أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - حوار العقلاء2 (ردود):















المزيد.....



حوار العقلاء2 (ردود):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4457 - 2014 / 5 / 19 - 02:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أولاً: لا داعي لشكري، إذ أنني لم أقم بأكثر من بعض واجبي في هذه الحياة والذي سيسألني الله تعالى عنه لا محالة.

ثانياً: ليس هناك جواباً جاهزاً وحيداً لدينا لكل الأسئلة التي تطرح، كما تقول،، فلكل سؤال جوابه المناسب، وقد لا يروقك هذا الجواب أو ذاك، ولكن الحق ليس بالأهواء والمزاج، فهو يفرض نفسه لأنه غاية الجميع، كما اننا لا نُحَكِّم الهوى الشخصي أو هوى الغير، ولكننا نرد بجواب الله تعالى ولا نحيد عنه قيد أنملة أو أدنى،، ولربما لم يوفق البعض في توصيل الجواب المناسب للسؤال المطروح بوضوح أو بالطريقة المثلى، أو لعل جوابه كان نابعاً من هواه أو إجتهاده الشخصي، أو قدراته الذاتية ومستوى فهمه للسؤال وتقديره لحالة ومزاج وغاية السائل.

أما سؤالك عن القيم الإيمانية،، فإعلم أنه لا يملك بشر ولا جن ولا ملائكة أن يحدد أي منهم من هو المؤمن ومن هو الكافر. فالذي يحدد ذلك هو الله تعالى وحده. ويبلغه لأنبيائه ورسله وحياً أو من وراء حجاب، ليوصلوه للناس فما قال عنه إيمان فهو إيمان وما قال عنه خلاف ذلك فهو كذلك. أما تقييمه من حيث القبول أو الرفض فهذا علمه عند الله تعالى والخلق كله في هذا سواء بما في ذلك الأنبياء والرسل.

فالنبي محمد نفسه مثلاً يحذر أهل بيته وينذرهم بأن لا يأتوه بأنسابهم والناس يأتونه بأعمالهم، وقد علل لهم ذلك فقال إنه "لا يملك لهم من الله شيئاً". قال: يا معشر قريش اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني مناف لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا، ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا، ويا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئا.
ويقول: (يا بني هاشم! لا يأتيني الناس يوم القيامة بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم، من بَطَّأ به عمله، لم يُسرع به نسبُه)

فالله تعالى حدد مواصفات وشروط للإيمان، وعلامات وقرائن للكفر والفسوق والنفاق والتمجس والإلحاد، فإن توفرت في الشخص "كلها" كان مؤمناً خالصاً، وإن نقص منها شيء كان إيمانه ناقصاً يلزمه "الإجتهاد بقدر طاقته" لإدراكه ولو بالشعور بالقلق والندم"، والخوف من عاقبته،، لأن هذا القلق يمثل عصب الإيمان بأن الله موجود وأنه سيبعثه ليوم الجزاء، وانه يخشى العذاب ويطمع في الثواب.

الله تعالى يهدي ولا يضل،، فإسمه "الهادي" "المهدِ"، وليست أضدادها من أسمائه،، وهو "الرؤوف الرحيم" وليست من أسمائه "القاسي أو الفظ", ولكن الذي يسعى للضلال "سعياً"، ولا يلتفت إلى النصح والتوجيه ويستخف بالوعيد ويستهزيء بالأنبياء والرسل والصالحين والمصلحين،، فهذا "متمرد" على الله تعالى، ويكون بذلك قد أضاع الفرصة المتاحة له بنفسه أو كاد،، لذا يستحق أن يحرمه الله من "الرجوع" إليه مرة أخرى لعلمه بأنه لا أمل فيه فيختم على قبله. وهو بالفعل يكون قد فقد كل مقومات الرجوع.

فمثل هذا هو الذي إختار لنفسه الضلال فلا يلومن إلَّا نفسه. تماماً كالمحكوم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت،، فبذلك يكون قد قفل الباب دونه، ولا مراجعة لهذا الحكم بل مرهون بيوم التنفيذ، وبالتالي فهو في حبسه يكون محسوباً مع الأموات. فإذا كان هذا هو حكم البشر في بشر مثلهم، فلماذا تستنكرون حكم الله في عبيده وفي خلقه وفي صنعته؟ أليس هذا إفتراء على الله وتطاول يستحق صاحبه عليه غضبه وعذابه؟؟؟

يا أخي كل البشر متأرجحون ما بين الخير والشر. أما الخير فالله تعالى يعجل بإثباته وقيده لصاحبه على الفور بعشرة أمثاله "كحد أدنى"، حتى لو كان ذلك مجرد نية بفعل ذلك الخير، فإن أتى بها ضاعف الله له أجرها إلى سبعين ضعفاً. أما الذنب فيؤخره الله تعالى إلى ساعات عديدة "رحمة منه بعبده" في إنتظار أن يستدرك صاحبه فيستغفر الله منه.

فإن لم يفعل، كتبه عليه بمثله سيئة واحدة فقط، أما إن هم بالذنب ثم عدل عنه ولم يفعله، حوله الله له حسنةً بدل تلك السيئة التي همَّ بها، ومعلوم أن أي حسنة يكتبها الله لصاحبها على الأقل بعشر أمثالها، أما إن فعل ذلك الذنب ولكنه ندم وإستغفر الله عنه غفره الله تعالى له ولم يبالي، بل وذكره في مَنْ عنده من التوابين والمستغفرين. قال تعالى (إن الله يحب التوابين ويحب المطهرين).

وإن وقع العبد في الذنب "مهما كان حجمه" فعليه ألَّا يتردد في الإستغفار مباشرة، فقط يلزمك "حسن الظن بالله تعالى"، ويثق بأنه غفور رجيم، ويحذر لأنه أيضاً "شديد العقاب" لمن إستحقه ولم يخاف مقامه قال تعالى في سورة النازعات: (فَأَمَّا مَن طَغَىٰ-;- 37)، (وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا 38)، (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ-;- 39)، (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ-;- 40)، (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ-;- 41).

المنهج واضح ولا يحتاج إلى لجاجة،، فكل إنسان يمكنه إختيار ما يريده ولا مجال لتغييره أو تعديله أو إلغائه،، أما التردد والتشكك وسوء الظن بالله تعالى فهذا عين الكفر والطغيان. فلا إسم له غير ذلك، وهو أعلى درجات الذنوب التي قد تصل بالإنسان إلى "الختم". قال تعالى في سورة النساء: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰ-;-لِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ-;- إِثْمًا عَظِيمًا 48).

وهناك من يريد أن يدخل مع الله تعالى في مساومة ومقايضة، فهذا قطعاً قد سيطر عليه الشيطان وملك كيانه وأتلف قلبه، فهو بمثابة القاصية من الغنم وبالتالي فإن الذئب هو أحق بها من غيره.
وهناك من يسعى لِأنْ يسمع من غيره كلمة خادعة لتكون له بمثابة "تبرير" لما هو عليه من الضياع والتردد وتفويت الفرصة تلو الفرصة، على نفسه، بأن يقول له أحدهم (أنت ضحية وأسبابك مقنعة ومنطقية ومعك كل الحق فيما أنت عليه من التشكك والكفر بالله تعالى، وانك ليس المسئول عن ما أنت عليه ،،، الخ)، هذا كله تلبيس إبليس ولن يترك هذا الوسواس عن ضحيته حتى يزور المقابر على ما هو عليه. لذا أقول لك،،، لا لن تجد مؤمناً مخلصاً صادقاً مع نفسه ومع ربه، يقول هذا النفاق ليضل به الآخرين، ولو كان ذلك بناءاً على رغبتهم وهواهم.

فالكفر لا يأتي فجأة بدون مقدمات، كلدغة الحية مثلاً، أو صعقة التيار الكهربائي،، وإنما يتمرحل في تدنيه بسبب غفلة الضحية وتغافله، وأسوأ حلقاته ومراحله هي الإستهتار والإستخفاف وعدم المبالاة بعظائم الأمور، بقدر كافٍ فيغري الشيطان به فيعمل على إستغلال تلك الغفلة وضعف المقاومة على تغلغل الكفر بالله تعالى في قلبه "على الرغم من أن كيد الشيطان ضعيفاً" ولكنه يكون "بالتفريط" والبعد عن الله وآياته، وبمصاحبة رفقاء وجلساء السوء قد أصبح أضعف من الشيطان نفسه فيستعبده ويستحوذ عليه تماماً، ثم أول خطوة يقوم بها هي "إنساءه ذكر الله تعالى"، في شغله بالملذات والمفاتن وتزيين الباطل والخبائث حتى يراها أزهاراً وأنواراً وتحرراً.
بلى هو مسئول، وذويه أيضاً مسئولون، وبطانته مسئولون، والمجتمع من حوله "إن لم يفطن هؤلاء لتدهوره وترديه"، ويقدمون له الرعاية والنصح يكونون مسئولين أيضاً.

فالإيمان والكفر والنفاق حددهم الله تعالى في سورة البقرة، فمن زهد في الإيمان كان في إحدى الطائفتين الأخريين إما كفراً وإما نفاقاً، قال تعالى في مواصفات وشروط المؤمنين "المتقين":
1. (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ...),
2. (... وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ...),
3. (... وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ 2)
4. (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ...)،
5. (... وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ...),
6. (... وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ 3)،
(أُولَٰ-;-ئِكَ « عَلَىٰ-;- هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ » وَ « أُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » 4). هذا هو الإيمان. وما دون ذلك فهو "ضياع" في متاهتي "الكفر" و "النفاق". فإن وجد أحدهم نفسه في اي من هاتين المتاهتين، فعليه أن يراجع نفسه ويحاول الخروج منهما عاجلاً مستعجلاً ما إستطاع لذلك سبيلاً، قبل أن يدركه الموت وهو فيهما. فإنتظار معجزة أو يد سحرية تهبط من السماء وتظهر أمامه وتأخذه من يده لتضعه في مكان العبادة فهذا هو الوهم نفسه والتسويف وضياع العمر في الإنتظار بلا طائل.

يا عزيزي،، ليس هناك من الذين تتحدث عنهم لديه أي قناعة أو موضوعية، بل هو عدم القناعة، وتصلب الفكر وغواية إبليس الذي سيتبرَّأ منهم،، قال تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ « إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ » وَ « مَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي » - فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم - « مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ » إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ).
وقال تعالى في سورة الحشر: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ 16)، (فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا « أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا » وَذَٰ-;-لِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ 17).

يا أخي،، إسلامياً: يُعْتَبَرُ "من سوء الأدب" أن يسأل شخص الآخرين عن أسرارهم وخفايا نفوسهم. فليس في الإسلام "صكوك غفران"، فالإنسان ليس مطلوباً منه كشف سر إخفاقاته للغير، بل يجعل سره مع ربه الذي ستره، وليحذر من كشف ستر الله له،، بل عليه حسم وحزم أمره على الفور، بأن يطوي الصفحات السابقة من حياته "بغض النظر عن ما بها من فظائع"، ثم يفتح صفحة جديدة بينه وبين ربه "غيباً"، فهذه الصفحة ستكون "بكرم الله وفضله" بيضاء خالية من كل الشوائب، ما عدا "حق الناس عليه".

فهذه الحقوق يسويها مع أصحابها إما بإعادتها لهم إن إستطاع لذلك سبيلاً،، أو أن يطلب منهم مسامحته فيها "إن لم يكن في ذلك خطر منهم قد يعرضه للتهلكة ". ثم، كلما وقع في ذنب بعد ذلك ما عليه سوى "الإستغفار"، و "التصدُّق على المساكين والمحتاجين ولو بشق تمرة"، فإن لم يجد فهناك أمور كثيرة زهيدة الثمن ثقيلة في الوزن، تكفي لأن تصلح ما أفسده ذلك الذنب. مثلاً، إماطة الأذى عن الطريق "ولو شوكة أو نحوها، والكلمة الطيبة مع الآخرين، ومساعدتهم وعونهم، حتى البسمة في وجه أخيك، تعتبر صدقة وعمل صالح تؤجر عليه.

أما إجترار الماضي والعيش فيه ومحاولة إيجاد مبررات أو حتى (مجرد الظن بأن الله لن يغفره)،،، الخ فهذا كله من "تلبيس إبليس عينه"، الذي من أهم أدواته للحفاظ على ضحيته هو "التيئيس من رحمة الله)، ولن يتقدم صاحبه خطوة واحدة إلى الأمام ولن يستطيع إيقاف تدهوره، فهو أولاً وأخيرا المسئول عما هو فيه وهذا لا يلغي "بالطبع" مسئولية الآخرين معه.

أخي خالد: ليتك تكون عملياً،، فالتسويف ليس في مصلحتك فعليك أن تنظر إلى النصف المليء من الكوب،، فلتكن قناعتك الحالية هي المنطلق،، فما مضى قد مضى بما فيه وما عليه،، ولكنه محفوظ في السجل بلا شك،، فلك أن تزيده سواداً وخزلاناً، ولك أن تمحوه بالتوبة والإستغفار والندم على ما فات، ولك بالطبع أن تبقي عليه كما هو إلى ما شاء الله تعالى، فأنت صاحب المشروع.

فهذا السجل هو حصيلتك من الحياة "الدنيا" كلها، وزادك بالطبع في الحياتين الأخريين التين في إنتظارك،، فالوسطى المرحلية وهي "حياة البرزخ في القبر"، الذي سيكون "إما حفرة من حفر النار" أو "روضة من رياض الجنة"، ثم الحياة الآخرة الباقية السرمدية "يوم الميعاد". فلا تشغل بالك بمن تجنى عليك أو يلقيَ اللوم عليك. دع هذه الأسرار في داخلك وإنطلق، إلى ما تريده لنفسك فلا إيمانك سينفع الله شيئاً ولا كفرك سيضر الله شيئاً، فهي أعمالك يحصيها الله لك وعليك، فإن كانت خيراً حمدت الله عليه، وإن كانت دون ذلك فلا تلومن إلَّا نفسك، فيوم الحساب قادم شئت أم أبيت. أما في الدنيا،، فلن يوقفك شرطي المرور ويسجل عليك مخالفة لأنك غير مؤمن بالطبع!!!

تقول إنك كنت في السادسة عشر من عمرك، "عمر التحول" من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة، وهي مرحلة الإضطراب الفكري والوجداني والتغيير البدني السريع،، وهذه هي البيئة الخصبة بالنسبة لإبليس اللعين، وهي فترة الغرور والشعور بالفتوة والقوة والتحديات والقدرة والإستقلالية والتميز والشهوات والإشتهاءات والتشهي، والتمرد ... الخ.
ويا عزيزي،، قصتك أوضح من الشمس، ولم أفاجأ بها،، فهي برنامج معروف وثابت لعدو الله إبليس اللعين،، الذي هو الحلقة المفقودة "والطرف الخفي" في قصتك مع زميلك وأخوك الأكبر مع أصدقائه.

فقد أتاكم جميعاً من ثغرة ضعفكم، وربط بينكم بوسواسه وخنسه، فأنت لم تسمع "كلمة الكفر" في المرة الأولى من بشر، بل في الحقيقة لم تسمعها مرتين فقط كما تظن،، وإنما كان إبليس قد مهد لذلك معكم جميعاً، قبل عرضها عليك وهمس بها في أذنك وحركها في داخلك "خلسة", (فلو حاولت الرجوع بالذاكرة لتلك اللحظات الأولى جيداً،، ستعرف أنني لم أبالغ فيما قلته). وقد فعل الشيء نفسه مع زميلك وأخوك الأكبر وربعه. فعلم إبليس أن إسلامكم لم يكن إيماناً راسخاً، بل كان تقليداً وعادة وجدتم عليها ذويكم ففعلتم مثلهم تلك العادة الروتينية النمطية.

قال تعالى في سورة الأعراف: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا «« إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ »» 11)، هذه أول بوادر العدوان،، فأنظر جيداً إلى مبرراته لعدم السجود لآدم أبو البشر، لتعرف من أين جاء شره ولماذا كان سعيه الدؤوب لإفشال البشر ليكونوا مثله عصاة لله، أنظر ماذا قال الله تعالى له: (قَالَ « مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ؟؟؟» قَالَ - «« أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ !!!»» 12)، هذا هو سر العدوان الذي لا يفتر،، فهو نابع من الحسد والكبر، والله تعالى يمقت الحاسدين والمتكبرين، فلن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من "كبر".

السوال هنا: هل تراجع إبليس عن هذا الذنب الكبير والمعصية المباشرة ومحاججة الله تعالى، كما فعل نبي الله آدم، وكما فعل نبي الله يونس؟؟؟، حتى يغفر الله له إن شاء، أم إستمر في غيِّهِ وكفره وعصيانه؟؟؟
أليس هذا الذنب والإصرار عليه كافياً لإنزال العقاب الفوري به؟؟؟ .... أنظر كيف عاقب الله تعالى نبيه ورسوله "يونس" عليه السلام؟ ثم أنظر إلى مغفرته له وسبب تلك المغفرة، وما المكافأة التي كافأه بها؟؟؟
ولكن مع ذلك كان عقاب الله لإبليس كان مخففاً "نسبياً"، أن طرده من الجنة فقط: (قَالَ « فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا » - فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ 13).
هل راجع نفسه وتراجع عن غيه، وإستغفر لذنبه وسأل الله المغفرة والصفح كما فعل آدم وإدريس عليهما السلام، أم إزداد عنداً وإصراراً على كفره وإعتراضه على ربه وحسده، وعزمه على إلحاق الضرر ليس فقط بآدم ولكن أيضاً بكل ذريته إلى أن تقوم الساعة، وما يرضيه بأقل من أن يدخلوا معه نار جهنم "كفراً بالله وإلحادا"؟؟؟

لم يفعل شيئاً من ذلك بل قرر ملاحقة آدم وذريته والسعي بكل طاقته لجعله عاصياً مثله أو أكثر منه إن إستطاع لذلك سبيلاً، لذا لن يستطيع أن يفعل هذا الشر الذي أضمره، والله أعلم به منه، فأراد أن يضمن عدم التعجيل له بالعقاب في الدنيا فيهلك "كعاد وثمود وقوم نوح،،، الخ"، قبل أن يثأر لنفسه من آدم الذي أعطاه الله الخلافة، لذا طلب من ربه ذلك: (قَالَ « أَنظِرْنِي إِلَىٰ-;- يَوْمِ يُبْعَثُونَ » 14)، وهذا إستمرار وإصرار على التحدي وحب الشر: (قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ 15)، ولكن:
1. هل أعطاه الله تعالى أي سلطان أو قوة تمثل خطراً داهما على الناس؟ ..... بالطبع لا،
2. وهل هو أكثر من مجرد مخلوق "مبتلى" كالإنسان، ومخير في أن يفعل الخير أو الشر ويتحمل مسئوليته وتبعته أمام الله يوم القيامة؟ ..... بالطبع لا،
3. وهل هو وكيده أقوى من كيد وخطر شياطين الإنس، الذين يفوقونه قدرة على الشر؟؟؟ .... بالطبع لا،
4. وهل يملك من أدوات الغواية أكثر من "الوسوسة"، و "الخنس"، الَّذَيْنِ يستغلهما في الوسوسة في صدور الناس؟ علماً بأنه ضعيف هزيل حقير صاغر،، فلو أظهره الله تعالى للعيان للعب به الأطفال كضفدع أن فأر صغير فما دون ذلك.

فأنظر جيداً إلى برنامجه الذي أعلنه منذ ذلك الحين وحتى تقوم الساعة وماذا كان رده على ربه؟؟؟: (قَالَ «« فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ »» 16)، ليس ذلك فحسب،،، بل قال: (ثُمَّ « لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ » وَ « مِنْ خَلْفِهِمْ » وَ « عَنْ أَيْمَانِهِمْ » وَ « عَن شَمَائِلِهِمْ » - وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ 17)، هذا هو برنامج إبليس وخطته الإستراتيجية، وآليته التنفيذية واضحة وضوح الشمس، ولم يتركها الله تعالى غيباً،، بل كشفها وبينها للناس منذ البداية، وفصلها لهم تفصيلاً كما ترى، وقال لهم صراحةً أن إبليس عدو لكم فأحذروه.
فهل تريد بعد كل ذلك أن ترفع اللوم والمسئولية عن الذي إتبع إبليس "عن علم" وإصرار؟؟؟ .... أو أن ترفع اللوم والمسئولية عن المجتمع والوالدين ودور العلم والعبادة، وعلماء المسلمين وأحبار ورهبان أهل الكتاب الذين لم يبينوا للناس خطر الشيطان وترصده لهم ولأبنائهم وأحبائهم؟؟؟

1. فهل تركه الله تعالى يفعل ما يشاء وترك الناس غافلين عن خطره وعدوانه وطريقته في الغواية والتنفيذ؟؟
2. وهل تركه دون عقاب ولم يحصن الناس من شره ويحمي المؤمنين به من غوايته؟
3. وهل أخفى الله عن الناس ما سيترتب على الغاوين من عقوبة إبليس وليهم نفسه؟؟

الجواب واضح هنا: (قَالَ « اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا » - لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ «« لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ »» 18). فمن تبع إبليس لا بد من أن يكون لأحد أمرين لا ثالث لهما:
1. إما أن يكون حاملاً لنفس فيروس المعصية والكبر والحسدvirus Trojan،، الذي لدى إبليس، لتعوده وإستساغته للشر والفجور والفساد، وهذا شيطان مثله (شياطين الإنس والجن)، كعبدة الشيطان وأمثالهم من رواد النوادي الليلية ومرتادي الرزيلة والفجورhackers وتجار الموت ،،،

2. أو يكون عن جهل بآيات الله البينات فيقع فريسة سهلة لغوايته وتلبيسه، لأنه يأتيه من ثغرة "الشهوات" فيشغله بها عن التفكير في أكثر من ذلك،، ثم يحرك فيه ملكة "التبلد" back sectors، والعادة، فيصبحوا "أمواتاً غير أحياء".

قال تعالى في سورة يس:
1. (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ - « أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ » - إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ؟؟؟ 60)، فهل إستجاب بني آدم لهذا "العهد"، وإبتعدوا عن عبادته (طاعته)؟؟؟ .... إذاً،، كيف يعقل أن يعبد العاقل "حجراً" نحته بيده أو يعبد بشراً مثله يأكل ويشرب ويحدث الحدث؟؟؟ وكيف لعاقل أن يتشكك في وجود الله تعالى، وهو فاطر السماوات والأرض؟؟؟
2. ألم يأمرهم ربهم بأن يخصه بنوا أدم بالعبادة لذاته وحده دون سواه؟، فقال لهم: (وَأَنِ اعْبُدُونِي « هَٰ-;-ذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ » 61)؟ ... فهل من مجيب؟
3. ألم يحذرهم من مغبة غواية وإضلال الشيطان، وبين لهم حال الذي سبق أن أضلهم وما آل إليه أمرهم، قال تعالى في ذلك: (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا - «« أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ؟؟؟ »» 62), أبعد كل هذا البيان والتبيان والتفصيل والتحذير يمكن لعاقل أن يعبد الشيطان ويطيعه ويقع تحت إستعباده؟؟؟ ثم بعد ذلك يبحث له عن مبرر لكفره وشره؟؟؟
4. لقد توعد الله تعالى الشيطان ومن تبعه بالعقاب في جهنم، والله تعالى لا يخلف الميعاد.

الآن، وبعد أن حكم الله بين الناس، فأصبح أعوان وعُبَّادَ الشيطانَ في قعر جهنم، يخاطبهم ربهم فيقول لهم مبكتاً: (هَٰ-;-ذِهِ جَهَنَّمُ - « الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ » 63)، («اصْلَوْهَا الْيَوْمَ » - بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ 64)،، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

الله تعالى، مؤكداً على عداوة إبليس للإنسان وغايته هي ضياعه وكفره، كما جاء في سورة ص، قال: (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ 73), (إِلَّا إِبْلِيسَ «« اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ »» 74),
(قَالَ يَا إِبْلِيسُ « مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ » - « أَسْتَكْبَرْتَ ؟» أَمْ « كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ؟ » 75),
(قَالَ « أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ » - خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ 75),
(قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا « فَإِنَّكَ رَجِيمٌ » 76), (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ-;- يَوْمِ الدِّينِ 77),
(قَالَ رَبِّ « فَأَنظِرْنِي » إِلَىٰ-;- يَوْمِ يُبْعَثُونَ 78)،
(قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ 79)، (إِلَىٰ-;- يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ 80)،
(قَالَ « فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ » 81)، («إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ » 82)، فهو يعلم أنه لا ولن يستطيع غواية عباده الله المخلصين الذين وقر الإيمان بالله في قلوبهم، فأصبح "عقدة" و "عقيدة" وعروة وثقى لا إنفصام لها، لذا رد الله تعالى عليه "متوعدا":
(قَالَ « فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ » 83)، («لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ »84 ).

فلو كانت هذه الآيات البينات بيكم يومئذ لكنتم من المخلصين، ولما أستطاع أن يقترب منكم، ويصرفكم عن ربكم بهذه السهولة والعفوية الساذجة؟؟؟ فهل أنتم المسئولون عن هذا الفراغ الوجداني الذي كنتم فيه، أم ذويكم، أم المجتمع بمؤسساته الإجتماعية والثقافية والتعليمية؟؟؟ ... وهل تعتقد أنكم غير مسئولين عن هذا وقد بلغتم سن الرجولة وفتحت لكم صفحاتكم لقيد الحسنات والسيئات، فأغلق الشيطان دونكم صفحة الحسنات، قبل أن ترى النور؟؟؟

تقول إنَّ أخاك الأكبر كان "يجادل" أقرانه،، وهذه النتيجة حتمية عندما يكون الحوار بين الناس "جدلاً" وليس "مجادلة"،، فإستطاع إبليس بسهولة أن يغوي "القاصية من الغنم"، ويدخلها في حظيرته بإختيارها وإنقيادها الأعمى. فإن كانت الغواية فيك أنت فقط، لأحسنا الظن بذويك،، ولكن أن يكون أخيك الأكبر "الذي قارب من سن الحكمة"، أيضاً يحمل نفس المفاهيم،، فهذا يجعل الشك يحول حول الآخرين الذين أشرنا إليهم مسبقاً في حلقة المسئولية الشاملة والتي تيصدرها والديكم كلاهما أو أحدهما إما لجهل أو تفريط أو سهو،، فالنتيجة واحدة.

واضح من حديثك أنَّ كل الأحداث التي تلت هذه الغواية كانت تحصيل حاصل،، ومخافتكم من ردة الفعل من الآخرين وليس مبعثها الحقيقي مخافة الله تعالى لأن فكرة "إنكار الله"، أصبحت يقيناً في العقل الباطن، خاصة وأن إبليس في هذه المرحلة لابد من أن يحكم الزمام جيداً ويدخلكم في إضطرابات فكرية وتشويش و"أرق"، وتأرجح ما بين القناعة والخوف من المجهول ليس إلَّا.

ولعلي أقتبس هنا هذه الفقرة من قولك: ((... ما كاد ينتهي زميلي من سرد تلك القصة حتى تملكني احساس و شعور قوي انَّ ما كان يحاول اخي اقناعهم به صحيح (اي لا يوجد خالق لهذا الكون) استتبعه شعور بالرعب و اظلمت الدنيا في وجهي كما لو انني طفل كان ينام هنيئا مريئا ظانا ان والديه الى جانبه يحيطونه بالرعاية والامن و فجأة يستيقظ في منتصف الليل فيكتشف ان والديه ليسا بجانبه و بالتالي لا دفء و لا امان...)).

نقول لك: في الواقع أن والديك لم يكونا بجانبك ليس فقط في تلك اللحظة الحرجة بل على الدوام,, فهم قريبون منك بأجسادهم وجرمهم، ولكنهم أبعد من زحل وجدانياً وإيمانياً،، كل الذي تراه منهم هو "سجادة" تطرح خمس مرات في اليوم لأداء صلاة "بحركات روتينية"، قد لا يظهر الخشوع فيها في بعض الأحيان، وإمتناع عن الطعام والشراب في أحد شهور السنة القمرية، دون أن يفهمك أحد ماذا تعني هذه الصلاة وماذا يعني الصوم،، كما أنك ترى المجتمع من حولك، من الذين وجبت عليه الصلاة ولا يصلون ومن الذين يجب عليهم الصوم ولا يصومون.

شأن كثير من الوالدين الذين يهتمون بتنمية ورعاية الجسد ويهملون رعاية الروح والفؤاد،، إما جهلاً أو تجاهلاً أو تقليداً أعمى. والنتيجة ضياع الكثير وليس فقط الدين والخلق.

الصراع الأخير بين الفطرة والوسواس الخناس:
فبعد أن تمت لإبليس أصعب مرحلة وهي (الإختراق) بتأسيس الإلحاد، "ولم تكن بالنسبة له معكم تمثل أي صعوبة تذكر"،، وذلك بعد إدخال الشك في وجود الله "مباشرة". بدأ معكم "من الآخر"، دون أي مقدمات،، بعد أن عرف أن المهمة معكم سهلة ولا تحتاج منه إلى مقدمات أو تمهيدات، ولا كبير عناء،، وبعد أن إستوطن الشرك و"الإلحاد" سريعاً ،، لم يبق أمامه سوى ما تبقت من مقاومة ذاتية من تلك "المناعة الإيمانية المكتسبة" وهي الفطرة، "كالزمار الذي يغطي ذقنه"، ولكن هذه مقدور عليها بجرعات متتابعة من الوسوسة والخنس لفترة قصيرة، لأنها كانت هشة، وقد سرى سم الشك في الوجدان الذي كان في الأصل متداعياً،، ثم سرعان ما جاء التطبيع على الإلحاد بالتطبع والإلهاء و شحن الفكر والدماغ بالتبريرات المختلفة.

ومن ثم أدخلك "اللعين" في تلك الحالة والمرحلة الإنتقالية التي ستكون نتيجتها إيجابية بالنسبة له، لأن الإنهزام بعدها سيكون بمثابة "قناعة إيمانية"، ويصبح الإنقياد له كاملاً بإستسلام تام. وسأقتبس وصفك لهذه المرحلة كما أوردتها فيما يلي تأكيداً لما خمَّنَّاهُ:

تقول في تعليقك: (( اتذكر جيدا "و قد مر على ذلك الحادث 24 سنة" مُربَك يفكر في ذاك "المصاب الجلل. عندما عدت الى المنزل وجدت والدتي تؤدي صلاة الظهر فأخذت اتأملها واتساءل لمن تقوم بذلك و ما جدوى ذلك.. الحادث كان قويا وكان اكبر من قدراتي على التحمل يا ترى لمن احكي و من احدث بما الم بي و بما اشعر به.

لم اجد امامي الا احد اصدقاء طفولتي كان بمثابة اخ لم تلده امي. قصدته في منزله مباشرة حتى يتقاسم معي هذا الالم و هذا الرعب اتذكر انني نمت معه تلك الليلة في غرفته ننظر في هذا المصاب قصصت عليه القصة بكاملها فما كان الا ان ارعبته هو ايضا فطلب مني ان لا اكرر مثل هذا القول و ان استغفر الله و ألعن ابليس فقد يكون هو من ادخل في نفسي تلك الوساوس "حسب قول صديقي" و طلب مني ان اصلي الفريضة و اتوجه الى الله بالدعاء ووووو.. المهم ما كان علي في اليوم الموالي الا ان عدت الى منزلنا اخذت سجادة والدتي و دخلت غرفتي --)).

ثم ((... دخلت غرفتي بعدما توضأت وليت وجهي للقبلة و كبرت الله ثم بدءت صلاتي ...... ما ان سجدت السجدة الاولى حتى قمت واقفا طويت السجادة ساخرا من تلك الحركات التي كنت اقوم بها (الصلاة) متسائلا لمن اقوم بها و ما الجدوى فلم اكن اشعر بأي شيء يجذبني لتلك الصلاة. ... تمر الايام تعودت على الامر و تكيفت حياتي مع ذاك الاحساس و ذلك الاعتقاد الى يومنا هذا ...)).

نقول لك بدورنا: إن أداءك للسجدة الأولى، قد ارعب إبليس اللعين في تلك اللحظة، لأنه يعرف تماماً أن الإنسان أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد،، فلو تركك تكمل باقي السجدات لفلت الزمام من يده،، فلم يكن أمامه سوى "همزك ولمزك" بعنف وهلع،، لذا قمت واقفاً جزعاً، "كما تقول" وطويت السجادة ساخراً من تلك الحركات،، فكانت هذه الأفكار المتلاحقة التي تلت السجدة و"الهمز واللمز"، هي من إيحاءات إبليس ووسوسته لك.. لقد أحاط بك إحاطة تامة وإستحوز عليك بالكامل،، ولعله قد أحضر معه فرقة من أعوانه ذوي التخصص لأن الصيد كان مغرياً وفي متناول اليد. والقيمة المتوقعة كانت عالية للغاية فهي "إلحاد" ثم كفر. يا لك من مسكين حقيقةً، إن لم يكن لك دور أساسي في هذه الغواية المكتملة الأركان.

والله يا أخ خالد،، لم أحزن من قبل كما حزنت وتألمت لهذه القصة التي أشعر بأنها "صادقة"، وقد إسودت الدنيا في عيوني،، وأنا أعرف أن هناك الكثيرون الذين جنت عليهم الأسر والمجتمعات التي يعيشون فيها والمناهج التعليمية الضحلة الموجهة التي يتلقاها أبناءنا وبناتنا خاصة في مادة العقيدة، (إما لحساب الطائفة، أو لحساب المذهب)، الذي المفترض فيها أن تكون "عقدية خالصة"، تكفي لمواجهة الحياة العصرية المعقدة والشائكة التي تضيق حلقاتها وتتشابك خيوجها، وحبائل إبليس بينها منها ومعها،، فيدخلون الأبناء في تجارب أكبر من قدراتهم،، فلا يملكون أكثر من أن ينهزموا إن لم تكن فطرتهم سليمة بما فيه الكفاية.

أنت يا صديقي وقعت في غواية إبليس الذي تواطأ معه "قرينك"، ولم تجد من يقف بجانبك عند الحاجة والضرورة القصوى،، فلو كانت العلاقة بينك وبين والديك قوية، "روحياً"، وعقدياً لكانوا هم الأولى بالمكاشفة بدلاً عن صديقك الذي بت عنده، رغم أنه كان "صالحاً"، فجعلك تسجد السجدة الأخيرة التي زجرك عنها "وليك الجديد" إبليس اللعين، "هامزاً لامزاً"، الذي كان في معينك وهو الذي أوحى إليك بالتوجه إلى غرفتك بعيداً عن أعين والدتك حتى لا تلحظ ردة الفعل القوية التي حدثت لك وجعلتك تطوي سجادة الصلاة بإستهجان وإستخفاف، نتيجة لإستجابة إبليس. أرجوا أن تعود بذاكرتك للأحداث والمشاعر التي كانت تنتابك بتفصيل أكبر والتي لم تفهمها وقتئذ، وستصل إلى حقائق أكبر ومعاني أوثق.

لا يا عزيزي،، إبليس إنتهت مهمته الأساسية بعد أن إستطاع الإستحواذ عليك وحبسك في زنزانته "داخل قلبك"، وذلك ما عبرت عنه أنت نفسك بقولك (... تمر الايام تعودت على الامر و تكيفت حياتي مع ذاك الاحساس و ذلك الاعتقاد الى يومنا هذا ...)، فلن يضيع إبليس وقته معك بأكثر من المراقبة من وقت لآخر حتى لا يتحرك ذكر الله في داخلك مرة أخرى، فما دمت قد إستكنت وتكيفت على إخضاعه لك وتنفيذ تعليماته، فلا شأن له بك, فيوفر جهده مع ضحية أخرى.

الآن،، أنا اصبحت في حيرة من أمري،، وأتساءل،، ترى هل خلال هذه المدة الطويلة 24 سنة، إستطاع إبليس أن ينسي خالد "الله" بصورة قاطعة؟ بمعنى آخر،، هل فعلاً خالد مقتنع "بعدم وجود الله"، مما يعني أن إبليس إستطاع أن يكسبه لصفه إلى آخر لحظة في عمره دون أمل في عودة،، أم أن الله تعالى "حقيقةً" موجود في قرارة نفسه رغم تشككه الذي إستمر طوال هذه المدة؟ ...

وأتساءل أيضاً،، هل خالد ناقش "قناعته" تلك بعدم وجود الله مرة ومرات أخرى خلال هذه الفترة الطويلة، أم إكتفى بالتعود على الأمر وإستسلم للشيطان ووسواس النفس الأمارة فقبع في زنزانته سعيداً حالماً هانيءً؟؟؟
ثم أنساءل،، أيكم الذي سينتصر على الآخر في نهاية المطاف،، هل إبليس قد تمكن منه تماماً وأنساه نفسه مع ذكر ربه، أم أن خالداً له في قرارة نفسه تصوراً آخر قد يقلب الموازين رأساً على عقب؟؟؟ .... يالجواب هو الحلقة الأخيرة في هذا السيناريو الغريب الذي بطله الوحيد هو خالد.

أول للأخ خالد، إنَّ تساؤلك عن الحالة التي مرت بك خلال هذه المدة له مغزى كبير.. دعني أقتبس من قولك هذه الفقرة، لتفهم ما أقصده، فأنت قلت: ((... لاتساءل يا ترى كل هذا الذي حدث معي من تلبيس ابليس اللعين هل كل هاته المدة (24 سنة) وهو يلبس علي ان كان ذلك صحيحا فياله من ابليس انه فعلا لعين و ملعون ابليس متمكن جيدا من عمله و من مكره !!! ...)).

فأقول لخالد: نعم ذلك صحيحاً يا عزيزي،، بل قطعياً،، فالمدة لا تعنيه في شيء،، ولكن الذي يعنيه هو أن تموت ضحيته على الإلحاد، لينتقم من آدم وذريته لأن بسبب خلافته وحقده عليه طرد من رحمة الله وكتبت عليه التعاسة. ولكنه ليس متمكناً كما قلت،، بل هو أضعف وأحقر، وأجبن مما تتصور.

قال تعالى في سورة النساء: (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ - فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ - « إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا » 76). ولكن الإنسان ببعده عن الله تعالى يصبح أضعف منه بل ويستعبده ويحقره فهو يرى نفسه خير منه. أما جبنه، فيكفي أن إسمه "الخناس" من شدة خنسه خوفاً ورعباً من أن يدرك. فكل قوته أنه خفي لا يراه الناس، وفي نفس الوقت يوسوس ويغوي، بلا سلطان له من الله على أحد.

يا أخ خالد،، لا تخلط الأوراق،، لقد تحدثنا فيما سبق عن المسئولية،، وقلنا إنها واسعة وكبيرة ومشترك فيها العدو والصديق،، والولي،، ولكن، منهم من كان دوره عفوي غير مقصود، ومنهم من كان دوره بتدبير وتخطيط وقصد. أما بالنسبة لك ،، (فأنت الرقم الصعب، والقاسم المشترك) في كل الحالات، فلن تسقط عنك المسئولية ولكنها قد تتفاوت،، لأن معرفتك بالله تعالى فطرية وليست مكتسبة، فالله تعالى قبل أن يخلقك في بطن أمك قد أخرجك من ظهر أبيك وأشهدك على نفسك "ألست بربك؟" أنت قلت له "بلا!"،، فكيف تريد أن تسقط عن نفسك المسئولية؟؟؟

ودعني أذكرك بالحالات المرعبة والمخيفة التي وصفتها في قصتك وقلت إنك مررت بها كانت كلها ناتجة من مقاومتك لتلك الفطرة "بأمر من الشيطان" بأن تهزمها على الأقل إن لم تيسطع التغلب عليها وقتلها في داخلك،، فهل إستطعت قتلها أم إكتفيت بطردها من داخل وجدانك،، أم لعلها قد آثرت هجرك لأن مناخك قد أصبح غير لائق بها وبصحتها؟؟؟

قال الله تعالى في سورة الأعراف: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ « مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ » وَ « أَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ-;- أَنفُسِهِمْ » - أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟؟؟ - « قَالُوا بَلَىٰ-;- شَهِدْنَا» ..... أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰ-;-ذَا غَافِلِينَ 172), فلا مجال للإنكار والمغالطات: (أَوْ تَقُولُوا « إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ » وَ « كُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ » - أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ؟؟؟ 173), إذاً،، لم يترك الله مجالاً للإدعاء بعدم معرفة الله تعالى،، لأنها فطرة وليست مكتسبة، فالشيطان والنفس الأمارة هما العدوَّانِ الذان يوردان الشخص المهالك. لذا قال تعالى: (وَكَذَٰ-;-لِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ 174). إذاً باب الرجوع مفتوح ومحفذ عليه ولا حجة لأحد بعد ذلك.

وهناك مثال من البشر، قال الله تعالى فيه: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ - « الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا » - فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ - « فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ» 175)، إذاً الله تعالى أعطاه وسائل الهداية والإيمان وطوق النجاة ولكنه إنسلخ عنها وتبع غواية الشيطان، لذا قال الله فيه: (وَلَوْ شِئْنَا « لَرَفَعْنَاهُ بِهَا » - وَ « لَٰ-;-كِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ » وَ « اتَّبَعَ هَوَاهُ » - فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ « إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ » أَوْ « تَتْرُكْهُ يَلْهَث » - ذَّٰ-;-لِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا - فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ 176).

لقد دهشت حقيقةً لفكرتك التي قلت فيها ((... ام ان المسؤول الوحيد هو من سلطه علي ليفتنني و يلبس علي و يوسوس لي !!!...))؟
الله تعالى خلق الجن والإنس "مختارين" بمعنى "مبتليين"، تماماً كالطالب بالصف، فهو مبتلى،، وعنده منهج،، وعنده حدود فيها إختياره،، كالمذاكرة والتحصيل والإجتهاد، فقط عليه بالإلتزام بالضوابط العامة من حضور في المواعيد والإنتباه في الحصة والدرس، وإرتداء الزي المدرسي... الخ. أما الآخر الذي يعمل في الخدمات العامة الأخرى في تلك المؤسسة التعليمية من غير الطلاب، بالطبع لن يكون مسؤلاً عن أي منهج دراسي، ومن المؤكد أنه لن يتوقع منه أي خضوع لإختبارات أو ملاحق ولو بمجرد فكرة طارئة.

فالطالب "مبتلى"، بالرغم من أنه مخير بين المذاكرة والإجتهاد أو الإهمال والتقاعس،، ولكنه سيخضع في النهاية "قهراً" للإختبارات والإمتحانات لا محالة،، فهذه الإمتحانات ستحدد إن كان يستحق الدرجة القصوى "ممتاز" أم درجة دون ذلك، وقد يفرز أداؤه ضرورة إخضاعه لملاحق يتوقف عليها مصيره بعد ذلك. أما إن رفض التقيد بالضوابط العامة والإعتراف بها كالحضور في المواعيد يومياً دون غياب بدون إذن وفي الحدود المسموح بها، وإحترام الأساتذة بالإنصات وعدم الدخول في شغب وضوضاء في الفصل مع زملائه، أو لم يلتزم بالزي المدرسي ونظافته وترتيبه، قد يخضع لدرجات متفاوتة من الإنذار وقد يصل الحال به إلى الحرمان الكامل بفصله من المؤسسة الدراسية التي بها.

أما الآخر الذي يعمل في نفس المؤسسة التعليمية، في أعمال وخدمات مختلفة، فهو بالطبع ليس مسؤلاً عن أي منهج دراسي. وبالتالي لن يكون مسئولا عن أي إمتحانات أو إختبارات أو ملاحق، لأن المؤسسة لم تعينه أساساً لهذا الغرض. لذا فهو "غير مبتلى". فكذلك المخلوقات كلها ما عدا الثقلين "الجن" و "الإنس" فهما الوحيدان المبتليان وهما الوحيدان المشتملان على عنصر الشيطان.

فالله تعالى خلق الخلق كله مقهوراً له،، ولم يخلق فيه ملكة المعصية،، لأنه لم يخلقه مختاراً،، فكان الجن قد سبق الإنس في الوجود وفي الإختيار،، ففسد وسفك الدماء وفعل كل المعاصي،، ولأنه جبل على تلك المعاصي لم يجد إبليس حرجاً في الإعتراض على خلافة آدم. فإختار لنفسه هذا الوضع، فلو أنه أطاع الله تعالى وسجد لما طرد من الرحمة، ولو أنه إستغفر بعد المعصية لوجد الله تواباً غفوراً،، ولكنه دخل في حوار مع الله ورفض حكمه وتكبر على آدم بإعتباره مخلوق من نار وآدم مخلوق من طين،، فنسي أن الملائكة أكرم منه لأنهم مخلوقون من "نور"، ومع ذلك سجدوا كلهم أجمعون. هذا شأن المتكبرين دائماً.

أما الإنسان،، فهو الذي إختار الأمانة لظلمه لنفسه وجهله بحقها،، وقد عرضت تلك الأمانة على السماوات والأرض والجبال بأبين أن يحملنها وحملها هذا الإنسان،، فأصبح مخيراً في أن يفعل أو لا يفعل،، ولكن عليه أن يتحمل تبعة إختياره. فلماذا لم يأبَ حمل هذا الأمانة بدلاً من أن يورط نفسه بها؟؟؟ .... إذاً هو الذي قبل حملها فأعطاه الله إياها بحقها. قال تعالى في سورة الأحزاب: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ - عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ « فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا » وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا «« وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ »» - إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا 72)، إذاً،، فهو الذي حملها بنفسه ولم يأبها كباقي المخلوقات التي هي أكبر منه، لذا قال الله تعالى عنه في ذلك "إنه كان ظلوماً جهولا".

وكذلك الشيطان،، فقد طلب من الله تعالى أن ينظره إلى يوم القيامة ويسمح له أن يجرب الغواية على آدم وذريته ويثبت أن أكثرهم لن يكون مؤمناً (بدلا من أن يتوب لله ويطلب منه المغفرة، كما فعل آدم) ،، فأنظره الله إلى يوم القيامة، كما حمل الإنسان الأمانة،، بإعتباره مخلوقاً مختاراً أيضاً، وقد تأكد من أنه أصبح لا أمل له في الهداية فقرر أن يأخذ معه أكبر قدر ممكن من ذرية عدوه اللدود آدم إلى الجحيم، عدواناً منه وحسداً وإنتقاماً، بل وبدأ بآدم نفسه وهو في الجنة فغواه وكان السبب في إخراجه من الجنية وإنزاله إلى الأرض وشقاءه فيها. قال تعالى في سورة البقرة: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا - « فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ » - وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ-;- حِينٍ 36). لعلك الآن قد عرفت لماذا هو بهاته الصفة و لماذا مهمته الوحيدة الوسوسة للبشر لماذا لم يكن مصلحا.

أما قولك: (من الذي اراد له تلك الصفة)، أرجوا ألَّا يجمح خيالك بعيداً، وتظن أن الله هو الذي وضع فيه هذه الصفة،، لا، فقد أعطاه الله حرية الإختيار كاملةً كما أعطاها لغيره من الإنس والجن،، وعليه فهو الذي إختارها لنفسه وسعى لها، كما إخترت أنت لنفسك الإلحاد، وكما إختار أصدقائك الإيمان. تماماً كالبشر، فمنهم من إختار لنفسه الصلاح والعفة والخير، ومنهم من إختار السرقة والقتل وإثارة الفتن والمجون والفساد والإفساد،، تماماً كمن إختار لنفسه الإيمان أو الكفر أو الإلحاد ما دام الكل مختاراً وحسابه مؤجلٌ إلى يوم يبعثون.

أما عبارتك التي قلت فيها: (حسب ما جاء في القرآن ابليس مؤمن بوجود الله هل هو من اختار ان يؤمن)، نقول لك،، لا يوجد مخلوق لا يؤمن بوجود الله تعالى حتى لو إدعى ذلك،، بما في ذلك المشركون وعبدة الأصنام يعلمون تماماً أن الكون هذا له رب خالق مبدع،، قال تعالى عن المشركين في سورة الزمر: (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ « مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ-;- » إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ 3). وعبارة "كفار"، هي صيغة مبالغة من الكفر، ويوصف بها المستمر في تجديد وتأكيد الكفر بصورة مستمرة بأن يخرج من كفر ليدخل في آخر.

أراك هنا قد أتيت من مقالي بهذا المقتبس الذي قلت فيه: ((... هناك أناس لا دينيين لا يعبدون الله ولا غيره، فهولاء ألحدوا، وظنوا أن الله قد خلقهم عبثاً ولم يصدقوا بأنه قد خلقهم للإعتراف به وعبادته ..))،، ثم وجهت لي الحديث قائلاً: )ان كنت تقصد الملحدين استاذ بشاراه فعلى حد علمي ان الملحد لا يؤمن اساسا بوجود هذا الله فكيف تقول (و ظنوا ان الله قد خلقهم عبثا) فهم يظنون ان الله غير موجود اصلا ..)...

فنقول لك في ذلك:
أولاً: الظن دائماً هو المفهوم والمعتقد الخاطي عن حقيقة مؤكدة،، ووجود الله تعالى حقيقة مؤكدة حتى الملحد نفسه، فإنَّ كل ذرة من كيانه تشهد بذلك حتى مع إنكاره لها، لذا فإعتقاده هو ظن ليس له رصيد من حقيقة، كظن النصارى أنهم قتلوا المسيح عليه السلام وصلبوه، ولكنهم ما قتلوه يقيناً بل شبه لهم. فهل قولهم هذا يلغي الحقيقة؟؟؟ وها أنت ذا قلت بنفسك بأنهم يظنون أن الله غير موجود أصلا.. والظن لا يلغي الحق والواقع.

ثانياً: قولك لي أيضاً: (... ثم ان كلمة (ظنوا) تنفي ما تزعمونه ان البشر يختارون ايمانهم او كفرهم عن عمد و سابق معرفة.. فكيف يعاقب الانسان على امر قام به او اعتقاد ظن انه صحيح)؟

(أ): قبل كل شيء نحن لا نزعم،، بل نعرض قول الله تعالى وشرعه "مجرداً" كما أنزله،، فلا يقال لشرع الله "زعماً"، لأنه الحق الكامل، فلا يجوز ذلك منك إلّا إذا أثبت أننا نقول بأهوائنا وآرائنا، ونكذب على الناس.

(ب): الله تعالى يقول "صراحةً" في سورة الإسراء: (إِنْ أَحْسَنتُمْ « أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ » وَ « إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا » - فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا 7)، وقال سبحانه: (مَّنِ اهْتَدَىٰ-;- « فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ » وَ « مَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا » - وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ-;- - «« وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ-;- نَبْعَثَ رَسُولًا »» 15)،، إذاً،، ليس لما تقوله اساس من الصحة ولا المنطق.

(ج): الإنسان يختار لنفسه الكفر أو الإيمان، ألم تر قول الله تعالى في سورة المدثر؟: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ 38)، لأن مصيرها متعلق بالميزان،، فأما من ثقلت موازينه بعمل الخير الكثير، فهو في عيشة راضية،، وأما من خفت موازينه بقلة عمل الخير فيها أو عدمه وكثرة عمل الشر، ،، فأُمُّهُ هاوية، وما أدراك ما هي،،، نار حامية.... ولكن هناك من الناس من يحرص في حياته الدنيا على كل أعمال الخير وإلتزم قمة الإيمان ونقَّى قلبه ووجدانه من الشرك،، فهؤلاء هم أصحاب اليمين الذين قبل الله تعالى أعمالهم بدون إخضاعها للميزان، لعدم وجود شيء في كفة السيآت، ولا يعني ذلك أنه لم يقع منهم ذنب إطلاقاً،، بل لأنهم توابون ومستغفرون ومتصدقون وصابرون ويحسنون الظن بالله تعالى،، فهذه الأعمال وأمثالها لا تترك وراءها ذنوب، فهم يدخلون الجنة بغير حساب، قال تعالى فيهم مستثنياً: (إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ 39)، آمنين مكرمين: (فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ 40)، (عَنِ الْمُجْرِمِينَ 41)، الذين أضاعوا حياتهم في العبث والشر والضياع والفساد والإفساد والتعدي على الغير،،، الخ،، فيقول أصحاب اليمين لهم مستغربين: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ؟؟؟ 42)، وبماذا أشقيتم أنفسكم هكذا وأتعستموها، وأوردتموها هذه النهاية المفجعة، فيرد أهل سقر على أصحاب اليمين بما يلي:
1. (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ 43)، لأننا كنا لا ندري لمن هذه الصلاة؟ ولأنه قد وقر في قلوبنا أنه لا يوجد الله ولا يوجد خالق لهذا الكون،، فتركناها إستخفافاً؟
2. (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ 44)، بل كنا نطفف الكيل لهم ونخسر الميزان ونزيدهم شقاءاً مع سقائهم ببخسهم أشياءهم،،، الخ
3. (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ 45)، بعمل "السبعة" و "ذمتها", وليس لدينا قشة "مرة",
4. (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ 46)، متيقنين بأنه لا توجد حياة بعد الموت ومن ثم لا ثواب هناك ولا عقاب،، فليس أمامنا سوى الإستمتاع بهذه الحياة القصيرة باللهو والمجون لأن الفناء هو المصير، وقد أسمترينا على هذا الحال طوال حياتنا حتى نهايتها: (حَتَّىٰ-;- أَتَانَا الْيَقِينُ 47)،
فقال تعالى عنهم، وعن مصيرهم: (فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ 48)، لأن الله قد حكم بين العباد،

فوصف الله حالهم في الدنيا، وتكذيبهم للرسل، وإعراضهم عن الحق، قال:
1. (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ؟؟؟ 49)، فما سبب كل هذا الإعراض والنفور, ولم يطلب منهم أجر مقابل هذه التذكرة؟؟
2. لماذا إعراضهم ونفورهم عن الحق بهذه الشدة والإصرار والهلع؟؟؟ (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ 50)، خائفة مرتعدة متوجسة، لأنها قد: (فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ 51)، يسعى وراءها ليسطادها؟

لا،، في الواقع ليس هناك أي سبب أو مبرر لهذا الجنوح والإعراض الشديد: (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ-;- صُحُفًا مُّنَشَّرَةً 52)، كأن ينزل كتاب "مكتوب على ورق"، يراه منشوراً أمامه ويراه نازلاً من السماء بأم عينه، وليس وحياً يوحى إلى نبي أو رسول من البشر، فبين الله تعالى بأن هذه كلها حجج وليست مطلباً حقيقياً، لذا قال عنهم: (كَلَّا « بَل لَّا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ » 53).

قال تعالى في سورة إبراهيم: (قَالَتْ رُسُلُهُمْ « أَفِي اللَّهِ شَكٌّ ؟؟؟» - فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ - « يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ » وَ « يُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ-;- أَجَلٍ مُّسَمًّى » - قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ 10).

قال تعالى رداً على هذه الحجة الواهية، بأنه لن ينزل ما يريدونه، بل هو الوحي والأنبياء والرسل، والإيمان بالغيب، فقال: (كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ 54)، من الله تعالى للبشر، كتاباً أوحاه لرسوله الأمين ونزله على قلبه مباشرةً، ولن يزيد عليه، فقال مؤكداً: (فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ 55)، علماً بأنهم لا يذكرونه في أغلبهم، مع وجود الإستثناء، قال: (وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ « هُوَ أَهْلُ التَّقْوَىٰ-;- وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ » 56).

إذاً،، هذه الآيات البينات المفصلات قد بينت لك أن الله لا يعاقب على الظن الذي لا يقابله حق مبين، وإنما على الظن المفتعل المنْكِر للحق، والذي يكون في الحق المؤكد المقام عليه الدليل والبرهان، وبآيات جاء بها أنبياء كرام وأقاموا الدليل والبينة على صدق قولهم،، لذا فالظن هنا يعني "إنكار الآخرة ويوم الحساب".

قال تعالى في سورة الجاثية: (وَقَالُوا « مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا » وَ « مَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ » - وَمَا لَهُم بِذَٰ-;-لِكَ مِنْ عِلْمٍ - « إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ » 24)، ليس ذلك فحسب، بل: (وَإِذَا تُتْلَىٰ-;- عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا - « ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ » 25). فهم يريدون أن يحي الله لهم آباءهم ليصدقوا بأنه سيحييهم يوم القيامة،، فكيف يعقل أن يعاد ممتحن إلى غرفة الإمتحانات بعد أن سلم ورقة الإجابة للمراقب وغادر الغرفة؟؟؟

فجاءهم رد الله تعالى لرسوله آمراً: (قُلِ اللَّهُ « يُحْيِيكُمْ » ثُمَّ « يُمِيتُكُمْ » ثُمَّ « يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ-;- يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ » ..... وَلَٰ-;-كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ 26).
ثم قال: (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ - وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ «« يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ »» 27). ولكن كيف سيكون هذا الخسران؟؟؟ قال:
1. (وَتَرَىٰ-;- كُلَّ أُمَّةٍ « جَاثِيَةً » - كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ-;- إِلَىٰ-;- كِتَابِهَا - « الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ » 28)، لا أكثر ولا أقل. كل ما عملته في حياتك مكتوب "مستنسخ" وستجزى عليه،
2. وسيقال لهم: (هَٰ-;-ذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ - «« إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ »» 29)، بالصوت والصورة (نسخة أصلية) وليست طبق الأصل،، وسيكون الناس يومئذ نوعان، وفقاً لأعمالهم التي عملوها في حياتهم الدنيا:
3. (فَأَمَّا الَّذِينَ « آمَنُوا » وَ « عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ » - فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ - ذَٰ-;-لِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ 30)،
4. (وَأَمَّا الَّذِينَ « كَفَرُوا » - « أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ-;- عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ؟ » - وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ؟؟؟ 31)، (وَإِذَا قِيلَ « إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ » وَ « السَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا » - قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ - « إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا » - وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ 32)، إذاً،، الآن أنتم في مواجهة الحق، فهل كان ظنكم مجدياً أو غير من الحقيقة شيئاً؟؟؟
5. (وَ « بَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا » وَ « حَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ » 33)، (وَقِيلَ « الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰ-;-ذَا » وَ « مَأْوَاكُمُ النَّارُ » وَ « مَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ » 34)، أما سبب كل ما أنتم فيه الآن: (ذَٰ-;-لِكُم بِأَنَّكُمُ « اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا » وَ « غَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا » - فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا - « وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ » 35).

فهل أضروا الله بشيء أم الضرر كله واقع بهم ومن صنع أيديهم؟ (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ - « رَبِّ السَّمَاوَاتِ » وَ « رَبِّ الْأَرْضِ » - رَبِّ الْعَالَمِينَ 36)، (وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ - « فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ » - وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 37).
أبعد هذا البيان والتبيان والتفصيل والحيثيات يمكن أن يعاقب الله الانسان على امر قام به او اعتقاد ظن انه صحيح مع وجود الصحيح المقام عليه الدليل؟؟؟

(د): أما الآيات التي إستشهدت أنت بها من سورة الكهف، والتي سأبدؤها من قوله تعالى:
1. (وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا 100)، .... فمن هم هؤلاء الكافرون؟؟؟
2. قال تعالى تحديداً، هم: (الَّذِينَ كَانَتْ « أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي » وَ « كَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا » 101)، ليس لأنهم صم وعمي،، ولكن لأنهم أصموا آذانهم وإستغشوا ثيابهم حتى لا يسمعون الذكر من الأنبياء أو يبصروا الآيات البينات المعروضة عليهم من معجزات وكونيات،،، الخ. فهل من العدل تركهم دون حساب على كفرهم؟؟؟

لذا قال تعالى: (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا - « أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاءَ ؟؟؟» - إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا 102)، جزاءاً وفاقاً.
فإذا طلب منك مديرك فعل شيء ما فوراً ورددت عليه بأنك لن تفعله وسخرت منه،،، ماذا تتوقع أن يفعل بك "على أقل تقدير"؟؟؟ أليس الإيقاف عن العمل أو الفصل وارداً في مثل هذه الحالات؟ وهل لو طبق عليك عقوبة منصوص عليها في اللائحة الداخلية وفي النظام الأساسي للمؤسسة ايكون ذلك المدير "ظالماً"؟؟؟

ثم قال الله لنبيه الكريم بعد كل هذا التفصيل والتوضيح أن يوضح لهؤلاء الكفار حقيقة هي غائبة عنهم: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم « بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ؟» 103)، من يكونون حقيقةً؟؟؟، هم: (الَّذِينَ « ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا » - وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا 104). تحديداً، وتفصيلاً هم: (أُولَٰ-;-ئِكَ « الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ » - فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ - « فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا » 105). ولكن,,, لماذا كل هذا العقاب؟؟؟ ..... فالله تعالى مبيناً ذلك قال: (ذَٰ-;-لِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ « بِمَا كَفَرُوا » وَ « اتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا » 106).

وبالمقابل، قال تعالى في المؤمنين:
1. (إِنَّ الَّذِينَ « آمَنُوا » وَ « عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ » - كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا 107)،
2. ليس نعيماً مؤقتاً أو موقوتا، أو ضبافة عابرة، ولكنهم: (خَالِدِينَ فِيهَا - « لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا » 108)، لأنهم سيكونون متشبثين بها وهي متشبثة بهم في حياة سرمدية لا موت فيها ولا شقاء ولا عنت.

كما طلب من عبده ورسوله الأمين أن يبلغ هؤلاء الناس وغيرهم، قال: (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا 109)، فلا حدود لكلمات الله وكلامه،، وكما ترون، فلو أخضعنا جناح باعوضة للدراسات العلمية من قبل كل التخصصات لعَمَّتِ المراجع العلمية الدقيقة وطمَّت، دون أن يصل العلم إلى كل الحقائق المتعلقة بهذا الجزء المهين من المخلوقات.

فهذه إشارة إلى غزارة العلوم الكثيقة التي بكتاب الله وآياته البينات الذي لا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد، وإشارة وتأكيد من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن هذا الكتاب لا يمكن أن يكون من عنده، فقال له الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ « يُوحَىٰ-;- إِلَيَّ » - أَنَّمَا إِلَٰ-;-هُكُمْ إِلَٰ-;-هٌ وَاحِدٌ - فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ «« فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا »» وَ « لَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا » 110).
تدبر الآيات جيداً، وتخيل لو أن الله تعالى حكمك فيهم فبماذا تحكم عليهم؟؟؟ .... علماً بأن القرآن الكريم ليس هو كل كلام الله بل القليل منه فقط،، لأنه قال: (وما أوتيتم من العلم إلَّا قليلاً).

هناك سؤال كبير ومهم،، عليك اجابته،، وهو: لماذا خلق الله الإنسان أصلاً؟؟؟ ..... هل خلقه ليأكل ويشرب ويمرح ويسرح ويفجر ويقتل ويسرق ويزني،،، الخ ثم يهرم ويموت؟ أم خلقه لغاية محددة؟؟؟
فإن كان جوابك - بإعتبارك منكراً لوجود الله - "فأي جواب تقوله يستوي عندنا"، أما إن كنت تعترف بوجوده وأنه سيد الكون والخلق،، فقد أكد بأنه لم يخلق الجن والإنس إلَّا ليعبدوه.. فهل أنت تستطيع أن تنازعه في خلقه وملكه ومراده؟؟؟ .... فقد خرج أبو البشر من الجنة بغواية، فقدر الله تعالى أن لا يعود إليها لا هو ولا أحد من ذريته إلَّا إذا إستحق ذلك بالطاعة والعمل الصالح،، فإن كان عمله غير ذلك أدخله النار مع إبليس.

قال تعالى في سورة الذاريات: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ 56)، (مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ 57)، (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ 58).

وقوله تعالى في سورة البقرة: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا « فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى » - فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ 38)، (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا « أُولَٰ-;-ئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ » 39)، فأمام كل أحد منا خياران عليه أن تختار أيهما يريد، وعدم الإختيار يعتبر إختياراً سالباً ايضاً. فلم يخلق الله الخلق ليشترط عليه ويساومه ويفترض فرضيات يقول بها بعد قول الله الفصل.

نعم لقد قلت في مقالي السابق إنني أرى كثيراً من الناس يتعاملون مع الله تعالى كأنه واحد منهم، له حق وعليه واجب يسأل عنها ويحاسب. وهذا هو الغباء ذاته،، الله تعالى هو الخالق المهيمن المختار في خلقه وصنعته،، لا يُسأل عمَّا يفعل وهم يُسالون. ومجرد السخط أو عدم الرضى بما يقضيه الله ويقدره يعتبر كفرٌ صريحٌ بواحٌ يستحق صاحبه عليه غضب الله وعذابه. فما بالك بالإعتراض والقول بعد قوله سبحانه؟؟؟

أما تعليقك على ذلك بإتهامك لي بأن لدي مشكلة في فهم خلفية غير المؤمن والا لما قلت ما قلته. هذا أغرب تعليق اسمعه في حياتي،، للآتي:
أولاً: هل سبق أن رأيتني أقول بقولي، أو أحَكِّمُ هَوَايَ في كل مقالاتي التي أكتبها حتى الآن؟

ثانياً: وهل تعتقد أن الله تعالى يقبل من أحد أن يعقب على قوله أو يعترض على فعله؟؟؟ قال تعالى في سورة الأحزاب: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ « إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا » - أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ – وَ « مَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا » 36). فمن فعل ذلك كان أمره إلى الله تعالى فإن شاء عجل له من العذاب في الدنيا كما فعل مع الأمم الهالكة السابقة، وإن شاء أجل له العذاب يوم القيامة، وإن شاء غفر له ذلك.

ثالثاً: الله تعالى أعلم بخلقه ومراده،، وهو لن يحاسب أحداً إن لم يقم عليه الحجة والبينة ويشهده على نفسه يوم القيامة. فهل نحن في برلمان أو مجلس أمة نصيغ فيه الدساتير فنعدل فيها ونجيزها، أو نستفتي عليها الرعية؟ أم لنا خيار في تحديد منهج الله وتعديله؟؟؟ ..... الله تعالى قد حدد المنهج تحديداً بيناً لكل الخلق،، وهدانا "النجدين"، فإما "شاكراً"، وإما "كفوراً". أما أهل اللجاجات والمماحكات فقد بين لهم عاقبتهم ولهم أن يظلوا على ما هم عليه من الغي والضلال أو أن يتخذوا إلى ربهم سبيلاً.

أما أولئك الكثيرون من الناس الذين هم لا يؤمنون أنَّ ما جاء في القرآن هو كلام الله بل كثير منهم لا يؤمن اصلا بوجود هذا الله، فهؤلاء في ورطة كبيرة، ولكن لا تزال أمامهم فرصة ما داموا على قيد الحياة ولم تغرغر أرواحهم في صدورهم، لذا لا يستطيع أحد أو يتجرأ بالحكم عليهم "نهائياً"، فلعلهم في اللحظات الأخيرة يتغير حالهم، وهذه حقيقة غيبية لا يعلمها إلَّا الله تعالى.

أما قولك إن من حقهم ان يتساءلوا و بكل حرية،،، نقول لك, طبعاً، فلن يتدخل أحد في حريتهم، بل نحن ننادي بها ليل نهار من حيث المبدأ وهي مكفولة من الله تعالى، ما لم تتخطى هذه الحرية حدودها المسموح بها، ودون التدخل في خصوصيات الخالق سبحانه أو إبداء الرأي فيها.

أما قولك (فلا داعي لوصف الناس بالغباء)، فلا أظننا نجهل معنى كلمة "غباء"، أو نسب بها الناس،، بل هي وصف لحالة هم حقيقة فيها، فالذي يقتل يسمى قاتلاً، والذي يكذب يسمى كاذباً والذي يقطع الطريق على الآخرين يسمى مجرماً. والذي يظلم نفسه ويوبقها يسمى غبياً والذي يزكيها وينقذها ويبرها يسمى ذكياً ورعاً. دعك منى،، أنت بماذا تسمي من أورد نفسه جهنم وبئس المصير؟؟ ... على أية حال هذا وصف عام ولم نخصصه لشخص بعينه إلَّا عند اللزوم ومقتضيات الضرورة، ويكفي أننا نعلم قوله تعالى (وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). على أية حال،، نحن لا ننزه أنفسنا، ولا ننسى بشريتنا أو نترفع عنها.

أيضاً تقول (( إن ألقرآن جاء يدعو الناس الى الايمان بالله الواحد الخالق، وذكر للناس صفات عديدة له، مثلا من بينها (العدل)...كلمة العدل كان الانسان يعرفها ويستطيع ان يميز بين العدل و اللاعدل حسب ما هو متعارف به بين البشر.. فانت حين تقول لي ان الله عادل ثم تتلو عليَّ - يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً- من اوتي الحكمة فقد اوتي الجنة يا استاذ بشاراه فما ذنب من لم يؤت الحكمة؟ ...)).

أولاً: هنا خلط كبير يقع فيه الناس دائماً،، "فالعدل" إسم ذات،، مطلقاً،، فهو مادة العدل ذاتها،، وهي تختلف تماماً في قيمتها ومدلولها عند إستخدامها مع البشر،، لأنها قيمة من القيم الكثيرة التي لديه ويتعامل بها مع الآخرين، فهو قيمة نسبية، يستحيل أن يكون العدل لدى البشر كاملاً. أما بالنسبة لله تعالى فهي ليست "صفة" من صفات الله تعالى – كما تقول – بل هو إسم من أسمائه الحسنى فالله هو"العدل" بكامله وكماله وجماله.

مثلاً،، لنفرض أن علاقتك بزملاء العمل كلهم كانت ممتازة وحميمة، ولكن لك من بينهم عشرة أصدقاء أخلاء، وأردت أن تقدم هدية قيمة لأقربهم إلى نفسك منزلةً، لميزات أو لمشاعر فيه ليست في الآخرين، وبالفعل قدمت له تلك الهدية،، فهل أنت ظالم للآخرين لأنك لم تعط كل العاملين هدايا مثل هذا الصديق الحميم؟
ولنفرض أنك قدمت لزملائك التسعة المقربين أقلاماً قيمة، ولكن هذا الصديق المقرب قدمت له قلماً من الذهب الخالص،، هل أنت هنا عادل أم ظالم؟؟؟

ولنفرض أن لديك منشاراً وفأساً، وأردت أن تقدمهما هدايا لجاريك المقربين بالحي، فأعطيت النجار منشاراً قيماً، وأعطيت المزارع فأساً أقل قيمة من المنشار،، فهل أنت عادل أم ظالم؟؟؟
وهب أن المزارع كان أقرب إلى نفسك من النجار، فهل يستقيم عقلاً أن تعطي النجار الفأس وتعطي المزارع المنشار؟؟؟

ثانياً: الحكمة ليست شيئاً يوضع على الطاولة أو يصب في إناء أو يعلق قلادةً في العنق،، بل هي قيمة وجدانية ذهنية نورانية عالية المقام لها رجالها الذين سخرهم الله تعالى لخدمة الناس بدون مقابل، نذروا أنفسهم لهذه الغاية التي تلزمها قدرات ليست متوفرة لدى الآخرين ولا ينبغي لهم،، لأنهم يصلحون ذات البين، ويقضون بينهم بالعدل والقسط ويسهرون على راحة الآخرين على حساب راحتهم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ لِلَّهِ عَبَّادًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، يُقِرُّهُمْ فِيهَا مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ، فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ)،، فهل في رأيك أن تؤتي الحكمة من الله لمثل هؤلاء أم لمن يتفاخر ويتعالى بها على الناس؟؟؟؟)، فالحكمة منحة من الله تعالى وليست حق عليه،، يؤتيها من يستحقها ويستخدمها في محلها، وهي لكل من قضى الله تعالى بها إليه من عباده وخلقه:

قال تعالى: (يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)، وهي محل تنافس بين الخيرين والصالحين، فلماذا لا يكون الشخص منافساً معهم فيها بدلاً من أن يغبطهم فيها أو يحسدهم عليها كإبليس؟؟؟

أما قولك بأن من اوتي الحكمة فقد اوتي الجنة، وقولك "فما ذنب من لم يؤت الحكمة؟؟؟ هذا مفهوم إجتهادي ظني خاطيء،، نعم الذي يستحق ان يؤتى الحكمة هو الأقرب بأن يؤتى الجنة "دون تأكيد وجزم" لأن ذلك التأكيد والجزم في أمر غيبي مرهون بمشيئة الله يعتبر "إما تأله على الله تعالى" أو "القول بما لم يقله"، وليست الجنة وقفاً على من أوتي الحكمة،، فالجنة لمن آمن وإتقى.

قال رجل، يا رسول الله: أرأيت إن صليت المكتوبات، وصمت رمضان، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام، ولم أزد على ذلك شيئاَ،،، أأدخل الجنة؟ قال (نعم), كما قال (عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت فدخلت فيها النار, لا هي أطعمتها وسقتها اذا هي حبستها, ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض).

وقال أيضاً: (بينما رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئراً فشرب منها ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال: في كل كبد رطبة أجر). وفي حديث آخر عن أبي هريرة قال: (بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها، فسقته فغفر لها به)، فيا أخي إجتنب خلط الأوراق.

تقول: اين العدل في هذا التقسيم؟ ثم تذكر أنبياء الله المصطفين؟؟؟ ..... أتريد أن يسويك الله تعالى بهم، وقد إصطفاهم بذاته سبحانه؟؟؟ أتدري من هو يحي هذا؟؟؟ ومن هو عيسى هذا؟؟؟،، قال تعالى في سورة مريم: ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً 12)،) وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً 13)، (وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً 14). ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

ثم تقول أيضاً،، وهذا زكريا يدعو ربه ان يهب له ابنا فيقول (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيا- ثم يستيب له ... وها هو عيسى يتكلم وهو في المهد ... هل معنى هذا إنك تشترط ليكون الله تعالى عادلاً أن يجعل كل البشر أنبياء وأصفياء ورسل؟؟؟ ما هذه الفكرة الغريبة يا عزيزي؟؟؟ ..... بلا لماذا لا يسأل أي إنسان ربه مسألته مهما عظمت؟ ألم يقل الله تعالى أدعوني أستجب لكم؟؟؟

الله تعالى لا يحابي ولا يداهن وإن كُلٌّ إلَّاْ آتِ الرحمان عبداً. فهو يفعل ما يشاء ويختار. أنظر مثلاً إلى قوله تعالى في نبيه يونس عليه السلام، وقد ذهب مغاضباً لله تعالى، ولجأ إلى سفينة مشحونة بالركاب، فزادت حمولتها، لذا قرر الركاب أن يرموا بعضهم في البحر لتخفيف وزنها ونجاة الباقين،، لذا إستهموا على أن يرموا المغلوبون في الإستهام (وهم كل من يخرج السهم المكتوب عليه إسمه)،، فكان سهم يونس نفسه من ضمن المغلوبين، فرموه معهم في البحر فإلتقمه الحوت، فصور الله هذه القصة في سورة الصافات قال:
1. (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ 139)، ولكنه إستحق عقاب الله تعالى لأنه ذهب مغاضباً له،
2. قال: (إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ 140)، فخاف الركاب من غرقهم جميعاً وقرروا أن يلقوا بعضهم في البحر لتخفيف الحمولة، فإستهموا ومعهم يونس،
3. قال: (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ 141)، الذين خرجت أسهمهم التي بإسمائهم، فألقوه مع من ألقوا في البحر،
4. قال: (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ 142)، لا يزال عليه لوم لم يسقط عنه بعد، فكان إلقائه في البحر وإلتقام الحوت له عقاباً على ذنبه،، ولكنه كان من المسبحين فأنجاه الله بذلك التسبيح،
5. قال (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ 143)، فإن لم يكن كذلك لما أنجاه الله من بطن الحوت، لذا قال: (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ-;- يَوْمِ يُبْعَثُونَ 144)، ولكن أراد الله تعالى أن يغفر له ذلك الذنب ويوقف عنه العقوبة إلى ذلك الحد، فأمر الحوت بأن يلفظه في البر،
6. قال: (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ 145)، فكان مريضاً من تلك الرحلة القاسية له في ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت وحرها،،، الخ، فكان لا بد له من مقومات الحياة من علاج وطعام وشراب،
7. قال: (وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ 146)، فإكتملت بذلك النجاة له من الهلاك المحقق، ورضي الله تعالى عنه، وأرضاه وإجتباه رسولاً لقومه،
8. قال: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ-;- مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ 147)، (فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ-;- حِينٍ 148).

وفي سورة الأنبياء لخص قصته في آيتين كريمتين، ذكر في الأولى نوع التسبيح المتميز الذي قاله يونس (ذا النون)، عليه السلام، فتغير حاله من كرب إلى كرم وإكرام،، قال عنه: (وَذَا النُّونِ « إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا » - فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ - فَنَادَىٰ-;- فِي الظُّلُمَاتِ «« أَن لَّا إِلَٰ-;-هَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ »» 87)، فهذا الدعاء مستجاب لأنه شامل وجامع، قال تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰ-;-لِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ 88).

أراك هنا، حقيقةً متناقض:
أولاً: أنت تقول ((... فيا ترى اين العدل في كل هذا فهؤلاء ازدادوا الى هاته الدنيا و الجنة مضمونة فكيف تريدنا يا استاذ بشاراه ان لا نتساءل و كيف تريدنا ان نفهم العدل ام انه لا يسال عما يفعل وعلينا فقط ان نؤمن و الا .......))

وهذا ليس له سوى معنى واحد،، أن الذي يخوض في ذات الله تعالى من المؤكد أنه "متلبس" ومصر على إنكار الله تعالى وعدم التصديق بكماله وجلاله وجماله،، وهذا الشخص بلا شك يرقد في أحضان إبليس، وليس لديه الرغبة في أن يغضبه أو القدرة أو النية على أن يخرج من طوعه، أو يغادر زنزانته.

ثانياً: قولك ((... مسكين هو ابليس كم اشفق عليه حقيقة. فبعد كل هذا الظاهر ان الله استقصده فهو لم يؤتيه الحكمة و لم يجعله رضيا و لا مباركا و لم يؤايه لا الحنان و لا البركة و لا التقوى بل جعله جبارا عصيا و عاقا ...)).

وهذا واضح ولا يحتاج منا إلى كبير عناء لإدراكه،، فالذي أملى عليك هذه الكلمات هو نفسه الذي همس في أذنك قبل 24 سنة وقال لك الله ليس موجود،، وواضح أن سلطانه متمكن من قلبك وتفكيرك، فهذه حقيقة هي مشكلتك الأساسية، إن كنت غير راض عن وضعك الحالي كما تقول، أو أنك على قناعة تامة بما أنت عليه، فهذا شأنك ولكنك في كلتا الحالتين متناقض تماماً، فأقترح عليك أن توطن نفسك وتحسم أمرك بما تعتقده حقيقة لأن المتشكك في ذات الله لا أمل يرجى له "إلَّا أن يشاء الله رب العالمين".

تقول أيضاً: ((... في الحقيقة موضوع ابليس مثير للغاية ولهذا لدي بعض التساؤلات حوله ثم تقتبس من حديثي فتقول لي: (حضرتك تقول عن ابليس - بل لخبثه وسواد سريرته وحسده قرر التمادي في العناد والعدوان حتى يُلْحِقَ به آدم وذريته في زمرة أهل النار، بالغواية والوسوسة وتزيين الباطل لهم، اتساءل ترى من اين جاءه ذاك الخبث و سواد السريرة و الحسد و العناد و العدوان هل هو من اختار ان يتصف بتلك الصفات بمحض ارادته))،

سأجاوبك على الرغم من أنني ألحظ في هذا التساؤل سوء الظن بالله تعالى قد يكون موثقاً عندك، فكأنك تقصد أن الله تعالى هو الذي خلق فيه هذا الخبث،، أليس كذلك؟؟؟ ولكن، على الرغم من أنني قد أسهبت في تفصيل هذا الموضوع فيما سبق، ولكن لا مانع من أن أعطيك مثلاً من البشر،، ذلك الشيطان المارد من البشر الذي خلقه الله تعالى طفلاً وديعاً رائعاً، على الفطرة،، ثم تحركت فيه ملكات الشر والكفر والضلال حتى بلغ به الأمر مبلغه بعد أن كمل عوده وعظم شره، من موت للضمير والمشاعر الإنسانية لدرجة أن يضع سيارة مفخخة في سوق مكتظة بالأبرياء الغافلين من النساء والأطفال والشيوخ وممتلكاتهم،،، بدم بارد.

فبعد أن تتناثر هذه الأشلاء البريئة أمام بصره، وما خلفته من أيتام وأرامل ومقعدين معاقين دون ذنب جنوه، ثم بعد ذلك يغمض جفنيه وينوم هاديء البال ليستيقظ على تخطيط أو تنفيذ جريمة أخرى أفظع في مكان ما تكون نتائجه أفظع حتى يرضي نفسه المريضة وحقده على الإنسانية كلها،،، فهل هذا الشيطان خلقه الله كذلك أم سلوكه وشقوته وفساده هو الذي جعله يفعل هذه المنكرات "بغض النظر عن الأسباب أو الدواعي". .... هل إبليس هذا مسكين وتشعر أن عليه بالشفقة؟

والذي أمر بإلقاء القنبلة النووية في هيروشيما ونجازاكي، والذي ألقاها نفسه وهو يرى فظاعتها وبشاعنها وهي تهضم الحياة هضماً،، هل هو بشر أم شيطان مارد؟؟؟ وما يحدث الآن في العراق وأفغانستان وفلسطين والشام وليبيا ومصر لترتفع الأرصدة في البنوك بزيادة صفر إلى يمين الرقم أو تعديل رقم لما هو أرفع منه ،،، الخ هل هذا عمل بشر أم شياطين مردة؟؟؟ ... وهل الله تعالى أمرهم بذلك وأعانهم عليه؟؟؟ ..... ما رأيك فيه؟؟؟

أما الصفات الحميدة فيكفي الشخص وصفاً بها أن يمسح على رأس يتيم، وينصر مظلوما،ً ويمسح دمعة أرملة لها أيتام صغار. ويكفي أن يقول كلمة حق في وجه سلطان جائر، فيقدم حياته أو حريته ليسعد الآخرون غيره. هذا فضلاً عن عبد يعرف ربه وقدره فيلزمه حتى يلقاه.
فالشخص يمكن أن يتعلم ويتفقه فيصير طبيباً محترماً أو مهندساً،، ويمكن أن يزهد في التعليم ويتبع الهوى واللهو والعبث، فيصير صعلوكاً سفيها. هذا سلوك شخصي وذاك كذلك.

تقول لي أيضاً (( بل دعني اسالك عن الملائكة فقد قلت فيهم - لأنهم لا يعرفون المعصية فضلاً عن أن يأتوها،، - ترى من اين لهم كل تلك الصفات الحميدة - طاعة اوامر الله و عدم معصيته - لماذا هم بهذه الصفات هل هم من اختاروا ان يتصفوا بها ام ان الله هو من جعلهم كذلك .. )).

الجواب بسيط للغاية،، لأن الله تعالى لم يخلقهم مختارين، وبالتالي، لم يخلق فيهم إمكانية المعصية، لأنها بإختصار ليس لها دور في مهمتهم التي خلقوا من أجلها. وهناك نماذج كثيرة، بل الكون كله مقهور لا يملك القدرة على المعصية ولا يعرفها ولا تراوده أصلاً،، مثلاً قال الله تعالى للسماوات والأرض "وهما دخان" إئتيا طوعاً أو كرهاً" قالتا "أتينا طائعين".

وعن سؤالك: (( هل كان بامكان ابليس ان يكون غير ما هو عليه ))،
نقول لك "نعم" لأنه ما دام مكلفاً ومبتلىً، من المؤكد أن يكون عنده الخيارين معاً الطاعة أو المعصية، لذا فما قام به كان بإختياره دون إكراه، وكان بإمكانه ذلك ولكنه إختار هذا "النَّجْدَ" لفسادِ نفسه وحسده". فإن لم يكن كذلك ما عذبه الله تعالى.

أما سؤالك عن الكيفية التي سيكون مصير الانسان والوجود لو لم يتصف ابليس بتلك الصفات..)) . فهذا غيب لا يعلمه إلَّا الله لذا أقول لك "ما المسئول عنه بأعلم من السائل".
أما الآية عن المخلوق الذي فسد في الأرض وسفك الدماء قبل آدم قد ذكرته الملائكة في سورة البقرة عندما قال الله تعالى لهم "إني جاعل في الأرض خليفة" قالوا أتجعلل فيها من يسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك"،، فالملائكة علمهم "مشاهدة" ولا يعلمون الغيب، لذا قالوا له "سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا...".

اما عن الفريتين اللتين اتيت بهما قد بينت رأيي فيهما فيما سبق، ولا أريد أن أخوض في مثل هذه التراهات والصغائر، فلك أن تعتقد ما تشاء فلا شأن لي بذلك،، ولك أن تنشرهما وتزيد عليهما ما دام أنك على قناعة بهما،، كما يمكنك عرضهما على الخبير المتخصص سامي الذيب وهو جدير بأن يتبناهما ويعرضهما لك على صفحته بالفيسبوك، فستجد عنده الكثير والمثير فهو يمتلك إلى الآن أربع قرآنات مفتريات، فقد يتفضل عليك بإخراجه لك بلغات عالمية بجانب العربية، فعليك به ولا تضيع الوقت. وقتئذ سنتصدى لها هناك بما تستحقه.

أخيراً، أرك غير مقتنع بما قلته لك رداً على قولك ان الله لم يشا لك الهداية وأراك أيضاً غير مقتنع بترجيحي أن ما بك ناتج عن تلبيس ابليس، ولكي تؤكد ذلك، وتنفي وجود جلساء السوء وأكدت لي إلتزامك بتدبر القرآن الكريم.. بل وأكدت ان جميع اصدقائي مؤمنون يؤدون الفرائض من صلاة وصوم وووو الا أنت الوحيد فيهم غير المؤمن كما أنك تتدبر القرآن وما زلت الى يومك هذا تتدبره بين الفينة والاخرى ...... ما دام ذلك كذلك،، فما الذي تريدني أن أفعله لك إذاً؟؟؟

الحل يكمن في يدك فأنت المسؤول الأول والأخير عن هذا الحال،، قد يكون في السابق لك عذرك لحداثة السن وعدم المعرفة الكافية والرعاية المطلوبة،، أما الآن فمشكلتك كبيرة،، لأنك الآن تعرف أكثر مما يلزم للإيمان،، وما قلناه وما بالقرآن لا يقوى عليه الشيطان ولا يستطيع مقاومته،، فلك أن تحسم أمرك وقد أقام الجميع عليك الحجة وسيكونون شهداء عليك يوم القيامة وأنا واحد من هؤلاء الشهداء بلا شك، وسيقول الله تعالى لك "كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً".

عودة مرة أخرى للتبريرات،، فقولك الذي تكرره: ((... لو كان الايمان مسالة اختيار لكنت قد اخترته وأنك تريد ان تؤمن وتفكيرك في لحظة الموت وان الفناء هو المصير...).

نقول لك: نعم،، الإيمان بالإختيار،، ثم التوفيق من الله تعالى إن علم من الإنسان صدق النية والعزم الأكيد والعمل الجاد.
والمشكلة ليست الفناء "كما تقول"،، بل هي أن هناك حياة أخرى سرمدية متوقف المصير فيها على ما نفعله في هذه الحياة الدنيا من أعمال قابلة للوزن والتقييم والقبول.
فالأحبة الأبرار يجمعهم الله معاً في الجنة يوم القيامة،، أما الأخلة من أهل السوء، فهم أعداء يوم القيامة يلعن بعضهم بعضها.

تحيتنا لكم وللقراء الكرام

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ط):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ح):
- حوار العقلاء:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ز):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(و):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (د):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(ج):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(ب):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(أ):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(ج):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(ب):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(أ):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء11:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء10(ب):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء10(أ):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء9:
- التقديم والتأخير - إن كنت تدري فتلك مصيبة:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء8:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء7:


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - حوار العقلاء2 (ردود):