|
يحدثُ هذا .. في العراق .. الآن
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 4538 - 2014 / 8 / 9 - 21:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يحدثُ هذا .. في العراق .. الآن
ولكُمْ العراقيين .. شبيكُمْ . شوفوا طلاب الدورة الثانية بكليتنا ، اللي تخرجَوا هاي السنة : - الوِلِد العشرة ، الزينين ، " الضلوع " ، اللي كل واحد بيهم يكَدر يبني بلد .. واللي كل واحد بيهم مستعد يموت ولا يعوف صديقه ، واخوه الواكُف يمه . إي منو منهُم شيعي .. ومنو مِنهُم سنّي ؟؟ . آني صار لي اربع سنين ، أبوهُم ، وصديقهُم ، وأخوهم ، واستاذهم .. وما اعرف منو بيهم سنّي ومنو بيهم شيعي .. ومنو منهُم من مذاهب وأديان واعراق أخرى ؟؟ - البنات الثمانية " المفرّعاتْ " ، الرائعات النبيلات . اثنين منهن " سامرّائيات " كَرايبي . وحدة منهن ذيج التلمع بالصورة . والستة الباقيات ، كل وحدة تكَول لصديقتهه " فديتج " . إي منو منهن شيعية . ومنو منهن سنيّة .. ومنو منهن من مذاهب وأديان واعراق أخرى ؟؟ - السطعش " المحجّبات " ، الجميلات النبيلات . وحدة منهن قريبتي . إبنة إبن خالتي . أبوها ، ابن خالتي ، جنابي " سنّي " ، وأمها نجفيّة " شيعية " ، وخالها من شهداء حزب الدعوة . والباقيات كل وحدة منهن ، ضحكتهه تردّ الروح .. وتفدي صديقتهه بروحهه . إي منو منهن شيعية . ومنو منهن سنيّة .. ومنو منهن من مذاهب وأديان واعراق أخرى ؟؟ عيب عليكُم .. تره مصّختوها . واذا ع المناصب ، والسلطة ، والثروة ، والجاه الزائف ، عمّي أخذوها .. وعوفونا بحالنة . أخذوها .. مؤقّتاً . لأن ذولة الشباب اللي بهاي الكليّة .. ولد وبنات .. ومثلهم الموجودين بالآف الصور ، بكل كليّات العراق ، تره جايين .. جايين . هُمّه الضوة بنهاية نفقكم .. وهُمّة اللي راح يكنسوكم ، وينظفون العراق منكم . وهُمّة ، موغيرهُم ، اللي راح يحافظون على العراق " القديم " .. و يبنون العراق " الجديد " .
( 2 )
فَدْ يوم طِلَعِتْ من البيت ، من الصُبُح ، كُلِّشْ . لأن الليل كُلّه كَاعد ، وما أدري ليش .. ورِدِتْ أتمتَعْ بصباحٍ بغداديّ جميل . بعد 50 متر .. لا كَوني 100 جندي .. وواحدْ بيهم صاح بعِلو حِسّه : هاي وين ؟ رأساً إتذَكَرِّتْ ذاك الكويتي الطِلَعْ من بيتهُم ، الصُبُحْ كُلِّشْ ، يوم 2-8-90 .. ولكَانا بالطَرْمَة . - ها خوتي شكو ؟ .. طبعاً محّدْ رَدْ . ها يابَه، الله يساعدكم ويحميكم ، خير .. خو ماكو شي موزين ، لاسمح الله . واحد طافرة روحه ، خنزّر عليّهْ بطَرَف عينه وحاجِبَه .. وكَال : - إنته منين جاي حضرتك .. و وين رايح من الفجر؟ - إبني ذاك بيتنه .. وكفيلك الله ، صار لي عشرين يوم مطالع من البيت ، وكلشي ما ادري . إنته تدري هسّة الساعة ، الكَشْرَة ، بيش ؟ وهُنا قرّرتْ أروح زايد : أكَلّكْ حبّيِّبْ .. بس لا لصتوهه ، وطبّيتوا الكويت مرّة لُخْ .. حتّى تنقذون غزّة !! . واحد ضابط ، بشوش كُلِّش ، عمره عشرين سنة ، جا يمّي ، وكَللي بهدوءٍ يشبهُ الهمس : عمي .. إرجَعْ لبيتكُم ، ولتحجي حجي كبار .. وأحترم نفسك . ومن ذاك اليوم .. لليوم صار لي أربع تشهُر وعشر تيّام ، مطالِعْ من البيت .. تكَول لازِم " عُدّة " .
( 3 )
اليومَ صباحاً .. حين عَبَرْنا الجِسْرَ ، في سيّارةٍ مُتْعَبَةِ قديمة ، من أقصى الكَرْخِ إلى أقصى الرصافةِ ، و من أقصى الرصافةِ إلى أقصى الكَرْخ ، كُنّا .. وحدَنا . كُلُنا مِنْ " صِنْفِ " واحدٍ من البَشَر . نحنُ .. و سائقٌ يأكلُهُ الذهول . لمْ يكُنْ معنا أحَدٌ ، مِنْ ذلكَ " الصِنْفِ " الآخرِ من البَشَرْ ، باستثناءِ شخصٍ واحد . شخصٌ مُخْتَلِفْ . كانَ يحملُ هويّتينِ للأحوالِ المدنيّةِ . كلتاهُما .. مُزَوّرَتان . هذا الشخص ، هو الوحيدُ الذي كان "عِراقيّاً " ، في تلك السيّارةِ ، التي كانت تعبرُ الجسر .
( 4 )
أينما تذهب .. تجِدْ داعش . أينما تذهب .. تطاردكَ داعش . داعش في المدينة .. التي كانت مدينتك . وفي الخيمة التي أصبحتْ بيتك .. بعد ان أخذتْ داعش البيت منك . وعندما تقوم داعش باحتلال أرضك .. ولا تتمكن من قتلكَ فيها ، فأنها ستقتلكَ في بقعة الأرض التاليةِ ، التي فررتَ اليها .. منها . داعش في داخلك . داعش معنا ، وبيننا ، ومنّا . داعش هذه .. لم تهبط علينا من السماء . نحنُ من قام ببذرها ، وسقايتها ، ورعايتها ، وتسليحها ، وأطلاقها من قمقم تاريخنا الملتبس . نحنُ من منحناها هذا " العقل " .. لأننا لانملكُ عقلاً غيره . نحنُ من افسدناها ، بأبوتنا الهزيلة ، وسلوكنا المشين ، وحوّلناها إلى أبن عاقٍ لسيرتنا المخزية . نحنُ الأكثرُ خطراً منها ، على انفسنا ، وعلى العالم . نحنُ الذين نقوم بانتاجها في عوائلنا ، ومدارسنا ، وكلياتنا ، ومساجدنا ، وبرلماناتنا ، وحكوماتنا الفاسدة ، ودولنا الفاشلة .. و نعيدُ انتاج " الخلفاء " ، وأولي الأمر ، والسلاطين ، و القادة .. فيها ، ومنها ، ولها . وعندما نكُفُّ ، نحنُ ، عن ان نكون داعش .. سنجدُ ان داعش لا وجود لها ابداً .. بعيدا عنّا . سنجدُ انها " الصُدْفَةُ " التي أطلقتها .. في وجه المدنيّة والتحضّر والسلام والمحبة .. " ضروراتنا " الفجّة . هذه الضرورات التي لا تنتمي الى هذا الكون ، ومعطياته ، واشتراطاته . هذه الضرورات التي لا تملي علينا ..غير الأنحطاط الطويل الأجل . داعش .. هي " عالَمُنا " الصغير ، الخاص ، السري ، المُغلَق ، المُقدّس . وحين يضيقُ بنا هذا العالم الذي بنيناهُ بأيدينا .. فاننا نتوسّلُ الى " العالَم " الآخر - المُختَلِفْ .. أن ينقذنا منه ، ويساعدنا على الفرار من كهوفه المظلمة . الفرارُ فقط لاغير . الفرارُ الى أين ؟ الفرارُ إلى " داعش " أخرى .. في وقتٍ آخر .. ومكانٍ آخر .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على بُعد مائة متر من اليأس
-
مقاطع قصيرة .. من فِلم العراق الطويل
-
أقَليّاتْ .. هائلة
-
هذا هو أنت
-
موجز تاريخ المحنة - 10 -
-
مَطرٌ في مانهاتن
-
من اينَ تأتي الأُلفة ؟
-
الأصدقاء .. لا يحضرون مجلس - الفاتحة - .. على الروح
-
موجز تاريخ المحنة - 9 -
-
الدكتور مهدي الحافظ .. و هذا العراق العجيب
-
دجّالون .. و عميان .. و عوران
-
هذه المدنُ التي توجعُ الروح
-
موجز تاريخ المحنة - 8 -
-
أين تلك الرائحة
-
عندما يأتي المغول
-
لجوء .. نِسبي
-
موجز تاريخ المحنة - 7 -
-
يومٌ سيّء
-
حطّابُ القلوبِ القديم
-
موجز تاريخ المحنة - 6 -
المزيد.....
-
كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم
...
-
طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة
...
-
مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
-
الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
-
ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا
...
-
بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
-
انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج
...
-
مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
-
غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
-
ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|