عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4487 - 2014 / 6 / 19 - 21:42
المحور:
كتابات ساخرة
لجوء .. نِسبي
اتصَلَ بي شقيقي المقيم في الخارج ، وعَرَضَ عليّ اصطحاب عائلتي ، والأقامة عنده .. إلى ان تهدأ أحوالُ العراق .
ذهبتُ أوّلاً الى ربّة البيتِ ، وعرضتُ عليها الأمرَ ، فقالتْ :
- إذهب انتَ وحدَكَ ، وخُذ اولادكَ معك . أمّا أنا .. فأريدُ أن أموتَ بين أهلي . !!!
ذهبتُ إلى أصغر ابنائي ، وعرضتُ عليه الأمرَ . واذا به يُكَشِّرُ عن انيابهِ في وجهي ، و " يجْعَرُ " بي قائلاً :
- أنا سأموتُ شهيداً .. دفاعاً عن هذا الوطن . !!!
ذهبتُ إلى الأبن الأكبرِ ، وعرضتُ عليهِ الأمرَ . كنتُ واقفاً ، بينما هو جالسٌ " يبحبشُ " هائماً في هاتفهِ النقّال . يبتسمْ تارّةً ، و " يصفنُ " في أخرى .. وكأنّهُ يعيشُ في عالمٍ آخر . وبعد ربع ساعةٍ تقريباً ( وكنتُ لا ازالُ واقفاً أنتظرُ ردّ سيادته ) ، رفَعَ رقبَتَهُ الكريمة نحوي ، وقال :
- ليشْ هُوّة شكو ؟ صار شي ؟؟ .
قلتُ لهُ : لا إبني " العُودْ " . و داعتَكْ لا أكو شي .. ولا صار شي !!!
ذهبتُ إلى أمّي .. التي كانتْ تشكو لي قبل قليلٍ هموم البلد ِ ، و تشرحُ باسهابٍ مخاطر بقائي فيه ، وما يمكن ان يحدث لعائلتي من كوارث " تسوناميّة " اذا لم أهاجر سريعاً الى ما تسميه بـ " أرض الله الواسعة " . كانتْ قبل لحظات تناشدني ، ودموعها تسيلُ فوق " فوطتها " بغزارةٍ غير اعتياديّة ، وتقول :
- يابه شْجَلّبِتْ بهذاالعراق " الأكَشر ". إي دُخُذْ " جهّالك " عاد وأطلَعْ .. مو يَبّسِتْ كَلبي .
أمّي هذه .. ذهبتُ اليها ، وعرضتُ عليها الأمر . غير انّها .. و في هذه اللحظة التاريخيّة الحرجة ، " صفَنَتْ " قليلاً في وجهي ،وكأنّها لا تعرفني .. ثم دمْدَمتْ :
- يابه .. كَُلّه لهذا أخوك المخَبّلْ .. خلي يجيب عائلته .. ويجي يُكَْعُد هْنا . و كافي عليه هاي " الهَجْوَلَة " ، كل يوم بمُكان . على الأقل من أموتْ .. إنتو ملمومين يَمّي .. وتحضرون دَفِنْتي .!!!!
أنا .. قرأتُ عشرات الكتبِ عن الأنتحار .
ومن الغريب أنّني ، إلى الآن .. لا أعرفُ كيف أنْتَحِرْ .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟