أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س (ملخص آل عمران ومريم):















المزيد.....



سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س (ملخص آل عمران ومريم):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4560 - 2014 / 8 / 31 - 03:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ملخص لسورتي آل عمران ومريم:

قلنا قي موضوعاتنا السابقة إن أهل الكتاب بصفة عامة والنصارى بصفة خاصة لم يتركوا شيئاً على حاله، بل أضافوا وحذفوا وبدلوا وأسقطوا وحشروا وخلطوا،، إما عن جهل أو عن قصد،، وقد نجد لهم بعض العذر في أن الكثير من معتقداتهم ومراجعهم كتبت من روايات صادرة عن شخصيات غير موثقة، وغير معصومة لم ينزل عليها وحي الله بدين ولا وصاية ولا كتاب مبين. فلم يكن لهم من مراجع أو أسفار سوى هذه الروايات وذلك لتأخر كتابة الأثر من مصادره الصحيحة، بالإضافة إلى فقدانهم توراة موسى الأصل وقد نسوا حظاً مما ذكروا به وفعلت الشحناء والبغضاء والإختلافات والخلافات بينهم بأثرها المدمر.

إدعى الباحث جيسس وزمرته فريتهم السمجة الساذجة على آيات الله البينان من فواتح بعض سور القرآن الكريم متبنياً مهزلة بحيرا الراهب مخرجين أضغانهم وسواء طوياتهم وحقدهم بملكة التحريف والتزوير والدتوير فإدعى بأن هذه الآيات نصرانية دسها بالقرآن ربهم المفترى بحيرا دون أن يعلم بها النبي، ولا أصحابه، ولا الوحي، ولا الموحي نفسه (تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا)، ظناً منه ومن السذج أمثاله من رهط مرجفين ضالين مضلين محرفين،، عاهدوا وليهم الشيطان أن يكفوه عنت ومشقة الفتنة والإضلال، فإعتلى ظهورهم وإستباح صدورهم وحفر لهم قبورهم فأصبحوا عبيداً له أموات غير أحياء.

قام ومن معه ووالاه بتقسيم هذه الفواتح إلى مجموعات "وفق هواه وما يمليه عليه وليه وسيده إبليس، فإدعى أن مجموعته السابعة هي: ((-- مجموعة الحروف ذات الخمس حروف والتى لم تتكرر وهى ( كهيعص – حم عسق) قيمتيهما (بحساب الجمل) بالترتيب "كهيعص= 195" و "حم عسق=270". ومجموعهما = 473. فجاراه في هذا السخف مجموعة من الجهلاء والمشعوذين، أمثال الذيب وزكريا بطرس ورشيد المغربي وعبد الأحد شابوا ووفاء سلطان،،، الخ.

فكان لا بد من التصدي لهؤلاء المحبطين، ولهذه الشطحات والإفتراءات والأباطيل بالحقائق الدامغة من مصادرها الموثقة لدى الطرفين بمنتهى الأمانة والتجرد والشفافية، فكانت المفاجأة الكبرى التي قد أزهلت الكثيرين من عقلاء أهل الكتاب والباحثين عن الله الحق بين الأديان والمعتقدات، وفي نفس الوقت خزلت المبطلين منهم الذين يبغونها عوجاً ويوالون الشيطان الذي هو عدوهم وعدو الله والبشر جميعاً، بل وعدو نفسه فأحبطت مخططاتهم فإنقلب السحر على الساحر.

وحتى لا ندخل مع أمثال هؤلاء وأولئك في مغالطات ولجاجات ومماحكات، أخذنا الأنساب من كتب ومراجع أهل الكتاب أنفسهم - من كتابهم المقدس لديهم حتى لا يتجرأ أحد منهم بعد ذلك على نفي هذا المرجع أو التشكيك فيه. فكانت المفاجأة أن شهد عليهم كتابهم وكذَّبَ روايتهم المتناقضة والمتضاربة عن نسب السيدة الصديقة مريم بنت عمران والدة عبد الله ورسوله المسيح عيسى بن مريم.

وقد لاحظنا أن المرجع الأساسي - إن لم يكن الوحيد - لديهم عن نسب مريم العذراء هو إنجيل لوقا في الإصحاح 1 الذي هو عبارة عن رواية كتبها لثَاوُفِيلُسُ، بلا سند مقبول، ولم تخرج من كونها رواية آحاد ليسوا معصومين، ومع ذلك لم تكن الرواية مقنعة لأنها مبنية على الظن والترجيح للقيل والقال. وما لبثت أن كذبتها نصوص أخرى موثقة من الكتاب المقدس لديهم نفسه. وقلنا إن هناك من سبق لوقا بروايته لثَاوُفِيلُسُ الذي يريد لوقا أن يكذبها بروايته تلك والتي يمكن أن يكذبها غيره لعدم وجود ما يجزم بصحتها هي الأخرى.
(للتفاصيل أنظر هذا الرابط http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=424714).

إذاً الحقيقة تائهة بين أكثر من مصدر ومُبَلِّغٍ،، وعلى ذلك لا تُوجدُ آلية لِدَرءِ "الشك" لا عن المُبَلِّغِيْنَ ولا عن المُبَلَّغِ بِهِ مِنْهُمْ أو من بعضهم. وقلنا بإستحالة نقل حوار المَلَكِ جبريلً مع زكريا وغيره بدقة، وبالتالي تكون الرواية منقولة عن آخرين ولم يسمعها أو يشاهدها لوقا بنفسه عياناً بياناً وبالتفاصيل التي وردت في روايته. فلا ندري من أين أتى لوقا بهذا الحوار الطويل بين زكريا والملآك،، وهو بالطبع ليس حاضراً معهم ذلك الحوار، بل سمعه من غيره. إذاً فالمكتوب كله عبارة عن رواية مسموعة من أطراف عديدة من البشر العاديين، وحوارات بين إثنين لا يمكن الجزم "بدقتها" إن لم نَقُلْ "بصحتها". وليس هناك من البراهين الإعجازية التي تؤكد وتؤيد صحتها.

وقد علقنا على العبارة التي تقول: (سَيُعْطِي الرَّبُّ الإِلَهُ هذا المولود كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ) في كتابهم المقدس لديهم، فقلنا إن هذا النص بمثابة إعتراف منهم وتأكيد بأن هذا المولود هو مجرد بشر، وأنه موعود بكرسي بشر مثله هو أبيه داود،، وبالطبع داود ليس إلهاً ولا رباً ولا ملآكاً، فما هي هوية هذا المولود هل هو مجرد "إبنٍ مباركٍ"، أم "نبي"، أم "مَلِك وارثٌ لمُلكَ أبيه أم هو "رب"، أم "إله"، من البشر؟ أليس الأفض والأقرب والأكرم والأوثق له أن يكون عبداً لله تعالى إصطفى أمه مرتين ليختاره نبياً ورسولاً كريماً من أولي العزم من الرسل، زاده الله تعالى شرفاً أن كان آخر من سبق خاتم الأنبياء والمرسلين ومبشراً بمجيئه ومؤمناً به؟؟؟

فقول الملآك "في رواية لوقا": (« يَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ » وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ)، فهذا دليل آخر يدحض فرية الربوبية والألوهية والبنوة،، (فهو يملك على بيت يعقوب إلى الأبد)،، وكما هو معروف أنَّ نهاية أبَدِ الحياةِ الدُّنْيْا هو اليوم الآخر "القيامة".

فالملاحظ أن مكتوب لوقا إنتهى، ولم يخرج من كونه رواية أحادية لا سند لها (وهي بلا أدنى شك ليست إنجيلاً ولا من الإنجيل الموحىً إلى عيسى عليه السلام من ربه). فهو لا يتجاوز قدره الأحاديث الضعيفة – في عرف فقهاء المسلمين - إن لم تكن الموضوعة.
فمكتوب لوقا هو المصدر المعتمد في الغالب إن لم يكن المصدر الوحيد للنصارى عن قصة مريم ويوسف النجار المزعومة،، فماذا عن المصادر النصرانية الأخرى؟

مثلاً ما جاء في منتدي أسرة البابا كيرلس السادس العلمية عن نسب العذراء مريم، وعائلتها الذي وصفه بأنه (موضوع متكامل عن حياة السيدة العذراء) غير أنه لم يضف شيئاً يذكر إلى ما أورده لوقا، وإنما قام بصياغة
نسب العذراء مريم، على عدة روايات، قال في بعضها: (يعود نسب مريم إلى « زربابل من عائلة وبيت داود »، إن مريم ووليدها يَعُودَان لسبط يهوذا، وبالتحديد بيت داود.

فقد أورد تكل العبارة التي تؤكد بأن، (متان وملكي) هما إبنا ناثان بن داود و(ليس إبنا سليمان بن داود)، وأن (يعقوب وهالي)، هما إبنا ملكي بن ناثان (أخو سليمان) بن داود، وهو شخص آخر غير يعقوب بن إسحق بن إبراهيم، كما يأفكون. و(يوسف النجار)، هو إبن "يعقوب، بن ملكي، بن ناثان، بن داود، (حسب الطبيعة) أو إبن أخيه "هالي" المتوفي (حسب الشريعة) على حد زعمهم.
وفي نفس الوقت يقول إن نسب العذراء مريم يعود إلى « زربابل من عائلة وبيت داود »، ولكنه لم يذكر سلسلة نسب زربابل هذا التي تربطه بعائلة داود.

لا نريد هنا أن نكرر ما كتبناه بالتفصيل، ولكن فقط أردنا أن نذكر القراء باللجاجة والتخبط والتيه في أمر نسب السيدة مريم وفي النهاية نسبوها إلى من لا علاقة مباشرة له بها. مرة إلى يواكيم، وأخرى إلى هالي، وثالثة إلى زربابل،،، الخ وليس هنا تأكيد ولا إجماع حول أي من هؤلاء رغم ترجيحهم ليوكيم، ولم يقف التخبط عند هذا الحد من الضلال، بل تخطاه إلى نسب المسيح عيسى عليه السلام.

حجر الزاوية والفيصل في هذه القصة الملفقة، ما يلي:
1. قالوا إن (يوسف إبن يعقوب أو إبن هالي) بن إسحق، فإلتبس عليهم الأمر فظنوه "يعقوب بن إسحق بن إبراهيم الخليل. وهذا عين الضلال والإضلال والتيه.
2. نسب لوقا يوسف هذا إلى هالي، بقوله: « يُظَنًّ » به أنه بن هالي بن متان بن لاوي بن ناثان,
3. قال إن يواقيم أخو يعقوب بن متان تزوج حنة أخت اليصابات العاقر إمرأة زكريا الكاهن،، ولم يرزقا طفل طوال واحد وثلاثين سنة ثم رزقا العذراء مريم، وقد أثبتنا بالأدلة من كتابهم المقدس لديهم إستحالة ذلك لإختلاف الشخصيات وفي نفس الوقت لإختلاف العصور والفارق الزمني الكبير.

وقد لاحظنا أن: أخوة يعقوب من كل من (هالي ويواقيم)، محل شك وريبة لم تحسم، فالرواية تقول: …) ويعقوب هذا إما هو أخو هالى ويواقيم أو قريباً لهما ...), وبالتالي ليس هناك ما يمنع إمتداد الشك بدرجة أكبر في الرواية التي تدعي بأن (... زواج حنة أم مريم العذراء كان من يواقيم هذا). وقد أثبتنا – من مصادرهم الموثقة – خطأ هذا المعتقد البعيد كل البعد عن الحقيقة.

ملخص هذه الرواية أيضاً،، كما هو واضح،، أن نسب مريم (محل شك متعاظم)، وليس هناك في كتبهم المقدسة لديهم بل وفي كل الإجتهادات النصرانية الأخرى أي مصدر لتأكيد هذا النسب،، فهي فقط مجرد ترجيحات عجز أصحابها عن تأكيدها أو حتى إقناع أنفسهم بها. وكذلك الحال بالنسبة لنسب يوسف النجار فيه (شك ولغط كبير،، بل وخلط مخزٍ)، وليس مكان إجماع يمكن الركون إليه. أما عمران والد مريم العذراء ينتهي نسبه إلى موسى بن عمران عليه السلام.

إذاً،، أين تكمن الحقيقة؟ وما هو النسب الصحيح لوالدة عبد الله ورسوله عيسى عليه السلام،، من وجهة نظر النصارى، وسط كل هذه التكهنات والتخرصات والتناقضات المخلة بالحق والحقيقة؟؟

واضح أن هؤلاء ألنصارى قد إستنفذوا كل ما لديهم من أدلة ومراجع وحجج، أثبتت كلها عجزها تماماً عن تحديد النسب الصحيح لنبي الله ورسوله عيسى عليه السلام. أما يسوع المنسوب ليوسف النجار أو لغير عمران فهذا شخص لا نعرفه ولا نعترف به، ليس إدعاءاً ولكن ما سنثبته بالتحليل والدراسة والبراهين فيما يلي.

كانت الإصطفاءات كلها مستقيمة تماماً كما أراد الله تعالى لها أن تكون ما عدا الإصطفاء الرابع (آل عمران)، الذي إنحرف تماماً عن مساره بفعل أهل الكتاب من يهود ونصارى، فأفسدوه بأهوائهم، وقلبوه رأساً على عقب خاصة النصارى منهم، الذين عبثوا كثيراً في أنساب الرسل والأنبياء في سعيهم لخلق شخصية إسطورية خارقة نسبوها إلى عبد الله ونبيه ورسوله المسيح عيسى بن مريم، (وهو منها براء، كبراءة الذئب من دم بن يعقوب)، فتاهوا وتَوَّهُوا غيرهم ثم ضلوا، وأضلوا غيرهم،، وضلوا عن سواء السبيل.

فلا يعقل أن يترك الله تعالى إصطفاءه هذا للعابثين والضالين المضلين، خاصة وأن هذا الإصطفاء يضم أحد أولي العزم من الرسل (من العيار الثقيل) هو موسى بن عمران بالإضافة إلى أخيه هارون، والذي ينتهي بآخر ذرية عمران وهو "عمران والد العذراء الصديقة مريم فأنزل الله تصحيحاً لهذا المسار والإصطفاء،، وحياً وقرآناً مبيناً على خاتم أنبيائه ورسله محمد بن عبد الله "آخر ذرية إصطفاء إبراهيم الخليل" إبن الذبيحين، وأول الأنبياء والمرسلين وخاتمهم. صاغه في سورتين كريمتين معجزتين مشفرتين هما "سورة آل عمران"، و "سورة مريم". وضع بهما النقاط على الحروف فكشف مستورهم وأفحم رواد فجورهم، وطوى عصورهم، ثم قصم بالحق والصدق ظهورهم.

أولاً: بين خطأ اليهود والنصارى وهم يحسبون أن نبي الله إبراهيم الخليل من ضمن أنبيائهم ورسلهم،، والحقيقة غير ذلك تماماً لأن مرجعيتهم الدينية محصورة فقط في "آل عمران" الذين يبدأون بعمران والد موسى وهارون وينتهون بعمران والد مريم العذراء. فليس هناك ما يبرر هذا الإدعاء الباطل. إذ أن « موسى» (كليم الله)، وأخيه « هارون »: هما (بني عمران بن قاهث بن عازر)، بن لاوي، بن « يعقوب »، بن « إسحق »، بن « إبراهيم الخليل ».

فآل إبراهيم إصطفاءٌ كاملٌ، قائم بذاته وآل عمران إصطفاء آخر. ولكل منهما ذريته من الأنبياء والمرسلين والصالحين. قال تعالى في سورة آل عمران: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ-;- آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ 33)، (« ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ » وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 34).
وقال: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ « لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِن بَعْدِهِ » أَفَلَا تَعْقِلُونَ 65)؟؟؟، (هَا أَنتُمْ هَٰ-;-ؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ « فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ ؟؟؟» وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ 66)، («مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا » وَ « لَا نَصْرَانِيًّا » وَ «« لَٰ-;-كِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا »» - وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ 67)، (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ « لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ » وَ « هَٰ-;-ذَا النَّبِيُّ » وَ « الَّذِينَ آمَنُوا » - وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ 68). الكلام واضح ومباشر ومؤكد بالواقع.

وبتتبعنا لنسب نبي الله « زكريا » عليه السلام،، ثم مقارنته بنسب عمران والد البتول، تبين النتائج والحقائق التالية:
1. زكرياً بن لدن، 2- بن مسلم ..... يعود نسبه إلى .... (11- غينامن, 12- بن رحبعام)، 13- بن « سليمان », 14- بن « داوود »,
2. وعمران 2- بن باشم، 3- بن امون ..... والد البتول،، يعود نسبه إلى .... (11- بن إيان, 12- بن رحبعام), 13- بن « سليمان », 14- بن « داوود »,)
3. كلاهما من بيت حصرون بن فارض ، (بن يهوذا, بن « يعقوب») بن « إسحق »، وهذا يعني أن (غينامن، و بن إيان) إبنان لرحبعام بن « سليمان »، بن « داوود », فأبويهما (بهناشاط، و يهفاشاط) وهما أبناء عمومة.
4. البعد الزمني وعدد الأجيال بينهما وبين رحبعام بن سليمان بن داود متساوينان وهو (أربعة عشر جيلاً) لكل منهما. وهذا يؤكد حقيقة أنهما متزامنان ومن جيل واحد بل ومعاصران لبعضهما البعض وهذا هو الواقع المتفق عليه فيما يتعلق بزكريا ووالد العذراء البتول عليها السلام.

من كتابهم المقدس لديهم،، قمنا بعمل مقارنة بين عمران والد موسى وبين "حفيده وآخر ذريته" عمران والد العذراء، فخلصنا إلى الحقائق التالية:
أولاً عمران والد موسى:
1. ليس نبياً ولا رسولاً،، وأبناؤه نبيان هما: « موسى »، « هارون »، وهما أعلى مرجعية دينية لليهود والنصارى ويمثلان بداية آل عمران. ولهم أخت تكبر موسى عليه السلام بعدة سنوات، إسمها مريم،
2. هم من بيت (لاوي بن يعقوب) بن إسحق، وهذا يعني أن هناك بون شاسع واسع ما بين مريم أخت « موسى »، و« هارون » وبين مريم العذراء لعدة حقائق،، أهمها:
(أ): مريم أخت « موسى »، و « هارون » هي من بيت (لاوي بن يعقوب)،،
(ب): مريم العذراء، إبنة عمران هي من بيت (يهوذا بن يعقوب)،،.
(ج): بالإضافة إلى أن أخت « موسى» بينها وبين « يعقوب » (ثلاث ذُرِّيَاتٍ) فقط, بينما مريم العذراء بينها وبين « يعقوب» (سبعة وعشرون ذرية) كاملةً بالتمام والكمال,

وقد برهنا "من كتابهم ومراجعهم" أن يواكيم هذا - الذي "يظن" جميع النصارى أنه والد العذراء مريم - يستحيل قطعاً أن يعاصر زمنها وجيلها فضلاً عن أن يتزوجها. فكيف يمكن أن يبقى "يواكيم بن يعقوب بن متان بن ألعازر"،،، أو غيره, كل هذا الزمن السحيق ليتزوج من إمرأة هي أخت زوجة زكريا عليه السلام؟؟؟
لم نجد مصدراً واحداً نصرانياً إستطاع أن يجزم بحقيقة والد السيدة الصديقة العذراء البتول مريم لا من الكتاب المقدس لديهم ولا من مراجع أهل الكتاب على إختلافها وتعددها.

وعليه فقد أثبتنا بما لا يدع مجالاً للشك بأن هناك أيدٍ آثمة ونوايا مغرضة عبثت (عن عمد) في نسب السيد المسيح وأمه عليهما السلام،، فكان لا بد من أن يتدخل الوحي السماوي ليصحح كل هذه الإفتراءات ويقومها، ويضع الأمور في نصابها الصحيح، لذلك فقد أنزل الله تعالى سورتان كبيرتان "مشفرتان" لمعالجة هذا العبث الذي ظن أصحابه أن الله تعالى غافل عما يعملون،، فجعلهم يمكرون المكر السيء حتى نهايته، ثم تركهم حتى إطمأنوا بأن سرابهم كان ماءاً فلما جاؤوه لم يجدوه شياً،، فلم ينفعهم مكرهم بل أصبح وبالاً عليهم. وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال،، ولكن الله "شديد المحال"، يمهلهم ويملي لهم ولكنه لا يهمل شيئاً.

بدأ الله بإسم السورة فسماها سورة "آل عمران"،، لأن كل العبث والمكر والمغالطات كانت في هذا الإصطفاء الذي كان مسئولاً عنه يهود بني إسرائيل والنصارى الذين لم يتركوا شيئاً على حاله أو أصلاً على أصوله فعلى الرغم من أن الإصطفاء به عمرانان إثنان،
1. أحدهما عمران "والد موسى وهارون"، (بن قاهث بن عازر، بن لاوي، بن « يعقوب »، بن « إسحق »، بن « إبراهيم الخليل»).
2. والثاني "عمران والد العذراء ، آخر ذرية عمران الأول – والد موسى وهارون، (بن باشم, بن أمون, بن ميشا, بن حزقيا, بن احريق, بن موثم, بن عزازيا, بن امصيا, بن ياوش, ين احريهو, بن يازم, بن يهفاشاط, بن ايشا, بن إيان, بن رحبعام, بن « سليمان », بن « داوود », بن إيشار, بن عويد, بن عابر, بن سلمون, بن نحشون, بن عميناذب, بن أرم, بن حصرون, بن فارص, بن يهوذا, بن « يعقوب », بن « إسحق », بن « إبراهيم الخليل »)، إلَّا أنهم أسقطوه "قصداً" وإستبدلوه بآخر مشكوك فيه فتارة يقولون عنه (يواكيم) وتارة أخرى يقولون عنه (هالي).

فجاءت السورة مشفرةً بالآية الكريمة المعجزة (ألم). ثم أنزل في القرآن سورة أخرى سماها سورة "مريم"، والمقصودة هي مريم العذراء البتول أم الحبيب عبد الله ورسوله ونبيه المسيح عيسى عليه السلام،، فصحح فيها مسار قصة ونسب وفضل هذه الصديقة وبيَّنَ لماذا إصطفاها على نساء العالمين،، ولماذا يستحيل أن يكون لعيسى أباً من البشر أو غيره، وأنَّ خلقه تماماً كخلق آدم "من تراب". ولأن أهل الكتاب عُرفوا باللجاجة والمغالطات والمماحكة، ولأسباب يعلمها الله تعالى فقد شَفَّرَهَا أيضاً بحروف مقطعة هي الآية الكريمة المعجزة (كهيعص).

لقد حاورنا السورتين تباعاً "بالتدبر"، فإستمعنا لشهادتيهما لأنهما المرجع الوحيد المعتمد من بين كل المراجع الأخرى فهو الحق المبين من الله رب العالمين.
أولاً: لفتنا نظر القاريء إلى أن إسم السورة عادةً يكون جزءاً من مدلولاتها خاصة في السورة التي فواتحها من الحروف المقطعة. ومرتبط تماماً بفاتحة السورة. فقلنا، كأنما الله تعالى يقول للمتدبر: (إنتبه جيداً!!! عند ذكر آل عمران بهذه السورة التي تحمل هذا الإسم، تدبر وترقب إعجاز ومدلول الآية الكريمة "ألم" لتعرف الغاية منها وما تأثيرها على غرائب الأحداث وعجائبها)، وقد كان.

من أين إذاً يامحمد!! جاءك هذا الكتاب؟ إن لم يكن من عند الله تعالى، وليس كما يدعي هؤلاء الجهلاء المكذبين؟ ... لا شك أن الله: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ...) مثلاً: لقد رأينا (الم) جاءت ست مرات متشابهات تركيباً وصدارة، ولكن كل منها لا يشتبه بالآخر،، وكذلك الحال مع (الر) خمس مرات، و (حم) سبع مرات ،،، الخ. وقد بينا الفرق ما بين كلمتي مُشْتَبِهٍ - و مُتَشَابِهٍ في القرآن الكريم وذلك في موضوعنا بعنوان (تصحيح مفاهيم خاطئة (جزء 1) – عند الرابط التالي http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=400351

ولعل الحروف المقطعة - فواتح بعض السور "المشفرة" - هي ضمن هذه المتشابهات، وكما أن الفاتحة هي التي تحدد الذين جاء هذا الكتاب من أجلهم، فكذلك هذه الفواتح، فهي تحدد المقصود منها بالسورة المعنية، كما شاهدنا فإن "يس" من بعض المقصود بها تأكيد رسالة محمد بتحدٍ معجز، و "طس" من بعض المقصود بها تبرأة سليمان من تهمة الكفر التي إفتراها عليه أهل الكتاب، وإثبات فضله وورعه وعظيم إيمانه، وكذلك "طه" تتعلق بنبي الله موسى، و"الر" المقصود بها نبي الله يوسف،،، الخ ،، فمن المقصود بالآية المحكمة "الم" في هذه السورة من آل عمران؟ هل هي إمرأة عمران نفسها، أم مريم الصديقة، أم زكريا ويحي،، أم هو المسيح عيسى نفسه؟؟؟ أم لعله تصحيح مسار الإصطفاء الرابع الذي خربه أهل الكتاب، أم كل هذا وذاك مجتمعاً؟؟

وقد تساءلنا، فقلنا إنَّ هذه الإصطفاءات الأربع التي سبقت مجيء المسيح عيسى تعتبر خارطة الطريق لمسار النبوة والرسالة، ولكن تدور في الذهن بعض الأسئلة البديهية الملحة،، مثلا:
1. لماذا ذكر الله تعالى كل الإصطفاءات الأربع مع أن المعنِيَ "تحديداً" هو الإصطفاء الرابع - "آل عمران" - حسب ما يوحيه إلينا إسم السورة وفاتحتها الآية "الم" المطلوب تدبرها عند ذكر آل عمران تحديداً بهذه السورة الكريمة؟؟؟
2. ما هي المؤشرات التي تساعد المتدبر في الوصول إلى مواقع إضاءات هذه الآية الكريمة المعجزة،
3. كيف يمكن تصور إعادة تصحيح سيرة إصطفاء "آل عمران" المتداعي عبر ثلاث حروف فقط هي (ألف، لآم، ميم)، وقد شاهدنا جميعاً في الموضوع السابق (المختصر جداً)، ما وصل إليه أهل الكتاب من ربكة وتخبط وخلط للأوراق وتداخل الأجيال وتشويه الأنساب ،،، الخ؟ كيف يمكن تصور ذلك أساساً وما هو السر الذي تتضمنه هذه الآية؟؟؟

4. هل النتيجة التي ستتبلور من معطيات هذه الآية الكريمة (لها علاقة بالآية الكريمة المعجزة "كهيعص" في سورة مريم)؟؟؟
5. ما هي أسباب ومبررات ومقتضيات مجيئ المسيح عيسى عليه السلام في الأساس، وما هي التغيرات الجذرية التي أحدثتها الآية الكريمة "ألم" في إصطفاء آل عمران؟
6. وهل عيسى عليه السلام (من ذرية إصطفاء آل عمران وإمتداد له بعد إنقطاع؟)، أم هو إصطفاء نوعي آخر خاص، وما علاقته بإصطفاء آل عمران؟؟؟
وقد ناقشنا كل ذلك بتفصيل كافٍ رغم أنه مختصر بعض الشيء، ولكن ما نورده هنا فقط للتذكرة لربط محاور الموضوع ببعضها البعض لتقريب الصورة وتوضيحها.

فبعد تحديد الإصطفاءات الأربع وذرياتها ومن بينها إصطفاء آل عمران، الذي عرفنا منه أمران:
أحدهما إيذاناً ببداية التدبر بحثاً عن "ألم" ومدلولاتها،
والثاني من هي "إمرأة عمران" التي ذكرها الله في قوله: («إِذْ قَالَتِ » امْرَأَتُ عِمْرَانَ ...), وماذا قالك تحديداً، وما معنى وأثر ذلك القول؟

قالت: (... رَبِّ ...):
1. (... « إِنِّي » نَذَرْتُ ...),
2. (... « لَكَ » مَا فِي بَطْنِي ...),
3. (... « مُحَرَّرًا » ...),
(...«« فَتَقَبَّلْ مِنِّي »» - إِنَّكَ أَنتَ « السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » 35). فكانت (ألف، لام، ميم) في الحروف الأول من هذه الكلمات (إني...، لك ....، محرراً). وأن هذه الكلمات الثلاثة كانت وراء أحداث وغرائب وعجائب وإعجازات كثيرة وكثيفة ومتداخلة، بل وخارقة بكل المقاييس والمعايير.
وعلى الرغم من أن إمرأة عمران قد ختمت رجاءها بقولها لربها: (... «« فَتَقَبَّلْ مِنِّي »» - إِنَّكَ أَنتَ « السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » 35)، إلَّا انها تجهل إستحالة تحقيق طلبها بالنواميس المعتادة، إلَّا أن الله قد إستجاب لها فليس عنده مستحيل.

فقد علم أساس غايتها وما وراء رجاءها فحققه لها بأكثر ما يمكن أن تتصوره أو ترجوه.
أولاً: نذرت ما في بطنها على أمل أن يكون المولود ذكراً حتى يكون إمتداداً لذرية إصطفاء آل عمران بعد أن مات عمران زوجها وهي حبلى منه بمريم فأصبح بموته نهايةً لذرية آل عمران،
ثانياً إصرارها على غايتها حتى بعد أن وضعتها أنثى، ولكنها لم تيأس ويظهر ذلك من رجاءها من الله تعالى بقولها له: (... وإني أعيذها بك ..... وذريتها من الشطان الرجيم).
ثالثاً: هي لا تدري أن إمتداد إصطفاء آل عمران بعد موت أخر ذريتهم وهو زوجها عمران بن باشم مستحيل أن يتم عبر مريم العذراء، لأن الأنثى لا تعتبر إمتداداً للذرية،، كما أنه يستحيل أن يتزوجها شخص خارج الذرية فينجب منها نبياً أو رسولاً. ولكن مع كل هذه الإستحالات قد إستجاب الله تعالى لطلبها "ألم"، فكيف السبيل إلى ذلك؟

فالسميع العليم، المجيب لعباده الصالحين، وليس لإجابته حدود أو عوائق، وليس عنده مستحيل، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ماذا فعل حيال هذه الأمنيات الطموحة والمستحيلة بكل المقاييس على إستيعاب تصور البشر، ولكن على الله هين، لذا قال:
1. (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا « بِقَبُولٍ حَسَنٍ » ...) ... فهل الله عنده دون القبول الحسن، أم لعله يريد أن يؤكد أمراً؟؟؟
2. (... وَأَنبَتَهَا « نَبَاتًا » حَسَنًا ...) ... وهل الله عنده إنباتا دون الحسن مطلقاً؟؟؟ إذا ما الموضوع؟
3. (... وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ...), فهذا يؤكد وفاة والدها قبل أن تولد لذا كفلها زكريا نذيرةً يتيمة،، فهو أكثر الناس ضماناً لرعايتها بعد وفاة إبيها الذي هو قريبه ومع هذا وذاك فهو أحد أنبياء الله الصالحين،
4. وتولى الله تعالى حتى رزقها بما لم يعهده غيرها في ذلك الزمان، مما أدهش نبيه زكريا، فالأمر فوق تحمل الأنبياء، فما بالك بالآخرين، فحين رأى نبي الله زكريا كل هذا الكرم الفياض، والعناية الفائقة بهذه الفتاة اليتيمة، تذكر حاله وقد بلغ من العمر عتياً ووهن عظمه وإشتعل رأسه شيباً ومع ذلك ليس له ولد من صلبه يأتمنه على ما ورثه من آل يعقوب.

وإمرأته عاقر لذا لا أمل في الإنجاب منها، فقد بلغت سن اليأس منذ زمن طويل، والشيب والوهن يمنعه من أن يفكر في الزواج من غيرها،، لذا أوكل الأمر إلى ربه الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فبشره بالولد بمواصفات تفوق طلبه ورجاءه. (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ « وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ » - أَنَّ اللَّهَ « يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ-;- » « مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ » وَ « سَيِّدًا » وَ « حَصُورًا » وَ « نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ » 39).

إذاً لو لا "ألم" من كلمات إمرأة عمران والتي تقبل الله تعالى رجاءها في بنتها فتقبلها بقبول حسن ،،، الخ، وشاهد زكريا ذلك الفضل الذي أحاط الله تعالى به مريم، لَمَا سأل الله الذرية، ولما جاءته البشارة بيحي عليه السلام. للتفاصيل،، أنظر الرابط: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=425072

الآن عودة إلى الصديقة البتول مريم العذاء، فماذا ينتظرها بعد كل هذه العناية والكرم من ربها سبحانه وتعالى؟؟؟
أولاً: جاءتها البشرى بالإصطفاء والتطهير والإصطفاء على نساء العالمين.
1. لابإصطفاء الأول لأنها ليست مشمولة في الإصطفاءات الاربع التي على العالمين، فهي إذاً ليست ضمن آل عمران، فكان إصطفاءاً خامساً ملحقاً "ناقصاً" لأنه فقط على نساء العالمين،
2. وكان التطهير، لأنه إطصفاء لأنثى،، فلعله يلزمها معالجته بكيفية ما (تطهير)، حتى تكون لائقةً بالإصطفاء الثاني،
3. الإصطفاء الثاني، كان من الإصطفاء الأول لأن تكون أماً لنبي ورسول من أولي العزم من الرسل هو المسيح عيسى بن مريم.

فالملاحظ أن "عمران والد موسى وهارون" ليس نبياً ولا رسولاً ولكن "ذريته" التي فيها النبوة والرسالة والعزم. وكذلك الحال مع مريم فهي مصطفاة "كأم لنبي ورسول" من أولي العزم. رغم أنه ليس ضمن ذرية آل عمران ولكن ينسب لآل عمران. فبقيت الإصطفاءات الأربع الأساسية الكاملة كما هي،، أليس هذا غاية الإعجاز ومبلغ الحكمة والإرادة والهيمنة؟؟؟

كل هذه الأحداث والتطورات المتلاحقة والإعجازات، وإمرأة عمران نفسها لا تعرف عنها شيئاً ولا عن ما سيحدث لها لاحقاً من شيء. ولكن كل هذه الغيبيات كيف تصل إلى علم الإنسان، ومن الذي يستحق أن يختصه الله بها ولماذا؟

حقيقةً لقد إختص الله تعالى به النبي والرسول الخاتم دون سائر الأنبياء والرسل،، فأحاطه علماً بتفاصيل كل تلك الأحداث الغيبية، فقال له: (ذَٰ-;-لِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ « نُوحِيهِ إِلَيْكَ » - وَ « مَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ » وَ « مَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ » 44)،، هذه الحقيقة لا يعلمها أحد من أهل الكتاب ولا النصارى أنفسهم، فهو وحي من علم الله تعالى إختصه به منفرداً متفرداً دون سواه، ولا حتى المعنيين بالأمر وأبطال القصة الحقيقيين.

كان وقع هذه البشارة على مريم العذراء، وما ردها على الملائكة قد صوره الله تعالى بقوله عنها: (قَالَتْ رَبِّ « أَنَّىٰ-;- يَكُونُ لِي وَلَدٌ » ...), فأنا لست متزوجة، ولم يمسسني رجل بغير زواج،، فكيف إذاً يكون ذلك الولد؟؟،، قالت: (... وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ...), فالأمر لا تستطيع إستيعابه أو تصوره. (... قَالَ « كَذَٰ-;-لِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ » ...), فهو لا يتعدى كونه خَلْقٌ من ضمن تنوع خلقه كيف يشاء، خَلَقَهُ الله سبحانه، فهو الخلَّاقُ العليم: (... إِذَا « قَضَىٰ-;- أَمْرًا » فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ 47). فهو إذاً فهو مجرد "أمر" قضاه الله تعالى لحكمة يعلمها هو، "قال له كن فيكون". لأن فعل الله يتم بمجرد القول.

تمت البشارة كاملة، بعد أن بلغت إضاءات الآية الكريمة "ألم" غايتها فيما يتعلق بعيسى عليه السلام، وبينت الآيات التي خلت بأنه:
أولاً: عيسى ليس من ذرية آل عمران، على الرغم من أن جده من أمه "عمران" هو آخر إصطفاءات آل عمران، وبالتالي لن يكون نبياً ولا رسولاً من ذرية آل عمران إنْ تزوجت مريم من أي شخص آخر من البشر، لأن الولد يجب أن يكون أبوه من الذرية وليس أمه،

ثانياً: إستجابة الله تعالى لقول إمرأة عمران ونذرها له ما في بطنها (على أمل أن يكون ولداً ذكراً)، لم يخيبه الله تعالى، كما ظنت، لأنه قد (تقبلها ربها بقبول حسن، وأنبتها نباتاً حسناً،،،)، ثم إصطفاها مرتين بينهما تطهير، ثم جاء بنبي من هذا الإصطفاء ليس من نطفة رجل، وإنما خلقه في داخل رحمها الطاهر، حتى لا ينسب لبشر (خارج الإصطفاءات الأربع)، ومع ذلك كان جنيناً عادياً كغيره من ألأجنة في كل مراحل ما بعد النطفة، وكان حملاً سليماً بكل المعايير ووفق النواميس البشرية فنمى في داخلها حتى أكتملت فترة الحمل بمراحله فولدته بمخاض طبيعي تماماً كما تلد النساء.

قال تعالى موضحاً ذلك: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ-;- عِندَ اللَّهِ « كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ » ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ 59). لا أكثر من ذلك من حيث الخلق ولا أقل.
ثالثاً: زكريا قد تحققت له أمنية حياته،، فبشره الله المجيب "بيحي"، وأعطاه ما لم يخطر بباله أو يحلم به من الفضل والمكانة السامية لهذا النبي المبشر به،

رابعاً: جاءت الملائكة بالبشرى للعذراء المصطفاة على نساء العالمين، بأنها ستلد نبياً مدعوماً بآيات بينات، ورسولاً لبني إسرائيل، وله فضل ومكانة ووجاهة في الدنيا والآخرة ومن المقربين, ومن الصالحين،

خامساً: يجب أن لا نمر "مروراً عجلاً"، على الآية التي قال فيها عيسى عليه السلام لقومه: (إِنَّ اللَّهَ « رَبِّي وَرَبُّكُمْ » - « فَاعْبُدُوهُ هَٰ-;-ذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ » 51). خاصة عبارة « فَاعْبُدُوهُ هَٰ-;-ذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ »، لأن هذه فيها « ع ص »، وهي الجزء الأخير من الآية الكريمة (كهيعص)، بسورة "مريم"، لنرَى عجائبها وغرائبها بعد أن تتحول البشارة هناك إلى حقيقة شاخصة بميلاد "يحي" لزكريا، و "عيسى" لمريم، الذي سيقول حينئذ بنفسه الآية نفسها التي جاءت في سورة آل عمران: (وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ « فَاعْبُدُوهُ هَٰ-;-ذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ 36 ») ،،، (ع ص).

وسورة مريم، أيضاً تشير إلى إحكام بليغ،، غاية في الدقة لذلك ورد في مطلع السور (تشفيرٌ)، ليظل الذهن متيقظاً أثناء تدبر أياتها ومترقباً بشغف إلى ما ترمز إليه بداخلها من آيات معجزات تدل على إحكام هذا الكتاب الذي "فيه آيات بينات هن أم الكتاب وأخر متشابهات"،، وقد بدأت سورة مريم هذه بآية مركبة فقط من خمسة أحرف متقطعة "إسم حرف" يليه "صوتا حرفين" ثم "إسما حرفين" آخرين هكذا: ("كآفْ" ، "هَـ" ، "يَ" ، "عِيْنْ" ، "صَآدْ") ذلك في قوله تعالى (كهيعص 1).

هناك أسئلة بديهية ومنطقية وملحة تستدعي الوقوف عندها ومحاولة الإجابة عليها ومعرفة أسرارها وإعجازها، منها مثلاً:
• ما قصة زكريا عليه السلام في هذه السورة؟ وما الذي يؤرقه ويرجوا من الله تعالى أن يحققه له؟
• وما هي أوجه الإستحالة المركبة تركيباً معجزاً لِمَا يطلبه هذا النبي الكريم من ربه؟
• وكيف كانت الإستجابة لرجائه، وتحقيق مراده بأكثر مما كان يرجوه ويتمناه؟
• وهل هذا الطلب المستحيل بكل المقاييس المادية والإستجابة إليه بهذه السهولة يستحق فعلاً أن يرمز الله تعالى له بأحرف من نور في مطلح هذه السورة الكريمة ليلفت الأنظار إلى هذا الإعجاز البياني البيِّن المضيء؟
• لماذا سميت السورة بإسم (مريم)، هل هي حقيقةً محور كل هذه الأحداث الغريبة دون سواها؟
• ولماذا أُخِّرَتْ قصة مريم وقُدِّمَتْ عليها قصة زكريا وجاءت قصتها معطوفة على قصته؟
• هل من علاقة ما بين الأحداث التي بسورة آل عمران التي رقمها بالمصحف "3" وهذه السورة التي رقمها "19"؟؟ فإن كان ذلك كذلك،، فما هي هذه العلاقة؟ وما الحكمة من ذلك؟ ولماذا لم تأت القصة كاملة في سورة آل عمران وقد بدأت هناك وتتناول نفس الأحداث؟ ..... أم أن هناك أحداث خلال الفترة التي تلت البشارة وحتى تحقيقها مادياً بميلاد النبيين الكريمين « يحي » و « عيسى » عليهما السلام؟؟ أم أن هناك أسباب أخرى منطقية؟؟؟

زكريا قد طلب من ربه الزرية رغم أن ظروفه الصحية وقدراته البدنية يستحيل معها أن تتحقق تكل الغاية، ففندها أمام ربه وطلب الإستجابة من لدنه وكفى، فلم يجرب أن طلب منه شيئاً من قبل فرده الله خائباً دون أن يحقق له ما طلب. فرد الله عليه بقوله: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ-;- لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا).
فزهل « زكريا » عليه السلام من هذه الإستجابة العاجلة السريعة.

يعلم زكريا أن وعد الله حق، لذا أدرك أنه الآن في ورطة فهو مقبل على مشكلة إجتماعية عاصفة لا قبل له بها لذا: (قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ-;- يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا 8) وهذه قضية ثالثة لا تقل غرابة وعجباً عن سابقاتها. فجاءه الرد من الله حاسماً، ومباشراً: (قَالَ « كَذَٰ-;-لِكَ » قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ « هَيِّنٌ » وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا 9). إذن الحروف الثلاثة الأول من الآية "كهيعص" هي: الحرف "ك" من كلمة « كَذَٰ-;-لِكَ » قال ربك،والحرفين (هـ ي) هما من كلمة هو علي « هَيِّنٌ »، (كذلك ... هين). ومن ثم طلب عون الله ليحل له المعضلة الإجتماعية التي سيواجهها فهو يحتاج إلى برهان قوي يقنع الناس ويجاوب على تساؤلاتهم، لذا: (قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ « ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا » 10). وهكذا جاء يحي عليه السلام.

أما بخصوص العذراء مريم: شاء الله تعالى أن يُضَمِّنَ هذه السورة الكريمة قصةً أخرى شبيهة بقصة زكريا عليه السلام وتقاربها في الغرابة وقدرة الله المطلقة على كل شيء. بل وتكاد تكون أغرب منها، وهي أيضاً تدور حول نفس الموضوع وهو "إنجاب الولد" بصورة تعتبر مستحيلة بكل المقاييس فربط الله تعالى هاتين القصتين بواو العطف حيث قال (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ « عَبْدَهُ زَكَرِيَّا » 2) ......... (وَ « اذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ » ... 16) لتعرف كيف فعل الله الرحمة ذاتها مع تلك الصديقة المباركة المصطفاة على نساء العالمين والتي كانت قد نذرتها أمها للرحمن وهي لا تزال جنيناً في بطنها، والتي تقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا.

هناك إختلاف بين غاية زكريا الذي طلب "الولد" وغاية إمرأة عمران التي أيضاً طلبت "الولد" لنفس الغاية تقريباً، وهي إستمرارية ذرية آل عمران. وقد إستجاب الله تعالى لها وهي لا تدري، لذا فإن أصل القصة وأساس محركات الأحداث تدور حول مريم "النذيرة" التي تعتبر محوراً فريداً لما حدث وما سيحدث مع تتابع الأحداث وتطورها وتداخل حلقاتها في السورتين الكريمتين معاً.

فمريم العذراء التي جاءتها الملائكة ببشرى "الولد" وهي لم تكن تتوقع ذلك ولم تطلبه ولكن هذا كان إستجابةً لقول أمها الصالحة، ومراد الله تعالى الذي خرق به كل النواميس التي عرفها الناس في حياتهم العادية، فلا رَآدَّ له ولا مُبدِّلَ لكلماته. و "لعلها" هي أيضاً لا تدري كيف كان رجاء أمها من الله أن يحفظ لها أمنيتها ورجاؤها منه في ذرية إبنتها مريم، مادام أنه لم يتحقق ما كانت تصبوا إليه بنذرها ما في بطنها للرحمن لأنَّ ذلك الجنين جاء أنثى، وهي تعرف أن الأنثى لا تصلح للنبوة ولن تكون إمتداداً لذرية آل عمران بعد موت زوجها عمران الذي هو آخر ذرية "عمران والد موسى وهارون"، لذلك إنتقلت تطلعاتها إلى تحقيق ذلك في أحفادها من بنتها مريم.

بدأت قصة السيدة مريم الصديقة البتول في سورة آل عمران بالبشرى بالإصطفاء على نساء العالمين، ثم بالبشرى بالمسيح عيسى عليه السلام. ولكن لم تدخل السورة في تفاصيل ذلك الحمل بل جاء الأمر إليها إجمالاً حيث إنحصر في البشرى بكل مراحلها، قال فيها: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ-;- نِسَاءِ الْعَالَمِينَ 42), وإنتهت بقوله لها: (يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ 43). هذا كل شيء عن مريم هناك.

تفاصيل إستجابة الله لهذه البشرى وما ترتب عليها. فكل ذلك الذي حدث كان غيباً محضاً،، لم يطلع الله تعالى عليه أحدُ من العالمين سوى نبيه ورسوله الخاتم محمد بن عبد الله آخر الإصطفاء الثالث "الوسط" (آل إبراهيم) الذي بدأ بإبراهيم الخليل وإنتهى بآخر ذريته وهو محمد الخليل،، عليهما الصلاة والسلام، حيث قال تعالى في ذلك لرسوله الخاتم: (ذَٰ-;-لِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ - «« نُوحِيهِ إِلَيْكَ »» - وَ « مَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ » وَ « مَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ » 43).

بدأها تعالى بقوله له: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ « إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ » - بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ - « اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ » - « وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ » وَ « مِنَ الْمُقَرَّبِينَ » 45)، إلى قوله: (إِنَّ هَٰ-;-ذَا « لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ » وَ «« مَا مِنْ إِلَٰ-;-هٍ إِلَّا اللَّهُ »» وَ « إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » 62).
تبدأت تفاصيل قصة مريم هنا في السورة معطوفةً على قصة زكريا ويحي، بعد أن فرغت منها بمجيء يحي وتنصيبه نبياً.
(التفاصيل بالرابط بالرابط: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=426291)

فهذا العطف "إذا تدبرناه جيداً"، نلاحظ: كأنما أراد الله أن يقول إن كهيعص ليست فقط فاتحة لقصة زكريا، وإنما هي أيضاً فاتحة لقصة مريم العذراء، كما يلي:
1. (كهيعص 1)، تلك تتناول: («« ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا »» 2) ........
2. (كهيعص 1)، تلك ........ :(«« وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ »» ...)،،،،، الخ،
وهذا يجلنا نتحرى "كهيعص" مرة أخرى في تفاصيل قصة مريم هنا أيضاً.

فالعذراء مريم "بعد البشرى" في سورة آل عمران قررت أن تبتعد عن أهلها بقدر المستطاع، وليكن ذلك من جهة الشرق من المحراب، لذا قال: (... إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا 16). ولكنها لم تكتف فقط بالجهة والبعد وإنما إحتجبت عنهم حتى لا يراها أحد، قال: (« فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا » ...), ظناً منها أن هذا الحجاب سيكون كافياً ومؤدياً للغرض الذي إتخذته من أجله، ولكن ألله تعالى له معها شأن آخر لم تحسب حسابه،، قال: (... فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا ...), وهو الملاك جبرائيل عليه السلام، جاءها برسالة من الله وكان في صورة بشر، قال: (... فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا 17).

تفاجأت العذراء البتول بجبريل شاخصاً أمامها، فخافت منه وتوجست، لأنها ظنه بشراً يريد أن يلحق بها أذى فذكرته بمخافة الله وتقواه حتى لا يتسبب لها في أي ضرر أو مضايقة وهي بلا شك واثقة من أن الله تعالى قادر على أن يحميها منه ومن غيره إن لم يكن تقياً وقصد بها شراً، ولكن جبريل عليه السلام طمأنها بأنه على غير ما تصورت،، فلم يكتف فقط بتسكين روعها وخوفها منه وإنما أعلمها بمهمته وقصده وأنه مكان ثقه لأنه جاءها بأمر ربها لمهمة محددة ومقضية ولا راد لها وهي إيذانها بدخولها في مرحلة الحمل بعيسى. وقد أظهرت دهشتها وإستنكارها لإمكانية إنجابها بدون زواج "دون إعتراض أو تكذيب" وإنما عدم قدرتها على إستيعاب الكيفية التي سيتم بها أمر ربها، بلا زواج شرعي، ولا بدونه، إذ أنها طاهرة نقية عفيقة، ليس عندها مصدر آخر غير الشرع.
هنا أيضاً تأتي اللحظة الحاسمة "ترميزاً" لهذا الإعجاز فرد الله تعالى عليها بطريقة حاسمة جازمة لا مجال فيها للأخذ والرد: (قَالَ «« كَذَٰ-;-لِكِ قَالَ رَبُّكِ »» هُوَ عَلَيَّ «« هَيِّنٌ »» وَلِنَجْعَلَهُ « آيَةً لِّلنَّاسِ » وَ « رَحْمَةً مِّنَّا » ...)، فلا فكاك منه ولا مهرب من مرادنا، ولا رجعة فيه، لذا قال لها مؤكداً: (... وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا 21). لا راد له من الله،، إذن الحروف الثلاثة الأول من الآية "كهيعص" هي كالآتي:
1. إسم الحرف "كاف" من كلمة « كَذَٰ-;-لِكِ » قال ربك،
2. وصوتي الحرفين (هـ ، ي) من كلمة هو علي « هَيِّنٌ » ،

و مأساتها ("في نظرها") - ووفق ما صورته هذه السورة الكريمة - بدأت منذ أن، قال الله تعالى لها: (... « وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا »)، علمت بعده أن الأمر أصبح حقيقةً وواقعاً سيتبلور خلال أشهر معدودة، فبدأت تقلب الأمور وهي تحاول أن تتصور ما تنتظرها من تداعيات. فمجرد التفكير فيها مخيف ومفزع لها، قال تعالى في ذلك: (فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا 22). بعيداً عن الأعين وقد خشيت من تعرضها للمضايقات ونظرات الشك في أعين الناس وفضولهم فاختارت مكاناً قصياً بعيداً عنهم وعن أهلها، خاصة وأنها لا تملك أي برهان مقنع تدافع به عن نفسها.

صور الله معاناتها وورطتها وتوجسها، وها هو ذا الجنين قد أصبح واقعاً في بطنها، فقررت إعتزال الناس تفادياً للقيل والقال وأسئلة المتشككين والمتربصين دائماً بالأنبياء والرسل والصالحين، وقد أصبحت في حالة نفسية صعبة وهي تشعر بحركة الجنين داخل أحشائها تشتد وتقوى وتعرف أنها إن عاجلا أم آجلاً سيكون الغلام ماثلاً بين يديها ولا تدري حينئذ ماذا ستفعل، ولا كيف ستتصرف، فظل حالها كذلك يزداد تأزماً وتحرجاً إلى أن جاء وقت الوضوع وأذن الله به.

قال تعالى: (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ-;- جِذْعِ النَّخْلَةِ ...). ولكن هذا لا يمنع بلوغها أقصى درجات الأسى والحزن حتى أنها: (... قَالَتْ « يَا لَيْتَنِي مِتُّ » - قَبْلَ هَٰ-;-ذَا - وَ « كُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا » 23).
على أية حال،، قد أشتدت مأساة مريم، وهي وحيدة في ذلك المكان وليس لها تجارب سابقة فتمنت الموت قبل أن تلاقي ما تلاقيه الآن وما ينتظرها بعده من قومها، لذا تمنت لو أنها ماتت حتى لا تواجه ما هي عليه الآن من ورطة.
ولكن رحمة الله وعنايته بها كانت تلازمها دون إنقطاع أو فتور، وقد تولى وليدها أمر توجيهها وطمأنتها وتبشيرها بالفتح، قال تعالى عنه: ( فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا 24). إن مسألة الأكل والشرب بالنسبة لك محسومة وأشياء أخرى ستعرفينها في وقتها فكوني مطمئنة، لا تشغلي بالك بشيء الآن هدئي من روعك: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا 25). (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا « فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰ-;-نِ صَوْمًا » - فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا 26).

هذا الحديث من وليدها وتوجيهه إياها قد أكد لها أنها على خير فإطمأنت له وإلتزمت بكل ما طلبه منها واستعدت لمواجهة بني إسرائيل بثقة، قال تعالى في ذلك: (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ...)، فبدأت المشكلة التي كانت تخشاها من إستنكار وتشكك وإتهامات: (... قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا 27).
وقد كانت مريم محقة في ثقتها بأن قومها لن يصدقوها مهما أتت إليهم من مبررات أو براهين لأنها تعرف أنهم جبلوا على التصعيد ولا يطيقون التهدئة أو الإزعان للحق خاصة إذا كان ذلك الحق سيخفف من حدة ذلك التصعيد السلبي البغيض.

قال تعالى: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا 29)؟ فكانت المفاجأة أن بادرهم الصبي على الفور معلناً عن نفسه: ( قَالَ « إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ » ...)، ليس كما تظنون وتتشككون، (... آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا 30)، إلى بني إسرائيل،
ليس ذلك فحسب، بل: ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا 31)، (وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا 32). (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ « يَوْمَ وُلِدتُّ » وَ « يَوْمَ أَمُوتُ » وَ « يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا » 33).

أليس بعد ورود هاتين القصتين العجيبتين وبعد التأكيد على أن عيسى بن مريم الذي يمترون فيه ويؤلهونه وأمه إنما هو "عبد لله ونبيه ورسوله"،، وأنه ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه، أليس كل هذا كافياً لقضية بهذه الخطورة أن يرمز لها الله تعالى بالحرفين الأخيرين من الآية الكريمة (ك ه ي « ع ص »)، فإذا كانت الحروف الثلاثة الأولى قد أكملت القصتين معاً بالتمام والكمال، فما هو دور هذين الحرفين الأخيرين من هذه الآية الكريمة؟

الآن سيعترف المسيح عيسى بنفسه على أنه لا يزيد عنهم في العبودية لله تعالى بل هو عبد مثلهم تماماً، لذا قالها لهم صراحةً مدويةً مبينةً: ( وَإِنَّ اللَّهَ - «« رَبِّي »» - وَرَبُّكُمْ ...)، فكلنا عبيده وله علينا إخلاص العبادة لذاته وحده لا شريك له، فهذا هو الصراط المستقيم الذي ينبغي علينا إتباعه والتمسك به ما حيينا، لذا قال: ( ... « فَاعْبُدُوهُ » هَٰ-;-ذَا « صِرَاطٌ » مُّسْتَقِيمٌ 36). فتضمنت هذه الآية الكريمة كلمتين أمر بهما عيسى قومه "لعبادة" الله لذاته وحده لا شريك له، وبين لهم بأن هذا التوحيد فقط هو "الصراط" المستقيم الذي تُوْصِلُ إليه هذه العبادة وبهما معاً يتحقق النجاح والفلاح في الدارين الدنيا والآخرة.
1. فكان الحرف "ع" من كلمة « فَاعْبُدُوهُ » ،
2. وكان الحرف "ص" من كلمة « صِرَاطٌ » مُّسْتَقِيمٌ 36).

وهما الحرفان (ع ص) المكملان للآية (كهيعص) التي هي (ك ه ي ...) + (... ع ص) الثانية الخاصة بقصة مريم وعيسى. أما (ك ه ي ...) + (... ع ص) الأولى الخاصة بقصة زكريا ذكرنا منها فقط الحروف الثلاثة الأولى ولا يزال الحرفان الأخيران معلقان لم يذكرا حتى تكتمل (كهيعص) المتعلقة بقصة زكريا،، ولكن إذا تدبرنا الآيات نجد الله تعالى قد ذكرها في الآية 65، عند قوله تعالى: (رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا « فَاعْبُدْهُ » وَ «« اصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ »» هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا 65):
1. فكان الحرف "ع" من كلمة «... فَاعْبُدْهُ ...»
2. وكان الحرف "ص" من كلمة «« وَاصْطَبِرْ »» لِعِبَادَتِهِ،

نكتفي بهذا القدر لأن الذي يهمنا الآن هو الوصول إلى بعض مدلولات الآية الكريمة (كهيعص)، أما التفاصيل فقد بيناها وفصلناها بقدر كافً في موضوعاتنا الثلاث السابقة فليس من الحكمة تكرارها هنا مرة أخرى. فمن أراد التفصيل عليه بالروابط التالية:

الخلاصة:
أولاً: جاءت الحروف (ك ه ي) من الآية (كهيعص) مرتين:
1. مرة حين بشر زكريا بالغلام: (قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ-;- يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا 8)،، فرد الله عليه (قَالَ كَذَٰ-;-لِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا9)،
2. وأخرى حين بشرت مريم بالغلام: (قَالَتْ أَنَّىٰ-;- يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا 20)، جاءها الرد: (قَالَ كَذَٰ-;-لِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا 21)،

ثانياً: جاء الحرفان الأخيران (ع ص) من الآية (كهيعص) مرتين أيضاً:
1. مرةً في مخاطبة المسيح عيسى لقومه مؤكداً لهم حقيقته، بقوله لهم صراحةً وبكل وضوح: (وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ « فَاعْبُدُوهُ » هَٰ-;-ذَا « صِرَاطٌ » مُّسْتَقِيمٌ 36)، فكانت هذه تكملة للآية (كهيعص) المتعلقة بمريم (كذلِكِ ،،، هَيِّن) + (...« فأعبدوه » --- هذا « صراط » مستقيم)،
2. بالنسبة لزكريا وباقي الأنبياء المضمنين، في "كهيعص" كانت قصصهم مغطاة مع زكريا في الحروف الثلاثة الأولى: ك ه ي،، ثم جاءت فيما بعد الإشارة إلى الحرفين "ع ص" في قوله تعالى: (رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا « فَاعْبُدْهُ » وَ « اصْطَبِرْ » لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا 65).

أخيراً، وبعد أن رددنا على فرية الباحث جيسس، فيما يتعلق بالآيات (الم – آل عمران، و (كهيعص – مريم)، لم تبق لنا فيها سوى الآية الأخيرة المجنى عليه وهي: (حم عسق) فاتحة سورة الشورى، التي سنناقشها في موضوعنا التالي بإذن الله تعالى لنري هؤلاء الأقذام أن الله شديد المحال، وأنه يمهل ولكنه لا يهمل. وأنه قد أودع في كتابه الكريم أجوبة مفحمة لكل سؤال ماكر. وصدق الله تعالى في قوله (ما فرطنا في الكتاب من شيء).



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ع (ألم، كهيعص2):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س(ألم، كهيعص1):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ن (آل عمران):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (رد على تعليقات):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (طس، طه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ل):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ك) رد على تعليقات بعض القر ...
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (ياء):
- حوار العقلاء2 (ردود):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ط):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ح):
- حوار العقلاء:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ز):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(و):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (د):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(ج):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(ب):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13(أ):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(ج):


المزيد.....




- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...
- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون أذلا ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- اللواء سلامي: نحن المسلمون في سفينة واحدة ويرتبط بعضنا بالآخ ...
- اللواء سلامي: إذا سيطر العدو على بقعة إسلامية فإنه سيتمدد إل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س (ملخص آل عمران ومريم):