أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - التشرذم النفسي : أو حين يصبح الشخص عدة أشخاص دون وعي














المزيد.....

التشرذم النفسي : أو حين يصبح الشخص عدة أشخاص دون وعي


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4546 - 2014 / 8 / 17 - 09:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حينما تصطدم التقاليد بالحداثة، كصراع لتشكيل هوية حضارية دون فقدان أي معطى ـ سواء تقليدي أو حداثي ـ يحدث التشرذم النفسي كسوء تكيف مع الواقع الثقافي المتغير تاريخيا. على هذا المنوال : وهو ما يحدث بالمجتمع العربي المتأثر بالخطابات الإسلاموية كأساس، وبالاستهلاكية المظهرية كأسلوب تأقلم ثقافي في ظل عولمة العالم تجاريا. يتمظهر التشرذم على مستوى العقل (ثقافيا) وعلى مستوى المادة (مظهريا) كالتالي :

يصبح الشخص المعني هنا فقيها حنبليا يوم الجمعة، ومغني روك أند رول مستهتر عشية السبت. فإذا التقيت به في يوم الجمعة فلن تفلت من أخذ حصة من الأذكار والأدعية، ومن التقريع إذا كنت ممن يتجنبون سماع خطبة الجمعة السخيفة والجالبة للاكتئاب؛ أما إذا كان يوم السبت فأنت مدعو لشرب كأس في بار حقير أو الرقص في ملهى رخيص، أو كأضعف إيمان التجوال بالمرافق التي تتكاثر في الفتيات ذوات العطور الرخيصة المسببة للزكام، والمؤخرات المشحونة كهربائيا.

في شهر رمضان تندهش من تحول بعض الفتيات والنساء ل"رابعة العدوية"، أما في باقي الأيام السعيدة فهي مارلين مونرو أو سعاد حسني. أما في الأيام السيئة فتجدها كهاني شاكر أو حمادة هلال "دايماً دموع دايماً ألم...

إن الإشكال، ليس في حرية اختيار الشخص أن يكون غراندايزر أو جيمي هاندريكس أو حتى أسامة بن لادن بنفس الوقت؛ الإشكال هو في فرض الناس لآراءهم المتقلبة على آخرين سواهم، فقط كافتراس نفسي للاخرين كإشباع لأحاسيس التمكن الاجتماعي والتفوق على مستوى إدارة الواقع ذاتيا. يتلون الناس حسب شكل الواقع أو بتعبير أوضح حسب نوعية الحدث اليومي : إن كان عيدا وطنيا يتم استدعاء احساس قومي تعصبي مضحك، وإن كان يوما احتفاليا فهلم لتدخين الماريجوانا، وإن كان عيدا دينيا فلبيك اللهم لبيك ! .

إن ما يسبب الشعور بالذنب لبعض الناس، هم الناس المتشرذمة نفسيا، يقرّعك يوم الثلاثاء حتى تكره نفسك، أما هو فيوم الأربعاء سيكون شخصا آخر، وتظل أنت تأكل نفسك ! وكما في عنوان كتاب جميل للكاتب عبد الوهاب مطاوع "صديقي لا تأكل نفسك"، فياصديقي أو صديقتي لا تأكل(ي) نفسك، فالإنسان يأكل نفسه حينما يسمح للآخرين بأن يخبروه كيف يجب أن يعيش الحياة. فلنتخيل لو أن نيوتن وأينشتاين وأجاثا كريستي وأون سان سو تشي وأرسطو وسيمون دي بوفوار وشارلي شابلن ووالت ديزني وأديسون وبيل غيتس وجوبز ونزار قباني وتشايكوفسكي وما شابههم عاشوا الحياة كما فرضها عليهم الآخرون : فلم يكونوا ليوجدوا لأنهم كانوا سيأكلون أنفسهم، كما تؤكل الوجبات الأسبوعية المختلفة. الحياة يجب أن تعاش كما تحب وليس كما يحب هو أو هي أو هن أو ما سواه من الضمائر المستترة.

ف"إذا لم تَكُنْ مَطَراً يا حبيبي، فكُنْ شجراً.. مُشْبَعاً بالخُصُوبةِ، كُنْ شَجَرا
وإنْ لم تَكُنْ شجراً يا حبيبي، فكُنْ حجراً.. مُشْبعاً بالرُطُوبةِ، كُنْ حَجَرا
وإن لم تَكُنْ حجراً يا حبيبي، فكن قمراً.. في منام الحبيبة، كُنْ قَمرا"(1).

وقل للباقين "أَلم تتعبوا أَيُّها الساهرون ؟
واقفون هنا. قاعدون هنا. دائمون هنا. خالدون هنا.
ولنا هدف واحدٌ واحدٌ واحدٌ: أن نكون.
ومن بعده نحن مُخْتَلِفُونَ على كُلِّ شيء : على صُورة العَلَم الوطنيّ (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ يا شعبيَ الحيَّ رَمْزَ الحمار البسيط).
ومختلفون علي كلمات النشيد الجديد (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ أُغنيَّةً عن زواج الحمام).
ومختلفون علي واجبات النساء (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخْتَرْتَ سيّدةً لرئاسة أَجهزة الأمنِ).
مختلفون على النسبة المئوية، والعامّ والخاص، مختلفون على كل شيء. لنا هدف واحد: أَن نكون ومن بعده يجدُ الفَرْدُ مُتّسعاً لاختيار الهدفْ"(2).

إننا "نحبُّ الحياةَ غداً؛ عندما يَصِلُ الغَدُ سوف نحبُّ الحياة
كما هي، عاديّةً ماكرةْ رماديّة أَو مُلوَّنةً.. لا قيامةَ فيها ولا آخِرَةْ"(3).

ألا فغادر اليوم "يومهم"، وعُد في يوم آخر "يومك" أنت.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش :

1 ـ 2 ـ 3 : محمود درويش - يُنقبُ عن دَوْلَةٍ نائمةْ؛ موقع أدب.. الموسوعة العالمية للشعر.



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة : يخلق من الشبه أربعين
- التفسير المنطقي للضيق النفسي
- مصائب سوريا عند المتأسلمين فوائدُ
- عبد الباري عطوان وتأليه صدام حسين
- منطقة الشرق الأوسط.. من مهبط الأنبياء لمهبط الصواريخ
- البلادة كآلية نفسية لتحمّل الواقع المر
- نساء كاتبات رفضن عبادة الرجل :
- نقد العقل العربي : ليس هناك عقل أساساً حتى يتم نقده !
- الانكباب المرضي للفنانين المشارقة على الأغاني والألحان المغر ...
- يكرهون الغرب ويحبون بلدانه
- كيف يراك الآخرون ؟
- تحليل الوضع السياسي المصري (الراهن) في ظل قراءة ميكيافيلية
- سوريا : أخطر منطقة في العالم بالنسبة للإنسان !
- اعتياد المواطنين للعبودية عبر خطاب الصبر
- عقدة الإنتماء : أو انعكاس صدمة الدولة على الأفراد
- الإنسان ليس كائن بل مفهوم
- أسئلة لما بعد الموت
- الطبيعة البشرية للأفراد تنعكس في الصحفي
- الميكانيزم الدفاعي الجماعي : أو كيف يتصرف المُجتمع المصدوم م ...
- تحويل الأطفال من كائنات ذكية إلى مرضى نفسيين


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - التشرذم النفسي : أو حين يصبح الشخص عدة أشخاص دون وعي