أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد عبد اللطيف سالم - تصريحٌُ بالقتل














المزيد.....

تصريحٌُ بالقتل


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 4561 - 2014 / 9 / 1 - 22:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تصريحٌُ بالقتل



1 - في بداية السبعينيات من القرن العشرين ، وزعّتْ الحكومة على الفلاحين بذور حنطةٍ مُعفّرةٍ بالزئبق . الهدف كان استخدام بذور محسنّة لزيادةِ غِلّة الدونمِ من القمح .
لمْ يقُلْ أحدٌ للفلاحين أنّ هذه الحنطة سامّة ، ولا تصلحُ للأستهلاك المباشر ، ولا حتّى كعلفٍ للمواشي . وكانت النتيجة أنّ بعض الفلاحين أستهلكوها .. وماتوا .
كان التبرير الذي تمّ تداولهُ على نطاق واسعٍ بين الناس آنذاك ، هو أنّ بعض الفلاحين أغبياء ، وجشعون، وجَهَلة .. ويستحقّون الموت .!!!
2 - عندما يتمُّ قتل استاذ جامعيّ ( أو أياً من الشرائح المهمة الأخرى ) ، تنشطُ ذاكرتنا الجمعيّة للبحثِ عن سببٍ للقتل ، وليس للبحثِ عن القاتل .. أو المساعدة ، على الأقل ، في القاء القبض عليه .
هُنا نبدأُ ، نيابةً عن القاتل ، بسرد مرويّاتنا حول سبب القتل . وأولّها أنّ القتيل ربما كان هو المسؤولُ الأوّلُ عن مقتله . مثلاً : طلبةٌ راسبين . أو الحديث في قاعات الدرس عن موضوعاتٍ كانت كافيةً لأستفزازِ القتَلَة .
وهكذا نتدرجُ في سرد الأسباب ، إلى أن نصل إلى ذكر اسماء بعض الأساتذة الذين كانوا يكرهونه ، ولم يكونوا على وفاق معه . وفي مثل هذه الحالة فأننا
سنصلُ إلى استنتاج مفاده أنّ الأساتذة ، وليس غيرهم ، هُم الذين يقومون بقتل بعضهم البعض ، وأن لا أحد يقتلُهُم . هُنا لن يكون هناك قتلةٌ آخرون .. ولاتوجدُ دوافع أخرى للقتلِ غيرُ هذه .!!!
3 - شبابٌ يرتدونَ ملابس غريبة .. بقصّاتِ شَعْرٍ غير مألوفة .. يتسكعّونَ في أحياءَ محرمّة عليهم . يُغنّون ويرقصونَ و يتحدثون بلغةٍ ومفردات ، ويمارسونَ سلوكيّاتٍ ، تتوسّلُ لفتَ الأنتباهِ إليهم .
هؤلاءِ الفتية والشباب ، لا يستحقّون غير التحقير والسخريةِ والتنكيلِ ، وأحياناً القتل .
أتعرفونَ لماذا ؟
لأنّهُم حصلوا على أفضلِ تعليم . وعاشوا في أفضلِ سكَنٍ آدميّ .
لأنّهُم باتوا ليلتهُم ، وهُم ينصتون إلى موسيقى موزارت .
لأنهم يغادرون منازلهم صباحاً ، تاركين آباءهم في مكاتبهم الفخمة ، وحولهم جيش من الخدم والحَشَمْ .
لأنّ أمهاتهم ينفقن كل الوقت للعمل التطوعيّ ، و احتساء النبيذ المُعتّق .. و رقص " الفالس " مع الجيران .
لأنّ عطر الكَاردينيا ، يفوحُ في الممرّات .. ورائحةُ المطبخ الأيطاليّ تملأُ البيت ، حيثُ ستقومُ الخادمات الآسيويّات بتقديم طبق اليوم لهم .. بعد عودتهم من " ديزني لاند " .!!!
4 - يندرجُ في هذا الأطار أيضاً .. أنّنا خرجنا جميعاً من بطون أمّهاتنا ، هكذا .. موزّعونَ على أدياننا ، ومذاهبنا ، وأعراقنا . طائفيّونَ ، وتكفيريّونَ ، ودجّالونَ ، ولصوصَ ، ومسوخَ ، وقتَلَة . خرجنا من بطون أمّهاتنا ، هكذا .. رافعينَ كُلّ راياتنا هذه ، في وجهِ " القابِلَةِ المأذونةِ " ، وغير المأذونة .. حيثُ لا دَوْرَ ، ولا تأثيرَ ، لعواملَ واشتراطات أخرى علينا . لا دورَ ولا تأثيرَ لبيئتنا الطافحة بخراب العقائد .. و رداءةِ القِيَمْ .. وتراث الكراهية .. والسرديّات البائسة .. وروايات التاريخ المُلْتَبِسَة .. و ثاراتِ السَلَفِ السخيفة .. والكتب البائدة .. والثقافة العقيمة .. و انكسارات الدول الفاشلة .. و هزائم الزعامات المريضة .
الخلاصة :
نحنُ أمّةٌ تمنحُ الكثير من تراخيصَ القتلِ .. للقتَلَة .
نحنُ ، ومنذُ عقود ، كُنّا كومةً من الناس .. التي لا تَسْتَحي .
لا تَسْتَحي .. جدّاً .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على جبل الروح
- أنا .. وأنت
- كتابات
- نساء
- نينوى
- - فلفل - و - فتّوش -
- فاتحة
- شَغَفْ
- عندما يفقدُ الضَجرُ أهمّيته
- أبي الذي أصبحَ الآنَ .. أصغرَ منّي
- يحدثُ هذا .. في العراق .. الآن
- على بُعد مائة متر من اليأس
- مقاطع قصيرة .. من فِلم العراق الطويل
- أقَليّاتْ .. هائلة
- هذا هو أنت
- موجز تاريخ المحنة - 10 -
- مَطرٌ في مانهاتن
- من اينَ تأتي الأُلفة ؟
- الأصدقاء .. لا يحضرون مجلس - الفاتحة - .. على الروح
- موجز تاريخ المحنة - 9 -


المزيد.....




- ارتبط بتشبيه أطلقه محمد بن سلمان.. ما قد لا تعلمه عن جبل طوي ...
- خلف ترامب.. رد فعل ماركو روبيو على ما قاله الرئيس لإعلامية ي ...
- الضغوط تتصاعد لإنهاء الحرب في غزة.. ديرمر يزور واشنطن الأسبو ...
- ماذا نعرف عن مشروع قانون ترامب -الكبير والجميل- الذي يُثير ج ...
- بينيت يدعو نتنياهو للاستقالة.. إدارته للبلاد -كارثية-
- سوريا.. -جملة- مطبوعة على أكياس تهريب مخدرات مضبوطة تشعل ضجة ...
- نتنياهو يأمل في استعادة شعبيته بعد التصعيد مع إيران، فإلى ما ...
- اقتحامات وتفجيرات.. الاحتلال يواصل اعتداءاته على الضفة الغرب ...
- مأساة في نهر النيل.. مصرع 4 أشخاص غرقا إثر انقلاب مركبهم
- زلزال بقوة 5.5 درجة يهز باكستان


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد عبد اللطيف سالم - تصريحٌُ بالقتل