أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - تقديس المغاربة للغة الفرنسية ونقد المهدي المنجرة للموقف كرفض للإستلاب















المزيد.....

تقديس المغاربة للغة الفرنسية ونقد المهدي المنجرة للموقف كرفض للإستلاب


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4607 - 2014 / 10 / 18 - 13:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إذا تحدثنا عن الدولة المغربية، فإن هناك فئة اجتماعية لربما لا تعتبر نفسها مغربية بقدر ما هي فرنسية أو كتوضيح أدق، فرنسيون بنكهة مغربية. طبعا سنفهم أكثر إذا عدنا لهيغل واستدعينا معه فوكوياما حينما يقوم هذا الأخير بناءً على مشروع الأول بتعريف التاريخ الإنساني انطلاقا من سعي الناس لفرض الاحترام الذاتي، من ضمن ذلك يرى فوكوياما أن من شروط هذا الاحترام عند البعض هو “اللامساواة”، حتى يظلوا أفضل من غيرهم. هنا تحقق اللغة الفرنسية للفئة ـ التي نطوقها بالحديث هنا ـ ذلك عن طريق جعلهم شبيهين بالفرنسيين، طالما أن هناك بأعماق العقل المغربي، صدمة كامنة عن تفوق الفرنسي ـ والثقافة الفرنسية إجمالا ـ منذ ما قبل الاستقلال، ومحاولة التأقلم الصدموي (المرضي) مع ذلك بمرحلة ما بعد الاستعمار.

لا أود الخوض في الحديث الممل، عن الأفق الذي يفتحه إتقان اللغة الفرنسية بالمغرب ـ خاصة بالنسبة لفئة الشباب ـ والعنصرية المموَّهة تجاه من لا يجيدون التحدث بالفرنسية ببعض المؤسسات والمراكز بالدولة، إضافة للاحترام الروحاني لكل ما يمت لثقافة جون جاك الروسو السوداوي بصلة !

إذا كانت اللغة الألمانية لغة الفلسفة، والعربية لغة الشعر، فإن اللغة الفرنسية هي لغة الأدب والحب (الرومانسية) ـ حسب رأي النقاد ـ رغم أن الماليخوليا (الاكتئاب) هيمنت على معظم الكتابات الفرنسية منذ روسو مرورا بسارتر لغاية شطحات أونفري المنتصر للكلبية المضحكة كإعادة بعث للجو اليوناني العبثي الساخر ضدا على الغم الباريسي، كما فعل فولتير مع تحفظه البرجوازي بالعمق !

إن للموضوع تاريخاً، فبعودتنا لعقود نجد المهدي المجرة قد كتب : “ما انتقده، ليس هو اللغة الفرنسية، لأنني استعمل هذه اللغة، وأكتب بها كما أكتب بغيرها، وأنا شديد الاعتزاز بمعرفتها، ولن يخطر ببالي أن ننتقد لغة قدمت الشيء الكثير لتاريخ البشرية.. ولكني أنتقد مفهوما سياسيا، يكتسي طابعا استعماريا جديدا، لا يقبل واقع تطور الأشياء ويريد التعلق بشيء نبيل مثل اللغة الفرنسية من أجل استعمالها كوسيلة للتفاوض من أجل إبقاء الوضع القائم على ما هو عليه، ومنع التغيير في بعض البلدان، بل أكثر من ذلك، استعمالها كوسيلة لمحاربة اللغات الوطنية واللغات الأم.

لم يحدث أبدا، بالنسبة لأبناء جيلي، صراع في هذا المجال. كنا نذهب في الصباح إلى المسيد. ثم نذهب إلى مدرسة أبناء الأعيان ثم إلى الثانوية، كنا نتابع دروسا للغة العربية بالثانوية، وكنا نتابع دروسا إضافية في أماكن أخرى، ولم يخطر ببالنا إطلاقا ـ على الأقل بالنسبة لأبناء جيلي ـ أن هناك تعارضا بين اللغتين. الشيء الوحيد الذي كنا نعرفه هو أن اللغة العربية، هي اللغة الأم، هي منبع جذورنا، والتجسيد الحي لهويتنا، أما اللغة الفرنسية أو الإسبانية (في المنطقة الشمالية) فهي تفتح لنا نوافذ على ثقافات أخرى. لم يكن هناك تناقض أو تعارض على الإطلاق. هذا النقاش الذي نعيشه حاليا حول العربية والفرنسية، هو مشكل مصطنع، افتعله أناس يحرصون على الدفاع عن اللغة الفرنسية، بمنطق الذي لا يقبل شريكا. أنا أو لا شيء. الفرانكوفونية أو لا شيء. هذا غير معقول! “(1).

ينكشف مكمن الخلل، حين يقول : “في هذا العالم الفرنكوفوني، نعيش مع أشخاص مستلبين ثقافيا، سواء أرادوا ذلك أم لم يريدوا، والملجأ الوحيد أمامهم هو القول بأنهم مع اللغة الفرنسية أو مع اللغة العربية، وهو نقاش زائف.. في هذه الحالة ما على خصوم هذه اللغة إلا أن يحملوا حقائبهم ويتوجهوا إلى حيث يتحدث الناس سوى تلك اللغة التي يعشقونها.. فالأبواب مفتوحة، وهناك حرية تنقل، في هذا البلد، هناك طائرات، وأسعار خاصة، ورحلات، فليذهبوا.. ليس هناك مبرر بالنسبة لأشخاص لا يتملكون ثقافة بلدهم ولا يشعرون بالراحة فيه، لأن يتعلقوا بمفهوم ثقافي خاطئ ولا علاقة له بحب اللغة الفرنسية أو بالدفاع عنها، بل بالعكس، بهذه الوسيلة يتم تحديد مجموعة من المهمشين، الذين يوجدون خارج السياق العام لبلدهم، والذين لا يوجدون إلا في هذه الأوساط، ولا يمكنهم بالتالي أن يقدموا أو يساهموا بأي شيء. وبالخصوص للغة الفرنسية، لأنني أفضل أن أقرأ لشخص من أصل فرنسي، يعبّر عن اللغة والثقافة الفرنسية، أكثر مما أفضل القراءة لفرنسي زائف، اختار هذا النهج كنوع من التعويض ـ كما يقال في علم النفس ـ لأنه لم يستطع أن يكون شيئا آخر. إنني أفضل الرجوع إلي النبع. لماذا تريدون أن تفرضوا علي كُتّاباً رديئين بالفرنسية، فقط لأنهم يعتبرون فرانكوفونيين، وثم تشجيعهم بمنح دراسية، ويذهبون إلى المرافق الثقافية الفرنسية، وتفتح أمامهم كل الأبواب. وهم في الحقيقة، ليس فقط لا يتقنون لغتهم الوطنية، بل حتى اللغة الفرنسية، فنحن إذن أمام سياسة ثقافية تسيء إلى فرنسا، لأنها لا تهدف إلى تحقيق أهداف ثقافية، بل إنها تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية”(2).

فمن الطبيعي أن يأتي معاق ذهني من فرنسا وينعت المغرب ب”العاهرة” !
ليس فقط أن الفرنسية هيمنت على مساحة اللغات الأخرى بالجو العام والأنتلجسي (الثقافي)، بل يُنظَر بغرابة تتضمن دونية ـ من جانب الفئة المشار إليها ـ لمن لا يجيد الفرنسية، حتى لو كان يجيد 10 لغات ـ بنفس الوقت ـ غيرها.

أستغرب أحيانا من تصرف بعض الناس، والذين ما أن يلمسوا أن لك علاقة بالفكر أو بالثراء المادي حتى يبدأوا بإدخال بعض المصطلحات الفرنسية ـ بالحديث ـ أو التحدث بها بطريقة أسوء من طفل فرنسي في الخامسة من عمره ! هل ذلك حتى يزرع فكرة أنه ينتمي للفئة الفرنكوفونية ـ المثقفة والغنية حسب مفهومه ! ـ ؟ أو كانسحاب فوري من طبقته الأصلية ـ الحقيرة حسب مفهومه أيضا ! ـ ؟ حتى أنني قابلت من يستعملون “الثيپا” (السيليسيون)، ومدمني “الماحيا”، و”البوعارا” جامعي “البوديزات والميكات” يتصرفون على هذا النحو ! “تيكومبخي سو كو جيدي ! جو پاغل أفيك توا أون فخونسي”.. سمعت مرة معتوها يبيت ويتجول بالشارع، يخاطب حارساً ليلياً ! فأخبرني بعد ذلك هذا الأخير أن “السيد را كان قاري، غي تسطاّ” (وهو لا يعرفه حق المعرفة).

غريب هذا العالم ! كيف نحكم على ذكاء وثقافة شخص، انطلاقا من نطقه لجملة بالفرنسية بطريقة أسوء مما كان سينطق بها ياباني ! تلك من أعراض التعصب لديانة معينة ! أو من شدة الانبهار بإله ما، نبجّل أقرب تابعيه ما إن نروهم !
أعتقد أن هناك من الجيل الحالي، من لديهم الجرأة لتأكيد أن SWAG (موضة أمريكية) انطلقت من فرنسا، طالما أنهم لا يجيدون إنجليزية تليق بالأسلوب !

________________________
هوامش :

1 : الاتحاد الاشتراكي ـ 19 و26 فبراير 1989.
2 : المصدر السابق.



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل طعن الإسلام نفسه بعد الربيع العربي ؟
- ما الذي تقدّمه الرسوم المتحركة (الكرتون) للأطفال ؟
- كل أنثى عاهرة
- إشكالية الثقافة العربية : أزمة دينية أدّت لتخريف سياسي
- تلاعب المسلمين على أنفسهم : بين الآيات الشيطانية والداعشية
- تاريخ الداعشية : أو قولبة الإسلام إجراميا
- التشرذم النفسي : أو حين يصبح الشخص عدة أشخاص دون وعي
- حقيقة : يخلق من الشبه أربعين
- التفسير المنطقي للضيق النفسي
- مصائب سوريا عند المتأسلمين فوائدُ
- عبد الباري عطوان وتأليه صدام حسين
- منطقة الشرق الأوسط.. من مهبط الأنبياء لمهبط الصواريخ
- البلادة كآلية نفسية لتحمّل الواقع المر
- نساء كاتبات رفضن عبادة الرجل :
- نقد العقل العربي : ليس هناك عقل أساساً حتى يتم نقده !
- الانكباب المرضي للفنانين المشارقة على الأغاني والألحان المغر ...
- يكرهون الغرب ويحبون بلدانه
- كيف يراك الآخرون ؟
- تحليل الوضع السياسي المصري (الراهن) في ظل قراءة ميكيافيلية
- سوريا : أخطر منطقة في العالم بالنسبة للإنسان !


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - تقديس المغاربة للغة الفرنسية ونقد المهدي المنجرة للموقف كرفض للإستلاب