أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (3):















المزيد.....



عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (3):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4594 - 2014 / 10 / 5 - 20:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الآن نواصل ردودنا على تعليقات البعض والتي بدأناها في الموضوعين السابقين تحت عنوان(عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ)، ولا نهدف من هذه الردود سوى الرد على الأفكار والمفاهيم المغلوطة التي وردت بتلك التعليقات حتى تكون الحقائق والمفاهيم كلها أمام المتابع والقاريء حتى يستطيع تكوين رأيه على بينة مستعرضاً أمامه مداخلات كل الأطراف.
لذا،، فلنر ماذا قال صحابنا، وما نوع الخطرفة التي أتى بها أيضاً؟ وما هي الأدلة والبراهين التي قدمها للقراء ليؤكد إدعاءاته.

واصل إفتراءاته علينا، فقال:
أولاً: ((... المضحك المبكى انك تعيش فى الركن المظلم, ومن يقرا مقالاتك الطويلة يحس فورا كم انك متضايق من نفسك ووصل الحد بصاحب الدشداشة الصحراوية ان يمزقها حتى ان ظهرت عوراته بسبب ما انتما عليه ...)).

كلام سخيف ساقط أجوف يعكس مدى حيرة ومحنة صاحبه، لعدم إيجاده ما يمكن أن ينقض به سيل الحقائق التي كشفت عن سفسطة أسلافه وأقرانه، ومدى حرصهم على الغلبة بالباطل دون التزام بحق أو فضيلة، مستخدماً كل أوجه الخداع والتضليل. فنقول له في ذلك، وبالله التوفيق أننا لن نجاريه في منهجيته، ولن نسلك مسلكه ونعامله بالمثل، بل سنواصل منهجية البيان والإبيان، فنقول في ردنا على إفتراءاته بما يلي:
1) لو كنْتُ أنا حقاً متضايقاً كما تأفك وتتمنَّى، إذاً للجأنا مثلك إلى شخصنة الموضوع وجاريناك في المهاترات، ثم لبانت عليك علامات السعادة وبوادر الثبات والتركيز ونشوة الإنتصار،، بدلاً عن هذا التخبط والإحباط الذي لا يصدر إلَّا ممن فقد إتزانه out-of-control وتشتتت أفكاره وطم غبنه وطفح كيله، وبلغت به الحيرة حد الهزيان الذي نراه ماثلاً أمامناً من هذه العبارات الجوفاء غير المسئولة التي تصور ذروة الفشل والقنوط.

2) كيف لي أن أعِيْشُ في ركنٍ مظلمٍ وأنا أنطلق من نور الأنوار، الذي لا يخبوا؟؟ وكيف أحتارُ وأنا أملك ناصية الحجة والبرهان؟؟؟
أما مقالاتي الطويلة "كما تقول"، هي التي تضايقكم وتضيق عليكم الخناق وتؤرقكم – ليس هناك أدنى شك - ليس بسبب طولها، بل لأنها تتضمن علم حقيقي غزير (لن تستطيعوا الوقوف في طريقة أو تكذيبه أو مجاراته بالمثل).

على أية حال، إن كنتم تأنسون في أنفسكم غير ما قلنا، فعليكم بالإسراع فوراً بتكذيبه ثم مجابهتنا بمثله وتقديم حججكم وبراهينكم للقراء التي تكذبون بها ما كتبناه وما سنكتبه، بدلاً من النياحة والتباكي على الأطلال ومحاولة تكميم الأفواه عبر الإرهاب الفكري الذي أدمنتموه. علماً بأن هذا التطويل والتنوع يعتبر فرصة كبيرة ستساعدكم على تصيد الأخطاء والحشو والأكاذيب التي تدعون وجودها فيه، ثم تواجهوننا بها.

فما دهاكم أيها القوم, أهو تواضع منكم أم هو ضعف وعجز فيكم؟؟؟. وليكن في علمكم أنَّ عدم قدرتكم أو إقدامكم على إستغلال لهذه الفرصة السانحة يدل على عجزكم التام عن ذلك ويشهد لنا بتمام الدقة وصدق وموضوعية ما كتبناه.

3) أما دليلنا على خطرفتكم وفقدانكم الحكمة والإتزان نكشفه وندلل عليه من عباراتكم نفسها. فتذكَّرْ أنَّك قلت لنا: (... ومن يقرا مقالاتك الطويلة: « يحس فورا كم انك متضايق من نفسك » و « وصل الحد بصاحب الدشداشة الصحراوية ان يمزقها حتى ان ظهرت عوراته » ←-;- « بسبب ما انتما عليه »), والله إنني لأستحي من القراء أن أعيد عليهم هذه الخطرفة الغريبة، ولكن للضرورة أحكامها.

فما هي إذاً علاقة العبارة الأولى التي تصف بها طول مقالاتنا، بالعبارة الثانية التي تتحدث بها عن "صاحب الدشداشة وهي شخصية أخرى مبهمة تتحدث عنها بدون معنى"، ثم ما علاقة هذا وذاك بالعبارة الثالثة التي تتحدث فيها عن سبب غامض وتنسبه إلى جمع من الناس مبهم فيه النوع والعدد والملة والتوجه؟؟؟

ثانياً: تقول لنا أيضاً: ((... زكريا ورشيد ونزار وانا وغيرنا جميعا نضعكم امام حقائقكم التى لايمكنكم الفرار منها وها القاعدة واخواتها من الدواعش والنصرة وبوكو حرام تجدد الفكر الصحراوى العفن وحملة السيف المهان المذلول ...)). بلا، بلا،، بلا,,, إسطوانة مشروخة تعكس الحيرة والتخبط،، كمحاولة مفضوحة لجرنا بعيداً عن المواضيع التي تؤرقكم، بمفهوم (العيار اللِّيْ مَآ يْصِبْشِ يِدْوِشْ)،، ولكن هيهات.

على أية حال،، نقول له وبالله التوفيق:
1) ما هذا التواضع الذي تظهره يا رجل؟؟؟ أولاً أنا لا أرد على مجموعة زكريا وصبيانه بصفة شخصية، فهم لا يعنونني بشيء على الإطلاق، ولا يمثلون لي هاجساً ولا أحسب لهم أي حساب، وكذلك الحال مع مجموعة بحيرا الراهب "المفتراة" ورواده، أو سامي الذيب وخطرفته،،، كما تظن،،، إنما أنا فقط ارد على الباطل أينما وجد وحيثما كان وأياً كان راعيه ومروجه ومموله، وحاميه، أدواتي فقط الصدق والعدل والحق، كل الحق،، ولا شيء غير الحق، وهو بلا شك ضالة كل عاقل سليم معافى. ولا يقوى أي فكر دَعِيٍّ على إبطال حقٍ قال به الله تعالى ولا أن يزين باطلاً على أنه حق إذا قال الله تعالى ببطلانه وفساده.

2) ثم إنك لم تفاجئني بإعلان نفسك عضواً في مجموعة زكريا بطرس،، فقد علمت ذلك مسبقاً، فالجواب يظهر من عنوانه،، لأن الذي يبحث عن الشر لا يكترث لنور الحق مهما سطع ولمع بريقه،، ولكن أخلاقي تأبى عليَّ أن آخذ الناس بالظن، وديني القويم يأمرني بذلك، قال تعالى في سورة الحجرات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ » وَ « لَا تَجَسَّسُوا » وَ « لَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ » ←-;- وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ 12).

ومن ثم، فإن جمعكم وتفريقكم وكيدكم لا يعني لنا شيئاً، ما دمنا نُحَكِّمُ القرآن ونستفتيه ونعمل بهديه. ومعلوم لديكم أن الله تعالى قد تحدى بهذا القرآن الإنس والجن وغيرهما من دون الله بأن يأتوا بمثله فخنسوا وانزوا. إذاً من الآن فصاعداً سنضعك في إعتبارنا في كل رد لنا على أحد من جماعة زكريا، والجماعات الموالية بالفكر والتوجه، وسيكون ذلك فقط بالقرآن الكريم" فلا تقلق، قد إعتمدناك ضمن الشلة كما طلبت.

3) دعك الآن من القاعد واخواتها من الدواعش والنصرة وبوكو حرام، أو من الصهيونية، والنصرانية المتصهينة والصليبية والرأسمالية والماسونية والموساد،،، وغيرها،،، فهذا كله في إطارة المحاولة المستميتة منكم لفتح جبهة جديدة جانبية توفر لك غطاءً كافياً للهروب من المواجهة الفكرية والطوق الخانق الذي أحطناكم به. فهذه خدعة قديمة بالية لن تنطلي علينا، لأننا نعرف ألاعيبكم وأساليبكم المحبطة.

في الواقع أنتم اشر من كل هؤلاء الذين تحدثت عنهم، لأنكم تستفذون مشاعر الآخرين وتنشرون الفتن بين الناس،، إذاً أنتم صناع داعش وغيرها. هناك صراعات سياسية وفتن وصفقات وإعادة ترتيب أوراق في إطار المؤامرات والدسائس التي أنتم أهلها وصناعها،،، لا شأن لها بالعقيدة الإسلامية، لأن الجهاد في الإسلام له ضوابط وآداب وأخلاقيات لا يمكن أن تخطر على بالك، أو يستوعبها فكرك، فأينما وجد الجهاد الإسلامي "الحقيقي"، لا بد من أن ينشر سلاماً وعدلاً مع العدو قبل الصديق، والقرآن ببننا،، فمن إدعاه وظهر منه ما يناقضه تبرأ منه الإسلام والقرآن معاً.

4) دعك من بلاهة الأطفال، وفرش الملاءة في شارع الهرم،، والحديث عن الدشداشة، والصحراء والفكر المتعفن،، فإن كانت الدشداشة بهذه الوضاعة لماذا يلبسها قساوستكم ورهبانكم وأحباركم وراهباتكم وأقماصكم؟ دعك من عهد ظهور الإسلام،، فقد أنظر إلى الرهبان في العصور الوسطة في الرابط التالي:
http://complete-costumes.co.uk/costume-hire/costume_details.php/item/919/?sid=google ثم أنظر إلى الرابط التالي أيضاً:
http://en.wikipedia.org/wiki/Copts#mediaviewer/File:Coptic_monks.jpg
http://www.kickincostumes.com/kickin_costume/78799/medieval-monk-adult-costume.html

ولماذا يظهر زكريا بطرس بهذا اللباس المتخلف الصحراوي في نظركم،، الذي يعود إلى ما قبل الإسلام بستة قرون، وإلى ما قبل النصرانية بأربعة عشر قرناً، حتى الطريقة الشاذة التي نراه بها وهو يرص حوله عدداً غير مبررٍ من الصلبان الكبيرة بطريقة إستعراضية، بطريقة تصور الرجعية الفكرية الصحراوية البائدة التي كان عليها أسلافكم قبل آلاف السنين، هذا غير تلك التي يلبسها في عنقه والتي يحملها في يده ويرصح بها جسده،، كأنه غير مقتنع بها في قلبه؟

ولماذا هذه الدشداشة الصحراوية القديمة هي اللباس المميز للقديسين والقديسات منكم؟ ولماذا لا يلبس بابا الفاتيكان بدلةً حديثة بدلاً من الدشداشة المتخلفة التي يرتديها وهو يمثل أعلى رمز ديني لكم؟؟؟ وإذا كان الحجاب زيَّاً مهيناً للمرأة فلماذا تصرون على إلباسه للراهبات (قسراً), وهن حليقات الرأس، ولماذا تصورون العذراء مرتديةً هذا الحجاب؟؟؟
http://people.opposingviews.com/responsibilities-catholic-nuns-3702.html
http://en.wikipedia.org/wiki/Origins_of_Christianity#mediaviewer/File:Duccio_di_Buoninsegna_014.jpg

ثم إنظر إلى هذا الرابط، ثم إقرأ ولكن ليتك تفهم شيئاً مما فيه:
http://blogs.telegraph.co.uk/news/danielhannan/100143380/tabloids-support-the-right-to-wear-crosses-to-work-but-not-burqas-odd-that/

ثم أنظر إلى هذا الزي الذي سبق الإسلام بقرون:
http://alexandercrossley.files.wordpress.com/2013/09/nun-habit.jpg


ألا تستحون من أنفسكم وأنتم تنتقدون غيرهم فما هو فيكم وهم أكثر إعتدالاً منكم؟ ألا تستحون من هذا الإنفصام المريض الذي تعانون منه بمكاييلكم المزدوجة؟

إذاً،، واضح أن الفكر الصحراوي الذي تتحدث عنه أساساً ، مصدره معروف تماماً إذ أن اليهودية والنصرانية لم تنشأ في جنة عدن وقصورها ومباهجها، بل نشأت في الصحراء، وأنبياءها كانوا رعاة غنم في أغلبهم، منهم موسى، والمسيح عليه السلام لم يكن له عرش بلقيس، ولا قصر سليمان، بل كان في الصحراء قبل محمد الذي رعى الغنم أيضاً ومع ذلك جاء أنبياء الله ورسله كلهم بعلم السماء لينيروا به ظلام الأرض ويطهروا بها دنس الكفر والشرك والكافرين والمشركين، ورواد الفتن وصناع المصائب، الذين أضاعوا العراق وسوريا وتآمروا على بلادهم وبلاد غيرهم بشؤمهم ولؤمهم ودنسهم، ثم إلتفتوا إلى دينهم فتبرأوا من أصله وهو العهد القديم، ووصفوه بأنه جرائم.

فالحياة البشرية كلها بدأت وتطورت في الصحراء بدءاً من أبو البشرية كلها، ولم ينزل الله على الأرض قصوراً وطرق حديثة وإشارات مرور وناطحات سحاب،، الخ فالعمران شارك فيه كل البشر لا أقول بتفاوت ولكن أقول بتنوع، وقد شغل فن العمارة الإسلامي مساحة مرموقة في العالم لا يزال محل إعجاب وإكبار من الذين يفهمون هذه الفنون.

5) أما الفكر الصحراوي العفن وحملة السيف المهان المذلول الذي تتحدث عنه وتردده، كل ذلك بيناه للقراء وعرضنا عليهم من داخل عشرات الإصحاحات التي تقول به صراحةً، ومئات الأعداد، منها على سبيل المثال لا الحصر ما جاء في سفر اليوم الثاني إصحاح 36: الأعداد 14-23. فلا أقل من أن تُدخل رأسك في جيبك لتجد ما تبحث عنه هناك.

ثالثاً: قال لنا أيضاً: ((... كم انت متضايق « يا زميلنا السلفى الداعشى » من زكريا وجماعته، ولكن بماذا تعلق على المتنور الشيخ الجليل احمد القبنجى؟...)).
نقول له وبالله التوفيق:
1) زكريا وجماعته لا يمثلون لي هاجساً ولا يعنون شيئاً نحسب له أي حساب، بل ولا نضع لهم أي إعتبار (ديني) ليس كمسيحيين أو يهود أو حتى مجوس لأنهم يمثلون ظاهرة عداء وإعتداء سافر على معتقدات الآخرين ومقدساتهم، ، فإذا ذكرْتُ إسم "أبي لهب"، ليس لأنه يعني شيئاً بشخصه أو فكره، فهو أحقر من أن أحرك شفاهي بذكره، ولكنني أفعل لأنني أقرأ سورة كريمة من القرآن تضمنت كنيته الخبيثة التي كناه بها ربه ليكون رمزاً "للتَبِّ" والقَطْعِ والشرِّ.

فزكريا وصحبه، يمثلون حالة خاصة عدوانية "مريضة"، تحتاج إلى معالجة بالحجة والمنطق والعلم الذي يحاول هو ومن معه تدنيسه بإدعائه وهو منه براء، والإفتراءات المفبركة وقد عقدنا العزم على مناهضتهم (فكرياً)، وكشف خطره ومن معه على الأخوة النصارى، وكيده لهم قبل أن يكيدوا للإسلام، (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً)،، ثم وضعهم في الميزان، والعبث بعقيدتهم ومقدساتهم ليشتري بذلك ثمناً قليلاً ومجداً زائفاً (أقسم برب موسى وعيسى ومحمد) أن أحوله ومن معه (بالقرآن فقط) مسخاً يتوارى من الناس من سوء حاله ومآله.

لقد مكننا الله تعالى منهم فذابوا كالملح في الماء،،، ولو جاز الشكر على النية الخبيثة والعدوان لشكرناهم على ما قالوه وفعلوه وأفكوا، لأنهم كشفوا أوراقهم صراحةً وكشروا عن أنيابهم وفضحوا حقدهم وسوء طويتهم، فكانت لنا فتحاً مبيناً لنقبض عليهم متلبسين بجرمهم ونشهدهم على أنفسهم بعد أن نعريهم أمام أمتهم وأنصارهم، وها نحن ذا أمطرناهم بسيول من الحق والحقيقة ليُزهِقَ لله تعالى به باطلهم الذي افتروه، (إن الباطل كان زهوقا).

2) أما حديثك عن القبنجي وتلويحك به،، فنحن لا نعلق على الأشخاص لذواتهم وأهوائهم، فلا شأن لنا بأحد، ولا نطلق الألقاب على الآخرين من تلقاء أنفسنا، فمعروف أن كلمة "شيخ" تطلق على كل رجل أدرك الشيخوخةَ - عند الخمسين – وهي مرحلة من عمر الذكور التي تلي الكهولة، ودون الهرم, رغم أن الناس قد إعتادوا أن يستخدموها كلقب وترفيع، أما أنْ يُلقَّبَ شخصٌ مَاْ بصفة (كريم، أو جميل أو جليل، أو متنور،،،)، فهذه تلزمها معايير ثم دليل. وإن إعتاد الناس إطلاقها بدون تلك المعايير ولا يسألهم أحد عن إقامة دليل عليها، خاصة بعد أن ضاع التميز وخبا نور القيم في المجتمعات التي فقدت معالم الحضارة، فباتت متحضرةً على أمل أن تستعيدها ولكنها تاهت عنها وفقدت مقوماتها ومؤشراتها الدالة عليها.

أما سؤالك عن تعليقنا على الشيخ أحمد القبنجي؟ فكان الأولى بك أن تعرض علينا ما قاله هذا الشيخ "تحديداً" قبل أن تسألنا عن تعليقنا على قوله أو فعله. فمهما يكن هذا الذي قاله أو قد يقوله،، نحن ليس لنا رأي شخصي في تقييم اقوال الناس بصفة عامة، فكل شخص له حرية الكلام والحق فيه، (وفي الدين تحديداً) وبصفة خاصة, لا نجادل ولا نفتي برأيناً إستجابةً لأمر ربنا (لا جدال في الدين قد تبين الرشد من الغي)، ولكن نحاجج ونصحح المفاهيم ونحبط المؤامرات الدنيئة الفاجرة، وبالتالي نحن لا ننظر إلى الأشخاص وإنما إلى أقوالهم، فبعد أن نسمعه "ونفهمه جيداً" ونتحرى مقاصده، عندها نقول بقول القرآن فيه. هذا كل شيء. فلنسمع منه أولاً وستسمع منا بعد ذلك ما يقتضيه ذلك القول من تعليق (بعيد عن الهوى والشخصنة والتعصب المريض والإنفعال). يقول الله تعالى عن المؤمنين الذين نرجوا أن يلحقنا بهم في رفعتهم وعلوهم الفردوسي الكريم: («الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ » ←-;- أُولَٰ-;-ئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ «« وَأُولَٰ-;-ئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ »» 18). ونلتزم منهج أسوتنا الذي بين له ربه أن حرصه على إنقاذ الضالين من النار التي أوردوا أنفسهم فيها بسوء عملهم لن يجدي نفعاً، وليس هناك ما يمكنه إنقاذهم، فقال له: (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ 19)؟؟؟

رابعاً: يقول لنا: ((... انا لا اخيرك بان تكتب او لا تكتب، او تكتب عن اسلامك او تكتب موضوعا اخر، لست هنا لكى امنعك ولكننى هنا لافضح فكرك وموقعك وموقع اتباعك ...)).

هكذا دائماً أهل اللجاجة والمماحكة والكذب،، يقولون شيئاً ويريدون شيئاً آخر (يريدون أكل الرأس ويخافون من العينين!!!). في البدء،، الإسلام ليس إسلمي أو إسلام فئة من البشر لجنسها أو نوعها أو عرقها،، بل الإسلام هو دين كل "الخلق" ولا أقول فقط دين البشر، فالله تعالى لا يقبل غير الإسلام أو معه ديناً آخر، كهما روج له أو كثرت أتباعه. إذاً فهو دينك وديني ودين غيرنا، ولكنه ليس مفروضاً عليك لأن الله تعالى خيرك بين الجنة والنار، فإن كان إختيارك هو النار، فالأديان كلها التي تتبعها "من دون الإسلام" حتماً ستوصلك لحصاد إختيارك.

وأنا أعرف يقيناً أنَّ أعلى سقف لأمانيك وأماني من معك هي أن أوقف الكتابة نهائياً، فلا تلبس الخبث بالذكاء، ومع ذلك فأنت لن يسعك أن تمنعني من الكتابة ولا ينبغي لك. أراك تقول كلاماً لا معنى له،، ولكن أمنيتك ومسعاك أن أوقف الكتابة نهائياً by any hook´-or-crook حتى إن كان الثمن هو نصف عمرك.

أما سعيك لأن تفضح فكري "كما تأفك"، فأنا الذي سأتولى ذلك عنك لأنني (بكتاباتي المطولة والمفصلة والمتنوعة) أقوم بذلك فعلاً full exposure، فقط المطلوب منك وممن معك محاولة ستر ما فضحناه وكشفناه من حقائق موثقة عنكم يندى لها الجبين،، إن استطعتم لذلك سبيلاً،، ولكن لسوء حظكم أنكم لن تستطيعوا ذلك وإن حرصتم، ولكن الأولى لكم إلتزام الصمت فهو أبلغ.

وأما قولك عن موقعي وموقع أتباعي،، فهذا السفه ليس غريباً عن أهله،، فمن جعل الله بشراً يمشي بين الناس ويتعشى معهم،،، فليس غريباً أن يدعي لي موقع وأتباع لهم موقعهم, هكذا أنتم دائماً مصرون على تصغير أنفسكم بهذا القدر أكثر فأكثر (فماذا يهم الشاة بعد ذبحها)؟. يا عزيزي الموقع الذي أطل منه بكتاباتي التي أفحمتكم وأعجزتكم، إنما أبثها عبر منبر عام معروف إسمه ومنهجه وسياسته، فأنا ضيف عليه مثلكم تماماً. أما أتباعي الذين تتحدث عنهم عليك أن تكشفهم للقراء "فوراً" إن كنت من الصادقين، على الأقل حتى أعرفهم أنا نفسي معهم وقبلهم، وإلَّا فإنني أعطي نفسي الحق في أن أدعوك "مسيلمة العصر", وحتى تكون الصفقة عادلة،، أقول لك متحدياً،، (إن إستطعت أنْ تثبت أنَّ لي موقع بالفعل ولي أبتاع لهم موقع كما تدعي)، حينئذ أكون أنا الذي يستحق لقب "مسيلمة العصر"، ما رأيك في هذه الصفقة العادلة والتحدي المفتوح وإدعائك المفضوح؟؟؟

خامساً: قال لنا هذا الدعي الموهوم: ((... لماذا تنسحب ذليلا فلست انا السبب وانما السبب لما هو انت عليه من فكر ظالم مجرم بحق البشرية والانسانية ...)).
هذا نموذج آخر للخطرفة ودليل على الهزيان الذي إعتادوا عليه منذ آلاف السنين (عدوان وكراهية وأحقاد ومؤامرات ضد البشرية غير المبرر)، ورغم أن هذه الإستراتيجية الغبية قد فشل فيها اسلافكم، وروادهم وسفهاؤهم، إلَّا أنكم لا تزالون تحنون إليها وتأتمرون بأمر وليكم الشيطان، فنقول لهذا الموهوم المهزوم:
1) حسبك!!! مَنْ ذلك الذي تقول عنه إنَّهُ إنسحب ذليلاً؟؟؟ وما هو ذلك السبب الذي تتحدث عنه؟؟؟ هل تظن أن هذا السيناريون والهزيان (ولَيَّ اللِّسَانِ وتقعيره) سيحقق لك شيئاً مما تحلم به،، وهل بذلك تستطيع أن تستر ما إضطررتمونا لكشفه بسفهكم وصلفكم وغروركم وتطاولكم ومكركم؟؟؟ دعك من التخريف وإخسأ خير لك. نحن لا ننسحب عن ساحة الحق التي دونها المهج، أما أنت ومجموعتك المحبطة لم يبق لكم سوى الإنسحاب والتسليم أو الخنوس، فلم نترك لكم شيئاً تحاجون فيه وبه سوى اللجاجة والمماحكة واللف والدوران، وهذا وجدان متأصل فيكم، وخصال غير قابلة للتغيير.

2) أما الفكر الظالم الذي تَبْهَتُ به غيره إنما هو إمعان في تضليل الناس وحرمانهم من آخرتهم بعد تخريب دنياهم عليهم بإيهامهم بمعتقد فاسد لا يقبله العقل الراجح والفطرة السليمة، حتى قبلوا بإله يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويحدث الحدث بدلاً عن إلههم وربهم وخالقهم الذي إليه معادهم،، فهل هناك فكر أظلم وأجرم بحق البشرية من ذلك الفكر المظلم المدمر؟؟؟ ثم إثارتكم الفتن بين الناس (كما ورد كثيراً بالعديد من أسفاركم وإصحاحاتكم)، ولا تزالون كذلك تتفننون في نشر الخوف والهلع والمرض بين الناس فأضعتم البلاد وضيعتم العباد ويتمتم الأولاد والأحفاد.

سادساً: يقول لنا أيضاً: ((... واذكرك ان ما يحدث فى سوريا والعراق الان وماحدث سابقا فى الشرق الاوسط هو تخلف فكرك وارتباطة بالشيطان وإلا بماذا يمكنك ان تبرر تلك الجرائم ونزيف الدم ...)).
1) لا يعزيزي،، دعني أذكرك أنا بعاقبة ما تفعله بنفسك وأنت تناهض ربك الذي خلقك،، أما أنا فلا أحتاج إلى تذكرة بما يحدث للبشرية من شرور في الدنيا كلها، فنحن قلوبنا تنزف دماً وحلقنا يغض مرارةً ووجداننا يتمزق حسرة على ما يحدث في العراق وغيره، من نزيف للدم مستمر ومتزايد، لدون إستطاعة أي طرق من الشياطين المتصارعة تقديم مبرر يكفي لإقناعه هو بما يفعل من شر لم ولن يهرب منه بل سينعكس عليه كما رأينا الثمن الذي دفعه معمر القذافي وحسن مبارك وما ينتظر خلفه الذي سلك سلوكه.

2) الذي يحدث في سورية والعراق والشرق الأوسط هو هوس الحروب الصليبية التي لم تتوقف يوماً واحداً،، نعم قد تتغير إستراتيجيتها وتتنوع ولكنها مستمرة بدون إنقطاع وسقفها يتمد إلى ما بعد حرب النجوم، وقد زل لسان بوش الإبن وصرح بها على الملأ، وسمعها القاصي والداني، فلم تُجْدِ محاولة التملص منها وردها، لأنها لم تكن ذلة لسان فقط بل التفكير بصوت عالٍ في إستراتيجية جديدة خطط لها بعناية، والدليل هو الشروع فوراً في تنفيذ مثلث العملية التي كان العراق أحد أضلاعها وسوريا الضلع الثاني، أما الوتر فهو العراق واليمن وليبيا والسودان وسوريا ومصر،،، و!!!،،

وأنتم لكم اليد الطولى فيها، ومعلوم عنكم أنكم تمثلون الطابور الخامس دائماً. فالجرائم ونزيف الدم لن يتوقفا ما دمتهم تسعرون لهيبها بإستمرار. وما حدث في مصر من فتنة طائفية ودينية مستمرة سببها ومؤجج أوارها هو زعيمكم راعي الفتن ومبدعها زكريا بطرس بأجندة نصرانية متصهينة تحت رعاية راعي الفتح الحقيقي. ذلك المدسوس الذي بذر التشكك والفتن بين الأخوة الأقباط من مسلمين ومسيحين مسالمين يمثلون نسيجاً إجتماعيا رائعاً عبر القرون، ومثلاً يحتذى في التعامل الأخوي والإجتماعي والإنساني الرائع، وإحترام كل طرف لخصوصيات الطرف الآخر، إلَّا القلة القليلة من أمثال أبي جهل العصر، التي جندها وليها وراعيها الشيطان الرجيم فسالت الدماء غزيرة وتغير المجتمع تماماً، وإرتفع سقف العنصرية والطائفية والإستقطاب إلى حد مأساوي بغيض.

3) نعم ما يحدث بالشرق الأوسط هو فكركم المرتبط بالشيطان الذي هو وليكم ومعلمكم،، أما نحن فلسانُنا دائماً يلهج بلعنته، وإبراز عدواننا له كجزء لا يتجزأ من عقيدتنا وتحميله مسئولية ما يجري من مصائب من تدبيره وتنفيذ عبيده من ولد آدم،، والآن كما ترد ويشهد العالم كله انَّ الحجاج إلى بيت الله الحرام من كل حدب وصوب، رجالاً وعلى كل ضامر يذهبون للحج ليرجموا الشيطان وليكم الذي واليتم إمعاناً في عدائه وتحقيره والوقوف في وجهه ومناهضته بكشف ألاعيبه وتلبيسه، أما أنتم فمنكم من يطلقون على أنفسهم "عبدة الشيطان"، أليس كذلك؟. هؤلاء الذين يأكلون القاذورات ويشربون الدم ويأكلون لحوم البشر وشواء الأطفال.

سادساً: هذا الدعي الذي يقول بأنه يدافع عن التوراة والإنجيل، ها قد صرح علناً بأنه قد ألغَاى أحدهما وهو العهد القديم. فأسمع إلى هذا الإفك المبين في قوله لنا صراحةً: ((... الم يجدد نبيك « العهد القديم الملغى الناقص؟ » - « الم يجدد فكرة العين بالعين والسن بالسن والى اخره من الجرائم »,))، ثم يقول لنا: (( اتمنى ان لاتنسحب ذليلا وان تتواصل)).

نقول له وبالله التوفيق:
1) إذاً،، معنى تصريحك هذا أنَّ جماعة زكريا بطرس التي أنت منها, وتمثلها,, وناطق بلسانها، قد صرحت الآن واعترفت بأن العهد القديم ("ملغي" و "ناقص"), كما تقول!!! علماً بأن العهد القديم مقصود به توراة موسى عليه السلام بكاملها، أليس هذا هو التخبط والتوهان بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى؟؟؟

إذاً،،، هذه الجماعة تعترف الآن على الملأ بأن العهد القديم ("ملغي" و "ناقص")، ولكن لم يقولوا لنا من هو الذي جعل هذا العهد القديم "ناقصاً"، مع ان موسى عليه السلام بَلَّغَهُمْ إياه وتَرَكَهُ لهُم كاملاً مكتملاً كما وصاه به الله ربه ورب كل شيء؟ فهم إذاً ينكرون الوصايا العشرة لموسى.

ومعنى هذا أن هؤلاء الرهط يعتبرون الجزء الأساسي بالكتاب المقدس "ناقص" و "ملغي"، ويعتبرونه يتضمن جرائم لإحتوائه على عبارة: (العين بالعين والسن بالسن). ومع ذلك نرى زكريا بطرس يذب عنه ويستشهد به ويخدع أهل الكتاب بصحة وقدسية ما يراه هو وجماعته ناقصاً وملغياً. ومن المفارقات العجيبة، أن القرآن الكريم هو الوحيد الذي يعترف ويؤكد كمال العهدين القديم والجديد (قبل أن تلحقهما الأيدي الآثمة بالتحريف والتنقيص و الإضافة التخريف).

ولكن،،، يحق لنا أن نسأل!! – أولاً: من ذلك الذي إكتشف أن العهد القديم ناقصاً ؟ ثم من الذي أعطى نفسه الحق بإلغائه ثانياً؟ على أية حال، لم نجد بأسفاركم وإصحاحاتكم ما يؤيد هذا القول "تحديداً" وإنما هناك العشرات من التصريحات التي تقول بالكذب والتحريف والإضافة والحذف، خاصة وأن المسيح عيسى عليه السلام لم يقل عن العهد القديم بأنه ملغي كما تدعون. إذاً مطلوب منك أن تكشف للقراء بصفة عامة وللنصارى بصفة خاصة عن الذي قال بإلغاء العهد القديم ونقيصته، ومتى كان ذلك القول، ولماذا ظل طي الكتمان حتى الآن ولم تصرحوا به قبل هذا، وما هي المصلحة في ذلك ولمَنْ تحديداً؟؟؟

إذاً،،، أصبح العَدْلُ في نظر هذه الجماعة - المارقة على كل الأديان - جريمة من الجرائم الموجودة في العهد القديم، والتي جددها خاتم الأنبياء والمرسلين... فعلى هذا المفهوم الغريب نقول: (مَنْ إذاً هو المسئول عن الفتن في العراق وسوريا وفي الدنيا كلها، يا أصحاب هذه المفاهيم المريضة؟؟؟).

2) أنا أتفق معك تماماً في الجزئية التي تقول فيها إنَّ العهد القديم أصبح "ناقصا" بفعلكم أنتم وتدبيركم ومكائدكم ومكركم،، ثم صار "ملغياً" بعد أن شابه ما شابه من "التحريف" بالنقص والزيادة والتبديل". وأتفق معك أيضاً في الجزئية التي تقول فيها إن العهد القديم قد أصبح "ملغياً"، بعد أن نسخه الله تعالى ثم أنساه،، وهذا ما أكده القرآن الكريم بكل صراحة ووضوح.

قال تعالى لنبيه الخاتم، في سورة المائدة عن بني إسرائيل: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً «« يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ »» وَ «« نَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ »» وَ «« لَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ-;- خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ »» ←-;- فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ » 13).

وعن النصارى قال له: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ-;- أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ « فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ » ←-;- فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ-;- يَوْمِ الْقِيَامَةِ «« وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ »» 14).

ثم عن أهل الكتاب يهود ونصارى معاً وموقفهم من الإسلام، قال مخاطباً لهم جميعاً: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ «« قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ »» وَ «« يَعْفُو عَن كَثِيرٍ »» ←-;- قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ 15).

سابعاً: قول الله تعالى في التورات والإنجيل والقرآن ما تَضَمَّنَ عبارة (العين بالعين والسن بالسن)، هذا هو العدل من الله تعالى، والذي لا يتغير بتغير الكتب الموحاة من عنده تماماً مثل التوحيد والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله، ولكن الذين هم دائماً حرب على الحق والعدل يرونه جريمةً كما تأفك أنت الآن، ولكن دعني أسالك سؤالاً عاماً منطقياً مباشراً لا علاقة له بالعقيدة:

هب أن أحداً من الناس قد شوه وجهك بأن كسر سنك أو ثلم عينك أو عين أحد أقاربك المقربين (عامداً متعمداً) معتدياً متجبراً،،، فقسم شوفكم وشوَّهَ وجوهكم، ماذا أنت فاعل مع هذا المعتدي؟ هل ستتركه وتقدم له باقة من زهور أو تقول: (من لطمك على خدك الايمن فحول له الاخر ايضا)، فتسلمه عينك الأخرى ليثلمها؟ أم ستحاول أن تفعل به ما فعل بك تماماً، أو لعلك على الأقل ستحرص على ثلم عينيه الإثنين معاً وإزالة كل الأسنان من فمه،،،؟

أفرض أنك كنت صبوراً وحليماً للغاية، فإكتفيت برفع دعوى ضده أما المحاكم، وحكم القاضي عليه حكماً مخففاً للغاية لا يتناسب وحجم الجرم الذي إرتكبه في حقك،،، هل ستقبل بهذا الحكم بروح رياضية أم ستحرص على أن يكون الحكم رادعاً بحيث يذوق طعم ما أذاقك إياه؟
فإن إرتضيت أنت هذا، فكم عدد الذين سيرتضونه معك من البشر بطبائعهم المعروفة؟، ثم،، ما الذي يمكن أن يردع الجناة المستهترين بحياة الناس من العبث بهم مراراً وتكراراً؟؟؟
والجناة الذين يعشقون تدفق الدماء ويطربون لآلام الناس وأنين المرضى وبكاء اليتامى، ونحيب الأرامل، ويعشقون رائحة الموت، ما الذي سيردعهم سوى "القصاص"، والخوف من ملاقات مصير ما يفعلونه بغيرهم من الناس؟

يقول الله تعالى في سورة البقرة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى » الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ-;- بِالْأُنثَىٰ-;- «« فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ »» ←-;- ذَٰ-;-لِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ « فَمَنِ اعْتَدَىٰ-;- بَعْدَ ذَٰ-;-لِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ » 179).

إذاً،، الحُكْمُ الإلهي بالقصاص قد أعطى صاحب الحق وولي الدم حقه كاملاً في القصاص من المعتدي بأن يعامل بالمثل (على يد القضاء)،، ولكن بعد أن مكنه تماماً من حقه، حفَّذَهُ وشجَّعَهُ للعفو والصفح مقابل الأجر الوفير من الله تعالى له على ذلك "إن أراد أن يصدق به" مقابل أجر عظيم سيناله من الله يوم القيامة. وهذا تخفيف للحكم دون أن يكون على حساب صاحب الحق. ولكن خير فيه صاحبه المعتدى عليه إن شاء أقتُصَّ له في الدنيا، وإن شاء تصدق ونال أجره في الآخرة. هذا هو العدل الإلهي الذي زينه الشيطان لكم على انه "جريمة" كما تقولون، لأنه يريد أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء أبداً.

ثم قال تعال: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 180). فالقصاص فيه حياة لأنه يردع المجرمين ويجعلهم يفكرون ألف مرة قبل أن يقدموا على إيذاء أو قتل الناس، وفي ذلك حياة للكثيرين الذين بدون القصاص سيقعون فريسة سهلة في يد القتلة والمجرمين. ففي هذا القصاص حيات لهم، وأيضاً حياة للمعتدي لأن "إرهابه" بالقصاص يُعتبر رحمة به، لأنه يجعله يغير رأيه عن إرتكاب الجريمة التي قد تصل به إلى عقوبة الموت،،، ولولا "الرهبة" من القصاص لفقد حياته هو الآخر أو أحدى أطرافه، أو حريته إن إنتهى به المطاف إلى السجن المؤقت أو المؤبد. وهذا هو مفهوم الإسلام وثقافته عن "الإرهاب"، وهو تخويف الجناة والمعتدين حتى لا يصل بهم إعتداءهم إلى قتل أنفسهم في نهاية المطاف إما "قصاصاً"، أو "مقاتلة" في حالة الحرب التي يشعلونها عدواناً وظلماً.

لقد كان أهل الكتاب المعاصرين للنبي الخاتم يحاولون الإلتفاف حول حكم الله فيهم الذي أنزله لهم بالتوراة والإنجيل، فيأتون للنبي صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهم ظناً منهم أن الحكم لديه (في القصاص) لربما يكون أخف مما عندهم بشريعتهم، فشرع الله تعالى لنبيه كيفية التعامل مع هؤلاء المحتالين المراوغين. أولاً وصفهم له فقال عنهم: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَاءُوكَ « فَاحْكُم بَيْنَهُمْ » أَوْ « أَعْرِضْ عَنْهُمْ » ←-;- وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا « وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ » ←-;- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ 42). هل تعرف ما هو القسط في الحكم الإسلامي؟؟؟

ثم إستنكر الله وإستهجن عليهم سعيهم لتحكيم النبي فيهم، والحكم عندهم في شريعتهم، فقال تعالى لنبيه الكريم: (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ؟ «« وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ »» ←-;- ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَٰ-;-لِكَ وَمَا أُولَٰ-;-ئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ 43). فبين لنبيه الكريم أنَّ هؤلاء المحتالين الكذابين ليسوا في حاجة لحكم جديد، لأن حكم الله لديهم مستوفٍ وساري المفعول، قال: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ «« فِيهَا هُدًى وَنُورٌ »» - يَحْكُمُ بِهَا « النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا » وَ « الرَّبَّانِيُّونَ » وَ « الْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ » ←-;- فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ - وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا «« وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ »» 44). وعليه فإن الذين يرفضون حكم الله منكم ويعتبرونه جريمة، فمن البديهي أنهم هم الكافرون ولا أحد غيرهم.

ثم أشار الله إلى الأحكام التي لديهم في التوراة ويريدون حكماً غيرها، قال: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا « أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ » وَ« الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ » وَ « الْأَنفَ بِالْأَنفِ » وَ « الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ » وَ « السِّنَّ بِالسِّنِّ » وَ « الْجُرُوحَ قِصَاصٌ » ←-;- فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ «« وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ »» 45). هكذا الإنسان في ظل الشريعة الإلهية، مصان حقه وكرامته وجرمه،، فإن مجرد تفكير المعتدي في كسر سنه أحد من الناس يفكر عشرات المرات في أن هذا يعني كسر سنه هو أيضا (قصاصاً)، هل تريد أو تتوقع أماناً على نفسك أكثر من ذلك؟
وعليه فإن الذين يرفضون منهم ومنكم حكم الله ويعتبرونه جريمة، من البديهي أنهم هم الظالمون لا أحد غيرهم.

الحكم ليس وقفاً على التوراة فقط، بل أيضاً في الإنجيل، وأكد الله تعالى هذه الحقيقة في قوله لنبيه الكريم: (وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ-;- آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ « مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ » - وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ – وَ «« مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ »» ←-;- وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ 46). ثم وجهه بضرورة أن يلتزم أهل الإنجيل بحكم الله لديهم الذي جاء به موسى وصدق به عيسى عليهما السلام، قال: (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ « بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ » ←-;- وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ 47). وعليه فإن الذين يرفضون حكم الله ويعتبرونه جريمة، فمن البديهي أنهم هم الفاسقون لا أحد غيرهم.
أرأيت كيف نحن لا يمكن أن ننفي شي بكتابكم إذا قال الله تعالى إنه أنزله في كتابيه التوراة والإنجيل،، ولذلك نحن نؤكد لك أن عبارة (العين بالعين والسن بالسن) "تحديداً" هي جزء سليم من التوراة التي نزلت على موسى، وكذلك جزء سليم من الإنجيل الذي نزل على المسيح عيسى.

وقد بين الله لنبيه الكريم، أن ما أنزله تعالى له بالقرآن إنما هو مُصَدِّقٌ لما بين يديه من الكتاب "توراته وإنجيله"، وفي نفس الوقت مهيمنا عليه،، قال: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ «« مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ »» وَ «« مُهَيْمِنًا عَلَيْهِ »» ←-;- فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ « لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا » ←-;- وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰ-;-كِن «« لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ »» ←-;- فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 48).

وعلى ذلك فإن حكم الله تعالى في الحدود والقصاص هو نفسه في التوراة والإنجيل والقرآن، فإذاً حُكْمُكَ يا محمدُ عليهم بكتبهم أو بكتابك القرآن الكريم سيكون هو نفس الحكم، لذا قال له:
(وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم « بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ » - وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ - وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ←-;- فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ 49). والدليل على هذا الفسق ها أنتم تعملون جاهدين على أن تفتنونا عن بعض ما أنزل الله إلينا، وتسعون لأن نتبع أهواءكم ونحكم بحكم الطاغوت. ولكن هيهات.

ولفساد أنفسهم وضلالها يراوغون ويتمحكون للهروب من حكم الله ويريدون حكماً آخر ظالم كالذي تبحثون أنتم عنه عند جماعة زكريا بطرس، لذا قال الله تعالى فيهم وفيكم: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ 50). فهل أنتم موقنون يا زكريون بطارسة؟؟؟؟ وقد رأيتم في حكم الله العادل جريمةً؟ وتمردتم بذلك على موسى وعيسى وعلى محمد، وفي الأساس على الله تعالى خالقكم وخالق كل شيء, وقد أمر بالقصاص فنبذتموه وراء ظهوركم وأنتم تعلمون؟
فالنبي محمد لم يُجدِّدْ حكم الله، كما تأفكون، بل أكَّدهُ،، وعيسى لم "يُلْغِ" حكم الله في العهد القديم، كما تدعون، وإنما "صَدَّقّهُ"، وصادق عليه وإلتزمه وعبد الله به، والله تعالى لم يغير حكمه لنبيه الخاتم محمد، بل وثَّقَهُ وباركه وأدام صلاحيته إلى يوم القيامة،،، ولكنكم قوم تفرطون.

أما قولك لنا: ((اتمنى ان لاتنسحب ذليلا وان تتواصل))، نؤكد لك بأن الذل والصغار قد كتبه الله تعالى على أعدائه وأعداء أنبيائه وكتبه ورسله،، الذين قالوا إتخذ الرحمن ولداً سبحانه، فهم أذلاء صاغرين في الدنيا والآخرة جاثين، ينظرون من طرف خفي. أما أملكم في أن ننسحب فعشم إبليس في الجنة، فنحن باقون ما بقي لنا من عمر وأعدك بأننا سنحبط مكر الليل وخبث النهار وإن كان مكركم لتزول منه الجبال، ولكن القرآن يعلوا ولا يُعْلَىْ عليه.

ثم ماذا بعد؟؟؟
أيضاً: يطل علينا نموذجاً آخر منهم، يقول في تعليقه لنا تحت عنوان (لن ينفع الدجل)، ما يلي:
((دوخيني يا لامونة - لف ودوران اسلامي من النوع السوبر ما هذا الحشو يا حضرة الكاتب. في المقبلات التلفزيونية تاخذون الناس بالصوت العالي واللف والدوران، وفي الكتابة بالتطويل والكلام الفارغ وبدون مصادر ...)).

هكذا إذاً،، نفس الأسلوب وبنفس الضعة، والكلام العائم الذي يريد صاحبه إيهام الناس بقوله ضمنياً (نحن هنا، متابعون وقادرون على الرد). متابعون ولنا رأي ونملك زمام المبادرة ولدينا الملكة والقدرة على الرد، ولكن دعونا نناقشه بهدوء ما قاله، لعلنا نجد ما يصدق قوله،، وكما يقولون: (أسمع كلامك ... أشوف عمايلك ...). هكذا تعليقاتهم دائماً .... صافرة في مقبرة.

أولاً: أقترح عليه عبارة (دوخيني يا معلومة) بدلاً عن عبارته التي يقول فيها (دوخيني يا لامونة),

ثانياً: الإسلام ليس فيه لف ولا دوران،، فإن كنت صادقا فيما تقول، فما عليك سوى أن تشير للقراء الكرام حيث تتوهم وجود لف ودوران، وأعدك بأن نثبت لك خطأ هذا المفهوم تماماً، فالقرآن الكريم مفتوح أمامك (من الفاتحة وحتى الناس)، كما أن الذي كتبناه ماثل أمامك على الموقع ومرتب فأرنا نموذجاً من الحشو الذي تدعيه،،، هذا تحدٍ مباشر، والإخفاق فيه يقض على مصداقيتك إن كان قد بقي فيها شيء إبتداءاً.

ثالثاً: لا تخلط الأوراق يا عزيزي،، ما علاقة ما نكتبه بالمقبلات التلفزيونية التي تقول لنا فيها ((... تاخذون الناس بالصوت العالي واللف والدوران ...))، هذا تخبط ومراوغة غير لائقة، خاصة من خلال منبر عام كالذي نحن نتحاور عبره... ثم أين تلك المقابلة التلفزيونية التي رأيتنا فيها ومتى كان ذلك...؟؟؟).. ثم كن محدداً للغاية more specific وأعطنا نموذجاً يصدق ما تدعيه حتى نحترمه ونقدرك معه. أما وصفك لكتابتنا "بالتطويل, والكلام الفارغ,, وبدون مصادر" فهذا دليل على الجهل المركب،، فما نكتبه لا تخلوا منه فقرة واحدة من الأدلة والبراهين الموثقة، التي لن تستطيع تكذيبها إلَّا سفهاً ومراوغة وجدلاً لا يغني من الحق شيئاً.

فالآن أنت مطالب بأن تعطينا نموذجاً واحداً من كتاباتنا (ليس عليه دليل)، إن كنت من الصادقين وإلَّا فمصداقيتك على المحك. فلو كنت تفهم ما تقرأ، وتلزم الشفافية والحياد والأمانة الأخلاقية إن غابت الأمانة العقدية، لعرفت من الوهلة الأولى أن التطويل أساساً مبرر للغاية، وذلك لكثرة الأدلة والبراهين التي نحرص على توفيرها ليس إستعراضاً أو دعاية أو شهوة ظهر، وإنما إلتزام أخلاقي بالأمانة ومقتضياتها حتى إن كان ذلك خصماً على عمرنا وراحتنا، ثم لدواعي الموضوعية التي لا تتم إلَّا بالتحليل والتقييم والكشف exposure.

ثم يقول أيضا: ((... في السابق كنتم تلفقون اي كلام في اي كلام والمسلمين مصدقينكم لعدم وجود من يقف لكم ولانعدام المصادر غير الاسلامية قسراً ...)).
بلا، بلا،، بلا،،، نفس الوتيرة والمنهجية المريضة،، كلام مرسل،، غير مقنع حتى لصاحبه، وهو يظن أنه سيمر عابراً، ولكن هيهات، فنقول له وبالله التوفيق:

لإنْ كُنْتَ قَدِ بُلِّغْتَ عَنِّيْ خِيِانَةً *** لَمُبَلِّغُةَ الوَاْشِيْ أغَشُّ وأكْذَبُ.
أنت تقول إننا كنا في السابق نلفق أي كلام والمسلمون يصدقوننا، وتبرر ذلك بما يلي:
1) لعدم وجود من يقف لنا، كما تدعي،
حسناً،، ها أنت ذا الآن تقف لنا ومعك مَنْ معك من المتعاونين والمتعاطفين والموقعين على بياض،،، فهلا أتحفتنا بما أعددته لنا وجئت لتروج له هنا؟ أم هو كما إعتدنا منكم دائماً فرقعات إعلامية، كلام مرسل وزوبعة في فنجان تعكس قلة الحيلة وقصر النظر؟

2) وتقول: لإنعدام المصادر غير الإسلامية « قسرا »،
حسناً،، ما دمتم في أزمة معلوماتية ومرجعية توثيقية، وتعانون من شح في المصادر غير الإسلامية -- علماً بأن مصادركم قد سبقت مصادر الإسلام بآلاف السنين -- إذاً لماذا تضيعون وقتكم ووقتنا بالدجل والتدليس وبدس المصادر المزورة علينا،، وما دام أنكم ليس لديكم "أقراط" فلماذا تثقبون أذنيكم؟؟؟ .... لا يا عزيزي لديكم المصادر التي يغبطها المحيط بسعته وعمقه وظلامه!! بل وأكثر من اللازم عدداً وتنوعاً،، ولكنها مجرد حشو مفترىً وأنتم تعلمون ذلك، وهي حقاً تفتقر إلى الدليل الموثق الذي يثبت أن القول المزعوم قاله صاحبه بكل تأكيد، كما نفعل نحن في كتاباتنا وفي مقابلاتنا التلفزيونية لأن الحق شفاف فأي إضافة إليه تلوثه فيظهر للبصيرة معتماً.

أما عبارة "قسراً" هذه تدل على السذاجة،، أم لعلك واقع تحت الإحتلال الإسلامي الذي قضى على مراجعكم (كما فعل الصليبيون في المراجع والأسفار العلمية الإسلامية) عبر القرون وبشهادة التاريخ، وكما فعل الغزاة بالعراق فنهبوا كل آثاره ودمروا كل تاريخه وحضارته. مراجعكم "مضروبة" لأنها تحتوي على أكاذيب وإدعاءات لا تقوى على الصمود في عصر المعلوماتية الذي كان للإسلام والمسلمين السبق فيه منذ قرون خلت. هذا القول مخجل بالنسبة لك،، كيف تصرح علناً بأنك لا تملك مراجع وتعترف بانك تقف في الساحة عارياً، ومشلولاً؟

ثالثا: الآن نراك تتوعد بقولك لنا: ((... اما « من الان فصاعداً » سوف لن ينفع الدجل ...)). إذاً نحن موعودون من الآن فصاعداً بخروجكم من عنق الزجاجة الذي أنتم فيه، بل ونبذكم للدجل الذي لم يغن عنكم من الحق والحقيقة شيئاً. وليتكم تصدقون هذه المرة فيما تقولون ويرى ما تتوعدوننا به النور بدلاً من السباب والشتائم والإتهامات والبهتان (لا أقول قريباً، ولا أقول عاجلاً،، ولكن أقول فوراً) قبل أن يرتد إلينا طرفنا، نحن في الإنتظار الذي نرجو أن لا يطول كالعادة.

ثم أي؟
الذي أدهشني حقاً هو صبر الأخ عبد الله خلف في حواره مع هذا النقيض المتناقض، ورباطة جأشه وهو يأتي إليهم بالحجج والبراهين العلمية الموثقة، ثم يقابله أفراد وجماعات هذا الرهط بالسباب والتهكم والسخرية، وهو شامخ بحججه القوية. ولكنني لاحظت محاولة هذا الأخ الصادق في توجهه بأن يقنع مجادليه لعلمه ويقينه بأن ما يقوله هو الحق المبين، ولكنه في إستراتيجيته هذه لا أظنه سيحقق ما ينشده لسبب بسيط جداً، هو أن هؤلاء مخالفتهم له ليست عن جهل أو قلة أدلة أو ضعفها،،، فهم يعرفون أنه على الحق ولكنهم هكذا جبلوا. وأذكره بقول الله تعالى عنهم في سورة فصلت: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰ-;-ذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ 26). وقوله لهم في سورة البقرة: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ 40)، (وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ 41)، (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ 42). فهذا هو إلباس الحق بالباطل الذي يلاقيه هذا الأخ الكريم من مجادليه، وهو يحاورهم، بعمق وصدق ومسئولية، وهم يعلمون، ولكنهم........

وقال تعالى في سورة الأنعام مبيناً أن إنكارهم لمعرفتهم لنبيه الخاتم وبشارة عيسى به لم يكن عن جهل أو قلة معلومات أو غبش فيها،، وإنما عن علم ويقين، ولكن كالعادة غلبت عليهم شقوتهم، وتأصلت في قلوبهم خصلتهم الذميمة المنكرة للحق أينما وجد، يبغونها عوجاً وفقاً لمنهج إبليس الذي ملك عنهم ناصيتهم فأفسدها . قال تعالى عنهم: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ 20).

فمثلاً: عندما ذكَّرَهُم أبو بدرٍ بما قاله "توم هاربر في كتابه (من أجل يسوع)، وأشار إلى ملاحظة ذلك الكاتب عن تلاميذ يسوع، من خلال ما كتبه "مرقس"، فيما يتعلق بتأكيد فرية ألوهية المسيح ... ماذا كانت النتيجة، وكيف كان الرد؟؟؟
الذي طرح عليه السؤال المباشر، (ترك الموضوع الأساسي جانباً، لأنه لا يملك ما يحاجج به من حقائق مقنعة فإنخرط في سبه وسب صديقه بإستطوانتهم المشروخة كقوله له مثلا: (... على شاكلته .... و "لانك صحراوي والآخر غبي" ... و "... أصبح فكرك حجر أسود لا فائدة منه إلا لكي يرمى تحت أقدام الخنازير لتدوسه ... الخ)،، فإنكفأ الوعاء وعبق ما فيه،، وهكذا من صنوف السفه وسوء الطوية وزناخة اللسان،، أما حجته المنقولة محاولاً الإلتفاف حول الحقائق بالتبريرات الساذجة تماماً كما سمعها أو قرأها يقول فيها ((... ولكننى اقول اذا كانوا غير مدركين كيف انهم بذلوا النفيس والغالى ورحلوا وقتلوا ورموا للاسود وهم لم يابوا المخاطر ...))، وقد نسي أن الذين يلقون الناس للإسود لا يحتاجون إلى ما يبرر فعلتهم لأنهم يستمتعون بآلام الناس وصراخهم وهم يتزقون إرباً بمخالب الأسود والضواري التي في واقعها أكثر رحمة ورأفة من أولئك المتسلطون. على أية حال، هذا هو ما إدعى بأنه قِيْلَ،، ولكن المهم هو: أين دليله على صحة هذا القول؟؟؟ كالعادة لا يعرفون للدليل طريقاً.

كان رد الأستاذ عبد الله خلف علمياً عملياً وموضوعياً،، فقدم لهم مجموعة من المراجع والروابط، بصبره المعهود، مركزاً على أصل الموضوع، ومضيقاً خناقه عليهم، ومتجاهلاً تماماً للشخصنة والسباب والسخرية والإستهذاء الذي قام به الطرف الثاني "المشاكس"،، وقد جاء رده كما يلي:
قال: ((هذا الكلام لا توجهه لي, بل وجهه إلى السيد توم هاربر مؤلف كتاب (من أجل يسوع). ولم يزد على ذلك، ثم دخل مباشرة في تأكيد ما قاله بتقديم عدد من الروابط تؤكد قوله (أما ألوهية يسوع فقد نسفناها إلى الأبد)، بتأكيداته وبعجز الطرف المجادل من الإتيان بما ينفي ذلك التأكيد.

ثم طلب منهم مطلباً مشروعاً، قد طلبناه منهم فرادى وجماعات عدة مرات وهو فقط (إعطاء برهان من مراجعهم وكتابهم المقدس لديهم يؤكد أن يسوع "تحديداً" قال إنه إبن الله أو إنه هو الله). فكان حوار الطرشان،، من لف إلى دوران إلى تهرب بالسباب والشتائم كالعادة، فإقتبسنا بعضاً من هذه التعليقات الغريبة نناقشها فيما يلي:

أولها تعليق جاء من مروان سعيد تحت عنوان (ان الله ليس بقادر على كل شيئ)، قال فيه: تحية للاخ عبدالله خلف وتحيتي للجميع. موضوع رائع ومتزن واشكرك عليه.
ثم قال: ((... اما عن الله « فهو لايقدر على كل شيئ » ومثال هل الله يقدر ارتكاب الاخطاء او الشر، يقدر ان يخدع، يقدر ان يكذب ...))؟؟؟

نقول له، وبالله التوفيق:
أولاً: عدم معرفتك لكلمة "شيء" في مفهومها العام الشامل، إنما هو من إحدى أبرز نواقص القيم والمفاهيم التي لدى البعض، لأن كل كيان أو كائن ماديٍّ كان أو معنوي يُطْلَقُ عليه كلمة "شيء"، فالخطأ "شيء، وإرتكاب الخطأ "شيء" آخر، و الشر "شيء"، وإرتكابه شيء آخر، وكذلك الخداع "شيء"، وإرتكابه شيء آخر ... وهكذا. أيضاً الصدق والأمانة والخير والرحمة والقسوة وأضدادها .... كل من هذه يعتبر "شيء", فإن غابت عنك هذه الحقيقة فهذا عيب فيك.

ثانياً: كما أن عدم معرفتك للقدرة والعجز، وعدم التفريق بينهما وبين إستخداماتهما هذا يقدح في قدراتك الذاتية فقط،، وبالتالي تأتي بأحكامك خاطئة وفقاً لعدم إكتمال هذه القيم لديك، فالشخص الأمين لا يعني ذلك أنه غير قادر على السرقة والإختلاس من حيث المبدأ، ولكن أخلاقه وقيمه العالية تجعل من المستحيل في حقه أن يسرق أو يغش، حتى لو أدى ذلك إلى موته جوعاً. فهو (من حيث القدرة) يعتبر أكثر قدرة على الفعل من السارق نفسه ولكن لا ولن يفعل.

ثالثاً: مفهومكم عن الله تعالى الذي ترسخ في دواخلكم بناءاً على مفهومكم لألوهية المسيح المفتراة، هذه هي الطامة الكبرى، والضلال المبين. وإن لم يكن ذلك كذلك لما تجرأ لسانك على قول هذه العبارة الفاجرة عن الله تعالى ووصفه بأنه (...ليس بقادر على كل شيئ ...)، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. فالله تعالى لا يوصف بالعجز.

فدعنا أولا نصحح لك هذا المفهوم الساذج قبل النظر إلى إدعائك عن المسيح،، لتتيقن أن الله على كل شيء قدير, وليس فقط قادراً،، ولكنه لا يفعل الشر مع قدرته عليه, بينما فطر الإنسان على كل الصفاة الحميدة وأيضاً على نواقضها، ليكون حياً فعالاً يتوازن بين النقيضين, لأنه جاء مبتلياً، بينما كل المخلوقات ليس لديها القدرة على عمل الشر، حتى لو ظهر عملها شر في نظرك وبمعاييرك المحدودة، فالحية لا تغرس أنيابها لشر فيها، وإنما لتكملة لمهمتها التي خلقها الله من أجلها. ولو لا سم الحية لما إستطاع الإنسان الحصول على أمصال عديدة حياتية بالنسبة للإنسان، في حالتي النزف أو تجلط الدم مثلاً.

يقول الله تعالى في سورة البقرة: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا «« أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»» 106)؟ وقوله: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ-;- يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ «« إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ »» 109).

وفي سورة المائدة قال: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ «« قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا»» ←-;- وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا - يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ - «« وَاللَّهُ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ »» 17). هكذا بين القدرة على الإهلاك، وقد أهلك الأمم السابقة ولم يبالي، وأهلك قوم صالح فسوى بهم الأرض قال (فسواها، ولا يخاف عقباها)، فمن ذلك الذي يعقب على حكمه وفعله؟؟؟، ومع ذلك، لم يهلك المسيح ولا أمه ولا من في الأرض جميعاً. ثم قال: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ «« وَهُوَ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ »» 120).

وفي سورة الملك، قال: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ «« وَهُوَ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ »» 1)،
وفي سورة الجن، مبيناً ما قالته الجن عندما رأت أن الوحي نزل إلى الأرض مرة أخرى، قالت: (وَأَنَّا لَا نَدْرِي «« أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ »» أَمْ « أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا » 10).
وفي سورة الأعراف، قال: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ-;- لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰ-;-كِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا «« تَجَلَّىٰ-;- رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا »» وَخَرَّ مُوسَىٰ-;- صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ 143).

أما في سورة الإنسان قال عنه: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا 3)، فإن فعل الشر بكفره بالله تعالى قابله الله بشر أكبر منه وأبقى، قال: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا 4)، فهل هذه الإعدادات لهذا الشرير شر أم خير؟؟؟
وأما إن كان مؤمناً بالله, باراً به وشاكراً له وخيِّراً لخلقه، فهذا سيقابل خيره بخير أكبر منه وأبقى، لذا قال فيه وفي أمثاله: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا 5)، وأعطى نموذجاً لهذا الجزاء على الخير، قال واصفاً لها: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا 6)، ثم بين نموذجاً من أعمالهم للخير وخشيتهم من الله، قال: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا 7). وأسمع إلى قولهم: (إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا 10).

ثم نوه للمشيئة المطلقة التي لا حدود لها ولا يشاركه أو ينازعه فيها أحد أو شيء، وأنه يفعل ما يشاء ويختار، قال تعالى في الأبرار: (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰ-;-لِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا 11). ومن البديه لمن لا يعرف قدرة الله المطلقه، وأنه يفعل كل شيء،، وأنه فعال لما يريد، وأنه القاهر فوق عباده، هو ذلك التعس الذي يتخبطه الشيطان من المس، فيغويه، فيطمس الله على بصيرته فلا يرى الله في كل شيء، ولا يذوب خشيةً منه، ولا يهيم في حبه ولا يرجوا وعده ورحمته ويأرق ويجزع من وعيده وإنتقامه.

فالله مثلاً، لم يتجلَّ لموسى لعدم قدرة موسى على تحمل ذلك التجلي لأسباب منها أنه سبحانه (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)، ولأن موسى ببشريته لن يبق من جْرْمِهِ شيءٌ إن تجلى له وسيلاقي ما لاقاه الجبل على ضخامته ورسوخه، لذا بين له ذلك عملياً فمجرد تجليه للجبل جعله دكَّاً، ومن المنظر فقط خر موسى صعقاً فاقداً الوعي من الرهبة والخشية.

رابعاً: فلنناقش إدعاءاتكم عن المسيح:
(أ): أنت قلت للأخ خلق: ((... اما عن المسيح فهو « انسان كامل » و « اله كامل »، تنطبق عليه خصائص البشر « ليقدر ان يتمم عمل الله يجب ان يكون بدون خطيئة » ...)).
1) هذه أول فرية هزلية مضحكة أن يُزكِّي إنسانٌ إنساناً آخر مثله تماماً في خواصه البشرية ويقول عنه إنه « إنسان كامل »، وهو لا يعرف ما هي معايير الإنسان الناقص ناهيك عن معايير الإنسان الكامل. نقرب الصورة بمثال لأحمقَ سعى لقياس درجة حرارة طفل رضيع بإستخدام جهاز قياس درجات حرارة الأفران العالية مثلاً جهاز Testo 885.
إذاً أليس من المنطق أن يدلنا أولاً على المعايير التي يعاير بها درجات كمال الإنسان، وما هو مصدرها، ودرجة مصداقيتها، ثم طريقة قياسها ومن ثم درجة دقة نتائج ذلك القياس. إذ أن بدون ذلك سيكون إدعاؤه فريةً هزليةً لا يقبلها عقل ولا يقول بها عاقل سَوِيُّ،

2) ثانياً من قال لك بأن عيسى إله إبتداءاً؟ هذا زعم فارغ من المحتوى والمضمون، والذي قال به كذَّابٌ أشِرٌ، حتى إن جاء "نصاً" بكتابكم المقدس فلن يستوعبه عقل العقلاء بغير دليل مادي material evidence، ولن يكون هذا الدليل مادياً إلَّا إذا جاء من عند الله تعالى مباشرة. علماً بأنه حتى مجرد نص لم يأت ولم يقل أحد بأن عيسى عليه السلام قال للناس: (أنا ربكم، أو أنا إلهكم، ولم يقل أنا خلقت السماوات والأرض وخلقت البشر، ولم يقل أيضاً إنه ابن الله،،،)، فوصفكم له بأنه "إله" هذه فرية يندى لها الجبين وسقطة أخلاقية وعقلية هابطة.

ولكن، مع ذلك يمكن أن يقول ذلك القول والإدعاء أي معتوه، أو دَعِيّ لو أراد أن يتخذه إلها إفكاً له من دون الله، فهناك الكثيرون مِمَّنْ إتخذوا عجل السامري إلهاً ومنهم من إتخد الصنم والوثن والبشر والبقر آلهة من دون الله.
فهذه حالات تختلف عن حالة النصارى المزمنة، فهم الوحيدون في الخلق كله الذين تجَرَّأوا على ذات الله تعالى نفسه، أولاً بجعلهم له شريك، فقال عن نفسه (قل هو الله أحد)، ثم تجرأوا على ذاته المقدسة فجعلوها مركبة من أقانيم ثلاثةٍ, فقال عن نفسه فيها (الله الصمد)، ثم نسبوا إليه الولد وكان المشركين قبلهم قد نسب إليه البنات، فقال عن نفسه (لم يلد ولم يولد), ثم هناك من جعل الشيطان نداً وكفؤاً لله تعالى، فقال عن نفسه (ولم يكن له كفواً أحد. فكانت بلوة هؤلاء التعساء لم يبلغها حتى إبليس نفسه.

والأدهى من ذلك وأنكى انهم جعلوه مركباً من أقانيم، لاهوت وناسوت وروح قدس (3 × 1)، فليس غريباً قولك عبارة (إله كامل)، فمن الذي أعطاه هذا التقدير؟ علماً بأن الله ربه ورب السماوات والأرض لم يقل ذلك لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن،، إذاً من ذلك الذي يستطيع تزكية الناس من دون الله تعالى؟ .... (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).

قال الله تعالى عنكم في سورة الزخرف، لرسوله الكريم: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم « بَلَىٰ-;- وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ » 80)، (قُلْ «« إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰ-;-نِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ »» 81), (سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ 82), (فَذَرْهُمْ « يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا » ←-;- حَتَّىٰ-;- يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ 83).

3) ثالثاً قوله عن إلهه المزعوم إنه: ((... تنطبق عليه خصائص البشر « ليقدر ان يتمم عمل الله يجب ان يكون بدون خطيئة » ...)). وهذا يعني أن في مفهوم هؤلاء الناس أن الله تعالى عمله ناقص ويحتاج إلى خواص البشر ليتمموا عمله. (تعالى الله عن قولهم وإفكهم علواً كبيراً). فهذا النص الجائر يقول صراحة إن (عيسى إله كامل لأنه يتمتع بخصائص البشر)، بينما (الله إله غير كامل لأنه يحتاج إلى خواص البشر ليتمم عمله). إذاً معنى هذا أنه قد خلق خلقاً أكمل منه (يأكل الطعام ويشي في الأسواق ويحدث الحدث ويلقى القبض عليه، ويحاول السفهاء رجمه بالحجارة ..... هل يوجد خبال وسفه أكبر من هذا الزعم المقرف؟؟؟

4) وهو يبرر كمال إلهه بأن الإله الكامل، يشترط وجوب أن يكون بلا خطيئة، وسبق له أن إدعى بأن إلهه بلا خطيئة، أهذا كل شيء؟؟؟؟ ....... نعم هذا كل شيء. بدون معرفة من الذي إشترط هذا الشرط؟ بدون حتى معرفة المصدر والظرف والجار والمجرور...؟؟

والله إنَّ هذا لشيء عجاب مروع ومقزز في نفس الوقت،، قال الله تعالى في سورة مريم مقرباً للأذهان فظاعة الجرم الذي وقع فيه هؤلاء التعساء: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰ-;-نُ وَلَدًا 88)، (لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا 89)، عظيماً فظيعاً منكراً, لدرجة مريعة: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا 90)، لماذا كل هذا؟؟؟ (أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰ-;-نِ وَلَدًا 91)، (وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰ-;-نِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا 92)، (إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰ-;-نِ عَبْدًا 93)، (لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا 94)، (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا 95). فالويل كل الويل والثبور والخزي لهم يومئذ.

(ب): ثم يقول عن إلهه المزعوم أيضاً، إنه: ((... يتبرع بحمل خطايا البشرية اي يدفع الثمن عنا او يوفي ديننا الذي يجب ان ندفعه لشرورنا ...)).

كلام أغرب من الخيال،، ولا يستقيم عقلاً مجرد تصوره ناهيك عن تصديقه وإلتزامه حقيقة يبنى عليها مصير أبدي حتمي لا فكاك منه وليس هناك فرصة أخرى للمراجعة والتصحيح وإعادة النظر بعد مفارقة الروح الجسد. ولكن دعونا نناقش معاً هذه الفكرة الساذجة بالعقل والمنطق وفي إطار الحقائق على الأرض، فيما يلي:

1) بمعايير المنطق والموضوعية: كيف يمكن قبول فكرة أن يَتَحَمَّلَ شخص (أياً كان ذلك الشخص) أخطاء غيره، علماً بأنه بريءٌ تماماً من تلك الأخطاء، بل ولم يفعلها أو يشارك فيها أو يوصي بها أو حتى يؤيدها،،، لمجرد أنه من سلاسة ذلك الشخص الذي إقترف الذنب، ولم يكن له الخيار في أن يكون من سلاسته؟ تصور شخص يتعبد بهذا المفهوم الجائر ويستيقنه كيف يمكن أن يحقق العدالة في غيره من الناس،،

مثلاً شخص ما سرق فأودع السجن، ثم طَبَّقَ الحاكم الجائر الأحمق هذا الحكم أيضاً على كل أبناء ذلك المذنب، وأحفاده لإدعائه وتصوره أنهم مسئولون أيضاً عن جرم أبيهم وعليهم الدين نفسه، وبالتالي يجب أن يقادوا بالجرم الذي لم يرتكبوه؟؟؟ إنه لتصور مفجع حقيقةً،، ولكنه للأسف هو قائم، بل هو عقيدة الكثيرين بيننا من المقلدين لغيرهم دون إعمال فكرهم على الأقل للبحث عن المبرر والدليل.
كما قال تعالى في سورة الزخرف: (وَكَذَٰ-;-لِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ-;- أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ-;- آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ 23).

2) بمعايير العدل والعدالة مطلقاً: كيف لعاقل أن يتصور عدالة تُحَمِّيلُ شخصاً بريءاً ذنبَ غيره من البشر، أو حتى مؤاخذته به؟
يقول الله تعالى في سورة الإسراء: (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا 13)، حيث يقال له حينئذ: (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ-;- بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا 14).
وقال: (مَّنِ اهْتَدَىٰ-;- « فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ » ←-;- وَمَن ضَلَّ « فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا » - وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ-;- - «« وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ-;- نَبْعَثَ رَسُولًا »» 15).

وفي سورة الرحمن، قال: (فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ 39).
وفي سورة المدثر، قال: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ 38).
وفي سورة فصلت، قال: (مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا « فَلِنَفْسِهِ » وَمَنْ أَسَاءَ « فَعَلَيْهَا » ←-;- وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ 46). فكيف لمعتوه أن يصف الله بهذا الظلم ويدعي عليه مؤاخذة الأبرياء بذنب وغواية أبيه أو جده أو حتى أبو البشر؟ (ما تقعد معووق وتكلم عدل!!).

أما في سورة النبأ، فقد جاء تفصيل كبير،، حيث صنف الله كل البشر إلى نوعين إثنين:
(أ): طَاغِيْنَ:، فقال فيهم: ||(إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا 21)، وقد أُعِدَّتْ لتكون: (لِّلطَّاغِينَ مَآبًا 22), ليس لفترة محدودة قصيرة ولكنهم سيكونون: (لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا 23), لا يعلم قدرها إلَّا الله، وسيكون حالهم بئساً يئساً: (لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا 24), بمفهوم البرد الذي يخفف حدة الحرارة ولكن بردهم حميم، ولا شراباً بمفهومه الذي عادةً يروي الطمأ ويبرد الجوف، ولكن شرابهم غَسَّاقاً، قال: (إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا 25), وطبعاً كل ذلك العذاب والهوان مقابل ما فعلوا من شرور وآثام ومظالم: (جَزَاءً وِفَاقًا 26).

والسبب في ذلك العذاب المقيم: (إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا 27), ليس ذلك فحسب، بل: (وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا 28), فلم يفطنوا إلى أن الملائكة كانوا يكتبون ما يفعلون، وهم يظنون أن الله غافل عما يعملون، ولكن خاب ظنهم، قال: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا 29), وبعد أن يدخلهم النار حقيقةً، يقول لهم: (فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا 30)||.

(ب): ومُتَّقِينَ:، وهم أولئك الذين علموا أنهم ملاقوا ربهم فإحتاطوا وإستعدوا لهذا اللقاء، فوصفهم الله بقوله فيهم: || (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا 31), تلك المفازة هي: (حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا 32), طعاماً لهم وتفكه، (وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا 33), زوجات كريمات من الحور العين، (وَكَأْسًا دِهَاقًا 34), شراباً طيباً ممتعاً غير مسكر، لا غول فيه ولا هم ينزفون، وجَوُّهُمْ وحياتهم الإجتماعية فيها هادئة لا تباغض ولا تحاسد ولا تظالم، ولا ضجيج وصخب، بل: (لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا 35), كل ذلك النعيم ومثله معه: (جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا 36).
(رَّبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَٰ-;-نِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا 37).

ثم خَيَّرَ الله كل البشر في أن يختار كل منهم طريقه الذي يرتضيه لنفسه، إمَّا طريق الطاغين أو طريق المتقين، فبَيَّنَ بكل بصراحة ووضوح أنَّ الجزاء سيكون يوم الجزاء، الذي وصفه بقوله: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰ-;-نُ وَقَالَ صَوَابًا 38), ووصف لهم ذلك اليوم وعرفه، قال: (ذَٰ-;-لِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ-;- رَبِّهِ مَآبًا 39), ثم قال لكل البشر محذراً ومنذراً ومُخَيِّراً: ( إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا 40).

فخطيئة آدم عليه السلام وغوايته هو المسئول عنها وحده أمام ربه يوم القيامة، ولا شأن لنا بها، ولن يُسْألَ عنها أحد غيره، وكذلك الحال مع كل نفس, وقد بين الله تعالى أنَّ آدم عليه السلام تلقى من ربه كلمات "فتاب عليه" ولم يقل "فغفر له", ولا شأن لنا في ذلك فالله أعلم به إن كانت توبته عليه ضمنها مغفرة له أم لا.

فيا أخي،، لا تعطل عقلك وتستمع إلى غواية إبليس فهو عدوك اللدود يريدك أن تخسر مثله، فاعمل الخير ثم أرجوا قبوله من الله تعالى، وإستغفره عن الذنوب قبل فوات الأوان، فإنَّ عيسى ولا غيره لن يغني عنك من الله شيئاً فهو عبد لله مثلك، فقط يمتاز بأنه نبي كريم لله ورسول من عنده ليس بدعاً من الرسل ولا حتى النبي الخاتم سيد الأولين والآخرين ليس كذلك.
قال تعالى لنبيه الكريم في سورة الأحقاف: (قُلْ « مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ » وَ « مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ » ←-;- إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ-;- إِلَيَّ «« وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ »» 46). فإذا كان ذلك كذلك فمن باب أولى ألَّا يكون غيره بدعاً من الرسل، المسيح أو غيره. وما دام انه لا يدري ما يفعل به يوم القيامة ولا بغيره من الخلق، (لأنه غيب كامل لا يعلمه إلَّا الله الذي إختص به نفسه دون غيره من الخلق)، فكيف يتأتى لعيسى أن يملك شيئاً لغيره؟؟؟

فإن رأيت أحداً في النوم أو اليقظة جاءك ليقول لك إنه الله أو يسوع،،، الخ وأنه يملك لك ضراً أو نفعاً أو يعلم شيئاً عن مصيرك أو إدعى بأنه المسيح جاء ليتعشى معك فأعلم أنه من تلبيس إبليس ليؤكد إستمرارية غفلتك. فلا تضيع الفرصة،، فهي قصيرة للغاية ومبهمة الطول والفعالية، ومحدودة بمحدودية عمرك الذي لا تدري كم بقي لك منه، واعلم أنها فرصة لن تعوضها أبداً في يحاتك الآخرة أو فيما بينهما من برزخ.

(ج): ثم يقول صاحبنا عن إلهه المزعوم: ((... ويجب ان يكون مساويا لله لان اخطائنا مرتكبة ضد الله فلا يمكن لانسان عادي ان يتمم هذه المهمة...)). كلام أغرب من الخيال، وتبرير أسخف من سخيف ساذج، لدرجة العبط، بل ويستحيل على العاقل أو حتى المجنون إستيعابه وإستساغته وهضمه،، للآتي:
1) من هو ذلك المخبول الذي يدعي التَّألُّهَ على الله ويتعالى عليه فيقول (يجب أن يكون ،،، ويجب ألَّا يكون)؟؟؟ ومن هو ذلك الإله المُصَنَّعْ ومركب بيد وفكر البشر من أقانيم، ويرسم له عبيد من خلقه خط سيره؟ ومن ذلك المخلوق الذي يمكن أن يكون مساوياً لله تعالى في الأسماء والصفات والأفعال والإرادة والقدرة والتفرد أو مكملاً له ؟؟؟ ما هذه الخيبة وما هذا السخف والتردي والهزيان؟؟؟ عجباً والله!!! ... أليس منكم رجل رشيد؟؟؟

2) ومن قال لكم أنَّ المخلوقات ترتكب أخطاءها ضد الله تعالى؟؟؟ فالله لا يتضرر من شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يتأثر بمعصية ولا يستفيد من طاعة, فالذي يرتكب خطأً إنما يرتكبه ضد نفسه أولاً ويتضرر به هو ثم غيره من المخلوقات الأخرى التي إرتكب الخطأ ضدها، وبالتالي هو وحده الذي سيدفع الثمن ويتحمل التبعة. والله بذاته هو الضامن لحق المظلوم حتى إن كان كافراً.

أما الله تعالى إنما يُحْصِيْ للمخلوقات أعمالهم إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. فهو يقول في سورة الزمر: («إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ » ←-;- وَلَا يَرْضَىٰ-;- لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ « وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ » وَ «« لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ-;- »» ←-;- ثُمَّ إِلَىٰ-;- رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ 7).

3) الله تعالى كل عمله كامل مكتمل، خَلَقَهُ بقدَرٍ وعلمٍ ومشيئة، فهو "البديع"، الذي: (أعطى كل شيء خلقه ثم هدى), وخلق الإنسان لإبتلائه ومعرفة أثر الإختيار عليه، لذا (هداه النجدين) أحدهما للخير والآخر للشر وجعل بدايته متوازنة بينهما عند نقطة متعادلة مستوية، Break-even ولكن فطره على حب الخير، فإن كانت نفسه لوَّامَةً إتجه نحو الخير وأعانه الله عليه، وإن كانت نفسه أمَّارَةً إتجه نحو الشر وحمله الشيطان على ذلك.

قال تعالى في سورة البقرة: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا «« لَهَا مَا كَسَبَتْ »» وَ «« عَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ »» ←-;- رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ 286).

قال تعالى في سورة النساء: (مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا 147). وهل التقوى أو الإيمان يستفيد الله منها شيئاً؟؟؟ لا والله،، الله مستغني عن الخلق كله، ولكن التقوى والإيمان تبرزان كل القيم الإيجابية الكريمة الرائعة المطمورة في داخل الإنسان فييأس الشيطان من سعيه لتحقيق غايته وهي غواية الإنسان ليشقى معه.

(د): ثم يتمادى صاحبنا في طرحه الغريب الشاذ عاكساً بوضوح مدى التناقض المخل الذي هم فيه، فيقول: ((... وكيف نثبت الوهية المسيح وهل اي انسان يقول لك انا الاه تصدقه ام اعماله يجب ان تشير عليه وبعد ذلك نحلل اقواله وليس للاقوال وحدها قيمة بدون افعال وان الاثباتات كثيرة بالانجيل وهذه امثلة ...)).

نقول وبالله التوفيق:
أولاً: أراد أن يبين آليته في إثبات ألوهية المسيح، فقال:
1) "... وهل أي إنسان يقول لك أنا إله تصدقه ... ؟؟؟"،، حسناً دعنا نطرح نحن عليه السؤال نفسه وهو الذي عليه أن يجاوبنا بصراحةً،، وإن كانت صيغة سؤاله تدل على أن الإجابة التي يقصدها هي (النفي)، بمعنى إنه يقول: "لا يمكن أن تصدق أي إنسان يقول لك إنه إله". ونحن نتفق معه على هذا الجواب.

2) ثم يبرر نفيه فيقول: (... ام اعماله يجب ان تشير عليه وبعد ذلك نحلل اقواله ...))، معنى هذا الإدعاء، أننا نحن البشر نملك المعايير التي نقيم بها إلهنا وخالقنا بتحليل أقواله وأعماله وفقاً لتلك المعايير، فمن إنطبقت عليه "في رأينا وتقييمنا" مستخدمين التقنية التي يعبدها البعض"، نصبناه علينا إلهاً، والأقانيم في أيدينا،، وبالتالي نتوقع تعدد الآلهة، وتكاثرها وتنوعها والتنافس بينها،،، الخ. فكلما ظهر لنا إنسان أحرز رقماً أعلى من سابقيه من الآلهة كان هو بطل العالم (للآلهة)، ونعطيه الكأس الدولي وننصبه علينا إلى حين.

قال تعالى في سورة المؤمنون: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ - «« وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰ-;-هٍ »» ←-;- إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰ-;-هٍ بِمَا خَلَقَ « وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ-;- بَعْضٍ » ←-;- سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ 91)،
وقال في سورة الأنبياء: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ « لَفَسَدَتَا » ←-;- فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ 22).
وقال في سورة الإسراء: (قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ « إِذًا لَّابْتَغَوْا إِلَىٰ-;- ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا » 42).

3) ثم عمد إلى التخصيص بعد التعميم، فإشترط لذلك،، واضعاً معايير تدعم وتؤكد وتزكي تلك الأقوال والأفعال الإلهية المميزة، فقال: ((... وليس للاقوال وحدها قيمة بدون افعال، وان الاثباتات كثيرة بالانجيل ...)). حسناً،،، إذاً نحن موعودون بأن نعرف الآن المعايير التي بها يصبح الإنسان "البشر" إلهاً مساوياً لله (تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا)، سنرى الآن تلك الأقوال والأفعال التي جعلت من يسوع إلهاً كامل مع الله الذي يحتاج إلى من يكمل عمله من البشر حتى يكون إلها كامل مثل يسوع، بدرجة جعلت إنسان القرن الواحد وعشرين، وبخبراته المتراكمة، وتجارب البشرية كلها يصدق بهذه المعايير ويلتزمها عقيدةً مبنية على قناعات موثقة تكفيه ليلاقي مصيره بثقة يوم الجزاء الأوفى.
ثم عمد إلى تحديد الوجهة وهي الإنجيل "حصرياً"، وتكرم بأن جاءنا بأمثلة منه. فيسر بذلك علينا المهمة كثيراً،، فلنذهب معه إلى حيث أشار لعلنا نجد ما يصدق قوله.

ثانياً: جاء ببعض النصوص من الإنجيل، كأمثلة مختارة يزعم انها تحقق المطلوب وتؤكد إجتياز يسوع لكل تلك المعايير المطلوبة في الإله الذي قال عنه، لأنه تفرد بها من دون البشر السابقين له واللاحقين،، فما هي تلك المعايير؟؟؟

قال: (يقول المسيح باني كنت قبل ابراهيم بيوحنا 8)، فتوجهنا إلى سفر يوحنا، إصحاح 8 الذي أشار إليه: فوجدنا أن هناك أكثر من نص كل نص يختلف في الصياغة والمعنى عن الآخر وكل النصوص تختلف عن النص الذي أتى به هو نفسه, فمثلاً في اليسوعية كان النص هكذا: العدد (58- فقال لهم يسوع: (( الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم، أنا هو), وفي فاندايك يقول: (58- قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ.), وفي الحياة يقول: (58- أجابهم: الحق الحق أقول لكم: إنني كائن من قبل أن يكون إبراهيم.), وفي الأخبار السارة قال: (58- فأجابهم يسوع: ((الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن.),

قبل أن نناقش هذه النصوص، علينا أن نقيمها لنعرف إن كانت موثوقة أم غير ذلك، فلاحظنا أنها تتضمن كل عناصر التشكك، فأخذنا منها بعضها وفصلناها فيما يلي:
‌أ) الشق الأول من النص لنرى:
هل النص الصحيح ما قاله صاحبنا، هكذا: (يقول المسيح باني كنت ...)، أم الذي باليسوعية هكذا: (فقال لهم يسوع...)، أم الذي بفندايك، هكذا: (قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ ...), أم ذلك الذي بالحياة، هكذا: (أجابهم...)، أم بالأخبار السارة هكذا: (فأجابهم يسوع...)؟؟؟
‌ب) الشق الثاني:
هل النص الصحيح ما قاله صاحبنا، هكذا: (... كنت قبل ابراهيم)، أم الذي باليسوعية، هكذا: (... قبل أن يكون إبراهيم، أنا هو)، أم الذي بفندايك، وبالأخبار السارة، هكذا: (... قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ), أم بالحياة، هكذا: (... إنني كائن من قبل أن يكون إبراهيم)؟؟؟

وحتى لو تغاضينا عن هذا الخلل الكبير الذي ينفي مادية الدليل materiality of evedence، ويستحيل أن يؤخذ به، فإن هذا القول إنشائي يقبل الصواب والخطأ لأنه غير موثق. ومع ذلك سنقبله "جدلاً"، فقط لمواصلة البحث والتحليل،، فماذا يعني هذا النص صحَّ أم أخطأ،، فإبراهيم الخليل بشر من خلق الله تعالى وليس إلهاً،، فإذا كان عيسى قبل إبراهيم أو بعده أو حتى كان قبل آدم أو حتى قبل الذي خلفه آدم،،، أو حتى قبل خلق السماوات والأرض، هذا كله لن يرفعه إلى مرتبة أعلى من مرتبة المخلوقات ولن يقربه من سمو وعلو عرش الخالق سبحانه وتعالى إلَّا في مرتبة العبيد شأنه شأن غيره.

أما ما جاء في سفر يوحنا إصحاح 8: عدد (59)، يحق لنا أن نتساءل!!! ترى هل النص الصحيح هو ما قاله صاحبنا، هكذا: (فرفعوا حجارة ليرجموه. اما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازا في وسطهم ومضى هكذا)، وهو عينُهُ الذي جاء بفندايك،، أم الذي باليسوعية، هكذا: (فأخذوا حجارة ليرموه بها، فتوارى يسوع وخرج من الهيكل.)، أم ما جاء بالحياة، هكذا: (فرفعوا حجارة ليرجموه، ولكنه أخفى نفسه وخرج من الهيكل.)، أم ما جاء بالأخبار السارة، هكذا: (فأخذوا حجارة ليرجموه، فاختفى عنهم وخرج من الهيكل.)؟؟؟

‌أ) فلو أخذنا الشق الأول من العبارات الواردة وتساءلنا:
هل النص الصحيح ما قاله صاحبنا هكذا: (فرفعوا حجارة ليرجموه ...)، الذي تطابقت معه رواية الفندايك، والحياة،، أم الذي باليسوعية، هكذا: (فأخذوا حجارة ليرموه بها ...)، أم بالأخبار السارة، هكذا: (فأخذوا حجارة ليرجموه ...)؟؟؟

‌ب) وكذلك لو أخذنا الشق الثاني منها وتساءلنا أيضا:
هل النص الصحيح ما قاله صاحبنا هكذا: (... أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازاً فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هَكَذَا)، وهو ما جاء بالفاندايك أيضاً،، أم الذي باليسوعية، هكذا: (... فتوارى يسوع وخرج من الهيكل)، أم ما جاء بالحياة, هكذا: (... ولكنه أخفى نفسه وخرج من الهيكل)، أم ما جاء بالأخبار السارة, هكذا: (...فاختفى عنهم وخرج من الهيكل)؟؟؟
وهل أوحى الله لعبده ونبيه ورسوله عيسى كل هذه الصيغ المختلفة والمتضاربة، أم هي لا علاقة لها بالوحي ولا بالإنجيل، وإنما هي روايات أشخاص مبهمين إسماً وهويةً؟؟؟

على أية حال،، وبغض النظر عن المصدر، فإن هذه الروايات المختلفة لنفس الحادثة عبارة عن أخبار، وبالتالي تقبل إحتمالي الخطأ والصواب،، والإختلافات الكثيرة ترجح كفة الخطأ وتقوي الشك وبالتالي لا يمكن (بالمعايير العلمية) قبولها كأدلة موضوعية substantive evidences ومع هذا وذلك، وحتى لو سلمنا جدلاً وقبلناها كنصوص صحيحة، فإنها حقيقةً لن تقدم أو تؤخر في أصل الموضوع. لأن العبارات نفسها ليست دليلاً على أن قائلها أو فاعلها هو بشر كامل وإله كامل كما يدعي صاحبنا ويبرر.

ثم جاء بدليل ثالث من كتابه المقدس لديه هذه المرة من سفر يوحنا إصحاح 1: قال هذا النص: ((... وفي يوحنا 1 في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. 2 هذا كان في البدء عند الله. 3 كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان. 4 فيه كانت الحياة ...)).
دعونا نناقش نصوص (كان وأخواتها) هذه على خفيف ولكن في العقيدة هذه المرة، بعيداً عن النواسخ، و ندقق في المصادر التي جاءت فيها، فكانت نتيجة التقصي كما يلي:
سفر يحنا: إصحاح 1:
1. فالنص في الأخبار السارة يقول: (1- في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله، 2- هو في البدء كان عند الله، 3- به كان كل شيء، وبغيره ما كان شيء مما كان، (4- فيه كانت الحياة، وحياته كانت نور النّـاس)، "لم أفهم شيئاً"،
2. وفي فندايك يقول: (1- فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ، 2- هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ، 3- كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ، (4- فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ)،
3. وفي الحياة يقول: (1- في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله. وكان الكلمة هو الله، 2- هو كان في البدء عند الله، 3- به تكون كل شيء، وبغيره لم يتكون أي شيء مما تكون، (4- فيه كانت الحياة. والحياة هذه كانت نور الناس),
4. وفي اليسوعية يقول: (1- في البدء كان الكلمة والكلمة كان لدى الله والكلمة هو الله، 2- كان في البدء لدى الله، 3- به كان كل شيء وبدونه ما كان شيء مما كان، (4- فيه كانت الحياة والحياة نور الناس).

أولاً: سنحلل هذه النصوص (علمياً)، للوقوف على توافقاتها وإختلافاتها وتناقضاتها (بإستثناء تقييمه لغوياً ونحوياً، لأن هذا التقييم سيغنينا عن مواصلة باقي البحث)، فيما يلي:
الرقم 1: وردة العبارة الأولى هكذا: (في البدء كان الكلمة)، هي نفسها لديهم جميعاً، أما العبارة الثانية (وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ) إتفق فيها كل من الأخبار السارة، وفندايك, والحياة، وجاءت مختلفة في اليسوعية، هكذا: (والكلمة كان لدى الله). أما المقطع الأخير: (وكان الكلمة الله) إتفق عليها كل من الأخبار السارة و فندايك، ولكنه جاء مختلفا تماماً في كل من الحياة هكذا: (وكان الكلمة هو الله)، واليسوعية هكذا (والكلمة هو الله).

الرقم2: وردت العبارة الثانية في كل من الأخبار السارة والحياة هكذا: (هو في البدء كان عند الله،), وقد إختلفت في كل من فندايك حيث وردت هكذا (هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ)، وفي اليسوعية حيث وردت هكذا: (كان في البدء لدى الله).

الرقم3: وردت العبارة الثالثة كما يلي:
المقطع الأول: في كل من الأخبار السارة واليسوعية هكذا: (به كان كل شيء)، وقد إختلفت في كل من فندايك حيث وردت هكذا: (كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ)، وفي الحياة قد وردت هكذا: (به تكون كل شيء).

والمقطع الثاني: إختلف الجميع في هذه العبارة، ففي الأخبار السارة جاءت هكذا: (وبغيره ما كان شيء مما كان)، وفي فندايك هكذا: (وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ)، وفي الحياة هكذا: (وبغيره لم يتكون أي شيء مما تكون)، وفي اليسوعية هكذا: (وبدونه ما كان شيء مما كان).

الرقم 4 وردت العبارة كما يلي:
الأخبار السارة: (4- فيه كانت الحياة، « وحياته كانت » نور النّـاس)،
فندايك: (4- فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ « وَالْحَيَاةُ كَانَتْ » نُورَ النَّاسِ)،
الحياة: (4- فيه كانت الحياة. « والحياة هذه كانت » نور الناس),
اليسوعية: (4- فيه كانت الحياة « والحياة » نور الناس).
فالتناقض والإختلاف في النص والمضمون صارخ، ولا يحتاج إلى مزيد من الإيضاح كما هو معروض أمام القاريء. فبالله عليكم هذه النصوص يمكن أن تكون موحاة من الله تعالى في كتاب كريم هو الإنجيل، وعلى نبي ورسول كريم هو المسيح عيسى بن مريم؟؟؟ فإن لم يكن كذلك، وهو بالطبع ليس كذلك فمن مصدره وما درجة مصداقيته وقد ثبت عدم أهليته كدليل مادي على صدق الإدعاءات سالفة الذكر.

فلا أظن أنَّ عاقلاً يحترم عقله يقبل بمثل هذه النصوص المتضاربة في الصيغة وفي المعنى والدلالة أو يستخدمها كأدلة أو براهين لإثبات شرعيتها ومصداقيتها ناهيك عن حقيقتها. هذا لو فرضنا جدلاً إنها تعبر عن شيء يستحق المجهود لتأكيده أو تصديقه لدعم فكرة البشر الكامل أو الإله البشري المركب.

على أية حال،، دعونا نفترض جدلاً بأن الجميع إتفقوا على صيغة واحدة أياً كانت أو أنهم إتفقوا على توليف صيغة من بين جميع الصيغ الواردة وتم الإتفاق عليها بالإجماع،،، ما الذي سيغيره هذا الإجماع إذا كان النص لا يدل على معنى مقبول علمياً أو عرفياً، للآتي:

مثلاً عبارة (في البدء كان الكلمة)، رغم أنه لا توجد إشارة إلى عيسى عليه السلام، وليست هناك قرينة تدل على أن الضمير عائد عليه، ولن نبحث عن الذي قال هذه العبارة وبالطبع لم يكن القائل عيسى نفسه لأنه حينئذ سيكون النص هكذا (في البدء كنت الكلمة). وقد يكون يحنا. فليكن هذا أو ذاك أو غيره،، ما الغضاضة في ذلك أن يكون خَلْقَ اللهِ بكلمةٍ منه، وعيسى خلقٌ من خَلْقِهِ؟؟؟

ألم يقل الله تعالى عنه: (كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه)؟ ألم يكن آدم نفسه كلمة من الله تعالى أنظر ما جاء بسورة البقرة، قال: (وَإِذْ « قَالَ رَبُّكَ » لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ). فلم يقل أحد بأن آدم إله أو إبن الله، مع أنَّه كلمة من الله.

ألم يقل الله تعالى كلمة لموسى عليه السلام، وقد بين الله ذلك لنبيه الخاتم في سورة طه قال: (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ-;- 9), (إِذْ رَأَىٰ-;- نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى 10), (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ-;- 11), (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى 12), (وَأَنَا « اخْتَرْتُكَ » فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ-;- 13), وقد كلم الله "تكليماً"، حيث لم يحدث ذلك مع عيسى، ومع ذلك لم يقل أحد بأن موسى إله مع الله أو بشراً كاملا ومكملاً لعمل الله أو إبن الله. وبديهي أن يكون خلق الله بكلمة منه.

لا يزال الموضوع له بقية وشجون

تحية طيبة للقراء الكرام

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكملة ... عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ (2):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ (1):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س (ملخص آل عمران ومريم):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ع (ألم، كهيعص2):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س(ألم، كهيعص1):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ن (آل عمران):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (رد على تعليقات):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (طس، طه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ل):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ك) رد على تعليقات بعض القر ...
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (ياء):
- حوار العقلاء2 (ردود):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ط):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ح):
- حوار العقلاء:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ز):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(و):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (د):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(ج):


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (3):