلك،، فلا مفر للمؤمنين من مجابهة هؤلاء المعتدين المتربصين ومقاتلتهم حتى في الأشهر الحرم، لأن هؤلاء غايتهم لن تتحقق إلَّا بظهورهم عليكم وإذلالكم، ثم إجباركم على إرتدادكم عن دينكم ما استطاعوا لذلك سبيلاً،، إذاً، فالثمن الذي يطلبونه منكم لن تكفي فيه المهج والأموال والأرض، وإنما حدها وحدودها هو إعادتكم كفاراً ومشركين حسداً من عند أنفسهم, فقال لهم في ذلك, وبكل صراحة ووضوح: (... وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ «« حَتَّىٰ-;- يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا »» ...).

ثم حذرهم من مغبة التقاعس عن الجهاد في سبيل الله والعمل بكل جهد لصد المعتدين عن بلوغ غايتهم الشريرة وهي "الكفر بالله"، حتى لو كان الثمن النفس بالشهادة في سبيله والنفيس من حطام الدنيا الفانية، لأن التقاعس حتماً سيوفر الفرصة لأعدائه وأعدائهم من تحقيق مقاصدهم فيعيدوا المؤمنين إلى الكفر والوثنية التي كانوا عليها، فإن حدث ذلك فليس لهم أي عذر مقبول عند الله تعالى، فقال مؤكداً ذلك ومحذراً وزاجراً: (... وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰ-;-ئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَٰ-;-ئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 217). فمن ذا الذي يرضى بالحرمان من رضى الله والفوز بالجنة، ومن ذا الذي يقبل بالخلود في النار؟؟؟

4. وبديهي "بعد أن حذرهم من التقاعس والتهاون في الجهاد في سبيل الله تعالى، أن يذكرهم بالعائد المقابل المجزي لهم خير الجزاء لأن المطلوب منهم كبير - "مقابل توفير الأمن والسلامة والكرامة للضعفاء من الناس الذي حصرهم الله تعالى فيما بين "الوالدين" و "إبن السبيل"، ثم حماية العقيدة – وقد يكون الثمن هو الحياة نفسها، لذا بين لهم ما ينتظرهم من جزاء، قال: (إِنَّ « الَّذِينَ آمَنُوا » وَ « الَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ » ←-;- أُولَٰ-;-ئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ «« وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ »» 218).
ها أنت ذا قد طاش سهمك وإرتد إلى صدرة مرة أخرى يا أخ Raji ،، فماذا أنت فاعل؟؟ وماذا أنت قائل ؟؟؟


والآن .... ماذا قال راجي بطارسة في إدعائه وجود مآخذ على القرآن في الجهاد في سبيل الله تعالى الذي فرضه فرضاً على المؤمنين لحماية الضعفاء من كيد وتغول وتجبر وبغي الظالمين المتكبرين, فقال بسذاجة الأطفال "حدث ولا حرج".

على أية حال,, في هذه المرة قد إستعرض لنا آية كريمة من سورة آل عمران هي قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ 142),, ظناً منه أنها تدعوا إلى قتال غير المؤمنين بغرض إجبار الناس على تغيير دينهم كما يدعي جهلاً منه لمعنى أعظم وأرحم كلمة عرفها الإنسان على الإطلاق، ألا وهي "الجهاد في سبيل الله"، فالجهل مصيبة المصائب، وهو ضرب من ضروب الغباء والسذاجة والسفه.

فلو قارنا هذه الآية من حيث الغاية والمضمون مع الآية رقم (218) بسورة البقرة لوجدناها تعطي نفس المعنى الكريم،، ومع ذلك فإننا سنصل إلى مضمونها من خلال سورتها هذه، وذلك بربطها ببعض الآيات التي سبقتها وأخرى تليها فيما يلي:

فلنبدأ أولاً من قوله تعالى:
(‌أ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً » ...), فأغبياء الدنيا وسفهائها لا يعرفون مقدار الضرر الذي يلحق بالمجتمعات من جراء التعاملات الربوية التي تفرض "فائدة interest" على القروض، مما يضر كثيراً بالمقترضين والمحتاجين والمضطرين للإقتراض، هذا بجانب تدميره للإقتصاد وضربه في الصميم، وقد شاهد العالم كله الإحن والمحن والكوارث التي حلت بالإقتصاد العالمي بسبب تجلي الغباء الغربي حين تلاعبوا بسعر تلك الفائدة إنخفاضاً,, ثم إرتفاعاً ،،، فبانت سوأة النظام الرأسمالي الهش بذوبان جليده في عام 2008 والغرب لا يزال يرزح تحت وطأته, ولكنه جبل بإظهار عكس ما يبطن حفاظاً على "منسأة سليمان التي أكلتها دابة الأرض" فإنخدع بها الجن فلبث في العذاب الشديد.

ولقد حذر الله تعالى من هذه الجريمة النكراء فنهى المؤمنين عن التعامل بالربا "أكلاً" و "مؤاكلة"، وتداولاً وإدارة، وبين أنه سلوك يتعارض مع تقوى الله تعالى، لذا قال: (... وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 130)، لأن مع الربا لا يتحقق الفلاح في الدارين معاً، ثم قال لهم محذراً من مغبة عدم الإنصياع والإزعان لهذا النهي المغلظ: (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ 131)، وهذا تلميح إلى أن التعاطي معه والذي يصر ويصمم عليه قد يبلغ حد الكفر، لفداحة ضرره على الناس بصفة عامة، والمحتاجين المساكين بصفة خاصة، لذا لوح لهم بعقاب وجزاء الكافرين.

(‌ب) إن شهوة المال والجاه تفوق ضراوتها شهوة الجسد وغيرها، ومقاومتها وكظمها يحتاج إلى قوة وإرادة تفوقها بكثير حتى تتغلب عليها، فالذي يرجوا رحمة ربه ورضوانه يمتلك هذا القدر من القوة، لذا جاء أمر الله تعالى لهم حاسماً، قال: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ « لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ » 132)، ليس ذلك فحسب، بل: (وَسَارِعُوا إِلَىٰ-;- مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ 133).

(‌ج) لم يكتف بأن صرفهم عن شهوة المال وتكاثره "الآثم" عن طريق تضعيفه بالربا أضعافاً كثيرة فحسب،،، وإنما زاد على ذلك متدرجاً, فحفذهم على الإنفاق في سبيل الله دون خشية من عيلة أو فقر، فقال لهم صراحةً:
1. (الَّذِينَ يُنفِقُونَ « فِي السَّرَّاءِ » وَ « الضَّرَّاءِ » ...), على الفقراء والمحتاجين،
2. ثم قال: (... وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ...), فلا يقابلون الإساءة بمثلها وإنما يكظمون غيضهم طاعةً لله تعالى وتقرباً، ليس ذلك فحسب، بل لا يزال هناك ما هو أكثر منه،
3. فقال: (... وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ...), ثم تدرج أكثر فأكثر في تهذيب وتربية المؤمنين فحفزهم لما هو أكثر من كظم الغيض والعفو عن الناس، وذلك بأن يفعلوا ما يحبه الله تعالى وهو الإحسان إلى المسيء، فقال في ذلك: (... وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 134).

(‌د) علم الله أن الإنسان "خطَّاءٌ بطبعه"، وعُرضّةً لغلبة الشهوات عليه بالمغويات والمغريات، وهو يعلم أن الملكات التي أودعها فيه ليبتليه فيها وبها قد تضعه في مواقف ضعف فيقع في الفاحشة أو يظلم نفسه بإقتراف الذنوب،، ومع ذلك لم يتركه عرضةً لليأس والقنوط من رحمته ومغفرته حتى لو بلغت ذنوبه عنان السماء،، لذا شرع له الإستغفار من تلك الذنوب والمآثم ووعده بقبول توبته وغفران ذنبه إن صدق في توبته ولهج بإستغفاره:

1. فقال: (وَالَّذِينَ « إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً » أَوْ « ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ » - ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ - «« وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ؟؟؟»» ←-;- وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ-;- مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ 135)، ما الذي أعده الله لهم جزاءاً على هذا الإستغفار؟؟؟

2. قال: (أُولَٰ-;-ئِكَ جَزَاؤُهُم « مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ » وَ « جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا » ←-;- وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ 136).

هذا ما سيكون عليه حال الذين يطيعون الله ورسوله، ويفعلون ما أمرهم به من سلوكيات تربوية ضابطة لشهوات النفس ورغباتها ونزعاتها من نبذ للربا، وإنفاق في السراء والضراء، كظم للغيظ، وعفو عن الناس، وإحسان إليهم.
أما المكذبين الذين نزعوا إلى حب الدنيا ومعصية الله ورسوله فكان لا بد من أن يذكرهم الله بما فعله بمن قبلهم من المكذبين، وكيف كانت عاقبتهم ومآلهم.

(‌ه) قال لهم في ذلك مذكراً ومحذراً: (قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ - فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ - « فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ؟؟؟» 137). إشارةً إلى ما حدث لقوم نوح، وقوم لوط، وقوم تبع، وأصحاب الأيكة وعاد وثمود ،،، الخ. ثم أكد لهم بأن إختيارهم لمسار أي من الخيارين يرجع لهم وبكامل حريتهم، فالقصد من هذه الآيات أن يكون كل فريق على بينة من أمره حتى لا يكون عليه غمةً،، لذا قال بمنتهى الصراحة والوضوح: (هَٰ-;-ذَا « بَيَانٌ لِّلنَّاسِ » وَ « هُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ » 138).

(‌و) هذه المرة نجد أن المطلوب من المؤمنين ليس فقط الزهد في تضعيف المال، أو الإنفاق في السراء والضراء، وكظم الغيظ والعفو عن الناس والإحسان إليهم،، بل قد تجاوز الخطوط الحمراء، فالثمن هذه المرة الحياة نفسها، ومطلوب منه تقديمها قربةً إلى الله تعالى في سبيل إصلاح الحياة للناس وجعلها أكثر أمناً وسلاماً وراحةً، ويعلم الله أن الذي يطلبه منهم ليس بالأمر الهين، لأن عليهم مجابهة عدو عنيد شديد، لذا طمئنهم بأنه معهم ما داموا على الإيمان، قال: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 139).

(‌ز) لستم أنتم الوحيدون الذين يصيبهم القرح والألم، أيضاً خصمكم يصاب بمثلها، فالمطلوب منكم هو الصبر والإحتساب, فالغاية أكبر وأسمى من التضحية في سبيل تحقيقها، قال: (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ...), والحرب سجال، يوماً لكم وآخر عليكم، قال: (... وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ...), وهذا كله من تدبير الله تعالى غايته هي تمييز المؤمنين من غيرهم وتمحيصهم, ومحق أعدائكم، قال: (... وَ « لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا » وَ « يَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ » ...), لذا تحروا العدل والتقوى وإياكم والظلم: (... ←-;- وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ 140). (وَ « لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا » وَ « يَمْحَقَ الْكَافِرِينَ » 141).

كل ما مضى من تفصيل بهذه الآيات القلائل هو مقتضيات إختيار طاعة الله ورسوله أو إختيار تكذيبه، فمن أراد الجنة وسعى لها وحرص عليها وجب عليه الإلتزام بما فرضه الله عليه كاملاً غير منقوص، مهما كان الثمن الذي سيدفعه، لأن الأجر عليه عظيم, أما من إتخذ إلهه هواه وتمنى على الله الأماني فسيكون واهماً إن ظن أنَّ له نصيب فيها أو خدع نفسه بأنه سيدخلها،، لذا قال الله تعالى لهم بكل وصوح: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ « وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ » وَ « يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ » 142). فالأمر ليس غريباً عليكم، وليس بدعاً: (وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ 143), فما دام قد رأيتم ما كنتم تتمنونه ماثلاً مامكم فما هي حجتكم في الزهد فيه؟؟؟.

ها قد طاش سهمك وإرتد إلى صدرك هذه المرة أيضاً يا Raji ،، فجاءت الرياح بما لا تشتهي سفنك!!!

هنا أيضاً قد وقف تنقيب بطارسة عند الآية الكريمة عند قوله تعالى في سورة النساء: (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ « وَالْمُجَاهِدُونَ » فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ « الْمُجَاهِدِينَ » بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا 95).

وهذا يصُبُّ في خانة جهله التام بثوابت اللغة وملكة فهم معطيات النصوص والتعابير البليغة البديعة، وقد صور له هذا الجهل المركب أنَّ أي نص ترد فيه كلمتي "جهاد" و "مجاهدين"، دلالة قطعية على أن هذا النص هو ضد البشرية والإنسانية وضد الأديان الأخرى وعلى رأسها أهل الكتاب، وانه وجد لإستئصال الناس وقتلهم وتشريدهم وإحتلال اراضيهم وقهرهم على ترك دينهم ودخولهم الإسلام بقوة السلاح وقهر الرجال... إلى آخر هذه الخزعبلات البطرسية المغربية الساذجة الغبية.

وهو وأوليائه وبطانته ورهطه لا يعرفون أن كلمة "جهاد في سبيل الله" هذه, لو عرف الناس قدرها لكتبوها بالإبريز والنضار، ولعلقت على مداخل ومخارج ومجالس كل دار. ولو سادت بين الناس والشعوب وفُعِّلت ثم أُخِذَت بحقِّها لَمَا بقي ظلم ولما ضاعت مظلمة ولا أدمعت مقلة ألماً وحرقةً ، ولما إستشرى الغي والبغي والعدوان بين الناس فعلا وتجبر.

أما المجاهدة في الله، إنما هي أكرم عمل يقوم به الإنسان نحو أخيه الإنسان، فهو يقدم ماله وحياته بكل رضى وقبول في سبيل توفير الأمن والسعادة والحماية للآخرين, وقد باع هذه الحياة الدنيا ذات المتاع القليل لله تعالى سلفاً, فلله أن يضعها حيث شاء,, كيف لا! وقد وعد الله إبدالها له بحياة حقيقية لا موت فيها ولا فوت ولا عيلة ولا مخمصة ولا صخب ولا نصب ولا شمس ولا زمهرير.

فالمجاهد في سبيل الله تعالى "حقيقةً" لا ينتظر من هذه الدنيا سوى خروجه منها مرضِيَّاً عنه من ربه، وكل أمله فيها أن يختم الله له حياته كلها بعبارة واحدة يقول فيها عند الغرغرة: (لا إله إلَّا الله، محمد رسول الله)، ثم يجري الله على لسانه الأجوبة الصحيحة الموفقة لثلاث أسئلة ستطرح عليه بعد الموت من الملكين منكر ونكير، حيث يقولان له فيها:
1. مَنْ رَّبُكَ؟؟؟ - فيأمل من الله أن يوفقه ليقول بطلاقة ودون تلعثم (رَبِّيَ اللهُ),
2. مَاْ دِيْنُكَ؟؟؟ - فيقول أيضا بطلاقة ودون تلعثم (دِيْنِيَ الإسْلَامُ),
3. مَنِ الرَّجُلُ الَّذِيْ بُعِثَ فِيْكُم؟؟؟ - فيقول بطلاقة ودون تلعثم (مُحَمَّدٌ) صلى الله عليه وسلم,

إذاً،، فالآيات "السبعين" التي عددها بطارسة "وهو يجهل معانيها"، إنما هي منارات حقيقية، جاءت لتضيء الطريق أمام كل ضعيف ومظلوم وتبعث في نفسه الأمل في حياة طيبة بكل المعايير، وفي مستقبل آمن مشرق. فالآيات التي سبقت تلك الآية التي أخطأ في تصنيفها Raji بطارسة وغيره ستبين بكل وضوح كل هذه المعاني السامية السامقة كسابقاتها من آيات سورتي البقرة وآل عمران، كما يلي:

الله تعالى محذراً المؤمنين، قال لهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ « فَتَبَيَّنُوا » ...), فالغاية ليست قتل الخصم، وإنما الدفاع عن النفس بصده وتعطيله عن بلوغ مراده، ولا يكون القتل إلَّا الخيار الأخير بقدر المستطاع، لذا طلب منهم أن يتبينوا ويتأكدوا جيداً، قال محذراً ومشدداً: (... وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ-;- إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ...), فما دام قد قالها فعليكم العمل بمقتضاها على الفور، أما إن كنتم (... تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ...), فهناك عند الله تعالى ما هو أعظم وأكثر منه: (... فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ...) فإغتنموها خير لكم مما عند الناس.

ولا تنسوا أنكم كنتم على الكفر مثلهم قبل أن هداكم الله للإيمان،، فلعلهم يصيرون مثلكم مؤمنين إن مَنَّ الله عليهم كما فعل معكم، قال: (... كَذَٰ-;-لِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ...), إذاً لا تتعجلوا في الحكم عليهم قبل أن تتبينوا جيداً، قال: (... فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا 94).

قلنا فيما سبق إن الجهاد في سبيل الله أسمى عمل يقوم به الإنسان نحو أخيه الإنسان،،، وقد جعل الله الجهاد درجات:
1. جهاد ضد الفقر والضعف والمرض والحاجة، فيكون ذلك بإنفاق المال وتقديم العَيْنَ والعون،

2. وجهاد ضد العدوان والإعتداء والتجبر والظلم والقهر والإستعباد،، ويكون هذا "بالمقاتلة" والمناهضة والمواجهة، حتى إن كان الثمن لذلك الحياة بكاملها،

3. وجهاد النفس،، وهو الجهاد الأكبر، حيث يقوم المجاهد فيه بمراقبة نفسه ونزواتها وأهوائها ويصدها عن الجموح والطموح, والشهوات غير الشرعية،،،

فالذي يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه لا شك في أنه أفضل من ذلك الذي يجاهد بماله قعوداً، وقد عبر عن ذلك التباين في الفضل بقوله: (لَّا يَسْتَوِي « الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ - غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ - » وَ « الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأنفُسِهِمْ » ←-;- فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً - « وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ-;- » - وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا 95).

ذلك الأجر العظيم هو: (« دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً » ←-;- وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا 96)،

إن الله تعالى لا يقبل التبريرات من الذين ظلموا أنفسهم معتمدين على حجة واهية وهي أنهم كانوا مستضعفين ومن ثم لم يستطيعوا مقاومة الضالين المضلين فإنصاعوا لهم وعملوا بأمرهم وهواهم، وكان الأولى بهم الهجرة إلى مكان آخر هروباً بدينهم، ولكنهم لم يفعلوا ولم يكن لهم عذر في ذلك، لذا قال الله تعالى فيهم: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ - قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ - « قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ » - « قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ؟» ←-;- فَأُولَٰ-;-ئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا 97)، ولكن هناك الضعفاء منهم الذين لا يقدرون على تحمل مشقة الهجرة لشدة ضعفهم وعوزهم، فهؤلاء إستثناهم الله تعالى من هذا الحكم، فقال فيهم: (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ « مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ » - لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا 98).

وها قد طاش سهمك وإرتد إلى صدرك هذه المرة أيضاً يا بطارسة ،، أليس كذلك؟؟؟

ثم بلغ بطارسة بتنقيبه في سورة المائدة قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَ « جَاهِدُوا » فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 35). فتأكد لنا الآن تماماً بأنه يتحرى مواطن كلمة "جهاد ومشتقاتها"، لأنه قد رسَّخ الشيطان في خلده شراً ليس فيها، فبنى بنيانه على شفا جرف هارٍ فإنهار به حيث ينتهي به المقام.

وقد وقف أيضاً عند قوله تعالى في سورة الأنفال: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَ « جَاهَدُواْ » بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ 72)،

وعند قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَ« جَاهَدُواْ » فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ 74( ,

وأيضاً عند قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَ « جَاهَدُواْ » مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 75),

ثم وقف عند قوله تعالى في سورة التوبة: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ « جَاهَدُواْ » مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ 16),

وأيضاً عند قوله: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَ « جَاهَدُواْ » فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ),

وعند قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ « جَاهِدِ » الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ . (

ثم عند قوله تعالى في سورة الممتحنة: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ « جِهَادًا » فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ 1).

لا يزال للحديث بقية،،

تحية وإحتراماً للقراء والقارءات الكريمات,

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (5):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (4):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (3):
- تكملة ... عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ (2):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ (1):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س (ملخص آل عمران ومريم):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ع (ألم، كهيعص2):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س(ألم، كهيعص1):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ن (آل عمران):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (رد على تعليقات):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (طس، طه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ل):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ك) رد على تعليقات بعض القر ...
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (ياء):
- حوار العقلاء2 (ردود):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ط):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ح):
- حوار العقلاء:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ز):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(و):


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (6):